المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشخصية العربية تلك الشخصية المتكونه من رمال الصحراء - مقال أكثر من رائع



أبن السواحل
12-14-2009, 12:15 PM
السلام عليكم

أرجوا أن تتم مناقشة هذا الموضوع مناقشة عقلانية بعد قرائته بتأني وتركيز فعندما نعرف الأسباب سنعرف لماذا تنازع شيوخ القبائل فيما بينهم في السابق وسنعرف أن بسبب الشقاق بين عرب الساحل الشرقي هو ما أضاع دولتهم هناك خصوصا عندما أوقع الفرس بين عرب الساحل بعضهم البعض صدامات ثم أستغلوها لتدميرهم ولذلك يجب علينا معرفة الشخصية العربية ونواقصها وبعدها سنعرف طرق علاجها ثم تطويرها فالرجاء قراءة المقال المقتبس من المرحوم العراقي البطل الدكتور علي الوردي عندما يصف الشخصية العربية ثم يتجه بسرده للشخصية العراقية التي تنطبق تماما على شخصية بقية دول الخليج العربي وتنطبق على عرب الساحل لأنهم يشاركون غيرهم من أخوانهم عرب شبه الجزيرة في اللغة واللهجة والعادات والتقاليد والمصير المشترك

الى اليوم العرب يعانون من نفس المشكلة ولذلك نحب أن نطرح هذا الموضوع لكي يستفيد منه الجميع ولكي نعرف نواقصنا ونحاول أن نعالجها ونطورها وكل هذا في خدمة عربنا عرب السواحل والجزر فيجب أن يعرف الجميع أن في الأتحاد قوة ولذلك يجب علينا أن نتخلى من نواقص شخصيتنا لأننا نسير نحو هدف مشترك والأن اليكم المقال الرائع المقتبس من المرحوم الدكتور علي الوردي

اليكم الكلام::358:
الاخلاق الضائعة من الموارد الخلقية - الدكتور علي الوردي

ان هذا الموضوع الذي أحاول البحث فيه اليوم يختلف في طبيعته عن المواضيع الاخرى التي دعتكم هيئة الدراسات العربية الى الاستماع اليها .ان موضوعنا يتصل بالاخلاق .والاخلاق كما تعلمون من الامور النسبية التي يختلف الناس في تقديرها وهي ليست اذن كالموارد الصحية او التقنية او الاقتصادية من حيث اتفاق الناس في الغالب على ما يستحسن منها وما يستقبح .
فلقد اتفق الناس مثلا على ان الامراض بشتى انواعها شر يصيب الانسان وان السلامة منها خير يسعى الانسان نحوه ويحاول الحصول عليه بكل جهده ولكنهم لم ينظروا في الاخلاق بمثل هذه النظرة الثابتة قد يصح القول بأن كل ثقافة بشرية تتخذ لنفسها نظاما في الاخلاق خاصا بها وهي تنظر الى اخلاق الاخرين بشيء من الريبة والاحتقار .
ولهذا وجب علينا قبل البحث في الضائع من الاخلاق العربية ان نعرف ما هو الاساس الذي تبنى عليه البحث بعبارة اخرى يجب ان نعرف ما هي الاخلاق قبل ان نعرف ما هو الضائع منها .
وفي سبيل اتخاذ ركيزة استند عليها في طرق هذا الموضوع سأحاول المقارنة بين اخلاق البداوة والحضارة . ولي سبب يدعوني الى ذلك حيث وجدت ان المجتمع العربي قد اختص من بين كثير من المجتمعات الاخرى بكونه شديد الصلة بالبداوة من ناحية وكونه موطن أعرق الحضارات في التاريخ من الناحية الاخرى .
ويؤسفني في هذا الصدد ان ارى بعض الباحثين العرب لايهتمون بهذه الناحية من نواحي مجتمعهم اهتماما كافيا فقد وجدتهم يدرسون مجتمعهم على نمط ما اعتاد الغربيون ان يدرسوا مجتمعاتهم به مع العلم ان المجتمع العربي يختلف عن المجتمعات الغربية في تراثه الثقافي والحضاري . وهو إذن في حاجة الى منهج للدراسة خاص به .
يجب ان لاننسى قبل كل شيء ان البلاد العربية تقع في أعظم منطقة صحراوية في العالم. سرحوا النظر فيها من مراكش غربا حتى العراق شرقا تجدوا البادية شاملة لها متغلغلة فيها الى درجة تلفت النظر .
وقد امتلا تاريخ هذه البلاد بالموجات البشرية التي كانت ترمي البداوة بها الى السهول الخصيبة منها جيلا بعد جيل.

ليس من الجائز لنا إذن ان نهمل أثر هذه الصحراء في تكوين المجتمع العربي إننا لا نلوم الغربيين إذا هملوا أثر القيم البدوية في مجتمعاتهم ذلك ان بلادهم خالية من الصحراء تقريبا وليس فيها تراث بدوي يتغلغل في أعماق النفوس منها أما نحن العرب فالقيم البدوية تكاد تؤلف جزءا لايستهان به من نظامنا الاجتماعي. وفي رأيي إننا لانستطيع أن نفهم الاخلاق العربية في وضعها الراهن قبل ان ندرس اخلاق اجدادنا البدو وكيف كانوا ينظرون في شؤون الحياة .
.


شخصية المجتمع البدوي:

دعونا الان ندرس المجتمع البدوي وهنا اقول بان الابحاث الاجتماعية الحديثة ترى بأن أي مجتمع من المجتمعات البشرية هو كالفرد يملك شخصية خاصة به وهذه الشخصية المجتمعية تعرف في الاصطلاح العلمي باسم (culture) .
واذا درسنا البداوة في هذا الضوء خرجنا من ذلك بنتيجة قد تختلف عن النتائج التي توصل اليها السواح او المستشرقون الذين درسوا البداوة في عصرنا الحاضر. ومشكلة هؤلاء الدارسين انهم كانوا يصفون الصفات التي اكتشفوها في المجتمع البدوي جنبا الى جنب من غير ان يتحروا عن العامل المشترك الذي يختفي وراءها. أنهم بعبارة اخرى كانوا كمن يدرس احد الافراد فيذكر صفاته المختلفة دون ان يذكر طابع الشخصية الذي يؤلف من تلك الصفات نظاما حركيا متماسكا.

تقول الأستاذة روث بندكت في كتابها المعروف (patterns of culure) ان الصفات في اي مجتمع هي كالعناصر التي يتألف منها المركب الكيماوي إذ هي تتفاعل وتترابط فيما بينها بحيث يظهر من جراء ذلك شيء جديد يختلف في صفاته عن صفات العناصر المكونة له. وهذا هو ما اطلقنا عليه اسم الشخصية المجتمعية او ال(culure) .
وهنا نسأل : ما هو الاساس الذي تقوم عليه شخصية المجتمع البدوي؟
للجواب على ذلك ينبغي أن نقارن بين الشخصية البدوية والشخصية المناقضة لها اي الشخصية الحضرية ومن الممكن القول في هذه المناسبة ان الشخصية الحضرية تقوم على (الانتاج) بينما تقوم الشخصية البدوية على (الاستحواذ) وشتان بين أخلاق الانتاج واخلاق الاستحواذ كما تعلمون.
نحن نعرف بوجه عام ان الفرد الحضري العريق في حضارته يصعب عليه ان يعيش من غير مهنة او نوع من الانتاج يحاول الحذق فيه. وقد يكون الانتاج ماديا او يكون فكريا ،انما هو على كل حال براعة تنال بالجهد والمران في معظم الاحيان وكلما حسنت براعة الفرد الحضري في مهنة التي اختص بها راج سوقه وارتفع مستوى معاشه بالنسبة الى أقرانه الذين يعيشون في مثل ظروفه .

أما البدوي فله شأن اخر مختلف عن الحضري:

فهو يعيش في صحراء لاتعرف من شؤون الانتاج الا قليلا وليس فيها سوى العشب ينبت هنا وهناك بأمر الله كما قال القرأن في مخاطبة سكان الصحراء {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }الذاريات22 وهو يشير بذلك الى المطر الذي ينزل من السماء حيث ينبت به العشب الاخر وتكثر الغدران وتمتلىء الابار وعند هذا ينعم البدو بالشبع والري دون ان يحسبوا لغدهم حسابا.
ومشكلة البدو الكبرى انهم لايستطيعون ان يقتسموا مواطن العشب والماء فيما بينهم او يسجلوا حقوقهم فيها على صكوك كما يفعل المتحضرون في أموالهم. فمواطن العشب والماء قليلة بالنسبة الى عددهم المتنامي وهم مضطرون إذن ان يتنافسوا ويتنازعوا عليها بحد السيف وليس في البادية مكان للضعيف الذي يدعوا الى مبادىء العدالة والمساواة

يقول الشاعر البدوي:
ونشرب ان وردنا الماء صفوا............................. ويشرب غيرنا كدرا وطينا

وجاء في أمثالهم الدارجة (الحق بالسيف والعاجز يريد شهود). وجاء كذلك قولهم (الحلال ما حل باليد).

والذي يجلس اليهم يستمع الى احاديثهم يجد انهم يقيسون الرجولة الكاملة بقياس الغلبة والاستحواذ وهم اذ يمدحون رجلا يقولون عنه انه (سبع) ياخذ حقه بذراعه ولايقدر احد عليه ومن أكبر العار على احدهم ان يُقال عنه انه صانع او حائك فذلك يعني في نظرهم انه ضعيف يحصل على قوته بعرق جبينه كالنساء ولايحصل عليه بحد السيف ومن هنا أطلقوا على العمل اليدوي اسم (المهنة) والمهنة مشتقة من المهانة كما لا يخفى.

