بن هارون
09-06-2010, 06:45 AM
http://1.bp.blogspot.com/__Au69FzMRow/TII-MYHzdFI/AAAAAAAAAgY/gb5cnTniXHY/s1600/fight460.jpg
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء" ([1]) ومعنى بهيمة (جمعاء) أي مجتمعة الأعضاء سليمة من النقص لا يوجد فيها جدعاء وهي المقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، ومعناه أن البهيمة تلد البهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها، واعتقد بان لهذا الحديث ابعاد كثيرة منها الدينية والاجتماعية والتربويه والنفسيه ايضا، وجميعنا يعلم البعد الاول فقط وهو البعد الديني إن كل مولود يولد أساساً على توحيد الله تعالى ( الفطرة) ولكن هناك عوامل تؤدي به إلى الانحراف.
واذا ما علمنا بان التهويد و التنصير ... الخ، ما هي الا مفاهيم تبني اسلوب حياة اساسه (التحليه والتخليه)، بحيث يتحلى الانسان بمجموعة صفات ويتخلى عن مجموعه أخرى، فسوف نتيقن بان للحديث الشريف شبكة من الابعاد المجهوله التي تحتاج الى مزيد من التامل والاكتشاف.
أمي علمتني كل شيء:
اعتقد بان الانسان الخليجي كغيره من البشر في هذا العالم الكبير يتلقى ثلثي مفاهيم واسلوب حياته عن طريق (أمه)، ونظرا لقصور فهم وادارك نسبة كبيرة من الامهات باساليب التربية الحديثة التي تنمي لدى الفرد ملكة البحث وتقصي المعلومه فان الطفل ينشأ على نمط حياه عقيم وبليد وهو مبدأ (أمي علمتني كل شيء) و بما ان هذه الرسالة معنية بالمعرفة التاريخية التي تعرف بانها دراسة الماضي بالتركيز على الأنشطة الإنسانية وبالمضي حتى الوقت الحاضر، وكل ما يمكن تذكره من الماضي أو تم الحفاظ عليه بصورة ما يعد سجلا تاريخيا، لذا فان الطفل يتلقى التاريخ عن امه التي تعلم كل شيء، فيبدء بسؤال الام عن اسماء وتاريخ الاسلاف من جهة الاعمام و الاخوال، فتسهب الام في الحديث عن تاريخ محيطها الذي تعرفه جل المعرفة، ونتيجه لذلك تتكون صورة في ذهن الطفل بان تاريخ اسرتي معروف (أمي علمتني كل شيء) ثم ينتقل الطفل من الدائرة الاصغر عالم (امي وابي) الى دائرة أخرى اكبر فيستفسر عن اقارب الاقارب، وطبعا وفق قاعدة (أمي تعلم كل شيء)، فيحصل على معلومات تساعد في تكوين الصورة الذهنية، ثم تتسع الدائرة اكثر فيسأل الطفل عن اسماء الاصدقاء والزملاء وبالطبع، وفقا لقاعدة (امي تعلم كل شيء) فسوف يكون جواب الام لا اعلم عن هؤلاء شيء، فينطبع في مخيلة الطفل بان هؤلاء الناس لا يعرفون تاريخهم ولا يعرفون حتى ابسط الاشياء وهي اسماء اسلافهم، فأمي تعلم كل شيء وعلمتني كل شيء.
