خليجي
01-15-2010, 09:01 PM
http://img535.imageshack.us/img535/6335/sa7l5.gif
تحضى بلدة الزبارة باهمية تاريخية نظرا لارتباط تاريخها بتاريخ عرب العتوب، وخصوص الفترة المبهمه من ذلك التاريخ فتعال اخي القارئ و للنناقش تاريخ تاسيس هذه القرية.
http://alharoon.blogspot.com/2009/12/blog-post_30.html
================
تاريخ ميناء الزبارة التاريخي
متى تأسست بلدة الزبارة؟
هل كان تأسيسها قبل... أم بعد العام 1188هـ ؟
واذا كان تأسيسها قبل عام 1188هـ... اذا فلماذا أرخ علماء الزبارة تاريخها بعام 1188هـ تحديدا ؟
ولماذا يذكر سكانها في مخطوطاتهم بانها لم تكن موجودة اصلا قبل هذا التاريخ عام 1188هـ، وان اسمها جاء بعد تشاور واتفاق مؤسسيها الشيخ رزق الخالدي و الشيخ خليفة بن محمد العتبي، وانهم اطلقوا عليها الزبارة المشتق من طبيعة ارضها المرتفعة قليلا ؟
واذا كانت هذه البلدة موجودة اصلا فلماذا لم ترد الاشارة اليها في الخرائط الأوروبية القديمة التي اشارت الى وجود مواقع اخرى كثير كالقرين و القطيف و جلفار و تاروت و بيشه و الاحساء و اليوسفية و فريحة و البحرين ومسقط؟ استفسارات كثيرة تنتظر مناقشتها ؟
وما مدى صحة اجتهاد الدكتور علي اباحسين رئيس مركز الدراسات و الوثائق بمملكة البحرين، القائل بان الشيخ محمد والد الشيخ خليفة بن محمد بن خليفة كان يسكن الزبارة قبل وصول ابن رزق اليها من الكويت باعوام عديدة وانه اسس قلعة صبحا (المرير) في الزبارة قبل العام 1188هـ ؟
وعليه فما هو تفسير نصوص الوثيقة الهولندية المحرره عام 1174هـ، والتي تذكر بان الشيخ محمد بن خليفة العتبي كان يسكن في الكويت في ذلك العام، وهذه الوثيقة نفسها قامت بمسح جميع القرى الساحلية الواقعة على سواحل الجزيرة العربية، و لم يشاهدوا مدينة الزبارة او قلعتها في هذا العام ؟
وهل فعلا اثرت فترة القرنين او الثلاثة قرون من الزمن التي كانت تفصل بين تاريخ تأسيس الكويت عام 1113هـ وتأسيس الزبارة عام 1188هـ على الشيخ محمد بن خليفة النبهاني المدون الأول لتاريخ البحرين مؤدية الى اختلاط الامور لديه فأصبح تأسيس بلدة الزبارة قبل...!!! وبعد...!!! تأسيس بلدة الكويت ؟
كل هذه الاستفسارات هي موضوع بحثنا القادم باذن الله تعالى
الحلقة الاولى:
يمكن تقسيم مصادر تاريخ نشوء بلدة الزبارة الى ثلاث مصادر رئيسية وهي كالتالي:
1. مصادر التاريخ القديم و نقصد بها هنا -اي- مصدر سابق للعام 1188هـ و هو العام الثابت به نشأة مدينة الزبارة بالاجماع.
2. مصادر التاريخ المعاصرة لفترة التأسيس في عام 1188هـ و هي عادة ما دونه قضاة و علماء بلدة الزبارة.
3. مصادر التاريخ الحديث و هي جميع ما كتب بعد خراب بلدة الزبارة في عام 1212هـ بوصول طلائع الجيش السعودي في طورها الاول.
ونستفيد من هذا التقسيم للمصادر وضع معيار لمدى قوة وصلابة المعلومة، فمثلا اذا عثر على خريطة او وثيقة او مخطوطة تذكر بلدة الزبارة القطرية في عام 900 هـ مثلا... فهنا يجب على الجميع الأذعان لهذا المصدر و الجزم بان بلدة الزبارة بلدة قديمة سابقة لفترة ظهور العتوب في منطقة سواحل الخليج، واما اذا لم نجد اي ذكر فمعنى ذلك ... انه من الواجب علينا الانتقال الى المرحلة التالية و هي الفترة المعاصرة لفترة تاسيس الزبارة، فان عثرنا في هذه المصادر على اشارة لقدم بلدة الزبارة ... ايضا نذعن بأن بلدة الزبارة قديمة حيث ان سكانها الأوائل لم يبعثوها من العدم و انما انتقلوا اليها استوطنوها، واما اذا اخبرت مصادر هذه الفترة بأن البلدة لم تكن موجوده و تم بعثها من قبل هؤلاء السكان... فيكون ذلك معززا للمصادر القديمة التي لم تذكر هذه البلدة او تشير اليها و بالتالي فان الانتقال الى المرحلة الثالثة من مصادر التاريخ المعاصرة يكون بهدف استعراضها و التأكيد على المتوافق مع المصادر القديمة و الرد على المخالف و تبيين دوافع المخالفة.
اولا: المصادر القديمة
لم نعثر على اي ذكر لبلدة الزبارة وكذلك جميع المصادر المعاصرة او الحديثة لم تحيلنا الى اي مصدر يثبت تأسيس الزبارة قبل العام 1188هـ و انما روايات مرسلة غير مدعمة بسند، وسوف نستعرض هذه الروايات ونبين مدى قوتها او ضعفها.
ثانيا: المصادر المعاصرة
اود ان ابداء مصادر الفترة المعاصرة بهذا الانتقاد الذي كتبه الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة (مركز الوثائق بمملكة البحرين) عند تقديمة لمخطوطة ( روض الخل و الخليل ) ديوان السيد عبد الجليل الطبطبائي احد قضاة الزبارة المعاصرين لفترة ازدهار بلدة الزبارة، يقول الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة:
تقيد أبناء هذا العصر (يقصد العصر الذي ازدهرت فيه الزبارة) بالمبنى وان أضاعوا المعنى وبالغوا في الأطراء و المديح بكلام اذا قارنته بالواقع وجدته غير صحيح، لا يفهم معنى نثرهم الا من غاص الى معاني سجعهم ووزنها بعقله فأخذ منها اللباب وترك ما يمجه الذوق ويأباه ذوو الألباب، و للدلالة على ذلك ننقل للقارئ نبذه من كتاب (سبائك العسجد في أخبار أحمد نجل رزق الأسعد) تأليف الشيخ عثمان بن سند غفر الله له....
"وفي عام مبارك البدء و الختام ارخه ختام ود و سلام، (1188هـ) انتقل ابو هذا القمقام (اي والد ابن رزق) الى الاحساء من البحرين، وصار فيها بمنزلة الانسان من العين فأوتد فيه الأوتاد و اجزل فيها الارفاد، وبذل فيها المعروف على المجهول و المعروف وحصل له ببركة هذا الغلام (اي احمد رزق) اتم الاكرام من الحكام ....وبعد أن أطال الشيخ من هذا السجع الممل الخالي من الفائدة قال : فما هي الا ايام كأنها للطافتها طيف منام حتى انتجع ابو هذا السيد الهمام منتجعا منه بروق العز لائحة وأرواح الكرامة في اندائه فائحة.... وبعد ان أطال في سجعه قال: بعد ان عمل الرأي فيه ان يتخذه منزلا ويصطفيه، أم يتركه و لا يأتيه ووافقه على تدبيره في اتخاذ ذلك المنتجع و تعميره خليفة بن محمد أشرف بني عتبه الحائز من رتب الفضل أرفع رتبه فتعاضدا بعد الاستخارة و تسديد سهام الاستشارة على تعميره و تسميته بالزبارة فعمراه واحكما منه العمارة - انتهى - فقال الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة معلقا.... حتى ان غالبية من قرأ كتابه هذا يظن ان ابن رزق هو أحد مؤسسي مدينة الزبارة في حين أنه لم يهاجر اليها الا في سنة 1188هـ بعد وفاة مؤسسها الشيخ محمد بن خليفة، وفي زمن ابنه خليفة وقد بنى الشيخ محمد بن خليفة قلعة الزبارة المسماة (صبحا) عام 1182هـ وكم في هذا الكتاب وغيره من مؤلفاتهم (اي اهل الزبارة) من شواهد على ما ذكرنا، اما اذا قارنت شعر شاعرنا (اي عبد الجليل الطبطبائي) ونثره مع معاصريه وجدته في الطليعه بينهم.
التعليق:
نلاحظ ان الشيخ عبد الله بن خالد ال خليفة يعترض على ما جاء في احد المصادر المعاصرة لتلك الفترة بخصوص كيفية تأسيس بلدة الزبارة، في حين ان المؤلف كان احد قضاة بلدة الزبارة و اعلامها اعني (عثمان بن سند) و كان ملازما للشيخ احمد بن رزق و نقل عن اهل تلك البلدة اخبارها، فكيف نرد كلام المعاصر و نقبل رأي المتاخر الذي يفصله عن تلك الفترة اكثر من 200 سنة.