مقاييس الحضارة:

إن الحضري العريق في حضارته لا يستسيغ هذه القيم البدوية فهو قد نشأ منذ طفولته على قيم أخرى وهو يقدر الناس بمقدار براعتهم في مهنهم وما يربحون منها وهو يعد البدو مجرمين سلابين لا يؤمن جانبهم. أنه ينسى ان البدو ينظرون اليه بنفس عين الاحتقار كما ينظر هو اليهم فهو في نظرهم جبان ذليل لاكرامة له ولا حق له في الحياة .
زار الدكتور فاضل الجمالي قبيلة عنزة في صحراء الشام ودهش حين راهم يؤمنون بالله ويصلون له ويصومون بينما هم لايتوانون عن النهب والغزو عندما تحين الفرصة المناسبة !!!! فسالهم عن هذا التناقض فيهم ؟!!!!!!! فكان جوابهم أنهم لم يكلفوا أنفسهم مشقة التفكير في هذا السؤال من قبل .
مشكلة الدكتور الفاضل أنه يقيسهم بمقياس الحضارة التي نشأ فيها وهو ينسى ان لهم مقاييسهم الخلقية الخاصة بهم فهم يتخيلون الله مثلهم يحترم الرجل الشجاع القادر على النهب ومما يدل على ذلك انهم يتصدقون على ارواح امواتهم من المال الذي ينهبونه في غارتهم المجيدة وهم يعدون (غارة الضحى) أعظم الغارات وأقربها الى الله لانها تجري في وضح النهار وتدل على جرأة القائم بها وبسالته.
يغضب البدوي اذا قيل له (حرمك الله من غارة الضحى !) وقد سأل الاستاذ عباس العزاوي أحد البدو قائلا له: أصحيح انكم تنفقون الخيرات على موتاكم مما تكسبون من غارة الضحى ؟ ولماذا يغضب البدوي من القول له : حرمك الله من غارة الضحى، فاجاب البدوي قائلا :
(وهل هناك احل وأفضل من غارة الضحى فهي على وجه نهار وكيف تحرمني من مثل هذه الغارة )
ولايجوز لنا ان نلوم البدو على أخلاقهم هذه فالاخلاق في الواقع ليست سوى صورة من صور تكيف الانسان لمحيطه ولو نشا أحدنا منذ طفولته بين البدو لما استطاع ان يتخذ لنفسه اخلاقا اخرى وقد أخطأ المفكرون والقدماء الذين كانوا يستنبطون قواعد الاخلاق من عقولهم المجردة ثم يفرضونها على الناس

إن الانسان لايفهم المثل العليا التي جاء بها الفلاسفة الحالمون انما هو يجري في سلوكه على نمط ما يحترمه المجتمع عليه ولو احترم المجتمع قردا لصار جميع الناس يحاولون ان يكونوا قرودا والعياذ بالله !

غلطة بعض المستشرقين:

وجد بعض المستشرقين الذين درسوا البدو أن الرجل منهم يحب المال حبا جما ولايقدر غير الدراهم والدينار اما المعنويات فلا قيمة لها في نظره ومن هؤلاء المستشرقين الاستاذ أوليري ، فقد قال في كتابه Arabia before Mohammed إن البدوي يعد نموذجا للنزعة المادية حيث يتملك الطمع مشاعره وليس لديه مجال للخيال والعواطف والدين ( وهو ينظر الى الأمور نظرة مادية وضعية ولايقومها الا بما تنتج من نفع عاجل ).
أني اعتقد ان هذا الراي الذي جاء به أوليري لا يخلو من غلو فهو ينظر الى الحقيقة الاجتماعية من جانب واحد ويهمل الجوانب الاخرى منها.
الواقع إننا في الوقت الذي نرى البدوي فيه أعتدائيا نهابا نجده كذلك كريما شهما أبيا وفيا الى درجة لايستطيع الحضر ان يدانيه فيها .
إن البدوي يطلب المال حقا .. ولكنه لايطلب المال من أجل المال فالمال عنده من علامات الرجولة والغلبة. وهو لايبالي ان يسخو بالمال حالما يصل الى يده ومن هنا جاء وصف البدوي بأنه (نهاب وهاب) إنه نهاب عندما يكون النهب رمزا للقوة وهو وهاب عندما يكون الوهب رمزا لها كذلك .
ولذلك تجده من أحرص الناس على الفلس الواحد حين يؤخذ الفلس منه اغتصابا وعنوة بينما هو من أسخى الناس حين يُستغاث به او يؤتى الى مضيفه او يطلب منه العون وهو قد يبذل في سبيل ذلك حياته علاوة على المال.
والبدوي كذلك صادق صريح لايحب الرياء والمرواغة او الختل. ولعله يعد المراوغة بشتى انواعها ضعفا لا يلائم طبيعة الشجعان الغالبين ان يقتلك او ينهبك ولكنه لا يداجيك او يخون امانتك او ياكل دينك وقد ياتي من اقصى البادية ليؤدي لك ما عليه من دين في الوقت الذي ربما كنت أنت قد نسيته او يئست منه لطول المدة وهو لايقسم بالله كذبا ولو كان في هذا القسم منجاة له من التهلكة فاذا اقسم لك مثلا ب(العود والر المعبود وسليمان بن داود) كان ذلك منه حجة لاتمارى وهو في الاغلب صادق فيما اقسم عليه مخلص فيه .

عندما يتحضر البدوي:

تلك هي شخصية البدوي بما فيها من محاسن ومساوىء وهي قائمة كلها على اساس الغلبة والاستحواذ والشجاعة ولي ان اقول ان هذه الشخصية تظل محافظة على محاسنها ومساوئها ما دامت باقية في الصحراء وهنا نسأل هل في ميسور البدوي ان يظل قابعا في صحرائه القاحلة زمنا طويلا ؟
انه شجاع باسل يحمل السيف البتار ويرى في الأمصار المجاورة أُناسا متحضرين قد شبعوا من الخام والطعام وهم في الوقت ذاته جبناء مخنثون فهل يتركهم يرتعون في النعيم الذي لا حق لهم به او يغزوهم وينهب اموالهم ؟.
شهد التاريخ سللة طويلة من الغزوات البدوية التي اجتاحت الامصار المجاورة للصحراء ولا شأن لنا بهذه الغزوات من الناحية السياسية فأمرها معروف ولها الباحثون المختصون فيها إنما نريد هنا ان نبحث فيها من الناحية الاجتماعية ولا سيما ما له من صلة بموضوع الاخلاق الذي نحن فيه .
يذهب ابن خلدون الى القول بأن البدو يكاد لا يستولون على الامصار المتحضرة ويعتادون على ترفها وملذاتها حتى ينسوا بالتدريج خصالهم القديمة ويأخذون بأكتساب الخصال الحضرية وابن خلدون يقصد من ذلك انهم ينسون خصالهم البدوية جميعا بما فيها من محاسن ومساوىء.
وأني اكاد اعتقد ان هذا الراي الذي جاء به ابن خلدون صحيح في نطاق العصور القديمة التي عاش فيها ابن خلدون او قرأ تاريخها اما في العصور الأخيرة فقد لا يصدق هذا الراي كل الصدق ولي استدراك عليه لايخلو من صواب .
في رأيي ان العصور الاخيرة تختلف عما سبق في طبيعة السلاح الذي كان مستخدما في القتال بين البدو والحضر. فقد كان الناس يستخدمون السيف قديما كما هو معروف ولهذا كان البدوي منتصرا في معظم الأحيان التي يغزو فيها الامصار المتحضرة بسبب ان البدو ابرع في قتال السيف من المتحضرين ومعنى هذا انهم كانوا يستولون على الامصار ويؤسسون فيها الممالك حيث يؤلفون فيها الطبقة الحاكمة اما في العصور الاخيرة فقد ذهب زمان السيف وحلت محله الاسلحة النارية والبدو لايستطيعون ان ينتجوا هذه الاسلحة او يحذقوا فنها كما يحذقه المتحرون ولهذا شعروا بالعجز عن اجتياح الامصار المجاورة على منوال ما كانوا يفعلون قديما فهم لايكادون يتحرشون بالحضر حتى يجدوا المدافع الضخمة قد صوبت عليهم وقذفتهم بشواظ من نار فقد ادركوا ان بسالتهم القديمة لا تجديهم كثيرا إزاء فوهات المدافع وطلقات النار.
وقد لاحظت من دراستي لتاريخ العراق في العهد العثماني ان القبائل البدوية اخذت تاتي الى العراق عن طريق التغلغل التدريجي بدلا من طريق الفتح الحربي . وقد حاولت بعض القبائل بتأثير المذهب الوهابي ان تغزو العراق بحد السيف غير مرة فباءت بالفشل واستطاعت الحكومة العثمانية على ضعفها ان تردهم على أعقابهم بعد المذبحة التي قاموا بها في كربلاء في أواخر القرن الثامن عشر واستطاع محمد علي باشا بعد ذلك ان يهاجم عاصمتهم في صميم الصحراء ويضرب حركتهم ضربة قوية قاصمة وتلك كانت معركة لم تشهد جزيرة العرب لها مثيلا في تاريخها الطويل حيث لم يتمكن اي جيش حضري من قبل ان يغزو الصحراء او يتغلغل فيها فاتحا.
خلاصة ما اردت قوله في هذا الصدد ان الصراع بين البدو والحضر قد اتخذ في العصور القديمة شكلا جديدا إذ صارت قبائل البدو تتسلل الى الامصار المجاورة خلستا فتستقر فيها دون ان تحاول الاستيلاء عليها.

أخلاق العشائر العراقية:

أريد ان اتحول الان الى دراسة اخلاق العشائر بعد تحضرها في العصور الاخيرة ومما تجدر الاشارة اليه بان معظم دراستي في هذا الصدد قد تركزت حول عشائر العراق ومعنى هذا ان بحثي سيكون جزئيا غير شامل ولكني ارجو ان يكون على اي حال ذا نفع لأخواني الباحثين في البلاد العربية الاخرى إذ قد يستطيعون به مقارنة وضع العراق من الناحية الخلقية بوضع غيره من البلاد ولعلهم يجدون بينهما شيئا من الشبه او الخلاف على اي حال.
الامر الذي اود ان الفت انظاركم اليه هو ان القبائل البدوية التي استقرت في العراق في العصور الاخيرة لاسيما في العهد العثماني اخذت تفتقد كثيرا من محاسنها القديمة بينما هي ظلت محافظة على المساوىء إنها فقدت الصدق والأمانة والصراحة مثلا ولكنها بقيت متمسكة بالعصبية القبلية والثأر والاعتداد بالغلبة والفخار بالغزو والنهب. وهذا امر غريب يلفت النظر فما هو السبب الذي جعل المحاسن البدوية تضعف تجاه الظروف الحضرية الجديدة في الوقت الذي تظل فيه المساوىء صامدة لابد أن يكون وراء ذلك عامل اجتماعي يؤدي الى هذه النتيجة التي لاتخلو من ضياع خلقي كبير فما هو ؟
الذي اميل اليه ويميل اليه بعض زملائي من الباحثين العراقيين هو أن نظام الحكم الذي كان يسود العراق في العهد الاخير له يد في هذا الضياع الخلقي. وهنا يجب ان لاننسى ان الحكومة العثمانية لم تكن حكومة بالمعنى الصحيح فهي لم تكن تعني بالمحافظة على الامن والنظام في البلاد كما هو شأن الحكومات الراقية ولم يكن همها في حكم الناس الا ان تجبي منهم الضرائب والمغارم وليفعلوا بعد ذلك بأنفسهم ما يشاؤون. وكانت سياسة الحكومة تجاه العشائر أنها تتركهم يتقاتلون ويتناهبون فيما بينهم والمعروف عنها أنها كانت تشجع فيهم هذا القتال والتناهب أحيانا في سبيل إضعافهم على طريقة (فرق تسد)