معلم "التاريخ" علمني كيف اكون مقاتلا:
وبعد ان يتخرج الطفل من مدرسة (أمي علمتني كل شيء) ينتقل الى المرحلة التالية (معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، فيبدء (الطفل /المراهق) في دراسة الكثير من الاحداث التاريخية المرتبطه بتاريخ الاسلام و المسلمين، ثم ينتقل الى التاريخ الحديث و المعاصر وهذه الفترة من التاريخ تعتبر الاكثر تاثيرا بالنسبة لاي انسان نظرا لكونها مرتبط بتاريخ الاسلاف او المرحلة الاولى (امي تعلم كل شيء)، وبالطبع المناهج الدراسية لا تركز على التاريخ الاقتصادي أوالثقافي أوالديني ... بل ان الجرعه الاكبر من المادة التاريخية تركز على التاريخ السياسي الحروب والمعارك والصراع والتنافس والتمرد، فتنتهي المرحلة الثانية (معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، وفي اعتقادي بان للمنهج التاريخي بالغ الاثر في تحديد نوع حراك المجتمع المستقبلي، فهناك فرق بين بناء الفكر الانساني ومعنى انسان وفقا للمعيار التاريخي سواء كان معيار التنافس معيارا (تاريخيا) دينيا او ثقافيا او علميا او سياسيا، ولتبسيط الفرق بين كل معيار اتركمم مع هذه النماذج من بعض النصوص التاريخية المختلفة:
اولا: نموذج التاريخ الديني و الثقافي
... ولد بمكة المكرمة عام 1305هـ في منزل علماء، فأبوه عالم ومحدث وجده عالم ومحدث، وكذا حال كثير من عائلته. والمترجم له يروي كثيراً من الكتب وخاصة الحديث عن أبيه عن جده. ونشأته كانت بمكة المكرمة حيث تعلم في حلقات العلم بالمسجد الحرام لدى كبار العلماء بالحرمين الشريفين وأخذ عنهم الحديث والتفسير والأصول وعلوم اللغة العربية، بالإضافة إلى دراسته في الأزهر الشريف،ثم رحل في طلب العلم الى المغرب وسوريا والعراق والهند وباكستان، واستفاد كثيراً من هذه الرحلات من اطلاع على علم وقراءات وأحاديث جليلة واطلاع على آراء متنوعة من كل المذاهب ومن جمع للمخطوطات ولقاء الرجال ومعرفة الآثار وزيارة المشاهد وكتابة الفوائد... انتهى
ثانيا: نموذج التاريخ السياسي
... فقد بقي لهم عدو في قطر هو إبراهيم بن عفيصان الذي تحالف مع رحمة بن جابر الجلاهمة الذي كان ذا قوة وشجاعة فائقة كما كان يحظى بتقدير عال من قومه ولم يخضع من قبل لآل خليفة، وعندما نزل عليه ابن عفيصان زاده طمعاً في الاستيلاء على قطر والبحرين واغتصاب الملك من آل خليفة، ولم تكن أطماع رحمة بن جابر خافية على آل خليفة فما كان منهم إلاّ أن أبحروا بسفنهم من البحرين إلى قطر للقضاء عليه مع ابن عفيصان قبل أن يستفحل خطرهما، فلقي رحمة وحليفه ابن عفيصان هزيمة منكرة على يد آل خليفة لكنها لم تقض على خطرهما تماماً، حاول رحمة بن جابر الاستيلاء على البحرين مرة أخرى فدخل القطيف في سفينته غطروشة فتصدى له عبد الله بنفسه وتمكن من القضاء عليه، وتعرف هذه الواقعة في تاريخ البحرين باسم ذبحة رحمة الجلاهمة... انتهى
من خلال النموذج الاول والثاني يستطيع اي انسان فطن التنبئ بسلوك المدرسة الاولى الاجتماعي و سلوك المدرسة الثانية، واي المدرستين تخدم الامة والمجتمع اكثر، واتمنى ان نقارن بين مناهجنا السقيمه ومناهج الامم المتقدمه فالتاريخ لدينا تاريخ اناني يبني شريحة من افراد المجتمع، واما تاريخهم فتاريخ متسامح يبني الجماعه والامه والحضارة.
