بوفهد
11-27-2009, 01:37 AM
السلام عليكم
قليلة هي الكتب المؤلفة عن العرب على الساحل الشرقي للخليج، ومنذ مشاهدات كريستيان نيبور الرحالة الدنماركي عن العرب على الساحل الفارسي، وكتابات الرحالة الإنجليز و العسكريين البريطانيين، فلا يوجد إلا قليل عن هذا الجزء من ساحل الخليج الشرقي، الذي ظل حتى الثلاثينيات من هذا العصر يحكم من قبل بعض القبائل العربية كالقواسم وبني حماد والعبادلة والمرازيق والنصوريين.
ومثل هرمز ممثلة مدن الطفرة التجارية كانت مدينة (لنجه). اللؤلؤة العربية على الضفاف الشرقية للخليج، حيث تنعطف فيه اليابسة لتجعل الخليج حدا جنوبيا للمدينة. اهل لنجه يتكلمون اللغة العربية الدارجه، وتعم العربية القرى التابعه لها من جهة الغرب حتى قرية (كنكون) بينما يتكلم اهل القرى التي في شرقها الفارسية، والبعض يتكلم الفارسية ويكتب العربية.
الاقوال كالعادة تختلف في سبب تسمية (لنجه) بهذا الاسم. يقال على حسب رواية حسين بن علي الوحيدي في تاريخ لنجه بانها كانت في منتهى العمران قبل القرن العاشر الهجري، ولكن اهلها اختفلوا، وعمت الفتنة حتى افنى بعضهم بعضا، فنزح بعضهم الى الاحساء والبحرين، ونزح البعض الى موضع لنجه الحالي وسموا مدينتهم (لنجه) احياء لذكرى ديارهم القديمة، الا ان هناك تعليلا اخر للتسمية أقل جمالا وتواضعا، تقول القصة ان امراة عرجاء كانت تسكن في هذا الموضع وترعى للناس أغنامهم، وكان الناس يقولون بلهجهتهم الدارجه (ودوا غنمكم الى اللنكة) اى العرجاء باللغة الفارسية.
لنجه في التاريخ كانت في فترة ما تحت حكم سلاطين عمان. واستقام الحكم لهم مدة سبعا وستين عاما.. الى سنة 1230هـ وظلت المدينة بدون حاكم لمدة عامين حتى اجمع اهلها على تولية احد القواسم فاختاروا (قضيب بن راشد بن مطر القاسمي) الذي حكم حتى وفاته عام 1240هـ. بعد تولى ابنة محمد الذي حكم احدى عشر عاما ومات بشكل درامي. يقال انه خرج على ظهر حصانه في ليلة مقمره الى قرية شناص غربي لنجه. أثناء عودته برزت له ثلاث نسوة فجاة، ينادينه باسمة، ففزع وجرى بحصانه، فتبعنه فزاد فزعه، ولما وصل الى بيته اخذته الرعده والحمى وقيل له بانهن ساحرات يردن تخويفه، فتضاعف خوفه وتدهورت حالته فمات.
وكما يقولون فان في دنيا التخلف عجائب، فبعد وفاته بمده مر بالمدينة هندي فقير يشبه الشيخ الراحل، فاعتقد بعض السكان بان شيخهم المسحور قد عاد فتشبثوا به واصروا على انه حاكمهم رغم انكار الفقير الهندي فلما رأى الهندي اصرارهم وكم هم مغفلين وافقهم، فسلموا اليه اموال الشيخ، فرتع اياما في الرزق المفاجئ المجاني، واستطاب ما هو فيه الا ان بعض عقلاء المدينة انكروا على المغفلين ما فعلوه واخرجوه من المدينة.
بعد وفاة محمد حكم اخيه سعيد (1251-1270هـ) الذي توفي سنة 1291هـ وخلف ولدا عمره ستة عشر عاما فاصبح الشيخ يوسف (1295-1303هـ) الا ان سلسلة الثار لم تتوقف حيث دس ابن عم القتيل السم للشيخ يوسف، ودخل عليه فقتله اما اخر سلالة الشيخ يوسف فيعيش في دبي ولديه حفيد صغير من ابنته يلقب بـ (محمد بيبسي).