هذا رأي البحرين (مركز الوثائق) و فيما يلي رأي قطر في النص:
يقول الدكتور حسن بن محمد بن علي آل ثاني في تحقيقة لـ (كتاب سبائك العسجد/الطبعة الاولى الدوحة 2007م/ ص 70) معلقا على قول الشيخ عثمان بن سند المنشور أعلاه و الذي مطلعه (وفي عام مبارك البدء و الختام ... الخ) بالتالي:
أما الزبارة المدينة التي جاءها ابن رزق وعمرها، فهي تقع على الساحل الشمالي الغربي لشبه الجزيرة القطرية، وتحدها من الشمال فريحه و من الجنوب ............ولقد تطورت المدينة التجارية خلال الفترة من تاريخ تعميرها في 1774-1799م (1187-1213هـ) وبنيت حولها الأسوار و أحاطتها الأبراج لحمايتها ...... أحاطها ابن رزق ببناء سور هلالي الشكل دائري نصف قطره 7 اميال ..... وباب السور في الجهة الجنوبية الشرقية مقابل قلعة مرير. وهو السبب نفسه الذي دفع بأحمد بن محمد بن خليفة الى بناء سورين متوازين و ابراج بامتداد سور الزبارة الى قلعة مرير، التي كانت تصلها بالبحر قناة حفرت فيما سبق لتوصيل البضائع ...... ولقد وصف ابن سند مدينة الزبارة بأوصاف تفوق الخيال، فقد شبهها بارم ذات العماد:
"اقام في تلك البلاد، التي هي كارم ذات العماد، يعاشر أجوادها ويسامر زهادها ويسائر عبادها" ..........و يتابع الدكتور حسن آل ثاني حديثه عن الزبارة بالقول في الصفحة 74:
.... ثم يحدثنا عن قيام علي باشا بالأتصال بآل خليفة طالبا منهم المساعدة ضد ابن سعود، وكان آل خليفة في ذلك الوقت في مرير، بالقرب من الزبارة بينما كان ابن رزق في الزبارة حيث بادر ابن رزق بارسال مدد من العساكر و الهدايا و الركاب (النياق) نيابة عنهم اليه........ و الذي يفهم من نص ابن سند أن أحمد بن رزق كانت له الكلمة في الزبارة، فعندما تعرضت مدينة الزبارة لهجمات ابن عفيصان، أمر أهلها بالانتقال الى اوال "فله ترجع الاستشاره" . انتهى رأي الدكتور حسن آل ثاني
***********
وتعليقنا على رأي البحرين و رأي قطر بخصوص ما كتبه قاضي الزبارة الشيخ عثمان بن سند في كتابه (سبائك العسجد) والذي بين لنا متى تاسست الزبارة وكيف، فما كتب ابن سند واضح و لا يحتاج الى التفسير او التاويل، وهو انه اتى الى قطر عام 1188هـ و بعث فيها بلدة من العدم بمعاونة خليفة بن محمد و اتفق الاثنين على تسميتها بالزبارة. واما مؤرخوا البحرين فلا يرضيهم هذا الوصف كونهم لا يريدون ان ينافسهم ابن رزق او غيره على شرف تأسيس الزبارة. واما مؤرخ قطر فهو بدوره يهمه جدا ابراز دور ابن رزق في تاسيس الزبارة لكي يبطل ادعاء اهل البحرين بأحقيتهم في المطالبه بتملك الزبارة.... وبين هذا و ذاك ضاع التاريخ.
وفي الحلقة القادمة سوف نستعرض الوثائق الهولندية لمعرفة اين كان يعيش الشيخ محمد بن خليفة والد خليفة اشرف بني عتبه الذي تحدث عنه صاحب سبائك العسجد ... فهل كان في من سكان بلدة الكويت ام من بلدة فريحة ويسكن مع أخوله البنعلي واسس قلعة مرير قبل وصول ابن رزق الى قطر عام 1188هـ.....؟
ماذا شاهد الهولنديون في بلدة الكويت عام 1174هـ:
قبل العام 1188هـ الذي حدده قاضي الزبارة الشيخ عثمان بن سند النجدي كعام لتأسيس الزبارة بعد هجرة اثنين من اشهر وجهاء بلدة الكويت الى سواحل قطر مرورا بالأحساء و قبل هذا التاريخ بأربعة عشر (14) سنه بالضبط، زارت الكويت سفينة حربية هولندية هدفها استكشاف منطقة حوض الخليج العربي واضافة اي مواقع مهمة او عامرة الى الخرائط الأوروبية المحدثة فجاء في هذا التقرير المعلومات التالية و بهذا النص:
.... ومن الفرات نتجه الى الساحل العربي للخليج حيث تقابلنا "فيلكه" وأمامها ساحل (القرين) الذي يسكنه عتوب الجزيرة العربية و الساحل وهؤلاء العتوب يتبعون شيخ الصحراء ويدفعون له الضرائب، ويمتلك العتوب 300 سفينة أغلبها صغير الحجم و يستخدم لصيد اللؤلؤ أو الأسماك وعدد العتوب يبلغ 4000 رجل جميعهم محاربون أقوياء يحملون الخناجر و الدروع و الحراب ونادرا ما يحملون البنادق، فهم لا يجيدون استعمالها. و العتوب في صراع دائم مع الهوله اعدائهم الأزليين وبسبب العداوة ولصغر حجم سفنهم فأنهم لا يبعدون عن مصائد اللؤلؤ في البحرين ولا يصلون الا الى رأس بردستان فقط، ويحكم العتوب عدة شيوخ يعيشون معا في وحدة واحدة، وأهم شيخ فيهم مبارك بن صباح وهو شيخ فقير وصغير، ولكن أغنى شيوخهم هو "محمد بن خليفة" الذي يملك عدة سفن و يحترمه الجميع. بعد القرين توجد قلعة ...... انتهى
التعليق:
اذا الشيخ محمد بن خليفة العتبي كان في "القرين" وهي "الكويت" حيث أن الكويت قديما كانت تسمى بالقرين، ومحمد بن خليفه المشار اليه هنا هو والد خليفة بن محمد الذي انتقل هو وزميله ابن رزق الى سواحل قطر واسسوا بلدة اطلقوا عليها اسم "الزبارة".... وهنا نجد ان الوثائق هنا تدعم رأي قاضي الزبارة عثمان بن سند بأن التأسيس كان عام 1188هـ، في حين الوثائق هنا ايضا تضعف رأي (مركز الوثائق البحرينية) الذي ذكر بأن الشيخ محمد بن خليفة العتبي كان في الزبارة وبنى بها قلعة قبل وصول ابن رزق اليها...(انظر هذا الرأي اعلاه)، ومكمن الضعف هنا ان مركز الوثائق البحريني يرى بأن ابن رزق عند وصوله الزبارة عام 1188هـ كان الشيخ محمد بن خليفة قد توفي و خلفه ابنه الشيخ خليفة بن محمد، علما بان الشيخ محمد بن خليفة كان قد انتهى من تاسيس قلعة الزبارة المعروفة "بصبحا" في عام 1182هـ، هذا بالتالي يعني بأن الفرق بين مشاهدة الهولنديين للشيخ محمد بن خليفة في الكويت عام 1174هـ وتاريخ اتمام بناء القلعة عام 1182هـ، ثمان (8) سنوات فقط، وهذا يعني بأن الشيخ محمد بن خليفة غادر الكويت مباشرة بعد مغادرة السفينة وانتقل الى الزبارة وشرع في بناء القلعة وانجزها وتوفي قبل وصول ابن رزق من الكويت الى الزبارة وهذا غير معقول لذا نحن نرى رأي مؤلف سبائك العسجد هو الصواب بأن ابن رزق و خليفة العتبي الأبن انتقلوا من الكويت الى سواحل قطر و اسسو بلدة هناك اتفقوا على تسميتها بالزبارة. فما الذي يجبرنا على انكار الوثائق و اقوال معاصرين تلك الحقبة للأخذ برأي معاصر يعتمد على روايات شفهية معاصرة و لم تقدم لنا حتى هذا الوقت اي اسانيد صلبه يمكن التعويل عليها.