سلوك الفرد وعلاقته بالصورة الذهنية:
بعد ان تنتهي مرحلة الاعداد التربويه التي تحدثنا عنها سابقا والقاصرة في نظري، ننتقل الى مرحلة التطبيق على ارض الواقع، سيعتقد الانسان الذي وجد تطابق ما لديه بين مفايهم المدرسة الأولى (امي تعلم كل شيء) والمدرسة الثانية (معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، بان لديه الحق المكتسب في تهميش و استحقار الناس الذين لم يرد ذكرهم في مدرسة (امي ومعلمي)، وانا اعتقد بان اي انسان سيحاول استعراض مرحلة طفولته و مرحلة مراهقته في ذاكرته، سيجد بان ما تحدثنا عنه حقيقة، وسيلاحظ بان السلوك الاجتماعي المعوج هو نتيجه تطابق هذه المدرستين (امي ومعلمي)، فنحن فعلا بدانا نرصد حالات الشذوذ السلوكي لدى الافراد بشكل واسع، حتى اصبح المجتمع مقسم الى "الساده العبيد" و "العبيد الساده" والجميع تحت التجربه.
ردة فعل المجتمع وتبدل سلوكه:
الشريحه الاعظم من افراد المجتمع تخرجوا من المرحلة الاولى (امي تعلم كل شيء) ولكن لم تتطابق مفاهيم المدرسة الاولى و الثانية (معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، ونتيجة لذلك فضلوا اتخاذ الحياد ومحاولة المعيشه بسلام مع الاخرين، ولكن خريج مدرسة (امي تعلم كل شيء) و(معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، بدء يتصرف بسلوك اجتماعي عدائي واقصائي منحرف فهو مؤمن بان "امه تعلم كل شيء" وبان "معلمه علمه كيف يكون مقاتلا"، ونتيجه لهذا السلوك الاجتماعي المنحرف اندفعت بقية شرائح المجتمع بهدف دفع الظلم عنها بالتوفيق بين (امي تعلم كل شيء) و (كيف اصبح مقاتلا)، ومع العلم بانه كان من المفترض على المناهج التعليميه والسلطه دفع افراد المجتمع جميعا دون استثناء الى نموذج (امي علمتني ان ابحث عن المعرفه) و (كيف اصبح مثقفا او مفكرا او انسانا) ولكن هذا هو واقع الامر، وكفى بقصة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه واعظاً، حيث يذكر في الاثر بانه وعندما تسلم "عمر" خلافة المسلمين ولى "عمرو بن العاص" رضي الله عنه على مصر وفي يوم من الايام أتى مصري من الاقباط الى عمر رضي الله عنه يشتكي يقول:
انا مظلوم يا أمير المؤمنين
قال له وماهي مظلمتك...؟؟؟
قال سابقت محمد بن عمرو بن العاص والي مصر
فسبقته بـــ فرسي
فنزل علي أمام الناس فضربني وقال لي تسبقني وانا ابن الاكرمين
فقال عمر رضي الله عنه علي بالدرة
فذهب الى محمد ابن عمروا فمسكه وضربه ضربا امام ابيه
وذهب الى ابيه عمرو بن العاص فلمس صلعته وقال له
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ...؟؟؟
جميع افراد المجتمع أحرار ونبلاء:
ونتيجة للظلم والسلوك المعوج، انصب اهتمام شريحه كبيرة من شرائح المجتمع على مراجعة التاريخ وتقليب صفحاته، بحثا عن التاريخ المكمل (لامي تعلم كل شيئ) اعني الروايات الشخصية لكل اسرة وتتبع التاريخ فتكشفت لهم حقائق واحداث واخطاء تاريخية عظيمه درست ولا تزال تدرس، فتيقن الكثير بان التاريخ في حقيقته هو الحياة والحياة عاش فيها جميع الاسلاف وان كان فيها صراع وقتال فالجميع اشترك به، ان ما يجعل الساده عبيد والعبيد ساده هو الهوى، والايام متغيرة ... وتلك الايام نداولها بين الناس، ولكن هل نتنبه جميعا لهذا الخلل فنصلحه؟ ام ان الحبل ترك على الغارب؟.