لم تكن حكومة طهران المركزية غافلة عما يجري، حيث ارسلت في عام 1303هـ اول حاكم ايراني الى لنجه يسمى هداية الله خان، وبوصوله انهى حكم القواسم، الا ان الأبن الثاني للشيخ خليفة ويسمى محمد، وباتفاقه مع السيد يوسف بن جعفر الهاشمي و بثلاثمائة نفر مسلح حاولوا الاستيلاء على لنجه، الا ان حكومة طهران عالجت الأمر بخدعة سياسية، كما ان الانجليز تدخلوا في المعركة لصالح الحكومة الأيرانية، فاقتنع الشيخ محمد بان العداء المستمر في السياسة الأنجليزية للقواسم سوف لن يتركه فانسحب وحده الى الجبال، وسقطت لنجه نهائيا في يد الحكومة المركزية في طهران وانتهى حكم القواسم بعد 94 سنة في الثامن من شهر شوال عام 1316هـ. وقد بقي الشيخ محمد هائما على وجهة في الجبال، ثم استقل سفينة شراعية متوجها الى راس الخيمة عند ابناء عمومته ثم استقر في الشارقة حتى مات
لنجه كانت كعادة المدن التجارية، مزدهرة، التجارة فيها حرة وصارت من أهم موانئ الخليج وساعتها حرية التعامل من احتلال مركز قوى، حيث يفد عليها تجار الخليج. كان تجارها يجلبون الأرز والقمح والاقمشة الحريرية والمزركشة والسكر، وكان التجار يملكون 40 سفينة خشب كبيرة صالحة للسفر البعيد، وفي اول ايام الصيف يتوجهون بسفنهم صعودا الى البصرة والمحمرة وعبادان، فيحملون التمر والدبس الى لنجه، ثم يحملون منها السجاد والورد والمستكي ويتوجهون الى الهند وعدن وافريقيا، ثم يرجعون من افريقيا بالسكر والقرنفل والخشب، والقهوه من اليمن واللبان من ظفار والاقمشة من الهند
الا ان الاحوال تتبدل، دول تذهب ودول تأتي، ولو دامت لغيركم ما وصلت لكم، فكان حكم الحكومة المركزية في طهران قاسيا، حيث نهبوا لنجهوكسروها، وكان الجنود اذا رأوا مرآه مطلية بالذهب في احد الدور قالوا: العرب جعلوا على بيوتهم الذهب، فيكسرونها ويصادروا الذهب لانفسهم، ولهذا انعكس هذا الوضع من عدم الاستقرار على لنجه، فكسدت وتحول تجارها الى دبي، لكن المدينة ظلت حتى 1327هـ مجال مناورات سياسية دولية، ففي نفس العام رفع القنصل الفرنسيعلم فرنسا عليها، وازداد التعقيد حين دخل الأنجليز الى لنجه بالقوة في 23 شوال 1328هـ وفي عام 1329هـ زار قنصل الاتراك لنجه ورفع العلم العثماني في (بنقلة) السيد سالم بك الحاجة.
لقد تدهورت الاحوال في لنجه وسارت من سئ الى اسوأ، وهاجر اكثر اهلها بعدما اعلن الشاه بكشف حجاب النساء، اذ تحركت غيرة الناس ففروا من لنجه ويروى حسين بن علي الوحيدي مؤلف تاريخ لنجه هذه القصة عن قرية (كلات) وهي بندر على البحر آلت الى الخراب بعد ما اعلن الشاه رضا اعلان سفور النساء، وحررت الأوراق من رجال الأمن بان تاتي النسوة سافرات لاخذ اوراق رخص سفن ازواجهن، ورغم محاولات النوخذة رفض هذا القانون الا انهم لم يستطيعوا، فقاموا بالقاء القبض على موظفي الأمن واوثقوهم وفروا بأهليهم الى خورفكان. حتى صارت لنجه كما يقول المؤلف (خرابا بلقعا) او تكاد.
ترتبط لنجه اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا بالمناطق المجاورة لها، وسكان هذه القرى تتراوح لغاتهم ما بين من يكتب ويتكلم بالعربية ومنهم من يتكلم الفارسية ويكتب العربية (مثل كنكأ) وهذه من الغرائب كما يقول المؤلف. ومنهم من يتكلم العربية وهم العرب، ومن عادات اهل هذه القرية اتراف النساء، اذ ان المرأة عندهم ذات ترف واضح حيث تبدى عناية فائقة بنفسها ومظهرها وحليها لدرجة ان زيها انتشر كموضة بين نساء الخليج.