قصر "صبحا":
علما بأن قصر "صبحا" ورد ذكره في كتاب "تاريخ الافلاج وحضارتها" تأليف القاضي عبد الله بن عبد العزيز الجذالين المولود في الافلاج عام 1336هـ، بالنص التالي:
قصر صبحا هو حصن بناه أجداد فيصل الجميلي الشاعر الشهير و قد عمره بعدهم بالكرم و السخاء، استخدم هذا القصر مركزا لقبيلة جميلة في الهدار، ولازال قائم الجر الى اليوم وبعضهم يسميه هذه الايام (طفيه) لانطفاء نوره بعد رحيل أهله وهجرتهم له عندما رحل فيصل الجميلي الى الكويت في آخر القرن الثاني عشر الهجري.... وفيصل الجميلي هو شاعر شعير عاش في القرن الثاني عشر الهجري حيث سكن قصر اجداده في الهدار "قصر صبحا" وعمره بالكرم و الخصال الفاضلة و لا عجب فقد كان رجلا شجاعا شاعرا ذاع صيته بوادي نجد كلها وبين قبائلها وقد رحل في آخر حياته الى الكويت فسمي قصره بـ (طفيه) بعد الهجران، وقد وفد الجميلي على عبد الله بن صباح بن جابر العتبي الذي تولى امارة العتوب في الكويت من عام 1171هـ الى 1229هـ فأكرمه و أحسن وفادته و ابقاه عنده الى ان توفي بالكويت وقد ارسل فيصل الجميلي الى اقاربه في الهدار قصيده نبطيه مشهوره يبكي فيها نفسه وحياته ويذكر أنه عاش في الهدار خمسة وتسعين عاما كلها مليئة بالذكريات الجميلة و الحياة الرفيعة الكريمة، والى فيصل ينتسب بعض النتيفات سكان الهدار حاليا. ويذكر مؤلف الكتاب في الهامش، حلف العتوب تكون في الخليج العربي على خلاف من يقول بأنه في الأفلاج اذ لم يكن في الافلاج ذكر للعتوب على الاطلاق ... والهوله قبائل عربية كانت تسكن الساحل الشرقي للخليج و اسمهم الحوله ولكن الفرس قلبوا الحاء هاء، ولما تنافسوا مع العتوب على البحر و النقل و الغوص حصلت معركة بحرية بين الهوله و العتوب انهزم فيها العتوب. انتهى كلامه.
قلعة صبحا في رواية مي ال خليفة:
قلعة "صبحا" او "طفية" او قلعة فيصل الجميلي الذي هاجر الى الكويت في زمن الشيخ عبد الله بن صباح العتبي الذي توفي عام 1229هـ، هل كانت زيارة فيصل الجميلي و قصة قلعته طفية او صبحا، تحولت بمرور الزمن الى جزء من الاساطير التي تداخلت و امتزجت بتاريخ العتوب خلال مائة عام، بحيث ان مؤلف كتاب التحفة النبهانية غم عليه ولم يتفطن الى سنة حدوث هجرة فيصل الجميل من الهدار الى الكويت فلم يتمكن من نسج الاخبار بدقة و موضوعية فجميع الاحتمالات وارده وفيما يلي ننقل رواية الشيخ مي بنت محمد آل خليفة في كتاب (الاسطورة و التاريخ الموازي) بخصوص القصر صبحا:
.... من الأرض التي تنطق شعرا جاؤوا ! من مرابع قيس بن الملوح وديار ليلى الاخيلية من الهدار أكبر و أطول أودية الافلاج حيث يبلغ مائة و خمسين كيلومترا، وفيه تقع قرية الهدار و معناها السيل الذي يسمع هديره لتدفق مياهه و غزارتها، هذا الوادي يقع جنوب قرية البديع التي حمل العتوب اسمها ونقلوه معهم الى الزبارة اولا ثم البحرين، كما نقلوا ايضا اسم قلعتهم صبحا و أطلقوه على حصن المرير في قطر، و ان كان ذلك الحصن قد هدم و ازيلت معالمه، فما زالت جدران صبحا باقية الى اليوم في موطنها الاصلي بالهدار ... وكانت تلك القلعة مركزا لقبيلة الجميلات وقد شيده في القرن الحادي عشر الهجري.... فيصل الجميلي واليه ينتسب العتوب !!! من آل خليفة و آل صباح وقد عاش فيصل في القرن االثاني عشر الميلادي وسكن صبحا قصر اجداده في الهدار و اشتهر بالكرم و الشجاعة وقول الشعر، فذاع صيته بوادي نجد و بين قبائلها، وحين ارتحل في آخر ايامه الى الكويت سمي قصره طفيه للدلالة على انطفاء نوره بعد هجرة صاحبه ! وفي الكويت زار أميرها عبد الله بن جابر العتبي الجميلي (نسبة الى حلف العتوب من جميلة)، فأحسن الأمير وفادته وقربه منه و أبقاه عنده، غير ان الهدار و ذكرياتها كانت مقيمة في قلب فيصل ولم يفارقه الحنين لموطنه الذي عاش فيه 95 عام قبل انتقاله الى الكويت، ومن هناك كتب الى اقاربه قصيده نبطيه يبكي فيها نفسه و يذكر أياما تجدد بها الحنين لتلك الديار التي يصفها بقوله:
لي ديرة بين الوطاة دخرطم *** سقاها الحيا من فوق عالي جذورها.
التعليق:
تذكر مي محمد آل خليفة في هوامش هذا الموضوع في كتاب (محمد بن خليفة الاسطورة و التاريخ الموازي-ط1ـ ص242) بان مصدرها في سرد هذه المعلومات كتاب "تاريخ الافلاج وحضارتها"، تأليف عبد الله بن عزيز آل مفلح الجذالين، وهو نفس المصدر و نفس الصفحة و الطبعه التي نقلنا عنها النص الخاص بقلعة صبحا و فيصل الجميل، واذا ما قارنا نص ما جاء في كتاب (تاريخ الافلاج) و نص ما جاء في كتاب تاريخ (الاسطورة و التاريخ الموازي) سنجد التالي:
1. تقول مي محمد آل خليفة، فيصل الجميلي و اليه ينسب العتوب.
1. ويقول عبد الله بن عزيز ال مفلح، فيصل هاجر من الافلاج في زمن حاكم الكويت عبد الله بن صباح بن جابر العتبي.
وهنا استفهام كيف ينسب العتوب أنفسهم لرجل ( فيصل الجميلي ) عاصر فترة متأخرة من تاريخ العتوب الطويل في الخليج ؟ فقد عاصر فيصل الجميلي الفترة من عام 1171هـ - 1229هـ. اي بعد تأسيس الكويت التي تأسست عام 1113هـ.
2. تقول مي محمد آل خليفة، وقد عاش فيصل الجميلي في القرن الثاني عشر الميلادي. اي في العام 1100م الموافق 403هـ، اي في زمن الخلافة العباسية، وهذا ربما خطاء مطبعي !!!!! ؟
2. ويقول عبدالله بن عزيز آل مفلح، وقد عاش فيصل الجميلي في القرن الثاني عشر الهجري، اي بعد العام 1100هـ،
وهذا منطقي ليتسنى له معاصرة احد حكام الكويت من اسرة آل صباح.
3. تقول مي محمد آل خليفة، وقد وفد (فيصل الجميلي) على عبدالله بن جابر العتبي في الكويت، والهامش تقول حكم عبد الله الكويت من عام 1117هـ الى 1129هـ !!!
3. ويقول عبد الله بن عزيز آل مفلح، عبدالله بن صباح العتبي الذي تولى من العام 1172هـ - 1229هـ.
وعليه نلاحظ وجود اختلاف واضح بين كتاب (الاسطورة و التاريخ الموازي) و بين المصدر الذي نقلت عنه هذه المعلومات -اعني- (تاريخ الافلاج و حضارتها).
التعليق:
حاكم الكويت عام 1174هـ هو مبارك بن صباح نقلا عن الوثيقة الهولندية وربما عبدالله بن صباح الذي وفد عليه فيصل الجميلي وهو شقيق مبارك الصباح فيكون تاريخ الوفادة بعد عام 1174هـ، واما الفترة التي تذكرها (مي ال خليفة) كفترة لحكم الشيخ عبد الله الصباح بين عام 1117هـ و العام 1129هـ وهذا غير صحيح حيث ان زعيم العتوب في عام 1113هـ عند الوصول الى الكويت و تأسيسها رجل يدعى ماجد العتبي، حيث يذكر الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في كتاب (بيان الكويت) عند استعراض وثيقة ارشيف رئاسة الوزراء العثمانية المحرره عام 1113هـ النص التالي:
.... وفي اليوم التالي ذهب أحد رجالهم، ويدعى ماجد، الى مقر الوالي قائلا انه لم يعين لهم مكانا بعد ... وكان الوالي متخوفا من وجود العتوب و الخليفات في منطقة البصرة..... الخ.
وهذا يعني بأن الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي اطلع على دفتر اليوميات الخاص بهذا الموضوع و لم ينشر لنا الحقيقة كاملة و انما اكتفى بهذه الاشارات الخاطفة. انظر بيان الكويت الصفحة 13.
الآن وبعد هذه الرحلة الطويله بحثا في تاريخ قلعة "صبحا" نعود مرة اخرى لمناقشة تاريخ تأسيس الزبارة، وبما ان الشواهد تبين بأن الزبارة لم تكن موجودة قبل العام 1188هـ، اذا فما هو سبب الأصرار على ان تاريخ تأسيس بلدةالزبارة كان قبل العام 1188هـ في الحلقة القادمة سوف نناقش هذه الاسباب بالتفصيل.