وللحديث بقية

أبن السواحل
12-14-2009, 12:17 PM
تكملة الحديث

ومما زاد في حدة هذا النزاع العشائري أن الاراضي في العراق كانت ولا تزال دائمة التبدل من حيث جودة انتاجها وسهولة ريها فكثيرا ما تكون البقعة من الأرض جيدة في اول امرها ثم تسوء بعد ترسُب الاملاح فيها فتضطر العشيرة الى التحول منها الى ارض اخرى ولا يتم هذا طبعا الا بعد قتال مرير حيث تستحوذ العشيرة القوية على الاراضي الصالحة بعد ان تطرد عنها اصحابها الاولين ولم يعرف العراق حتى عهد متأخر نظاما ثابتا في مسح الاراضي او تسجيل الحقوق فيها فكانت العشائر إذن تتقاتل على الاراضي الجيدة في العراق كما كان الاسلاف يتقاتلون في الصحراء على العشب والماء. والذي يدرس تاريخ اي عشيرة عراقية يجد انها لم تستقر في ارض معينة مدة طويلة فهي اما طاردة او مطرودة تبعا لقوتها وعصبيتها وميلها الى الغزو والاستحواذ وهذا يؤدي بأبناء العشيرة طبعا الى الاحتفاظ بعاداتهم القديمة التي تساعدهم على البقاء في هذا المعترك العنيف. وفي الوقت الذي نجد فيه العشائر العراقية تتقاتل وتتناهب فيما بينها وتحس بالعزة المتطرفة إزاء من يريد انتهاك حرمتها نراها تتخذ إزاء الحكومة موقف الذل والمسكنة ولي ان اقول بان الفرد العشائري أصبح من جراء ذلك ذا وجهين فهو أبي باسل يشعر بكرامته وعزته عندما يلتقي بأمثاله من ابناء العشائر وتجده عند ذاك من اكثر الناس غضبا وعصبية وحرصا على اخذ الثأر إنما هو لايكاد يلمح جباة الحكومة او جلاوزتها قادمين عليه حتى يتقمص شخصية أخرى حيث يمسي بها خنوا يتحمل الصفات والاهانات دون ان يثور او يحقد. لقد اخذ الفرد العشائري بفقد بالتدريج صفات الصراحة والإباء والأمانة وغيرها من الصفات التي كانت معروفة عند اجداده في الصحراء انه يرى جباة الحكومة واقفين له بالمرصاد يحصون عليه أغنامه وحاصلاته الزراعية وهو مضطر ان يكذب عليهم ويحلف بالله وبجيمع أنبياه واوليائه زورا لكي يدرا عنه قسطا من الضريبة المفروضة عليه ولو انه اتبع سبيل الصدق في معاملة الحكومة لما بقي لديه ما يكفي أطفاله طعاما ولباسا. فمن الاحاديث المروية عن النبي محمد (ص) إنه مر ذات يوم ببعض دور الانصار في المدينة فوجد فيها محراثا فقال: (ما دلخت هذه دار قوم الا دخلهم الذل ) وقد حار المحدثون في تفسير هذا الحديث وحاول ابن خلدون تفسيره بقوله إن الذين يمتهنون الزراعة يقعون تحت وطأة القهر من الحكام وفرض الضرائب والمغارم عليهم وهذا يؤدي بهم الى اعتياد الذل وما يتبعه من خلق المكر والخديعة. واعتقد ان هذا الحديث ينطبق على العشائر العراقية انطباقا كبيرا فهم قد وقعوا تحت وطأة الحكومة العثمانية زمنا طويلا وتعلموا من جراء ذلك ان يراوغوا ويكذبوا وان يكونوا اولي شخصيتين يواجهون باحداها جلاوزة الحكومة ويواجهون بالاخرى اقرانهم من ابناء العشائر. واستطيع ان اقول بأن العشائر العراقية لم تغير من اخلاقها هذه بعد قيام الحكم الوطني في العراق ومما يؤسف له ان الحكومة الوطنية الحاضرة قامت على أنقاض الحكومة البائدة وأعيد استخدام الموظفين القدامى فيها على نطاق واسع فاصبح الفرد العشائري لايجد فرقا كبيرا بين الماضي والحاضر. ومما زاد في الطين بلة ان الحكومة الوطنية فرضت على ابناء العشائر نظام التجنيد الاجباري بعدما كانوا معفيين منه في العهد العثماني وبدا الفرد العشائري يشهد ضباط التجنيد قادمين عليه بالاضافة الى جباة الضرائب فصار يستعيذ بالله منهما ومن كل موظف ترسله الحكومة اليه !!!!!!!!
ان العشائر اليوم تخاف من كل افندي ومن كل من يتصل بالافندي بصلة قريبة او بعيدة فهي قد اعتادت ان لاترى الافندي الا في الشر ولذا فهي لاتقدر على مصارحته او الصدق معه في شيء ولو كان الصدق نافعا لها.
في السابق حدث لي مرة ان ذهبت مع جامعة من الطلاب الى قرية ريفية في سبيل ان ندرس احوالها الأجتماعية فظن اهل القرية اننا جواسيس ارسلتنا الحكومة لتحري اخبارهم وايقاع الشر بهم وكانت المراوغة واضحة في اجوبتهم وهم لايصدقون بنا ولو اقسمنا باليمين وألايمان المغلظة لهم فلا فائدة منه في نظرهم إذ هم قد اعتادوا كما لقنا الحلف بالله وبجيمع انبائيه وأوليائه كذبا عند الحاجة ولا يقتصر هذا الامر على الفلاحين وحدهم انما هو شائع بين سكان المدن لا سيما الأميين منهم وهذا هو السبب الذي جعل الاحصائيات التي تقوم بها الحكومة أو أي لجنة من الخبراء مغلوطة لايمكن الاعتماد عليها ومن المفارقات التي يتفكه الناس بالحديث عنها في هذا الشأن ان نفوس العراق قد يبلغ عددها العشرة ملايين مثلا عندما يكون هناك توزيع للسكر أو القماش بالبطاقات ولكن هذا العدد قد ينخفض الى الثلاثة ملايين تقريبا عندما يسجل الناس في سبيل التجنيد الاجابري ومعنى هذا ان الناس يكذبون بالزائدة تارة وبالناقصة تارة اخرى اما الرقم الصحيح فلا يعلمه الا الله العلي الخبير.

أثر الاقطاع في الاخلاق:

وبعد أن تحدثنا عن أثر الحكومة في تفكيك الاخلاق لدى العشائر العراقية ننتقل الى اثر الاقطاع فيها ومن الجدير بالذكر هنا ان امر الاقطاع بدأ يستفحل في العراق أخيرا وصار له من الأثر في تفكيك الاخلاق ما يناهز اثر الحكومة ان لم يفقه أحيانا.
ويجوز لي ان اقول بان الأقطاع في العراق حديث النشأة فهو لم يكن في العهد العثماني على الحال التي نشهدها اليوم والسر في ذلك هو ما قامت به الحكومة الحاضرة من مسح الاراضي وتسجيل الحقوق فيها ولست أنكر بأن الحكومة ارادت بهذا المسح والتسجيل خيرا ولكنه انقلب الى شر من بعض النواحي .
كان شيخ العشيرة في الماضي زعيما لقومه يقودهم في الحرب ويرعى شؤونهم في السلم إنه كان كما يقول علماء الاجتماع متبوعا لا مسيطرا ومشيخته مستمده من طاعة العشيرة له واحتراما إياه. فإذا ظلم قومه او استغلهم في مصلحته الخاصة نفروا منه واتبعوا احد منافسيه من اخوته او ابناء عمه والشيخ اذن مضطر ان يكون حسن السيرة كي يحتفظ بزعامته في عشيرته.
ولم يكن للشيخ من حق في نتاج الارض الا ما يمكنه من القيام بواجبات الزعامة المتعارف عليها وقد يصح القول ان انباء العشيرة كانوا يستثمرون الارض على اساس تعاوني تحت زعامة الشيخ. وهم يشعرون بانهم شركاء في الأرض غير مأجورين والى هذا اشار المستر كوك في كتابه (التحدي والاستجابة في الشرق الأوسط) حيث قال بأن شيوخ العشائر كانوا في العهد الماضي يقومون بوظيفة الاوصياء المشرفين على الاراضي المزروعة بشكل تعاوني والخاضعة لحيازة العشيرة المشتركة .........
أما الآن بعد ان مسحت الاراضي وسجلت باسماء الشيوخ فقد تبدل الحال تبدلا كبيرا فقد أخذ الشيخ يشعر بأن الارض أصبحت ملكا خاصا له، وهو قادر على استغلالها والتمتع بثمراتها ما دامت الحكومة راضية عنه ومن هنا صار يترك ارضه بيد وكلائه ثم يذهب إلى العاصمة يسكن فيها ويتزلف الى حكامها وقد يذهب في المساء الى الملاهي ليبذل على غانياتها ما كافح الفلاحون في جمعه طيلة العام.
إن الشيخ صار بعبارة أُخرى بمثابة السيد الاقطاعي الغائب عن أرضه وقد بعدت الشقة بينه وبين اتباعه فقد اهمل وظيفته الاجتماعية القديمة في القبيلة ولعله اخذ يشمئز من زيارة قريته او مقابلة القذرين من سكانها لأنه اعتاد على حياة الترف والبذخ في المدن فلم يهن عليه ان يسكن القرية الوضيعة التي كان يألفها المرحوم ابوه....
واتخذ بعض الشيوخ لأنفسهم جلاوزة يسوسون رعاياهم ويجيبون منهم المغارم على شكل لم يعهده الريف العراقي من قبل وهؤلاء الجلاوزة العشائريون يُعرفون باسماء مختلفة حسب المناطق التي يعيشون فيها ففي منطقة العمارة مثلا يطلق عليهم اسم (الحوشية) وفي الفرات الاوسط يعرفون باسم (الصبيان) وفي المنتفق يسمون بال (الغلمان)...
وأمسى الفلاح يعاني منهم اشد مما يعاني من جلاوزة الحكومة وجابتها فهم قادرو على تعذيبه او حبسه او قتله إذا امتنع عن اداء ما يطلب منه وليس هناك من قانون يضبط سلوكهم تجاهه سوى إرادة الشيخ فاذا كان للشيخ في ملاهي العاصمة غانية ( عاصرة ) تستنزف ماله وقعت وطأة هذا العشق الخبيث على عاتق الفلاح.
لا حاجة بنا الى القول بأن هذا الوضع يؤدي الى كثير من التفسخ في أخلاق الفلاح العراقي. بسبب إنه مضطر ان يتظاهر امام الجلاوزة بالمسكنه والبراءة ولكنه في اعماق نفسه يضمر شيئا اخر فلقد سرق قسطا من الانتاج قبل مجيئهم حتى اذا جاؤوه اخذ يقسم بالله وبجميع القديسين على أنه لم يسرق ولن يسرق ابدا.
فمن النادر جدا ان نجد فلاحا عراقيا غير سارق ومن النادر كذلك ان نجد فلاحا لا يحلف بالايمان المغلظة في سبيل البرهنة على براءته من السرقة .
إننا نسميها سرقة وهو يسميها حقا مشروعا ولا لوم عليه في ذلك فهو يريد ان يعيش واذا لم يلجأ الى السرقة مات هو وأطفاله من الجوع.
ومن الطرائف التي تروى في هذا الصدد ان (سيدا) من اولاد الرسول امتلك ارضا وجمع الفلاحين للعمل فيها واخذ الفلاحون يخونونه ويسرقون منه كدأبهم مع الاخرين واكتشف السيد خيانتهم فدعا الله بأن ينزل عليهم العقاب الشديد وشاءت المصادفة ان يموت كبيرهم في اليوم التالي فهرب الفلاحون جميعا من ارض هذا السيد الذي يستجيب الله لدعائه عاجلا وشاع خبره بين العشائر فلم يجرأ احد منهم ان يعمل معه في زراعة الارض واضطر السيد أخيرا الى ترك ارضه والى اتخاذ وسيلة اخرى للعيش.
فقد ادرك السيد انه يستطيع ان يكون (قديسا) بين ابناء العشائر ولكنه لا يستطيع ان يكون صاحب ارض يعمل فيها الفلاحون فالفلاحون غير قادرين على زراعة ارض من غير ان يسرقوا من انتاجها شيئا.
وهنا ينبغي ان نذكر ان طبيعة السرقة لدى الفلاح العراقي تختلف من تلك التي اعتاد عليها جده البدوي في الصحراء فالبدوي يسرق بحد السيف وهو لا يحب ان يسرق عن طريق الخيانة والختل إذ ان ذلك في نظره ديدن الضعفاء الجبناء اما الفلاح فالسيف لا يجديه شيئا ولا بد له اذن من اتخاذ طريق الخفاء والكذب في السرقة اذا اراد ان يعيش.