اشهر عوائل لنجه التي يستعرضها المؤلف الوحيدي: عائلة البوسميط، وكانوا يعملون في صيد اللؤلؤ، فضايقتهم السلطات الأيرنية بفرض ضرائبباهضة عليهم، فانتقلوا الى جزيرة قشم، فطلب شيخ البحرين الحماية لهم في عام 1901م. (الخاجة) وهم عرب وردوا لنجه قادمين من كنكون، وكان سبب ثرائهم انهما اخوان (عبد الله ويوسف) عملا موظفين مع التاجر الكبير خليفة بن عبد الله العتيبي، الذيقال لهما يوما: لم لا تشتريانشيئا من ورائه، فقالا: ليس لدينا مال نتاجر به، فقال لهما: قيدا باسمكما جنسا تستفيدان منه. فقيدا باسميهما صفقه شعير، وشاء الله ان يزيد سعره بعد ايام فباعا وكسبا من ورائه حتى تغانيا وكان احد احفادهم وهو سالم قنصلا للدولة العثمانية.
عائلة (العيوني) وهم عرب من البحرين، (القلداري) استعربوا بزواج حسين قلداري من بنت حمود الصوري القاسمي (ال رحمة) وهم من البحرين، (البهزاد) وهؤلاء عرب اقحاح خلافا لما يوهم ظاهر اسمهم واصلهم من الجرة وهي قرية في شيبكو ثم نزلوا لنجه وتعاملوا في اللؤلؤ وكان جدهم مشهورا بالسخاء لدرجة انه تنازل عن ديخاله يبلغ الاربعين الف روبية وهي في ذلك الوقت ثروة (الخنجي) وهم من العباس. (ال عرشي) وهم ينتسبون لعرب اليمن، جاءوا من جزيرة قيس، ومن اهل البحرين السيد محمد بن شرف وكانت فيه جرأة وعزة، حيث طلبه رئيس حكام البنادر الايرانيه السيد دريابكي ان يأتي اليه فلم يذهب واعلمه بان خير الامراء من ياتي الى ابواب العلماء فجاء اليه، والسيد شبر بن السيد الموسوي وكان هو الاخر جرئ انتقد الانجليز فنفوه الى دبي.
تلك هي لنجه، مدينه ارتفعت وسقطت، وبقيت منها ابيات قالها احد شعرائها ويرددها ابناؤها وتلخص مصيرها:
يا لنجه سار منك الجود اجمعه وقـــــد أتاك نذير الذل والعدم
وكنت قــــــبل كغيم سح وابله على الروابي والاطلال والاكم
ياهل لنجه دأب الجهل ضيعكم وبالمــــعارف تلقى جملة الأمم
قليلة هي الكتب المؤلفة عن العرب على الساحل الشرقي للخليج، ومنذ مشاهدات كريستيان نيبور الرحالة الدنماركي عن العرب على الساحل الفارسي، وكتابات الرحالة الإنجليز و العسكريين البريطانيين، فلا يوجد إلا قليل عن هذا الجزء من ساحل الخليج الشرقي، الذي ظل حتى الثلاثينيات من هذا العصر يحكم من قبل بعض القبائل العربية كالقواسم وبني حماد والعبادلة والمرازيق والنصوريين.
ومثل هرمز ممثلة مدن الطفرة التجارية كانت مدينة (لنجه). اللؤلؤة العربية على الضفاف الشرقية للخليج، حيث تنعطف فيه اليابسة لتجعل الخليج حدا جنوبيا للمدينة. اهل لنجه يتكلمون اللغة العربية الدارجه، وتعم العربية القرى التابعه لها من جهة الغرب حتى قرية (كنكون) بينما يتكلم اهل القرى التي في شرقها الفارسية، والبعض يتكلم الفارسية ويكتب العربية.
الاقوال كالعادة تختلف في سبب تسمية (لنجه) بهذا الاسم. يقال على حسب رواية حسين بن علي الوحيدي في تاريخ لنجه بانها كانت في منتهى العمران قبل القرن العاشر الهجري، ولكن اهلها اختفلوا، وعمت الفتنة حتى افنى بعضهم بعضا، فنزح بعضهم الى الاحساء والبحرين، ونزح البعض الى موضع لنجه الحالي وسموا مدينتهم (لنجه) احياء لذكرى ديارهم القديمة، الا ان هناك تعليلا اخر للتسمية أقل جمالا وتواضعا، تقول القصة ان امراة عرجاء كانت تسكن في هذا الموضع وترعى للناس أغنامهم، وكان الناس يقولون بلهجهتهم الدارجه (ودوا غنمكم الى اللنكة) اى العرجاء باللغة الفارسية.