الحلقة الثالثة:
في اعتقادي بأن المشكلة المتمثلة في الاصرار على ان الزبارة تاسست قبل العام 1188هـ تكمن في هذه الخريطة الأتيه و التي تبين خط سير هجرة العتوب من الهدار والافلاج الى الزبارة القطرية قبل العام 1065هـ ثم الهجرة من قطر الى الكويت ثم العودة مرة أخرى الى الزبارة القطرية كنقطة بداية للعتوب من تاريخ الملاحة في الخليج..... حيث ان مؤرخوا العتوب لو وقع منهم الأقرار بما جاء في الوثائق و المخطوطات و الرواية الصحيحة والتي تبين بأن تأسيس الزبارة كان تحديدا في عام 1188هـ فهذا بالضرورة يعني اللغاء الفرضية الشائعة او المشاعة، عن مكان بداية ونقطة انطلاق لتاريخ العتوب في الخليج، والذي لابد وان يبداء من الزبارة الموجوده قبل عام 1065هـ والتي لم يؤسسها ابن رزق عام 1188هـ.
وفي هذا الصدد يذكر الدكتور فائق حمدي طهبوب مؤلف كتاب (تاريخ البحرين السياسي) النص التالي:
....تعددت الروايات في اسباب هجرت العتوب من موطنهم الأصلي (الهدار) في الافلاج جنوب شرق نجد، فهناك رأي يذكر أن سبب هجرتهم يرجع الى مرور سنوات جدب عديدة في النصف الثاني من القرن السابع عشر واوائل القرن الثامن عشر (1690م - 1720م) من قلب الجزيرة العربية، مما دفع القبائل الى النزوح، فهاجرت قبائل عديدة الى مناطق متفرقه ..... و وصل الدهامشه و العتوب الى شرق الجزيرة العربية ... وكانت قبيلة العتوب تتكون من الأسر الثلاثة آل صباح بقيادة الشيخ سلمان بن حمد و آل خليفة بقيادة الشيخ خليفة بن محمد و آل جلاهمة بقيادة الشيخ جابر بن عتبه وقد اتجهت جميعا الى قطر حيث استجارت بآل مسلم و سكنت قرية (الزبارة) وكانت قطر آنذاك تحت سيادة قبيلة بني خالد الشهيرة و يحكم قطر من قبلهم آل مسلم ..... ويرى عبد العزيز الرشيد و ديكسون بأن العتوب غادروا الهدار عام 1710م - 1121هـ، الا انني لا اميل الى الاخذ برأيهما لأن ذلك يرتبط بتاريخ هجرة العتوب من قطر الى الكويت عن طريق البحر و ذلك عام 1716م - 1128هـ. اذ كيف يمكن تفسير تحول هذه القبائل البدوية الى قبائل بحرية تتقن ركوب البحر في فترة قصيرة جدا لا تتجاوز ست سنوات ؟ ان اتقان العتوب لركوب البحر و معرفة فنون الملاحة يحتاج الى فترة لا تقل عن اربعين عاما، وهذا يجعلني أميل الى أن هجرتهم من الهدار كانت في النصف الثاني من القرن السابع عشر (1651م-1061هـ) حيث كثر القحط و الجفاف في شبه الجزيرة العربية، وكثر الجراد في عامي 1085هـ الموافق 1674م .... ومن خلال الوثائق العثمانية ثبت ان العتوب كانوا متواجدين في البحرين عام 1701م - 1113هـ، وهذا يعني انهم تعودوا ركوب البحر وقيادة السفن في وقت مبكر، وقد احتاج العتوب لمعرفة ركوب الى فترة زمنية ليست بالقصيرة مما يؤكد أن هجرتهم من نجد كانت في النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي. انتهى.
التعليق:
نلاحظ ان الدكتور فائق طهبوب اعياه التعب و احتار كثير في محاولة التوفيق بين الروايات الشفهية للعتوب و الواقع المثبت في الوثائق، فقد استعصى عليه قبول وصول العتوب من الهدار الى الزبارة عام 1121هـ، وهم قبل هذا التاريخ كانوا في الكويت في عام 1113هـ، كما استعصى عليه قبول وصول العتوب الى الزبارة في قطر عام 1121هـ بصفة البدو الرحل و الوثائق تثبت بأنهم امة بحرية متواجدة في احداث تاريخ الخليج قبل العام 1113هـ، لذا افترض الدكتور سيناريو اخر مقترح لهجرة العتوب من نجد وهي ان تكون هجرتهم عام 1083هـ و الأستقرار في الزبارة القطرية لفترة طويلة كفيلة باتقان الملاحة ثم الهجرة الى الكويت، ومع كل هذا (الحيص بيص) الذي وقع به الدكتور فائق طهبوب فهو ايضا لم يتفطن كما فطن الدكتور ج. ب. سلوت الى حقيقة في ترجمة الوثيقة العثمانية المحررة عام 1113هـ و المنشورة في مجلة الوثيقة البحرينية لأن الوثيقة المنشورة في مجلة الوثيقة البحرينية لم تكن خالية من الحذف و الاضافة و التعديل فقد نصت الوثيقة على هجرة العتوب من بندر الديلم التابع لبهبهان الفارسية الى البصرة و تحولت الديلم الى (دلمون) ثم الى (فريحة).... و لكن رئيس الارشيف الهولندي تفطن الى هذا الخطأ وقال وذكر في كتابه (نشأة الكويت) في الصفحة 116 النص التالي:
.... لقد كانت هذه الوثيقة (الوثيقة العثمانية المحرره عام 1701م) موجودة منذ فترة ما، ولكنها لم تلق تفسيرا سليما حتى الآن، ولقد نشر د. علي أبا حسين صورة لها مع ترجمة بالعربية و الانجليزية في مجلة الوثيقة وهي دورية تاريخية تصدر في البحرين، وهذه الوثيقة تعتبر "تقرير" رسمي الى الحكومة العثمانية المركزية من "علي باشا" الذي كان قد عين منذ عهد قريب باشا على البصرة، ويذكر الباشا فيها أن قبيلة العتوب و خليفة (*) عاشتا في فترة ما في منطقة البحرين التي ساد فيها العجم (غير الناطقين بالعربية)، وفي الترجمة الانجليزية التي ظهرت في مجلة الوثيقة، ترجمة كلمة "العجم" بالاوربيين وربما كانت هذه الترجمة مقبولة لولا أن الأوربيين لم يكونوا في البحرين في ذلك الوقت، اذ ان هذه الجزيرة كانت تحت نفوذ الفرس حتى استولت عليها القوات العثمانية عام 1717م، ويبدو من النص أن كلمة "عجم" استخدمها العثمانيون للدلالة على الفرس و هذا المعنى في الواقع هو السائد في النصوص العثمانية، ونود ان نقترح تفسيرا لكلمة "خليفة" يختلف عما ورد في مجلة الوثيقة فبدلا من أن نقرأها "الخليفة" وهو لفظ جذاب يؤدي ان تفهم العائلة " الخليفات" على انها آل خليفة، نرى أن يتم حفظ النص كما كتب في نهاية الوثيقة العثمانية بحرف (ت) في آخرها، و "الخليفات" قبيلة عربية تعيش في منطقة بندر الديلم في جنوب فارس، و في تلك الوثيقة يرد ذكر " الخليفات" في سياق الحديث عن بندر الديلم وتفسيرنا هذا يتفق مع الحقائق التاريخية .....انتهى كلام رئيس الارشيف الهولندي ج. ب. سلوت
التعليق:
يبدو لنا بان الحذف و الاضافة في الترجمة العربية اقتصر فقط على استبدال كلمة " بندر الديلم" بكلمة "دلمون" ثم الى "فريحة" ولم يزد عن هذا الحد، ولكن يبدو ان الحذف و الاضافة تجاوزت هذه الحدود عن الترجمة من اللغة العربية الى الانجليزية حيث تم استبدال كلمة "عجم" بكلمة " اوربيين" و كلمة "خليفات" بكلمة "خليفة" و كلمة "ديلم" ب "البحرين" ... ولكن و كما يبدو من تعليق الدكتور (سلوت) بانه كان اكثر ذكائا من الدكتور (طهبوب)، حيث ان الاول اكتشف جميع الاخطاء في حين ان الثاني لم يكتشف هذه الاخطاء و لكنه احتار في طريقة تحول البدو الى ملاحيين بسرعة كبيرة تفوق جميع التصورات !!!!!!
ومن كل ما سبق نفهم الاسباب الحقيقية التي تعيق في قراءة التاريخ قراءة سليمة وهذه الاسباب نفسها منعت المؤرخين من التصريح بان مدينة الزبارة لم تكون موجودة قبل العام 1188هـ وبالتالي لم تكون المكان الحقيقي لاتصال العتوب بالبحر وعليه يجب البحث في مكان أخر و في اعتقادي بان هذا المكان هو السواحل العمانية موطن قبيلة العتوب العمانية التي يتردد ذكرها كثيرا في التاريخ العماني.