أثر المرابين في الاخلاق:

وبعد الاقطاع يأتي المرابون وهؤلاء منتشرون بين العشائر العراقية على نطاق واسع فأينما تجولنا في الاسواق الريفية وجدنا أصحاب الحوانيت فيه يعتمدون على الربا الفاحش في مقايضاتهم مع الفلاحين .
وقد ورث الفلاح العراقي من جده البدوي صفة تجعله يفكر في يومه ولا يحسب حساب غده فهو لا يزال يعد الاهتمام بشؤون الغد دليلا على ضعف الانسان وعلى قلة ثقته بشجاعته وقوة سيفه ولهذا أصبح شعاره (أصرف ما في الجيب ياتيك ما في الغيب) وتراه يذهب الى أصحاب الحوانيت يشتري منهم بالدين كل ما يحتاج إليه وهم يستغلون تلك الصفة فيه فيفرضون عليه الاسعار كما يشتهون حتى إذا حل موعد الوفاء وجد نفسه عاجزا عن الاداء فيعيد تسجيل الدين عليه بعد إضافة الربا عليه ويتراكم المبلغ عليه مرة بعد مرة حتى يصبح في النهاية أضعاف ما كان عليه في أول الامر .
يروي احد الثقاة ان فلاحا في الفرات الاوسط استدان من احد المرابين مبلغا ضئيلا ليشتري به ثلاث دجاجات في سبيل ان يذبحها لضيف نزل عنده وصار المبلغ يتراكم عليه مرة بعد مرة حتى اضطر الفلاح أخيرا ان يبيع ثورا لدفع ثمن الدجاجات الثلاث.
ويحدث من أمثال هذه القصة في الريف العراقي عدد لا يحصى وكلها تدل على مدى الضغط الذي يرزح الفلاح العراقي تحت وطأته من قبل الدائنين والمرابين ومن الممكن القول ان ذلك يؤدي الى خلق عقدة نفسيه في الفلاح تجاه كل وعد يعد به او دين يستدينه وهو مجبور ان يتخلى عن خلق الوفاء الذي اشتهر به جده البدوي.
ومن المعروف عن اهل الريف في العراق انهم من اكثر الناس مماطلة وتسويفا في اداء الديون على خلاف ما هو معروف عن أجدادهم القدماء بدو الصحراء وكثيرا ما نراهم ينكثون بعهودهم او ينكرون ديونهم كلما وجدوا الى ذلك سبيلا.

وللحديث بقية

أبن السواحل
12-14-2009, 12:21 PM
تكملة الحديث

ومما ساعد على استفحال هذه العقدة فيهم أنهم ينظرون الى كل صاحب حانوت من اهل السوء نظره احتقار ورزاية وكأنهم يعدونه رجلا سافلا لا كرامة له ولا شهامة ولهذا فهم لايجدون يرا أو أي شئ يمنعهم في النكاية والعبث به.
وصاحب الحانوت يرد لهم الصاع صاعين ولا يتردد عن إقامة الدعوى عليهم في المحاكم وتسليط سيف القانون عليهم وتصبح الحرب بينه وبينهم سجالا فهم يماطلونه ويتهربون منه وهو يركض وراءهم يحمل ورقة الحجز أو يرسل عليهم الجلاوزة ...
ومن الامثال الشائعة في الريف العراقي قولهم (الدين رزق) وأحسب هذا القول إشارة الى انهم يستهلون اخذ الدين ويستصعبون وفاءه فالدين رزق ساقه الله اليهم وهو قد أصبح ملكا لهم وليس من الهين عليهم ان يرجعوه من تلقاء انفسهم وهم في الوقت ذاته يشعرون بالغبن والحقد حين يأكل أو يسترجع احد الناس دينا له عليهم قد أستصعبوا وفاءة أو حين يأكل أحد الناس حقهم في دين أدانوه أياه.
حدثني صديقي انه كان ذات يوم في احد المجالس الريفية يستمع الى احاديث القوم وجرى بينهم حديث عن رجل منهم فاخذوا يمدحونه قائلين بانه رجل (سبع) يستطيع ان يأخذ حقه من غيره بالقوة بينما لايستطيع احد ان ياخذ منه الحق الواجب عليه.
يخيل لي ان العلاقة بين الدائن والمدين صارت تعد في الريف كالعلاقة بين الغالب والمغلوب في الصحراء حيث يختزي الرجل ان يكون مغلوبا ويفخر ان يكون غالبا ومن دواعي الرجولة في نظره ان يكون قويا في اخذ الدين الذي له وفي الامتناع عن اداء الذي عليه.
وقد لاحظت ان هذه الصفة قد انتقلت عن طريق العدوى الى بعض سكان المدينة لاسيما اولئك الذين هم من اصل ريفي او بدوي فتجد احدهم يبذل كثيرا من ماله على الولائم ومواطن الكرم المالوفة بينما هو يستصعب أداء الدين القليل الذي عليه وهو قد ينافس اقرانه في باب المقهى او المطعم ثم يخاصم الحمال والبقال على فلسين استحقا عليه.

دافع الربح والأخلاق:

أشار الدكتور عقراوي في كتابة العراق الحديث الى ان ما يعرف لدى الغربيين بدافع الربح قد صار يسيطر على اخلاق العشائر العراقية وقد أدى ذلك بهم الى تفسخ اخلاقهم حيث اخذوا يتعاطون الخداع والمواربة والكذب في سبيل الربح.
وفي رأيي ان هذا التفسخ الخلقي لم ينشأ فيهم بدافع الربح وحده إنما هو يرجع ايضا الى ما ورثوا من البداوة من احتقار للمهنة والعمل البدوي .
المعروف في الريف العراقي ان كثيرا من ابناء العشائر يستنكفون من القيام بكل عمل يؤدي بهم الى البيع والشراء فهم يمتنعون عن زراعة الخضر او تربية الجاموس او صيد السمك بالشبكة انهم يعلمون بأن هذه الاعمال تؤدي بهم الى امتهان البقالة والبقال بينهم محتقر غاية الاحتقار اذ هو في نظرهم ناقص الرجولة وهم لذلك لايجالسونه ولايزوجونه من بناتهم او يتزوجون من بناته.
رأيت ذات مرة في إحدى القرى العراقية رجلا من ابناء العشائر يحمل شئيا من الخضر ( الخضروات) ليبيعه في القرية فأخذ الناس يسخرون منه ويطلقون عليه لقب ( خنيث ) ولم يجد الرجل مناصا من الهرب تجنبا للعار وقد سأل الدكتور شاكر سليم احد الوجهاء في قرية الجبايش عن السبب الذي جعلهم يحتقرون زراعة الخضر فقال بما معناه : إن هذا الرجل يحمل بضاعته بين الناس من اجل بيعها وهذا عيب !
وهم يحتقرون الحائك كما يحتقرون البقال سئل احدهم عن سر احتقارهم للحياكة فاجاب بأن الحياكة منذ قديم الزمان سرقوا اقراط الحسين وشهدوا على مريم العذراء زورا وبهتانا.
أرجح الظن ان الحاكة لم يفعلوا هذا ولا ذاك ولكن كل ما فعلوه انهم عاشوا بين قوم يكرهون العمل اليدوي والمهنة التجارية بشتى انواعها.
وهنا نقف قليلا لنتسائل عن هذه القيم كيف تستطيع ان تصمد ازاء الظروف الحضرية الجديدة التي أخذت تسود الريف العراقي شيئا فشيئا ؟ وهل يستطيع ابناء العشائر ان يمتنعوا عن احتراف التجارة او الأعمال اليدوية في الوقت الذي امسوا فيه في ضيق اقتصادي قاهر ؟
نحن لا ننكر ان كثيرا من اهل الريف ظلموا متمسكين بقيمهم القديمة على الرغم مما يعانون من فقر وحرمان وتراهم يصبرون على الضيق ويقاسون شظف العيش دون ان يتنازلوا الى تعاطي المهن المحتقرة في نظرهم ولكن هؤلاء بدأوا يقلون شيئا فشيئا بتأثير الظروف الحضرية التي أخذت تحيط بهم وتضيق عليهم الخناق.
إن الانسان بوجه عام يحب ان يكون محترما بين قومه وهو يفضل ان يكون فقيرا محترما على ان يكون غنيا محتقرا ولكن هذا له حد يقف عنده والحاجة الاقتصادية قد تدفع الانسان احيانا الى تحطيم القيود والسدود وقد حدث هذا فعلا بين اهل الريف العراقي فصاروا يستهينون بقيمهم القديمة تدريجا وشرعوا يحترفون الاعمال المربحه على الرغم من حقارتها الاجتماعية بعبارة اخرى أنهم صاروا يفضلون المال على الجاه وهذا يؤدي بطبيعته الى شيوع شيء من الاستهتار الخلقي فيهم كما لايخفى.
يقال في علم النفس ان الانسان اذا اجترا أو تجرأ على اقتراف الحرام مرة سهل عليه ان يقترفه مرة ثانية وثالثة وهذا هو ما يجري عند بعض اهل الريف لا سيما اولئك الذين اخذوا في الاونة الاخيرة يهاجرون الى المدن وهم اليوم كثيرون .
لقد تذوق هؤلاء طعم الحرام ووجدوا فيه لذة واقصد بالحرام الخروج على القيم الموروثة وكل ربح يجنونه من ذلك يدفعهم للتمادي فيه حتى ينتهي بهم المطاف اخيرا الى قلة المبالاة بجميع القيم القديمة منها والجديدة وقد يصدق عليهم قول القائل : انهم ضيعوا المشيتين !
لقد اخذ دافع الربح يسيطر على سلوكهم ولكنهم يفهمونه على خلاف ما يفهمه التاجر في البلاد المتمدنة فالتاجر المتمدن يقيم تجارته على اساس ارضاء الزبون وهو يسير في ذلك على المبدا القائل: ( الزبون على حق دائما ) اذ هو يدرك ان نجاح تجارته مستمده من رضا الزبائن عنه ومن حسن سمعته بينهم.
أما عند أصحابنا فدافع الربح يحفزهم الى غش الزبون واستغلاله دون اهتمام بما يأتي به الغد منه. إنهم ينظرون الى الزبون كما كان أجدادهم البدو ينظرون الى القرين المبارز ويجب ان لا ننسى ان الزبون قد يكون مثلهم في هذا الخلق ولهذا تتخذ المساومة بينهم وبينه صورة المبارزة والمصاولة حيث يحاول كل فريق ان يخرج من الصفقة غالبا ويتألم اذا خرج منها مغلوبا
والذي يتجول في الاسواق العراقية يجد هذه العبارة مكتوبة على بعض حوانيتها ( المباع غير مرجوع والدين ممنوع والعتب مرفوع والرزق على الله الكريم ! ) ولست ادري كيف يمكن ان يكون الله كريما على رجل لايبيع بالدين ولا يرجع ما يباع ثم لايقبل العتب علاوة على ذلك.
ان هذه العبارة تذكرنا بالمفهوم البدوي في أمر الرزق فالرزق ياتي من السماء ولا اهمية بعد ذلك ان يرضى الزبائن عنك او يغضبون وليس من النادر في الاسواق العراقية ان يقع الشجار بن البائع والمشتري فالبائع الغالب لايحب ان يتنازل عن ربح اكتسبه بسيف المساومة وكذلك لايحب المشتري المغلوب ان يظل مغلوبا وقد ينتهي الامر بينهما الى الصفعات واللكمات احيانا مع الاسف الشديد.
ولايقتصر اثر هذا الخلق على مجال البيع والشراء وحده بل يتعداه ايضا في بعض الاحيان الى مجال المهن اليدوية فأنت عندما تستاجر صاحب مهنة للقيام بعمل ما ثم تغفل عنه تراه قد تكاسل في عمله أو حاول الغش فيه والظاهر ان نزعة المغالبة التي ورثها من البداوة لا تتركه يعمل كما تقتيه مصلحته الدائمة ان يعمل وهو لايبالي بعدئذ ان يأتي بأغلظ الايمان ليبرهن لك انه كان في عمله امينا والله شاهد على ما يقول !

الضائع من اخلاق المدن:

كان حديثي يدور في معظمه حول الضائع من أخلاق الريف في العراق ومما تجدر الاشارة اليه ان اهل الريف هناك يؤلفون اكثرية السكان ومن الممكن القول ان حوالي الستين بالمئة من سكان العراق يعيشون في الريف او يتصلون به على وجه من الوجوه.
بقي علينا ان نتحدث عن الشائع من اخلاق اهل المدن وكي نفهم ذلك يجب ان نرجع بأبصارنا الى العهد العثماني وهو العهد الذي كان العراق رازحا تحت وطأته حتى الحرب العالمية الاولى ولا يزال الكثير من أهل العراق يعيشون فيه بذكراتهم وما ورثوا منه من قيم اجتماعية.
وموضوع البحث في أحوال المدن العراقية في العهد العثماني موضوع طويل معقد لا مجال الآن للأسهاب فيه يكفي هنا ان نقول بأن أهل المدن في تلك الأيام لم يكونوا مطمئنين الى مقدرة الحكومة على صيانة ارواحهم واموالهم فاضطروا من جراء ذلك الى اتخاذ نوع من التكتل القبلي فيما بينهم ليدرأوا به ويحموا انفسهم من شرور النهب والقتل اللذين كانا شائعين في ذلك العهد ومن هنا اصبحت كل محلة في المدينة كأنها قبيلة لها شيخها الخاص بها ونخوتها وتاريخها المملوء بمفاخر الرجوالة والبطولة.
ومر زمن على العراق كان القتال فيه ينشب بين محلات المدينة كما كان ينشب بين عشائر الريف او قبائل الصحراء واذا قتل من احدى المحلات شخص على يد احد من محلة اخرى قامت المحلة تطالب بثار هاو تتحكم فيه الى الخبراء في العرف العشائري.
وتحولت النخوة العشائرية في المدينة الى نخوة محلية فكان الناس ينادون ابن محلتهم (ابن طرفنا) والمفروض في الرجل ان يدافع عن ابن طرفه او يثأر له سواء كان ظالما او مظلوما.
وكانت التربية تؤكد على هذه النعرة المحلية في المدن فكان الاطفال يمارسون العصبية المحلية اثناء لهوهم في الازقة وأعظم لهو عندهم ان يحارب اطفال المحلة ( الفريج ) اطفال المحلات ( الفرجان ) الاخرى ويكاسروهم ويدور حديث الاطفال عادة حول البطولات التي كسبتها محلتهم تجاه غيرها ومن الصعب على طفل ان يذهب الى محلة اخرى من دون حماية اذ ليس من النادر ان يستضعفه الاطفال فيما بينهم وأيضا يشكلون عصابة يهاجمون بها البساتين ليسرقوا منها الفواكه وهم يجدون لذة كبيرة في السرق اذ هي تدل في نظرهم على البطولة وهم يحتقرون الطفل الذي لايسرق ولايعتدي فهو (مخنث) او (مكفخ) وقد يقع تحت وطأة الأقوياء منهم فيذلونه او يستغلونه او يلوطون به.


واذا كبر هؤلاء الأطفال وبلغوا مبلغ الرجال ظلوا ينظرون الى الحياة بمنظار القوة والضعف او بمنظار الرجولة والخنوثة وترى الناس عند ذاك يحترمون الرجل المعتدي الجبار الذي يسطو على البيوت ويسفك الدماء ويقضي وقتا طويلا في السجن !!!!!!!!!!!!!!!
وكان في كل محلة رجال جديرون بلقب البطولة والمحلة تعتز بهم وتعدهم من مستلزمات فخارها ازاء المحلات الاخرى والبطل سفاك للدماء وسفاح بالنسبة لأعدائه وأعداء محلته ولكن في الوقت ذاته من اكثر الناس شهامه بالنسبة لأصحابه وأبناء محلته ولايكاد يستنجد به احد حتى يسرع الى نجدته بعد ان يفتل شاربه طبعا.
أعرف رجلا مسنا من ابناء الجيل الماضي وطالما جلست اليه استمع الى ما يحدثني به عن ذكريات الايام الماضية انه ينظر الى شباب اليوم هؤلاء الشبان المائعين الذين يمرون امامه فيطلق الحسرة تلو الحسرة على تلك الايام المجيدة التي كان الرجل فيها رجلا بمعنى الكلمة وليس هو كرجال هذا الزمان الذين لا يستطيعون ان يذبحوا ويمشطوا شعرهم ثم يتغنجوا كالنساء.
انه يقول في اسف وحرقة ( الرجال ماتوا ) وهو يعني بالرجال اولئك الذي كانت قلوبهم عامرة بالنخوة والرجولة اذ هم لايسمعون صوت الاستغاثة من صديق لهم حتى يشهروا خناجرهم معه دون ان يسألوه عن السبب انهم كما قال الشاعر البدوي القديم:
يسالون اخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا

وروى لي صاحبي عن رجال ذلك الزمان ان جماعة منهم سطوا ذات ليلة على بيت واخذوا يجمعون منه الاواني وبعض الاثاث فأحست بهم ام البيت وهي خائفة فأيقظت ولدها قائلة له: قم ساعد خوالك على حمل ما سرقوا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وسمع رئيس اللصوص قولها فأمرهم ان يتركوا السرقة من هذه المرأة لأنهم صاروا اخواتها واخوال ولدها وليس من الجائز في شرعة الرجولة والفروسية ان ينهب الرجل اخته وابناء اخته.
تلك هي اخلاق الرجال في تلك الايام وها هو ما قاله لي صاحبي في تمجيد الرجال الماضين انه يذكر شهامتهم وينسى انهم لصوص ولعله يرى اللصوصية من مفاخرهم ايضا اذ هي تدل على الشجاعة وشدة البأس وبالعكس الجبان هو الذي لا يستطيع ان يسرق او يسطو على البيوت

الاخلاق في وضعها الاخير:

ذلك ما كان عليه وضع الاخلاق في المدن العراقية قبل الحرب العالمية الاولى يوم كان العراق رازخا تحت وطأة الحكم العثماني ولست انكر ان هذا الوضع بدأ يتغير بتأثير الظروف الجديدة ولكن الذي يجب ان اعترف به ايضا ان بقية أو بعض من القيم القديمة لا تزال مشهودة هنا وهناك لا سيما في المناطق التي لم تتأثر بالظروف الجديدة تأثرا كبيرا وهذا امر ليس من السهل غض النظر عنه والقيم الاجتماعية بوجه عام لا يمكن ان تزول من قلوب الناس فجأة انها متغلغلة في اعماق اللاشعور وهي تصر على الصمود هناك زمنا طويلا حيث تؤثر في توجيه السلوك على الرغم من تبدل الظروف الملائمة لها. والذي يتجول اليوم في المحلات القديمة من المدن العراقية يجد الناس لايزالون يتفاخرون ويتنابزون على نمط ما اعتادوا عليه في زمن مضى ولا تزال المقاهي عامرة بروادها وهم يتحدثون عن السبع والمخنث وعن الغالب والمغلوب بشكل لا يختلف في اساسه عن حديث اهل البادية
ونراهم يتمسكون بعقيدتهم الدينية تمسكا شديدا ويقدسون الانبياء والاولياء تقديسا لا حد له وهم قد يعتدون على من يشك في صحة عقيدتهم او يستهين بالانبياء والاولياء ولكنهم في الوقت ذاته لايحترمون من يقتدي في اخلاقه بسيرة الانبياء والاولياء ولو فرضنا ان رجلا منهم اراد ان يلتزم بتعاليم الانبياء فيرد الاذى بالعفو والسيئة بالحسنة لعدوا ذلك منه خنوثة وضعفا ورمقوه بنظرات الاحتقار
والعجيب فيهم عندما يتحدثون عن الدين تجد احدهم يظهر الخشوع والتقوى ويذرف الدموع حين يحدثه أحد الواعظون عن مخافة الله ولكنه لا يكاد يجتمع الى اقرانه حتى يأخذ بالحديث عن غزواته وفتكاته وكيف غلب فلانا او خدع فلانا او (كسر) عين فلان وهو يضحك عند ذلك بملء شدقية فخارا.
فهؤلاء لا يسألون عن الفائدة العملية التي يجنيها الرجل مما فعل المهم عندهم ان يكون الغالب على اية صورة فذلك في نظرهم من معالم الرجولة فيه وتتضح هذه النزعة فيهم في مسألة الانحراف الجنسي فقد شهدنا في الغرب ان الناس هناك يعاملون المنحرف جنسيا بشيء من العطف باعتباره مريضا يحتاج الى علاج وهم لايفرقون في ذلك بين المنحرف السلبي او المنحرف الايجابي والمعروف في بعض الامم الراقية انهم يستنكرون الانحراف الايجابي اكثر مما يستنكرون الانحراف السلبي حيث يعدون الاول منهم سببا والثاني نتيجة أي أن الأيجابي مجرم والسلبي ضحية.
اما عند اصحابنا فهم ينظرون في هذا الأمر على عكس ما ينظر اليه الغربيين أو غيرهم من الأمم الراقية فهم يحتقرون المنحرف السلبي كل الاحتقار بينما هم ينظرون الى المنحرف الايجابي بعين الاحترام أحيانا بسبب انه حسب مفاهيمهم غالب والويل كل الويل لمن كان في هذا المجال مغلوبا اذ يبقى في عرفهم (مكسور العين) تجاه غالبيتهم فلا يجرأ ان يرفع عينه عليهم امدا طويلا.
وهم ينظرون الى الزنى بمثل هذه النظرة المزدوجة فمن الفخار للرجل ان يكون زانيا بنساء غيره ومن العار عليه ان تكون احدى نسائه مزنيا بها ويقع عبء ذلك على المرأة في معظم الاحيان فقد ورث الناس من البادية امر احتقار المرأة وعادة قتلها عند الاشتباه بسلوكها ولكنهم تركوا ما كان عليه البدو من شهامة وعفة واباء ولهذا اصبح قتل المرأة في العراق ظاهرة اجتماعية تلفت النظر ولا يكاد يمر يوم دون ان تسمع عن رجل قتل احدى قريباته غسلا للعار ثم سلم الى الشرطة خنجره الملطخ بالدم
خلاصة الامر على اي حال ان الاخلاق في العراق لا تزال تحمل في ثناياها بعض قيم البداوة في احترام الغالب واحتقار المغلوب ولكنها قيم ممسوخة حيث خرجت من محيطها الاول وفقدت وظيفتها الاجتماعية انما بقيت توجه السلوك كالعقدة النفسية من غير ان يكون هدف لها يلائم محيطها الجديد.

ملاحظات ختامية:

يجب علي قبل ان اختم البحث ان اورد بعض الملاحظات التي أراها ضرورية له وهي اربع:

الملاحظة الاولى: كما قلت سابقا فقد حصرت الموضوع ضمن اطار الصراع بين البداوة والحضارة ومما يجدر ذكره ان هذا الاطار لا يستوعب جميع الضائع من الموارد الخلقية فهناك نواح اخرى منه لعلها اهم مما ذكرته ولكن مقصدي من هذا التركيز او الحصر هو لفت النظر الى ناحية وجدتها مهملة لدى كثير من اخواني الباحثين الاجتماعيين في البلاد العربية واتمنى ان تتاح الفرصة لي او لغيري فندرس الضائع من الاخلاق العربية من حيث صلتها بصراع الاديان والمبادىء او من حيث صلتها بالمدنية الغربية التي اخذت تتغلغل في العالم العربي وتؤثر في مختلف شؤونه الاجتماعية.

الملاحظة الثانية: ان بحثي هذا يمثل الجانب القائم من اخلاقنا ولعله لايخلو من مبالغة او غلو وعذري في ذلك اني مكلف من قبل هيئة الدراسات العربية ان ادرس الضائع من الموارد الخلقية فلو كنت مكلفا بدراسة غير الضائع منها لربما كان بحثي على غير هذا الذي رأيتم وهناك أيضا ناحية اخرى اود ان الفت انظاركم اليها هي ان زمن الغرور القومي قد ولى وحل محله زمان الفحص عن الادواء الاجتماعية والتحري عن الحقائق مهما كانت مرة ومن الضار بنا ان نبقى نمدح انفسنا ونعد قومنا خير الاقوام واخلاقنا احسن الاخلاق وحين نشاهد ما يكتبه الباحثون الغربيون عن معائب ( عيوب ) مجتمعهم والضائع من اخلاقهم لوجدناهم يأتون منها بأفظع مما جئت به والمجتمع الذي ينكر وجود مرض فيه هو كالمسلول الذي ينخر المرض في رئته وهو يأبى ان يستمع الى ما ينصحه به الطبيب

الملاحظة الثالثة: اني ركزت بحثي في المجتمع العراقي وحده واخشى ان يغضب مني اخواني اهل العراق ويخيل لي ان بعضهم سيسمعون بخبر هذه المحاضرة فيقولون عني ان تعمدت فضح العراق امام البلاد الاخرى وليس من العسير ان اتصور احدهم يقول لي ( لقد فضحتنا يا اخي ) فالواقع أيها الأخوة والأخوات اني اعتز بالعراق واتشرف بأنتسابي اليه ولكني مع ذلك اتبع في بحوثي المبدأ الصوفي القائل ( اللهم افضحنا ولا تسترنا ) وغاية أملي ان يسير الباحثون الاجتماعيون في البلاد العربية الاخرى على هذا المبدأ فيعمدا الى فضح قومهم امام الناس دون حياء ولا حياء في العلم ولست اشك اننا لو درسنا احوال البلاد العربية الاخرى لوجدنا فيها من الفضائح والادواء الاجتماعية ما لا يقل عن تلك التي شهدناها في العراق على وجه من الوجوه

الملاحظة الرابعة: اني خصصت بحثي في وصف الداء دون ان اصف الدواء وفي رأيي اننا ما دمنا قد عرفنا على وجه التقريب الأسباب التي ادت الى ظهور الداء فمن مسؤولية الحكومة في هذا الصدد أو ان الدواء يقع على عاتقها ( عاتق الحكومة ) اذ هي تستطيع ان تضع الخطة الرصينة التي تجعل الناس ينسون تراثهم البدوي وينهمكون في اقتباس القيم الجديدة التي تقوم عليها الحضارة العالمية.

للحديث بقية

أبن السواحل
12-14-2009, 12:25 PM
تكملة الحديث

فالحكومة تستطيع مثلا ان تقضي على الاقطاع في الريف وتنشر فيه الملكية الصغيرة وتمنع عنه اذى المرابين عن طريق الجمعيات التعاونية والتسليف الزراعي بحيث تجعل الفرد الريفي يحس بأن نزعة الاستحواذ والغلبة التي ورثها من الماضي لا تجديه في الحياة الملائمة شيئا وان الاهتمام بالانتاج واكتساب الاخلاق الملائمة له السبيل الوحيد الذي يؤدي به الى النجاح والكرامة.
يحدثنا الاستاذ حليم نجار في كتابه ( تراثنا الاجتماعي واثره في الزراعة ) عن قرية صغيرة قرب معرة النعمان في سوريا ان الفلاحين فيها يملكون الارض ويستغلونها لأنفسهم أي ان الملكية الصغيرة شائعة فيها بينما القرى المجاورة لها تعيش تحت نظام الاقطاع يقول الاستاذ نجار ان اخلاق تلك القرية تستلفت النظر حيث يتصف اهلها بعزة النفس وكرم الخلق وصدق المعاملة بالاضافة الى النشاط والمثابرة والطموح اما سكان القرى المجاورة الذين لايختلفون في دينهم أو علمهم أو جنسهم عن اهل تلك القرية فأخلاقهم تناقض تلك التي ذكرناها

مسك الختام:

أننا لا نستطيع اصلاح اخلاق الناس عن طريق المواعظ والنصائح على منوال ما كان يفعل القدماء لأن الاخلاق وليدة الظروف الاجتماعية التي تحيط بها وما لم تتغير تلك الظروف فاننا لا نأمل ان تتغير تلك الأخلاق كما كنا نتمنى أن تتغير للأفضل وبهذا يصدق قول القائل ( غير معيشة المرء تتغير اخلاقه )