لنجه في التاريخ كانت في فترة ما تحت حكم سلاطين عمان. واستقام الحكم لهم مدة سبعا وستين عاما.. الى سنة 1230هـ وظلت المدينة بدون حاكم لمدة عامين حتى اجمع اهلها على تولية احد القواسم فاختاروا (قضيب بن راشد بن مطر القاسمي) الذي حكم حتى وفاته عام 1240هـ. بعد تولى ابنة محمد الذي حكم احدى عشر عاما ومات بشكل درامي. يقال انه خرج على ظهر حصانه في ليلة مقمره الى قرية شناص غربي لنجه. أثناء عودته برزت له ثلاث نسوة فجاة، ينادينه باسمة، ففزع وجرى بحصانه، فتبعنه فزاد فزعه، ولما وصل الى بيته اخذته الرعده والحمى وقيل له بانهن ساحرات يردن تخويفه، فتضاعف خوفه وتدهورت حالته فمات.
وكما يقولون فان في دنيا التخلف عجائب، فبعد وفاته بمده مر بالمدينة هندي فقير يشبه الشيخ الراحل، فاعتقد بعض السكان بان شيخهم المسحور قد عاد فتشبثوا به واصروا على انه حاكمهم رغم انكار الفقير الهندي فلما رأى الهندي اصرارهم وكم هم مغفلين وافقهم، فسلموا اليه اموال الشيخ، فرتع اياما في الرزق المفاجئ المجاني، واستطاب ما هو فيه الا ان بعض عقلاء المدينة انكروا على المغفلين ما فعلوه واخرجوه من المدينة.
بعد وفاة محمد حكم اخيه سعيد (1251-1270هـ) الذي توفي سنة 1291هـ وخلف ولدا عمره ستة عشر عاما فاصبح الشيخ يوسف (1295-1303هـ) الا ان سلسلة الثار لم تتوقف حيث دس ابن عم القتيل السم للشيخ يوسف، ودخل عليه فقتله اما اخر سلالة الشيخ يوسف فيعيش في دبي ولديه حفيد صغير من ابنته يلقب بـ (محمد بيبسي).
لم تكن حكومة طهران المركزية غافلة عما يجري، حيث ارسلت في عام 1303هـ اول حاكم ايراني الى لنجه يسمى هداية الله خان، وبوصوله انهى حكم القواسم، الا ان الأبن الثاني للشيخ خليفة ويسمى محمد، وباتفاقه مع السيد يوسف بن جعفر الهاشمي و بثلاثمائة نفر مسلح حاولوا الاستيلاء على لنجه، الا ان حكومة طهران عالجت الأمر بخدعة سياسية، كما ان الانجليز تدخلوا في المعركة لصالح الحكومة الأيرانية، فاقتنع الشيخ محمد بان العداء المستمر في السياسة الأنجليزية للقواسم سوف لن يتركه فانسحب وحده الى الجبال، وسقطت لنجه نهائيا في يد الحكومة المركزية في طهران وانتهى حكم القواسم بعد 94 سنة في الثامن من شهر شوال عام 1316هـ. وقد بقي الشيخ محمد هائما على وجهة في الجبال، ثم استقل سفينة شراعية متوجها الى راس الخيمة عند ابناء عمومته ثم استقر في الشارقة حتى مات
لنجه كانت كعادة المدن التجارية، مزدهرة، التجارة فيها حرة وصارت من أهم موانئ الخليج وساعتها حرية التعامل من احتلال مركز قوى، حيث يفد عليها تجار الخليج. كان تجارها يجلبون الأرز والقمح والاقمشة الحريرية والمزركشة والسكر، وكان التجار يملكون 40 سفينة خشب كبيرة صالحة للسفر البعيد، وفي اول ايام الصيف يتوجهون بسفنهم صعودا الى البصرة والمحمرة وعبادان، فيحملون التمر والدبس الى لنجه، ثم يحملون منها السجاد والورد والمستكي ويتوجهون الى الهند وعدن وافريقيا، ثم يرجعون من افريقيا بالسكر والقرنفل والخشب، والقهوه من اليمن واللبان من ظفار والاقمشة من الهند
الا ان الاحوال تتبدل، دول تذهب ودول تأتي، ولو دامت لغيركم ما وصلت لكم، فكان حكم الحكومة المركزية في طهران قاسيا، حيث نهبوا لنجهوكسروها، وكان الجنود اذا رأوا مرآه مطلية بالذهب في احد الدور قالوا: العرب جعلوا على بيوتهم الذهب، فيكسرونها ويصادروا الذهب لانفسهم، ولهذا انعكس هذا الوضع من عدم الاستقرار على لنجه، فكسدت وتحول تجارها الى دبي، لكن المدينة ظلت حتى 1327هـ مجال مناورات سياسية دولية، ففي نفس العام رفع القنصل الفرنسيعلم فرنسا عليها، وازداد التعقيد حين دخل الأنجليز الى لنجه بالقوة في 23 شوال 1328هـ وفي عام 1329هـ زار قنصل الاتراك لنجه ورفع العلم العثماني في (بنقلة) السيد سالم بك الحاجة.