تحضى بلدة الزبارة باهمية تاريخية نظرا لارتباط تاريخها بتاريخ عرب العتوب، وخصوص الفترة المبهمه من ذلك التاريخ فتعال اخي القارئ و للنناقش تاريخ تاسيس هذه القرية.
http://alharoon.blogspot.com/2009/12/blog-post_30.html
================
تاريخ ميناء الزبارة التاريخي
متى تأسست بلدة الزبارة؟
هل كان تأسيسها قبل... أم بعد العام 1188هـ ؟
واذا كان تأسيسها قبل عام 1188هـ... اذا فلماذا أرخ علماء الزبارة تاريخها بعام 1188هـ تحديدا ؟
ولماذا يذكر سكانها في مخطوطاتهم بانها لم تكن موجودة اصلا قبل هذا التاريخ عام 1188هـ، وان اسمها جاء بعد تشاور واتفاق مؤسسيها الشيخ رزق الخالدي و الشيخ خليفة بن محمد العتبي، وانهم اطلقوا عليها الزبارة المشتق من طبيعة ارضها المرتفعة قليلا ؟
واذا كانت هذه البلدة موجودة اصلا فلماذا لم ترد الاشارة اليها في الخرائط الأوروبية القديمة التي اشارت الى وجود مواقع اخرى كثير كالقرين و القطيف و جلفار و تاروت و بيشه و الاحساء و اليوسفية و فريحة و البحرين ومسقط؟ استفسارات كثيرة تنتظر مناقشتها ؟
وما مدى صحة اجتهاد الدكتور علي اباحسين رئيس مركز الدراسات و الوثائق بمملكة البحرين، القائل بان الشيخ محمد والد الشيخ خليفة بن محمد بن خليفة كان يسكن الزبارة قبل وصول ابن رزق اليها من الكويت باعوام عديدة وانه اسس قلعة صبحا (المرير) في الزبارة قبل العام 1188هـ ؟
وعليه فما هو تفسير نصوص الوثيقة الهولندية المحرره عام 1174هـ، والتي تذكر بان الشيخ محمد بن خليفة العتبي كان يسكن في الكويت في ذلك العام، وهذه الوثيقة نفسها قامت بمسح جميع القرى الساحلية الواقعة على سواحل الجزيرة العربية، و لم يشاهدوا مدينة الزبارة او قلعتها في هذا العام ؟
وهل فعلا اثرت فترة القرنين او الثلاثة قرون من الزمن التي كانت تفصل بين تاريخ تأسيس الكويت عام 1113هـ وتأسيس الزبارة عام 1188هـ على الشيخ محمد بن خليفة النبهاني المدون الأول لتاريخ البحرين مؤدية الى اختلاط الامور لديه فأصبح تأسيس بلدة الزبارة قبل...!!! وبعد...!!! تأسيس بلدة الكويت ؟
كل هذه الاستفسارات هي موضوع بحثنا القادم باذن الله تعالى
الحلقة الاولى:
يمكن تقسيم مصادر تاريخ نشوء بلدة الزبارة الى ثلاث مصادر رئيسية وهي كالتالي:
1. مصادر التاريخ القديم و نقصد بها هنا -اي- مصدر سابق للعام 1188هـ و هو العام الثابت به نشأة مدينة الزبارة بالاجماع.
2. مصادر التاريخ المعاصرة لفترة التأسيس في عام 1188هـ و هي عادة ما دونه قضاة و علماء بلدة الزبارة.
3. مصادر التاريخ الحديث و هي جميع ما كتب بعد خراب بلدة الزبارة في عام 1212هـ بوصول طلائع الجيش السعودي في طورها الاول.
ونستفيد من هذا التقسيم للمصادر وضع معيار لمدى قوة وصلابة المعلومة، فمثلا اذا عثر على خريطة او وثيقة او مخطوطة تذكر بلدة الزبارة القطرية في عام 900 هـ مثلا... فهنا يجب على الجميع الأذعان لهذا المصدر و الجزم بان بلدة الزبارة بلدة قديمة سابقة لفترة ظهور العتوب في منطقة سواحل الخليج، واما اذا لم نجد اي ذكر فمعنى ذلك ... انه من الواجب علينا الانتقال الى المرحلة التالية و هي الفترة المعاصرة لفترة تاسيس الزبارة، فان عثرنا في هذه المصادر على اشارة لقدم بلدة الزبارة ... ايضا نذعن بأن بلدة الزبارة قديمة حيث ان سكانها الأوائل لم يبعثوها من العدم و انما انتقلوا اليها استوطنوها، واما اذا اخبرت مصادر هذه الفترة بأن البلدة لم تكن موجوده و تم بعثها من قبل هؤلاء السكان... فيكون ذلك معززا للمصادر القديمة التي لم تذكر هذه البلدة او تشير اليها و بالتالي فان الانتقال الى المرحلة الثالثة من مصادر التاريخ المعاصرة يكون بهدف استعراضها و التأكيد على المتوافق مع المصادر القديمة و الرد على المخالف و تبيين دوافع المخالفة.
اولا: المصادر القديمة
لم نعثر على اي ذكر لبلدة الزبارة وكذلك جميع المصادر المعاصرة او الحديثة لم تحيلنا الى اي مصدر يثبت تأسيس الزبارة قبل العام 1188هـ و انما روايات مرسلة غير مدعمة بسند، وسوف نستعرض هذه الروايات ونبين مدى قوتها او ضعفها.
ثانيا: المصادر المعاصرة
اود ان ابداء مصادر الفترة المعاصرة بهذا الانتقاد الذي كتبه الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة (مركز الوثائق بمملكة البحرين) عند تقديمة لمخطوطة ( روض الخل و الخليل ) ديوان السيد عبد الجليل الطبطبائي احد قضاة الزبارة المعاصرين لفترة ازدهار بلدة الزبارة، يقول الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة:
تقيد أبناء هذا العصر (يقصد العصر الذي ازدهرت فيه الزبارة) بالمبنى وان أضاعوا المعنى وبالغوا في الأطراء و المديح بكلام اذا قارنته بالواقع وجدته غير صحيح، لا يفهم معنى نثرهم الا من غاص الى معاني سجعهم ووزنها بعقله فأخذ منها اللباب وترك ما يمجه الذوق ويأباه ذوو الألباب، و للدلالة على ذلك ننقل للقارئ نبذه من كتاب (سبائك العسجد في أخبار أحمد نجل رزق الأسعد) تأليف الشيخ عثمان بن سند غفر الله له....
"وفي عام مبارك البدء و الختام ارخه ختام ود و سلام، (1188هـ) انتقل ابو هذا القمقام (اي والد ابن رزق) الى الاحساء من البحرين، وصار فيها بمنزلة الانسان من العين فأوتد فيه الأوتاد و اجزل فيها الارفاد، وبذل فيها المعروف على المجهول و المعروف وحصل له ببركة هذا الغلام (اي احمد رزق) اتم الاكرام من الحكام ....وبعد أن أطال الشيخ من هذا السجع الممل الخالي من الفائدة قال : فما هي الا ايام كأنها للطافتها طيف منام حتى انتجع ابو هذا السيد الهمام منتجعا منه بروق العز لائحة وأرواح الكرامة في اندائه فائحة.... وبعد ان أطال في سجعه قال: بعد ان عمل الرأي فيه ان يتخذه منزلا ويصطفيه، أم يتركه و لا يأتيه ووافقه على تدبيره في اتخاذ ذلك المنتجع و تعميره خليفة بن محمد أشرف بني عتبه الحائز من رتب الفضل أرفع رتبه فتعاضدا بعد الاستخارة و تسديد سهام الاستشارة على تعميره و تسميته بالزبارة فعمراه واحكما منه العمارة - انتهى - فقال الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة معلقا.... حتى ان غالبية من قرأ كتابه هذا يظن ان ابن رزق هو أحد مؤسسي مدينة الزبارة في حين أنه لم يهاجر اليها الا في سنة 1188هـ بعد وفاة مؤسسها الشيخ محمد بن خليفة، وفي زمن ابنه خليفة وقد بنى الشيخ محمد بن خليفة قلعة الزبارة المسماة (صبحا) عام 1182هـ وكم في هذا الكتاب وغيره من مؤلفاتهم (اي اهل الزبارة) من شواهد على ما ذكرنا، اما اذا قارنت شعر شاعرنا (اي عبد الجليل الطبطبائي) ونثره مع معاصريه وجدته في الطليعه بينهم.
التعليق:
نلاحظ ان الشيخ عبد الله بن خالد ال خليفة يعترض على ما جاء في احد المصادر المعاصرة لتلك الفترة بخصوص كيفية تأسيس بلدة الزبارة، في حين ان المؤلف كان احد قضاة بلدة الزبارة و اعلامها اعني (عثمان بن سند) و كان ملازما للشيخ احمد بن رزق و نقل عن اهل تلك البلدة اخبارها، فكيف نرد كلام المعاصر و نقبل رأي المتاخر الذي يفصله عن تلك الفترة اكثر من 200 سنة.