أنتهى الحديث

أتمنى من جميع الأخوة والأخوات قراءة هذا المقال المهم القيم ثم مناقشته فمن هذا الموضوع سنستفيد جميعا وفي النهاية مصلحة عربنا عرب السواحل والجزر تقتضي علينا القراءة ثم التدبر ثم معرفة الأسباب وربطها مع بعضها البعض لكي تتضح عندنا الصورة ثم يأتي العلاج ولكن يجب عليكم القراءة بتأني ثم القياس وستعرفون أن ما يواجهه المجتمع العراقي هو ما سبب أنهياره ونحن في بقية دول الخليج نواجه نفس الموضوع خصوصا أهلنا على الساحل وشخصيتهم العربية هي التي أثرت على مستقبلهم في تلك المنطقة وثقوا بأن عندما يتصلح المجتمع العربي سيتصلح معه حال العرب

الربط يا جماعة نناشدكم بالبربط ( فحال العراق ينطبق على حال عرب الساحل وأيضا على حال بقية دول الخليج ) ولتعرفوا أيضا أن سبب ما يواجهه عراق الماضي أو عراق اليوم من قتل وتشريد وأضطهاد وتدخلات غير العراقيين في شؤونهم وثورات وغيرها من أمور الضياع هي سبب تراكمات الظروف التي تولدت في المجتمع العراقي ولم تلقى علاجا لها رغم مناشدة بعض العلماء العراقيين ومن بينهم المرحوم البطل صاحب المقال الدكتور على الوردي

نتمنى من عرب الجزر والسواحل تدارك الموضوع لكي لا يضيعون كما ضاع غيرهم أو لكي لا يضيعون أكثر من هذا الضياع

نتمنى أن تصلكم فكرة الموضوع بطريقة واضحة لأننا نأمل أن تشرق شمس عرب الجزر والسواحل من جديد ولكن بدون ذلك الأسلوب الأستحواذي الذي أضاعهم فالمصلحة العامة فوق الجميع وذلك بتنمية وتطوير الشخصية العربية تلك الشخصية التي كونتها رمال الصحراء وأخذت تندثر محاسنها وفي نفس الوقت حافظت على مساوئها للأسف !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

أذا أردنا أن نصل الى ما نطمح اليه علينا قبل ذلك التعرف على شخصيتنا بمحاسنها ومساوئها وأسباب تغيرها وطريقة نشوئها ومساوئها ومحاسنها القديمة والتأثيرات التي أثرت بها لتتغير على مر الأزمان والمحيط المحيط بتلك الشخصية والضغوطات التي حورتها على مر الأيام الى أن نصل الى مساوئها الحالية بعدما أندثرت المحاسن ثم علاج مساوئها ومحاولة تطوير وتنمية المحاسن ولله الحمد فنحن لا زلنا نحتفظ بالكثير من محاسننا ولكن هذا لا يمنع من الوقوف على أرض الواقع ومواجهة التحديات أو الموضوعات التي لم تفتح في النقاش أو التي لم نعرها أهتمام في الماضي على الرغم أنها موضوعات جادة وحيوية ومهمة جدا وثقوا بأن لا حياء في العلم ولا تطوير بدون أنتقاد وتحليل ومعرفة الأسباب ثم نقاشها وعلاجها

على الأقل أو أضعف الأيمان ستستفيدون جدا من هذا المقال لأنه سيربط ويوضح لكم حقيقة كان الجميع غافلا عنها أو متناسيها فقراءة هذا الموضوع بحد ذاته فائدة كبيرة جدا وعلاج في نفس الوقت ومثلما يقول المثل أذا عرف السبب بطل العجب وبصراحة أنا أستفدت جدا من هذا المقال لأنه أوضح لي بعض الأمور التي لم أنتبه لها

تقبلوا تحياتي العطرة وأحترامي

أخوكم المخلص أبن السواحل

:105:

وليد جابر آل بوخلف
12-15-2009, 10:56 PM
اخوي ابن السواحل تسلم علي المقال و راح ارد علي الموضوع بعد مطالعه الموضوع باكمله ...

تقبل تحياي و راجع بعد المطالعه

احمداوي
12-16-2009, 07:09 PM
بارک الله فیک اخوی المقال

نتریا جدیدک


تحیاتی

أبن السواحل
12-18-2009, 04:40 PM
شكرا يا أخوان وفي أنتظار مداخلاتكم وتعليقكم على الموضوع

تحياتي لكم

الرحال
01-04-2010, 10:22 PM
اولاً اشكرك اخوى على هذا الموضوع القيم

انما الامم الاخلاق ما بقيت فان همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا

انا قرأت الموضوع قرائه سريعه وهوى موضوع جميل ويحمل في طياته الكثير من النقاط والمحاسن والسلبيات على هذي الشخصيه التي ذكرتها والتي هي نفس الشخصيه العربيه الساحليه الشرقيه للخليج العربي حيث انا كل كائن ومخلوق على وجه الارض يتكيف بمحيط بيئته التي يعيش فيها وتبنا شخصيته على حسب المكان فمثلاَ الصحراء لا تنبت قيها اشجار مثل التفاح والخوخ والعنب ولكن تنبت فيها الاشجار الشوكيه القاسيه فطبيعة الصحراء في شبه الجزيره العربيه والساحل الشرقي هي لها دور في تشكيل هذي الشخصيه الصعبه العنيده المتعصبه التي لا تريد ان تنحني في وجه العواصف لو ذلك يسبب لها كسر في اقوى اغصانها فهذي الشخصيه عانت معاناه لم تعانيها شخصيه اخرى فمحيط الذي يحيط بهذي الشخصيه قاسي واسبابه كثيره منها الفقر ويومذاك لم تجد اعمال وكسب العيش غير الغوص والرعي والزراعه والسلب والنهب وهي من اصعب المهن
ونأخذ كل مهنه على حده
مهنة الغوص وتأتي في موسم الصيف وفي شدة الحراره وتمتد لمدت ستة شهور ومنها الغوص المبكر والغوص الكبير وهذي المده يقضيها هذا الانسان في عرض البحر وزاده التمر والماء ولا توجد لديه وسيلة اتصال باهله ولا طبيب والغوص في قاع البحر اذا هذي المهنه اثرت في هذا الانسان حيث تعلم الصبر وتعلم المقاطعه اي الابتعاد عن الناس ورضى بازاد القليل
منها نستنتج
الصبر وتحمل المشقه
الرضى بلقليل
البتعاد عن الجماعه


مهنة الرعي والزراعه وهي مهنه يجوب صاحبها في الصحراء وراء العشب والماء وويحصل عليها أي على المكان نزاع وحروب بين جماعه وقبايل وصاحب الحلال لا تجد له مقر معين منها نستنتج ما يلي
عدم الاستقرار
مشقه وعناء وبحث
قتل وخصام وخلق اعداء



السلب والنهب هذي تعتبر مهنه عند البعض والذي يمارسها يعتبر نفسه قوي وشجاع ويفتخر بها ويتباها ونستنتج منها مايلي
القتل وخلق اعداء والبغضاء بين القبيله والاخرى
ونستنتج منها
تهجيراو رحيل القبيله الظعيفه لمكان اخر مثل ما حصل لهجرت القبايل العربيه للساحل الشرقي حيث تجد كل قبيله صار بينها وبين الاخرى خصام فهاجرت
الافراد التي لا تظمهم قبيله كبيره ينظمون لقبيله اقوى وترك قبيلتهم وينتج عنه ضياع النسب

التعليم
كان التعليم في ذلك الزمان يختصر على قرائة القران حيث تجد هذي الشخصيه متمسكه بالدين واللغه والمحافضه عليها
من ما سبق من امور احاطة بهذا الانسان مثل المهنه والاميه وطبيعة البيئه القاسيه من كل هذا ظهرت هذي الشخصيه التي تحمل صفات لا تحملها شخصيه اخرى في العالم
وترتب عليها عدم الوحده بين القبايل مثل ما حصل على امارات الساحل حيث كل قبيله على حده وكل حاكم يهمه نفسه وقبيلته
عدم تقبل الرأى والرأي الاخر وكثير من التفكك والحروب والنزاعات حصلت بفعل عدم قبول الرأي الاخر
العناد والعصبيه وحب النفس جعل الاخ يقتل اخيه والقبيله تتحد مع الاعداء للقضاء على القبيله الاخرى والامثله كثيره في هذا المجال على الساحل الشرقي فمنهم من تعاون مع الحكومه المركزيه ومنهم من تعاون مع العجم والخانات ونتج من هذا تفيكك وتشتيت وتهجير وضعف قبايل الساحل وانهيار اماراتهم ولو كان هذي الامور لم تحدث لكانت امارت الساحل اقوي اماره اليوم انا تحليلي عن هذي الشخصيه من الجانب السلبي هكذا والجانب الايجابي منها انها حافضة على مذهبها ودينها وعاداتها وتقليدها من مائات السنين وكثير من الامور الايجابيه الاخرى وللحديث بقيه عن هذي الشخصيه ان شالله تقبل تحياتي اخوى الكريم

بوفلاح
01-04-2010, 11:36 PM
بيض الله وجهك كفيت ووفيت الصراحه موضوع ممتاز
اتمنى من الاخوان قرآئة بتمعن لانه فيه معاني جميله
تحياتي

الخياط
01-08-2010, 11:30 AM
مسك الختام:

أننا لا نستطيع اصلاح اخلاق الناس عن طريق المواعظ والنصائح على منوال ما كان يفعل القدماء لأن الاخلاق وليدة الظروف الاجتماعية التي تحيط بها وما لم تتغير تلك الظروف فاننا لا نأمل ان تتغير تلك الأخلاق كما كنا نتمنى أن تتغير للأفضل وبهذا يصدق قول القائل ( غير معيشة المرء تتغير اخلاقه )

اخى ابن السواحل انا افتبست مسك ختام الموضوع لانة هو زبدة وجوهر الموضوع

ما بعث الله نبينا عليه افضل وازكى صلاة وسلام ..الا ليتمم مكارم الاخلاق ..
فمكارم الاخلاق ماء لاينضب معينه ..زينة وحلية لاتقدر بثمن ..تزيد بهاء في الوجه ..ونورا في القلب ..ووقارا واجلال ..اللهم ربنا كما حسنت خلقنا فحسن خلقنا..ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ..