لقد تدهورت الاحوال في لنجه وسارت من سئ الى اسوأ، وهاجر اكثر اهلها بعدما اعلن الشاه بكشف حجاب النساء، اذ تحركت غيرة الناس ففروا من لنجه ويروى حسين بن علي الوحيدي مؤلف تاريخ لنجه هذه القصة عن قرية (كلات) وهي بندر على البحر آلت الى الخراب بعد ما اعلن الشاه رضا اعلان سفور النساء، وحررت الأوراق من رجال الأمن بان تاتي النسوة سافرات لاخذ اوراق رخص سفن ازواجهن، ورغم محاولات النوخذة رفض هذا القانون الا انهم لم يستطيعوا، فقاموا بالقاء القبض على موظفي الأمن واوثقوهم وفروا بأهليهم الى خورفكان. حتى صارت لنجه كما يقول المؤلف (خرابا بلقعا) او تكاد.
ترتبط لنجه اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا بالمناطق المجاورة لها، وسكان هذه القرى تتراوح لغاتهم ما بين من يكتب ويتكلم بالعربية ومنهم من يتكلم الفارسية ويكتب العربية (مثل كنكأ) وهذه من الغرائب كما يقول المؤلف. ومنهم من يتكلم العربية وهم العرب، ومن عادات اهل هذه القرية اتراف النساء، اذ ان المرأة عندهم ذات ترف واضح حيث تبدى عناية فائقة بنفسها ومظهرها وحليها لدرجة ان زيها انتشر كموضة بين نساء الخليج.
اشهر عوائل لنجه التي يستعرضها المؤلف الوحيدي: عائلة البوسميط، وكانوا يعملون في صيد اللؤلؤ، فضايقتهم السلطات الأيرنية بفرض ضرائبباهضة عليهم، فانتقلوا الى جزيرة قشم، فطلب شيخ البحرين الحماية لهم في عام 1901م. (الخاجة) وهم عرب وردوا لنجه قادمين من كنكون، وكان سبب ثرائهم انهما اخوان (عبد الله ويوسف) عملا موظفين مع التاجر الكبير خليفة بن عبد الله العتيبي، الذيقال لهما يوما: لم لا تشتريانشيئا من ورائه، فقالا: ليس لدينا مال نتاجر به، فقال لهما: قيدا باسمكما جنسا تستفيدان منه. فقيدا باسميهما صفقه شعير، وشاء الله ان يزيد سعره بعد ايام فباعا وكسبا من ورائه حتى تغانيا وكان احد احفادهم وهو سالم قنصلا للدولة العثمانية.
عائلة (العيوني) وهم عرب من البحرين، (القلداري) استعربوا بزواج حسين قلداري من بنت حمود الصوري القاسمي (ال رحمة) وهم من البحرين، (البهزاد) وهؤلاء عرب اقحاح خلافا لما يوهم ظاهر اسمهم واصلهم من الجرة وهي قرية في شيبكو ثم نزلوا لنجه وتعاملوا في اللؤلؤ وكان جدهم مشهورا بالسخاء لدرجة انه تنازل عن ديخاله يبلغ الاربعين الف روبية وهي في ذلك الوقت ثروة (الخنجي) وهم من العباس. (ال عرشي) وهم ينتسبون لعرب اليمن، جاءوا من جزيرة قيس، ومن اهل البحرين السيد محمد بن شرف وكانت فيه جرأة وعزة، حيث طلبه رئيس حكام البنادر الايرانيه السيد دريابكي ان يأتي اليه فلم يذهب واعلمه بان خير الامراء من ياتي الى ابواب العلماء فجاء اليه، والسيد شبر بن السيد الموسوي وكان هو الاخر جرئ انتقد الانجليز فنفوه الى دبي.
تلك هي لنجه، مدينه ارتفعت وسقطت، وبقيت منها ابيات قالها احد شعرائها ويرددها ابناؤها وتلخص مصيرها:
يا لنجه سار منك الجود اجمعه وقـــــد أتاك نذير الذل والعدم
وكنت قــــــبل كغيم سح وابله على الروابي والاطلال والاكم
ياهل لنجه دأب الجهل ضيعكم وبالمــــعارف تلقى جملة الأمم