هذا رأي البحرين (مركز الوثائق) و فيما يلي رأي قطر في النص:
يقول الدكتور حسن بن محمد بن علي آل ثاني في تحقيقة لـ (كتاب سبائك العسجد/الطبعة الاولى الدوحة 2007م/ ص 70) معلقا على قول الشيخ عثمان بن سند المنشور أعلاه و الذي مطلعه (وفي عام مبارك البدء و الختام ... الخ) بالتالي:
أما الزبارة المدينة التي جاءها ابن رزق وعمرها، فهي تقع على الساحل الشمالي الغربي لشبه الجزيرة القطرية، وتحدها من الشمال فريحه و من الجنوب ............ولقد تطورت المدينة التجارية خلال الفترة من تاريخ تعميرها في 1774-1799م (1187-1213هـ) وبنيت حولها الأسوار و أحاطتها الأبراج لحمايتها ...... أحاطها ابن رزق ببناء سور هلالي الشكل دائري نصف قطره 7 اميال ..... وباب السور في الجهة الجنوبية الشرقية مقابل قلعة مرير. وهو السبب نفسه الذي دفع بأحمد بن محمد بن خليفة الى بناء سورين متوازين و ابراج بامتداد سور الزبارة الى قلعة مرير، التي كانت تصلها بالبحر قناة حفرت فيما سبق لتوصيل البضائع ...... ولقد وصف ابن سند مدينة الزبارة بأوصاف تفوق الخيال، فقد شبهها بارم ذات العماد:
"اقام في تلك البلاد، التي هي كارم ذات العماد، يعاشر أجوادها ويسامر زهادها ويسائر عبادها" ..........و يتابع الدكتور حسن آل ثاني حديثه عن الزبارة بالقول في الصفحة 74:
.... ثم يحدثنا عن قيام علي باشا بالأتصال بآل خليفة طالبا منهم المساعدة ضد ابن سعود، وكان آل خليفة في ذلك الوقت في مرير، بالقرب من الزبارة بينما كان ابن رزق في الزبارة حيث بادر ابن رزق بارسال مدد من العساكر و الهدايا و الركاب (النياق) نيابة عنهم اليه........ و الذي يفهم من نص ابن سند أن أحمد بن رزق كانت له الكلمة في الزبارة، فعندما تعرضت مدينة الزبارة لهجمات ابن عفيصان، أمر أهلها بالانتقال الى اوال "فله ترجع الاستشاره" . انتهى رأي الدكتور حسن آل ثاني
***********
وتعليقنا على رأي البحرين و رأي قطر بخصوص ما كتبه قاضي الزبارة الشيخ عثمان بن سند في كتابه (سبائك العسجد) والذي بين لنا متى تاسست الزبارة وكيف، فما كتب ابن سند واضح و لا يحتاج الى التفسير او التاويل، وهو انه اتى الى قطر عام 1188هـ و بعث فيها بلدة من العدم بمعاونة خليفة بن محمد و اتفق الاثنين على تسميتها بالزبارة. واما مؤرخوا البحرين فلا يرضيهم هذا الوصف كونهم لا يريدون ان ينافسهم ابن رزق او غيره على شرف تأسيس الزبارة. واما مؤرخ قطر فهو بدوره يهمه جدا ابراز دور ابن رزق في تاسيس الزبارة لكي يبطل ادعاء اهل البحرين بأحقيتهم في المطالبه بتملك الزبارة.... وبين هذا و ذاك ضاع التاريخ.
وفي الحلقة القادمة سوف نستعرض الوثائق الهولندية لمعرفة اين كان يعيش الشيخ محمد بن خليفة والد خليفة اشرف بني عتبه الذي تحدث عنه صاحب سبائك العسجد ... فهل كان في من سكان بلدة الكويت ام من بلدة فريحة ويسكن مع أخوله البنعلي واسس قلعة مرير قبل وصول ابن رزق الى قطر عام 1188هـ.....؟
ماذا شاهد الهولنديون في بلدة الكويت عام 1174هـ:
قبل العام 1188هـ الذي حدده قاضي الزبارة الشيخ عثمان بن سند النجدي كعام لتأسيس الزبارة بعد هجرة اثنين من اشهر وجهاء بلدة الكويت الى سواحل قطر مرورا بالأحساء و قبل هذا التاريخ بأربعة عشر (14) سنه بالضبط، زارت الكويت سفينة حربية هولندية هدفها استكشاف منطقة حوض الخليج العربي واضافة اي مواقع مهمة او عامرة الى الخرائط الأوروبية المحدثة فجاء في هذا التقرير المعلومات التالية و بهذا النص:
.... ومن الفرات نتجه الى الساحل العربي للخليج حيث تقابلنا "فيلكه" وأمامها ساحل (القرين) الذي يسكنه عتوب الجزيرة العربية و الساحل وهؤلاء العتوب يتبعون شيخ الصحراء ويدفعون له الضرائب، ويمتلك العتوب 300 سفينة أغلبها صغير الحجم و يستخدم لصيد اللؤلؤ أو الأسماك وعدد العتوب يبلغ 4000 رجل جميعهم محاربون أقوياء يحملون الخناجر و الدروع و الحراب ونادرا ما يحملون البنادق، فهم لا يجيدون استعمالها. و العتوب في صراع دائم مع الهوله اعدائهم الأزليين وبسبب العداوة ولصغر حجم سفنهم فأنهم لا يبعدون عن مصائد اللؤلؤ في البحرين ولا يصلون الا الى رأس بردستان فقط، ويحكم العتوب عدة شيوخ يعيشون معا في وحدة واحدة، وأهم شيخ فيهم مبارك بن صباح وهو شيخ فقير وصغير، ولكن أغنى شيوخهم هو "محمد بن خليفة" الذي يملك عدة سفن و يحترمه الجميع. بعد القرين توجد قلعة ...... انتهى
التعليق:
اذا الشيخ محمد بن خليفة العتبي كان في "القرين" وهي "الكويت" حيث أن الكويت قديما كانت تسمى بالقرين، ومحمد بن خليفه المشار اليه هنا هو والد خليفة بن محمد الذي انتقل هو وزميله ابن رزق الى سواحل قطر واسسوا بلدة اطلقوا عليها اسم "الزبارة".... وهنا نجد ان الوثائق هنا تدعم رأي قاضي الزبارة عثمان بن سند بأن التأسيس كان عام 1188هـ، في حين الوثائق هنا ايضا تضعف رأي (مركز الوثائق البحرينية) الذي ذكر بأن الشيخ محمد بن خليفة العتبي كان في الزبارة وبنى بها قلعة قبل وصول ابن رزق اليها...(انظر هذا الرأي اعلاه)، ومكمن الضعف هنا ان مركز الوثائق البحريني يرى بأن ابن رزق عند وصوله الزبارة عام 1188هـ كان الشيخ محمد بن خليفة قد توفي و خلفه ابنه الشيخ خليفة بن محمد، علما بان الشيخ محمد بن خليفة كان قد انتهى من تاسيس قلعة الزبارة المعروفة "بصبحا" في عام 1182هـ، هذا بالتالي يعني بأن الفرق بين مشاهدة الهولنديين للشيخ محمد بن خليفة في الكويت عام 1174هـ وتاريخ اتمام بناء القلعة عام 1182هـ، ثمان (8) سنوات فقط، وهذا يعني بأن الشيخ محمد بن خليفة غادر الكويت مباشرة بعد مغادرة السفينة وانتقل الى الزبارة وشرع في بناء القلعة وانجزها وتوفي قبل وصول ابن رزق من الكويت الى الزبارة وهذا غير معقول لذا نحن نرى رأي مؤلف سبائك العسجد هو الصواب بأن ابن رزق و خليفة العتبي الأبن انتقلوا من الكويت الى سواحل قطر و اسسو بلدة هناك اتفقوا على تسميتها بالزبارة. فما الذي يجبرنا على انكار الوثائق و اقوال معاصرين تلك الحقبة للأخذ برأي معاصر يعتمد على روايات شفهية معاصرة و لم تقدم لنا حتى هذا الوقت اي اسانيد صلبه يمكن التعويل عليها.