تحياتى

الجمعة 22محرم 1431

أبن السواحل
01-08-2010, 12:46 PM
اولاً اشكرك اخوى على هذا الموضوع القيم

انما الامم الاخلاق ما بقيت فان همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا

انا قرأت الموضوع قرائه سريعه وهوى موضوع جميل ويحمل في طياته الكثير من النقاط والمحاسن والسلبيات على هذي الشخصيه التي ذكرتها والتي هي نفس الشخصيه العربيه الساحليه الشرقيه للخليج العربي حيث انا كل كائن ومخلوق على وجه الارض يتكيف بمحيط بيئته التي يعيش فيها وتبنا شخصيته على حسب المكان فمثلاَ الصحراء لا تنبت قيها اشجار مثل التفاح والخوخ والعنب ولكن تنبت فيها الاشجار الشوكيه القاسيه فطبيعة الصحراء في شبه الجزيره العربيه والساحل الشرقي هي لها دور في تشكيل هذي الشخصيه الصعبه العنيده المتعصبه التي لا تريد ان تنحني في وجه العواصف لو ذلك يسبب لها كسر في اقوى اغصانها فهذي الشخصيه عانت معاناه لم تعانيها شخصيه اخرى فمحيط الذي يحيط بهذي الشخصيه قاسي واسبابه كثيره منها الفقر ويومذاك لم تجد اعمال وكسب العيش غير الغوص والرعي والزراعه والسلب والنهب وهي من اصعب المهن
ونأخذ كل مهنه على حده
مهنة الغوص وتأتي في موسم الصيف وفي شدة الحراره وتمتد لمدت ستة شهور ومنها الغوص المبكر والغوص الكبير وهذي المده يقضيها هذا الانسان في عرض البحر وزاده التمر والماء ولا توجد لديه وسيلة اتصال باهله ولا طبيب والغوص في قاع البحر اذا هذي المهنه اثرت في هذا الانسان حيث تعلم الصبر وتعلم المقاطعه اي الابتعاد عن الناس ورضى بازاد القليل
منها نستنتج
الصبر وتحمل المشقه
الرضى بلقليل
البتعاد عن الجماعه


مهنة الرعي والزراعه وهي مهنه يجوب صاحبها في الصحراء وراء العشب والماء وويحصل عليها أي على المكان نزاع وحروب بين جماعه وقبايل وصاحب الحلال لا تجد له مقر معين منها نستنتج ما يلي
عدم الاستقرار
مشقه وعناء وبحث
قتل وخصام وخلق اعداء



السلب والنهب هذي تعتبر مهنه عند البعض والذي يمارسها يعتبر نفسه قوي وشجاع ويفتخر بها ويتباها ونستنتج منها مايلي
القتل وخلق اعداء والبغضاء بين القبيله والاخرى
ونستنتج منها
تهجيراو رحيل القبيله الظعيفه لمكان اخر مثل ما حصل لهجرت القبايل العربيه للساحل الشرقي حيث تجد كل قبيله صار بينها وبين الاخرى خصام فهاجرت
الافراد التي لا تظمهم قبيله كبيره ينظمون لقبيله اقوى وترك قبيلتهم وينتج عنه ضياع النسب

التعليم
كان التعليم في ذلك الزمان يختصر على قرائة القران حيث تجد هذي الشخصيه متمسكه بالدين واللغه والمحافضه عليها
من ما سبق من امور احاطة بهذا الانسان مثل المهنه والاميه وطبيعة البيئه القاسيه من كل هذا ظهرت هذي الشخصيه التي تحمل صفات لا تحملها شخصيه اخرى في العالم
وترتب عليها عدم الوحده بين القبايل مثل ما حصل على امارات الساحل حيث كل قبيله على حده وكل حاكم يهمه نفسه وقبيلته
عدم تقبل الرأى والرأي الاخر وكثير من التفكك والحروب والنزاعات حصلت بفعل عدم قبول الرأي الاخر
العناد والعصبيه وحب النفس جعل الاخ يقتل اخيه والقبيله تتحد مع الاعداء للقضاء على القبيله الاخرى والامثله كثيره في هذا المجال على الساحل الشرقي فمنهم من تعاون مع الحكومه المركزيه ومنهم من تعاون مع العجم والخانات ونتج من هذا تفيكك وتشتيت وتهجير وضعف قبايل الساحل وانهيار اماراتهم ولو كان هذي الامور لم تحدث لكانت امارت الساحل اقوي اماره اليوم انا تحليلي عن هذي الشخصيه من الجانب السلبي هكذا والجانب الايجابي منها انها حافضة على مذهبها ودينها وعاداتها وتقليدها من مائات السنين وكثير من الامور الايجابيه الاخرى وللحديث بقيه عن هذي الشخصيه ان شالله تقبل تحياتي اخوى الكريم

السلام عليكم

أخي الكريم الرحال بيض الله وجهك

جبتها من الأخر وكلام في الصميم ويعبر عن الواقع الذي ينطوي تحته عرب الجزر والسواحل فبسبب سلبيات تلك الشخصية والنزاعات أوصلت بهم الحال الى أن تتدمر أقوى الأمارات العربية في الخليج وبعدها يبتلعهم الفرس

ردك رائع أخي الكريم

أيها الأخوة أيجابيات الشخصية العربية كالكرم والجود والشهامة وغيرها من الأخلاق الحميدة لا تنفع أذا كانت الشخصية العربية شخصية لا تؤمن بالرأي وقاسية وتتقاتل فيما بينها فالرجاء من الجميع قراءة المقال كاملا بتمعن وتركيز وستعرفون المقصد فطمع وجشع شيوخ القبائل العربية على السواحل ونزاعهم مع بعضهم البعض هو الذي أدى بهم الى هذا الضياع عندما أستغل الفرس هذا الموضوع وأوقعوا بهم وبعدما ضعفوا أستطاع الفرس أن يبلعوا الساحل وغيرها الكثير من الأمور والأسباب التي أدت لفرقة العرب على السواحل والجزر والنزاع فيما بينهم فلو كان هناك بعض من العرب في ذلك الزمان ممن درسوا الشخصية العربية وحاولوا أصلاح حال العرب على السواحل وذلك بتثقيفهم لما حصل ما حصل وضاعت الأمارات العربية على السواحل الفارسية

أيها الأخوة والأخوات نحن ندرس التاريخ لكي نأخذ العبر ونصلح وضعنا الحالي لذلك أتمنى من الجميع قراءة الموضوع بتأني وتركيز ومعرفة الشخصية العربية ثم أيضا قراءة هذا التحليل الرائع من أخي الرحال

يا الربع يجب أن نتعلم من التاريخ ونصلح حالنا

أنتم جيل اليوم ولذلك يجب عليكم أن تصلحوا وتفهموا ولا تقعوا في نفس الخطأ الذي وقع به الأجداد فبالأتحاد والتماسك سنصل لأبعد الحدود

من يدري ربما بالأتحاد ووضع المصلحة فوق كل أعتبار نستطيع أرجاع ما ضيعة الأجداد أو أرجاع جزء منه ولكن بالتشتت سنضيع أكثر من هذا الضياع

شكرا لبقية الأخوة الأفاضل الذين شاركونا في الموضوع واثرونا بمداخلاتهم القيمة

تحياتي للجميع

وليد جابر آل بوخلف
02-02-2010, 09:42 PM
فعلاً موضوع قيم و فيه دروس و عبر كثيره

و نفس ما يقولون زبدة الموضوع و المقال انه الاخلاق وليدة الظروف الاجتماعية التي تحيط بها وما لم تتغير تلك الظروف فاننا لا نأمل ان تتغير تلك الأخلاق

فــاذا حاولنا نربط الموضوع بوضع اجدادنا و عرب الساحل بشكل عام ، فيرجعنا التاريخ لايام اللي الفرس و باقي القوات الصغيره في الخليج تعاقدوا مع المستعمر و المحتل من اجل الكرسي و المنصب و اجدادنا رفضوا الاحتلال مع انه كانوا يعلمون انه راح يكون على حساب اماراتهم و شعبهم ولاكن تمسكوا بالمثل السواحلي الشهير : ( اضرب بقصك ولو بعدها يضربونك ميئة بقص ) ، و هذا بسبب البيئه و الاخلاق الحاكمه انذالك انه يعتبرون الاحتلال ذل و عار و يفضلون الموت بكرامه افضل من الحياة بواسطه التعاقدات و المصالحه مع المحتلين .

انصح الاخوان بقرائت الموضوع باكمله و اختصر ردي بكلمه انه لو لا هالاخلاق لكنا حكام الخليج و اسياده،،،

تحياتي لك يا اسد الساحل

أبن السواحل
02-05-2010, 07:03 PM
فعلاً موضوع قيم و فيه دروس و عبر كثيره

و نفس ما يقولون زبدة الموضوع و المقال انه الاخلاق وليدة الظروف الاجتماعية التي تحيط بها وما لم تتغير تلك الظروف فاننا لا نأمل ان تتغير تلك الأخلاق

فــاذا حاولنا نربط الموضوع بوضع اجدادنا و عرب الساحل بشكل عام ، فيرجعنا التاريخ لايام اللي الفرس و باقي القوات الصغيره في الخليج تعاقدوا مع المستعمر و المحتل من اجل الكرسي و المنصب و اجدادنا رفضوا الاحتلال مع انه كانوا يعلمون انه راح يكون على حساب اماراتهم و شعبهم ولاكن تمسكوا بالمثل السواحلي الشهير : ( اضرب بقصك ولو بعدها يضربونك ميئة بقص ) ، و هذا بسبب البيئه و الاخلاق الحاكمه انذالك انه يعتبرون الاحتلال ذل و عار و يفضلون الموت بكرامه افضل من الحياة بواسطه التعاقدات و المصالحه مع المحتلين .

انصح الاخوان بقرائت الموضوع باكمله و اختصر ردي بكلمه انه لو لا هالاخلاق لكنا حكام الخليج و اسياده،،،

تحياتي لك يا اسد الساحل

شكرا يا أبن العم على قراءة الموضوع بالكامل وتعليقك الرائع والمفيد

مثلما تفضلت أخي الكريم فالمقال رائع وفعلا لولا هالاخلاق لكنا حكام الخليج واسيادة

الله كريم يا أخوي ستشرق الشمس في يوما من الأيام
تحياتي لك

أبن السواحل
07-16-2010, 02:27 AM
للرفع لتشرق الشمس

الرحال
08-22-2010, 02:42 AM
لتشرق شمس عرب الساحل والجزر

أبن السواحل
05-09-2011, 01:44 AM
الى الأمام دائما

عمر آل صالح
05-09-2011, 11:27 PM
موضوع جميل يستحق القراءه

أبن السواحل
05-23-2011, 02:52 AM
موضوع جميل يستحق القراءه

شكرا اخونا على المشاركة

دمتم بخير