[1] . ورواه مسلم والترمذي.
بقلم جلال بن خالد الهارون الأنصاري
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء" ([1]) ومعنى بهيمة (جمعاء) أي مجتمعة الأعضاء سليمة من النقص لا يوجد فيها جدعاء وهي المقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، ومعناه أن البهيمة تلد البهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها، واعتقد بان لهذا الحديث ابعاد كثيرة منها الدينية والاجتماعية والتربويه والنفسيه ايضا، وجميعنا يعلم البعد الاول فقط وهو البعد الديني إن كل مولود يولد أساساً على توحيد الله تعالى ( الفطرة) ولكن هناك عوامل تؤدي به إلى الانحراف.
واذا ما علمنا بان التهويد و التنصير ... الخ، ما هي الا مفاهيم تبني اسلوب حياة اساسه (التحليه والتخليه)، بحيث يتحلى الانسان بمجموعة صفات ويتخلى عن مجموعه أخرى، فسوف نتيقن بان للحديث الشريف شبكة من الابعاد المجهوله التي تحتاج الى مزيد من التامل والاكتشاف.
أمي علمتني كل شيء:
اعتقد بان الانسان الخليجي كغيره من البشر في هذا العالم الكبير يتلقى ثلثي مفاهيم واسلوب حياته عن طريق (أمه)، ونظرا لقصور فهم وادارك نسبة كبيرة من الامهات باساليب التربية الحديثة التي تنمي لدى الفرد ملكة البحث وتقصي المعلومه فان الطفل ينشأ على نمط حياه عقيم وبليد وهو مبدأ (أمي علمتني كل شيء) و بما ان هذه الرسالة معنية بالمعرفة التاريخية التي تعرف بانها دراسة الماضي بالتركيز على الأنشطة الإنسانية وبالمضي حتى الوقت الحاضر، وكل ما يمكن تذكره من الماضي أو تم الحفاظ عليه بصورة ما يعد سجلا تاريخيا، لذا فان الطفل يتلقى التاريخ عن امه التي تعلم كل شيء، فيبدء بسؤال الام عن اسماء وتاريخ الاسلاف من جهة الاعمام و الاخوال، فتسهب الام في الحديث عن تاريخ محيطها الذي تعرفه جل المعرفة، ونتيجه لذلك تتكون صورة في ذهن الطفل بان تاريخ اسرتي معروف (أمي علمتني كل شيء) ثم ينتقل الطفل من الدائرة الاصغر عالم (امي وابي) الى دائرة أخرى اكبر فيستفسر عن اقارب الاقارب، وطبعا وفق قاعدة (أمي تعلم كل شيء)، فيحصل على معلومات تساعد في تكوين الصورة الذهنية، ثم تتسع الدائرة اكثر فيسأل الطفل عن اسماء الاصدقاء والزملاء وبالطبع، وفقا لقاعدة (امي تعلم كل شيء) فسوف يكون جواب الام لا اعلم عن هؤلاء شيء، فينطبع في مخيلة الطفل بان هؤلاء الناس لا يعرفون تاريخهم ولا يعرفون حتى ابسط الاشياء وهي اسماء اسلافهم، فأمي تعلم كل شيء وعلمتني كل شيء.