قصر "صبحا":
علما بأن قصر "صبحا" ورد ذكره في كتاب "تاريخ الافلاج وحضارتها" تأليف القاضي عبد الله بن عبد العزيز الجذالين المولود في الافلاج عام 1336هـ، بالنص التالي:
قصر صبحا هو حصن بناه أجداد فيصل الجميلي الشاعر الشهير و قد عمره بعدهم بالكرم و السخاء، استخدم هذا القصر مركزا لقبيلة جميلة في الهدار، ولازال قائم الجر الى اليوم وبعضهم يسميه هذه الايام (طفيه) لانطفاء نوره بعد رحيل أهله وهجرتهم له عندما رحل فيصل الجميلي الى الكويت في آخر القرن الثاني عشر الهجري.... وفيصل الجميلي هو شاعر شعير عاش في القرن الثاني عشر الهجري حيث سكن قصر اجداده في الهدار "قصر صبحا" وعمره بالكرم و الخصال الفاضلة و لا عجب فقد كان رجلا شجاعا شاعرا ذاع صيته بوادي نجد كلها وبين قبائلها وقد رحل في آخر حياته الى الكويت فسمي قصره بـ (طفيه) بعد الهجران، وقد وفد الجميلي على عبد الله بن صباح بن جابر العتبي الذي تولى امارة العتوب في الكويت من عام 1171هـ الى 1229هـ فأكرمه و أحسن وفادته و ابقاه عنده الى ان توفي بالكويت وقد ارسل فيصل الجميلي الى اقاربه في الهدار قصيده نبطيه مشهوره يبكي فيها نفسه وحياته ويذكر أنه عاش في الهدار خمسة وتسعين عاما كلها مليئة بالذكريات الجميلة و الحياة الرفيعة الكريمة، والى فيصل ينتسب بعض النتيفات سكان الهدار حاليا. ويذكر مؤلف الكتاب في الهامش، حلف العتوب تكون في الخليج العربي على خلاف من يقول بأنه في الأفلاج اذ لم يكن في الافلاج ذكر للعتوب على الاطلاق ... والهوله قبائل عربية كانت تسكن الساحل الشرقي للخليج و اسمهم الحوله ولكن الفرس قلبوا الحاء هاء، ولما تنافسوا مع العتوب على البحر و النقل و الغوص حصلت معركة بحرية بين الهوله و العتوب انهزم فيها العتوب. انتهى كلامه.
قلعة صبحا في رواية مي ال خليفة:
قلعة "صبحا" او "طفية" او قلعة فيصل الجميلي الذي هاجر الى الكويت في زمن الشيخ عبد الله بن صباح العتبي الذي توفي عام 1229هـ، هل كانت زيارة فيصل الجميلي و قصة قلعته طفية او صبحا، تحولت بمرور الزمن الى جزء من الاساطير التي تداخلت و امتزجت بتاريخ العتوب خلال مائة عام، بحيث ان مؤلف كتاب التحفة النبهانية غم عليه ولم يتفطن الى سنة حدوث هجرة فيصل الجميل من الهدار الى الكويت فلم يتمكن من نسج الاخبار بدقة و موضوعية فجميع الاحتمالات وارده وفيما يلي ننقل رواية الشيخ مي بنت محمد آل خليفة في كتاب (الاسطورة و التاريخ الموازي) بخصوص القصر صبحا:
.... من الأرض التي تنطق شعرا جاؤوا ! من مرابع قيس بن الملوح وديار ليلى الاخيلية من الهدار أكبر و أطول أودية الافلاج حيث يبلغ مائة و خمسين كيلومترا، وفيه تقع قرية الهدار و معناها السيل الذي يسمع هديره لتدفق مياهه و غزارتها، هذا الوادي يقع جنوب قرية البديع التي حمل العتوب اسمها ونقلوه معهم الى الزبارة اولا ثم البحرين، كما نقلوا ايضا اسم قلعتهم صبحا و أطلقوه على حصن المرير في قطر، و ان كان ذلك الحصن قد هدم و ازيلت معالمه، فما زالت جدران صبحا باقية الى اليوم في موطنها الاصلي بالهدار ... وكانت تلك القلعة مركزا لقبيلة الجميلات وقد شيده في القرن الحادي عشر الهجري.... فيصل الجميلي واليه ينتسب العتوب !!! من آل خليفة و آل صباح وقد عاش فيصل في القرن االثاني عشر الميلادي وسكن صبحا قصر اجداده في الهدار و اشتهر بالكرم و الشجاعة وقول الشعر، فذاع صيته بوادي نجد و بين قبائلها، وحين ارتحل في آخر ايامه الى الكويت سمي قصره طفيه للدلالة على انطفاء نوره بعد هجرة صاحبه ! وفي الكويت زار أميرها عبد الله بن جابر العتبي الجميلي (نسبة الى حلف العتوب من جميلة)، فأحسن الأمير وفادته وقربه منه و أبقاه عنده، غير ان الهدار و ذكرياتها كانت مقيمة في قلب فيصل ولم يفارقه الحنين لموطنه الذي عاش فيه 95 عام قبل انتقاله الى الكويت، ومن هناك كتب الى اقاربه قصيده نبطيه يبكي فيها نفسه و يذكر أياما تجدد بها الحنين لتلك الديار التي يصفها بقوله:
لي ديرة بين الوطاة دخرطم *** سقاها الحيا من فوق عالي جذورها.
التعليق:
تذكر مي محمد آل خليفة في هوامش هذا الموضوع في كتاب (محمد بن خليفة الاسطورة و التاريخ الموازي-ط1ـ ص242) بان مصدرها في سرد هذه المعلومات كتاب "تاريخ الافلاج وحضارتها"، تأليف عبد الله بن عزيز آل مفلح الجذالين، وهو نفس المصدر و نفس الصفحة و الطبعه التي نقلنا عنها النص الخاص بقلعة صبحا و فيصل الجميل، واذا ما قارنا نص ما جاء في كتاب (تاريخ الافلاج) و نص ما جاء في كتاب تاريخ (الاسطورة و التاريخ الموازي) سنجد التالي:
1. تقول مي محمد آل خليفة، فيصل الجميلي و اليه ينسب العتوب.
1. ويقول عبد الله بن عزيز ال مفلح، فيصل هاجر من الافلاج في زمن حاكم الكويت عبد الله بن صباح بن جابر العتبي.
وهنا استفهام كيف ينسب العتوب أنفسهم لرجل ( فيصل الجميلي ) عاصر فترة متأخرة من تاريخ العتوب الطويل في الخليج ؟ فقد عاصر فيصل الجميلي الفترة من عام 1171هـ - 1229هـ. اي بعد تأسيس الكويت التي تأسست عام 1113هـ.
2. تقول مي محمد آل خليفة، وقد عاش فيصل الجميلي في القرن الثاني عشر الميلادي. اي في العام 1100م الموافق 403هـ، اي في زمن الخلافة العباسية، وهذا ربما خطاء مطبعي !!!!! ؟
2. ويقول عبدالله بن عزيز آل مفلح، وقد عاش فيصل الجميلي في القرن الثاني عشر الهجري، اي بعد العام 1100هـ،
وهذا منطقي ليتسنى له معاصرة احد حكام الكويت من اسرة آل صباح.
3. تقول مي محمد آل خليفة، وقد وفد (فيصل الجميلي) على عبدالله بن جابر العتبي في الكويت، والهامش تقول حكم عبد الله الكويت من عام 1117هـ الى 1129هـ !!!
3. ويقول عبد الله بن عزيز آل مفلح، عبدالله بن صباح العتبي الذي تولى من العام 1172هـ - 1229هـ.
وعليه نلاحظ وجود اختلاف واضح بين كتاب (الاسطورة و التاريخ الموازي) و بين المصدر الذي نقلت عنه هذه المعلومات -اعني- (تاريخ الافلاج و حضارتها).
التعليق:
حاكم الكويت عام 1174هـ هو مبارك بن صباح نقلا عن الوثيقة الهولندية وربما عبدالله بن صباح الذي وفد عليه فيصل الجميلي وهو شقيق مبارك الصباح فيكون تاريخ الوفادة بعد عام 1174هـ، واما الفترة التي تذكرها (مي ال خليفة) كفترة لحكم الشيخ عبد الله الصباح بين عام 1117هـ و العام 1129هـ وهذا غير صحيح حيث ان زعيم العتوب في عام 1113هـ عند الوصول الى الكويت و تأسيسها رجل يدعى ماجد العتبي، حيث يذكر الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في كتاب (بيان الكويت) عند استعراض وثيقة ارشيف رئاسة الوزراء العثمانية المحرره عام 1113هـ النص التالي:
.... وفي اليوم التالي ذهب أحد رجالهم، ويدعى ماجد، الى مقر الوالي قائلا انه لم يعين لهم مكانا بعد ... وكان الوالي متخوفا من وجود العتوب و الخليفات في منطقة البصرة..... الخ.
وهذا يعني بأن الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي اطلع على دفتر اليوميات الخاص بهذا الموضوع و لم ينشر لنا الحقيقة كاملة و انما اكتفى بهذه الاشارات الخاطفة. انظر بيان الكويت الصفحة 13.
الآن وبعد هذه الرحلة الطويله بحثا في تاريخ قلعة "صبحا" نعود مرة اخرى لمناقشة تاريخ تأسيس الزبارة، وبما ان الشواهد تبين بأن الزبارة لم تكن موجودة قبل العام 1188هـ، اذا فما هو سبب الأصرار على ان تاريخ تأسيس بلدةالزبارة كان قبل العام 1188هـ في الحلقة القادمة سوف نناقش هذه الاسباب بالتفصيل.