معلم "التاريخ" علمني كيف اكون مقاتلا:
وبعد ان يتخرج الطفل من مدرسة (أمي علمتني كل شيء) ينتقل الى المرحلة التالية (معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، فيبدء (الطفل /المراهق) في دراسة الكثير من الاحداث التاريخية المرتبطه بتاريخ الاسلام و المسلمين، ثم ينتقل الى التاريخ الحديث و المعاصر وهذه الفترة من التاريخ تعتبر الاكثر تاثيرا بالنسبة لاي انسان نظرا لكونها مرتبط بتاريخ الاسلاف او المرحلة الاولى (امي تعلم كل شيء)، وبالطبع المناهج الدراسية لا تركز على التاريخ الاقتصادي أوالثقافي أوالديني ... بل ان الجرعه الاكبر من المادة التاريخية تركز على التاريخ السياسي الحروب والمعارك والصراع والتنافس والتمرد، فتنتهي المرحلة الثانية (معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، وفي اعتقادي بان للمنهج التاريخي بالغ الاثر في تحديد نوع حراك المجتمع المستقبلي، فهناك فرق بين بناء الفكر الانساني ومعنى انسان وفقا للمعيار التاريخي سواء كان معيار التنافس معيارا (تاريخيا) دينيا او ثقافيا او علميا او سياسيا، ولتبسيط الفرق بين كل معيار اتركمم مع هذه النماذج من بعض النصوص التاريخية المختلفة:
اولا: نموذج التاريخ الديني و الثقافي
... ولد بمكة المكرمة عام 1305هـ في منزل علماء، فأبوه عالم ومحدث وجده عالم ومحدث، وكذا حال كثير من عائلته. والمترجم له يروي كثيراً من الكتب وخاصة الحديث عن أبيه عن جده. ونشأته كانت بمكة المكرمة حيث تعلم في حلقات العلم بالمسجد الحرام لدى كبار العلماء بالحرمين الشريفين وأخذ عنهم الحديث والتفسير والأصول وعلوم اللغة العربية، بالإضافة إلى دراسته في الأزهر الشريف،ثم رحل في طلب العلم الى المغرب وسوريا والعراق والهند وباكستان، واستفاد كثيراً من هذه الرحلات من اطلاع على علم وقراءات وأحاديث جليلة واطلاع على آراء متنوعة من كل المذاهب ومن جمع للمخطوطات ولقاء الرجال ومعرفة الآثار وزيارة المشاهد وكتابة الفوائد... انتهى
ثانيا: نموذج التاريخ السياسي
... فقد بقي لهم عدو في قطر هو إبراهيم بن عفيصان الذي تحالف مع رحمة بن جابر الجلاهمة الذي كان ذا قوة وشجاعة فائقة كما كان يحظى بتقدير عال من قومه ولم يخضع من قبل لآل خليفة، وعندما نزل عليه ابن عفيصان زاده طمعاً في الاستيلاء على قطر والبحرين واغتصاب الملك من آل خليفة، ولم تكن أطماع رحمة بن جابر خافية على آل خليفة فما كان منهم إلاّ أن أبحروا بسفنهم من البحرين إلى قطر للقضاء عليه مع ابن عفيصان قبل أن يستفحل خطرهما، فلقي رحمة وحليفه ابن عفيصان هزيمة منكرة على يد آل خليفة لكنها لم تقض على خطرهما تماماً، حاول رحمة بن جابر الاستيلاء على البحرين مرة أخرى فدخل القطيف في سفينته غطروشة فتصدى له عبد الله بنفسه وتمكن من القضاء عليه، وتعرف هذه الواقعة في تاريخ البحرين باسم ذبحة رحمة الجلاهمة... انتهى
من خلال النموذج الاول والثاني يستطيع اي انسان فطن التنبئ بسلوك المدرسة الاولى الاجتماعي و سلوك المدرسة الثانية، واي المدرستين تخدم الامة والمجتمع اكثر، واتمنى ان نقارن بين مناهجنا السقيمه ومناهج الامم المتقدمه فالتاريخ لدينا تاريخ اناني يبني شريحة من افراد المجتمع، واما تاريخهم فتاريخ متسامح يبني الجماعه والامه والحضارة.
سلوك الفرد وعلاقته بالصورة الذهنية:
بعد ان تنتهي مرحلة الاعداد التربويه التي تحدثنا عنها سابقا والقاصرة في نظري، ننتقل الى مرحلة التطبيق على ارض الواقع، سيعتقد الانسان الذي وجد تطابق ما لديه بين مفايهم المدرسة الأولى (امي تعلم كل شيء) والمدرسة الثانية (معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، بان لديه الحق المكتسب في تهميش و استحقار الناس الذين لم يرد ذكرهم في مدرسة (امي ومعلمي)، وانا اعتقد بان اي انسان سيحاول استعراض مرحلة طفولته و مرحلة مراهقته في ذاكرته، سيجد بان ما تحدثنا عنه حقيقة، وسيلاحظ بان السلوك الاجتماعي المعوج هو نتيجه تطابق هذه المدرستين (امي ومعلمي)، فنحن فعلا بدانا نرصد حالات الشذوذ السلوكي لدى الافراد بشكل واسع، حتى اصبح المجتمع مقسم الى "الساده العبيد" و "العبيد الساده" والجميع تحت التجربه.
ردة فعل المجتمع وتبدل سلوكه:
الشريحه الاعظم من افراد المجتمع تخرجوا من المرحلة الاولى (امي تعلم كل شيء) ولكن لم تتطابق مفاهيم المدرسة الاولى و الثانية (معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، ونتيجة لذلك فضلوا اتخاذ الحياد ومحاولة المعيشه بسلام مع الاخرين، ولكن خريج مدرسة (امي تعلم كل شيء) و(معلمي علمني كيف اكون مقاتلا)، بدء يتصرف بسلوك اجتماعي عدائي واقصائي منحرف فهو مؤمن بان "امه تعلم كل شيء" وبان "معلمه علمه كيف يكون مقاتلا"، ونتيجه لهذا السلوك الاجتماعي المنحرف اندفعت بقية شرائح المجتمع بهدف دفع الظلم عنها بالتوفيق بين (امي تعلم كل شيء) و (كيف اصبح مقاتلا)، ومع العلم بانه كان من المفترض على المناهج التعليميه والسلطه دفع افراد المجتمع جميعا دون استثناء الى نموذج (امي علمتني ان ابحث عن المعرفه) و (كيف اصبح مثقفا او مفكرا او انسانا) ولكن هذا هو واقع الامر، وكفى بقصة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه واعظاً، حيث يذكر في الاثر بانه وعندما تسلم "عمر" خلافة المسلمين ولى "عمرو بن العاص" رضي الله عنه على مصر وفي يوم من الايام أتى مصري من الاقباط الى عمر رضي الله عنه يشتكي يقول:
انا مظلوم يا أمير المؤمنين
قال له وماهي مظلمتك...؟؟؟
قال سابقت محمد بن عمرو بن العاص والي مصر
فسبقته بـــ فرسي
فنزل علي أمام الناس فضربني وقال لي تسبقني وانا ابن الاكرمين
فقال عمر رضي الله عنه علي بالدرة
فذهب الى محمد ابن عمروا فمسكه وضربه ضربا امام ابيه
وذهب الى ابيه عمرو بن العاص فلمس صلعته وقال له
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ...؟؟؟
جميع افراد المجتمع أحرار ونبلاء:
ونتيجة للظلم والسلوك المعوج، انصب اهتمام شريحه كبيرة من شرائح المجتمع على مراجعة التاريخ وتقليب صفحاته، بحثا عن التاريخ المكمل (لامي تعلم كل شيئ) اعني الروايات الشخصية لكل اسرة وتتبع التاريخ فتكشفت لهم حقائق واحداث واخطاء تاريخية عظيمه درست ولا تزال تدرس، فتيقن الكثير بان التاريخ في حقيقته هو الحياة والحياة عاش فيها جميع الاسلاف وان كان فيها صراع وقتال فالجميع اشترك به، ان ما يجعل الساده عبيد والعبيد ساده هو الهوى، والايام متغيرة ... وتلك الايام نداولها بين الناس، ولكن هل نتنبه جميعا لهذا الخلل فنصلحه؟ ام ان الحبل ترك على الغارب؟.
[1] . ورواه مسلم والترمذي.
بقلم جلال بن خالد الهارون الأنصاري