الحلقة الثالثة:
في اعتقادي بأن المشكلة المتمثلة في الاصرار على ان الزبارة تاسست قبل العام 1188هـ تكمن في هذه الخريطة الأتيه و التي تبين خط سير هجرة العتوب من الهدار والافلاج الى الزبارة القطرية قبل العام 1065هـ ثم الهجرة من قطر الى الكويت ثم العودة مرة أخرى الى الزبارة القطرية كنقطة بداية للعتوب من تاريخ الملاحة في الخليج..... حيث ان مؤرخوا العتوب لو وقع منهم الأقرار بما جاء في الوثائق و المخطوطات و الرواية الصحيحة والتي تبين بأن تأسيس الزبارة كان تحديدا في عام 1188هـ فهذا بالضرورة يعني اللغاء الفرضية الشائعة او المشاعة، عن مكان بداية ونقطة انطلاق لتاريخ العتوب في الخليج، والذي لابد وان يبداء من الزبارة الموجوده قبل عام 1065هـ والتي لم يؤسسها ابن رزق عام 1188هـ.
وفي هذا الصدد يذكر الدكتور فائق حمدي طهبوب مؤلف كتاب (تاريخ البحرين السياسي) النص التالي:
....تعددت الروايات في اسباب هجرت العتوب من موطنهم الأصلي (الهدار) في الافلاج جنوب شرق نجد، فهناك رأي يذكر أن سبب هجرتهم يرجع الى مرور سنوات جدب عديدة في النصف الثاني من القرن السابع عشر واوائل القرن الثامن عشر (1690م - 1720م) من قلب الجزيرة العربية، مما دفع القبائل الى النزوح، فهاجرت قبائل عديدة الى مناطق متفرقه ..... و وصل الدهامشه و العتوب الى شرق الجزيرة العربية ... وكانت قبيلة العتوب تتكون من الأسر الثلاثة آل صباح بقيادة الشيخ سلمان بن حمد و آل خليفة بقيادة الشيخ خليفة بن محمد و آل جلاهمة بقيادة الشيخ جابر بن عتبه وقد اتجهت جميعا الى قطر حيث استجارت بآل مسلم و سكنت قرية (الزبارة) وكانت قطر آنذاك تحت سيادة قبيلة بني خالد الشهيرة و يحكم قطر من قبلهم آل مسلم ..... ويرى عبد العزيز الرشيد و ديكسون بأن العتوب غادروا الهدار عام 1710م - 1121هـ، الا انني لا اميل الى الاخذ برأيهما لأن ذلك يرتبط بتاريخ هجرة العتوب من قطر الى الكويت عن طريق البحر و ذلك عام 1716م - 1128هـ. اذ كيف يمكن تفسير تحول هذه القبائل البدوية الى قبائل بحرية تتقن ركوب البحر في فترة قصيرة جدا لا تتجاوز ست سنوات ؟ ان اتقان العتوب لركوب البحر و معرفة فنون الملاحة يحتاج الى فترة لا تقل عن اربعين عاما، وهذا يجعلني أميل الى أن هجرتهم من الهدار كانت في النصف الثاني من القرن السابع عشر (1651م-1061هـ) حيث كثر القحط و الجفاف في شبه الجزيرة العربية، وكثر الجراد في عامي 1085هـ الموافق 1674م .... ومن خلال الوثائق العثمانية ثبت ان العتوب كانوا متواجدين في البحرين عام 1701م - 1113هـ، وهذا يعني انهم تعودوا ركوب البحر وقيادة السفن في وقت مبكر، وقد احتاج العتوب لمعرفة ركوب الى فترة زمنية ليست بالقصيرة مما يؤكد أن هجرتهم من نجد كانت في النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي. انتهى.
التعليق:
نلاحظ ان الدكتور فائق طهبوب اعياه التعب و احتار كثير في محاولة التوفيق بين الروايات الشفهية للعتوب و الواقع المثبت في الوثائق، فقد استعصى عليه قبول وصول العتوب من الهدار الى الزبارة عام 1121هـ، وهم قبل هذا التاريخ كانوا في الكويت في عام 1113هـ، كما استعصى عليه قبول وصول العتوب الى الزبارة في قطر عام 1121هـ بصفة البدو الرحل و الوثائق تثبت بأنهم امة بحرية متواجدة في احداث تاريخ الخليج قبل العام 1113هـ، لذا افترض الدكتور سيناريو اخر مقترح لهجرة العتوب من نجد وهي ان تكون هجرتهم عام 1083هـ و الأستقرار في الزبارة القطرية لفترة طويلة كفيلة باتقان الملاحة ثم الهجرة الى الكويت، ومع كل هذا (الحيص بيص) الذي وقع به الدكتور فائق طهبوب فهو ايضا لم يتفطن كما فطن الدكتور ج. ب. سلوت الى حقيقة في ترجمة الوثيقة العثمانية المحررة عام 1113هـ و المنشورة في مجلة الوثيقة البحرينية لأن الوثيقة المنشورة في مجلة الوثيقة البحرينية لم تكن خالية من الحذف و الاضافة و التعديل فقد نصت الوثيقة على هجرة العتوب من بندر الديلم التابع لبهبهان الفارسية الى البصرة و تحولت الديلم الى (دلمون) ثم الى (فريحة).... و لكن رئيس الارشيف الهولندي تفطن الى هذا الخطأ وقال وذكر في كتابه (نشأة الكويت) في الصفحة 116 النص التالي:
.... لقد كانت هذه الوثيقة (الوثيقة العثمانية المحرره عام 1701م) موجودة منذ فترة ما، ولكنها لم تلق تفسيرا سليما حتى الآن، ولقد نشر د. علي أبا حسين صورة لها مع ترجمة بالعربية و الانجليزية في مجلة الوثيقة وهي دورية تاريخية تصدر في البحرين، وهذه الوثيقة تعتبر "تقرير" رسمي الى الحكومة العثمانية المركزية من "علي باشا" الذي كان قد عين منذ عهد قريب باشا على البصرة، ويذكر الباشا فيها أن قبيلة العتوب و خليفة (*) عاشتا في فترة ما في منطقة البحرين التي ساد فيها العجم (غير الناطقين بالعربية)، وفي الترجمة الانجليزية التي ظهرت في مجلة الوثيقة، ترجمة كلمة "العجم" بالاوربيين وربما كانت هذه الترجمة مقبولة لولا أن الأوربيين لم يكونوا في البحرين في ذلك الوقت، اذ ان هذه الجزيرة كانت تحت نفوذ الفرس حتى استولت عليها القوات العثمانية عام 1717م، ويبدو من النص أن كلمة "عجم" استخدمها العثمانيون للدلالة على الفرس و هذا المعنى في الواقع هو السائد في النصوص العثمانية، ونود ان نقترح تفسيرا لكلمة "خليفة" يختلف عما ورد في مجلة الوثيقة فبدلا من أن نقرأها "الخليفة" وهو لفظ جذاب يؤدي ان تفهم العائلة " الخليفات" على انها آل خليفة، نرى أن يتم حفظ النص كما كتب في نهاية الوثيقة العثمانية بحرف (ت) في آخرها، و "الخليفات" قبيلة عربية تعيش في منطقة بندر الديلم في جنوب فارس، و في تلك الوثيقة يرد ذكر " الخليفات" في سياق الحديث عن بندر الديلم وتفسيرنا هذا يتفق مع الحقائق التاريخية .....انتهى كلام رئيس الارشيف الهولندي ج. ب. سلوت
التعليق:
يبدو لنا بان الحذف و الاضافة في الترجمة العربية اقتصر فقط على استبدال كلمة " بندر الديلم" بكلمة "دلمون" ثم الى "فريحة" ولم يزد عن هذا الحد، ولكن يبدو ان الحذف و الاضافة تجاوزت هذه الحدود عن الترجمة من اللغة العربية الى الانجليزية حيث تم استبدال كلمة "عجم" بكلمة " اوربيين" و كلمة "خليفات" بكلمة "خليفة" و كلمة "ديلم" ب "البحرين" ... ولكن و كما يبدو من تعليق الدكتور (سلوت) بانه كان اكثر ذكائا من الدكتور (طهبوب)، حيث ان الاول اكتشف جميع الاخطاء في حين ان الثاني لم يكتشف هذه الاخطاء و لكنه احتار في طريقة تحول البدو الى ملاحيين بسرعة كبيرة تفوق جميع التصورات !!!!!!
ومن كل ما سبق نفهم الاسباب الحقيقية التي تعيق في قراءة التاريخ قراءة سليمة وهذه الاسباب نفسها منعت المؤرخين من التصريح بان مدينة الزبارة لم تكون موجودة قبل العام 1188هـ وبالتالي لم تكون المكان الحقيقي لاتصال العتوب بالبحر وعليه يجب البحث في مكان أخر و في اعتقادي بان هذا المكان هو السواحل العمانية موطن قبيلة العتوب العمانية التي يتردد ذكرها كثيرا في التاريخ العماني.