جباره
11-10-2010, 09:26 AM
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله كلام نفيس للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمة الله في دفع قيمة الأضحية للجمعيات الخيرية
المفاسد في الأضاحي خارج البلد للعلامة ابن عثيمين رحمه الله
وبذلك نعلم أن الأولى والأكمل والأفضل والأقوم لشعائر الله أن يضحي الناس في بلادهم وأن لا يخرجوا أضاحيهم عن بلادهم وبيوتهم لأن إخراجها عن البلاد يفوت به مصالح كثيرة ويحصل به شيء من المفاسد أيها الأخوة لا تحملنكم العاطفة عن الخروج عن ما كان مشروعاً في الأضحية إننا نعطف على إخواننا الفقراء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ولكننا لا نفرط أبداً بما هو من شعائر ديننا أن نقوم به في بلادنا كما فعله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه كان يضحي بالمدينة ولا يبعث بأضحيته إلى مكان آخر وإنما كان يضحي بها ويعلنها حيث كان يخرج بأضحيته عليه الصلاة والسلام إلى مصلى العيد ويذبحها هنالك إظهاراً لهذه الشعيرة وإننا إذا أعطينا دراهم ليضحى عنا في بلاد أخرى فإنه يفوت به شيء كثير من المصالح ويحصل به شيء من المفاسد مما يفوت به إظهار شعيرة من شعائر الله في بلادنا فتتعطل بيوت أو بعضها أو كثير منها عن هذه الشعيرة لاسيما إذا تتابع الناس فيها فتتابعوا فيها مما يفوت به من المصالح مباشرة ذبح المضحي لأضحيته تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يذبح أضحيته بنفسه صلوات الله وسلامه عليه فالسنة أن يذبح الإنسان أضحيته بنفسه تقرباً إلى الله عز وجل ويسمي الله عليها ويكبره تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم وامتثالاً
لقول الله تعالى ﴿ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا ﴾ ( الحج : 36 )
قال أهل العلم وإذا كان المضحي لا يحسن الذبح وكل مسلماً وحضرها ومما يفوت به من المصالح شعور الإنسان بالتعبد إلى الله تعالى بالذبح نفسه فإن الذبح لله من أجل العبادات وأعظمها ولهذا قرنه الله تعالى بالصلاة في قوله ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ ( الكوثر : 2 )
وقوله ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ( الأنعام : 162 )
وأسال يا أخي المسلم من بعث بقيمة أضحيته لخارج البلاد هل يشعر بهذه العبادة العظيمة وذكر اسم الله عليها والتقرب إلى الله بها أيام الذبح إنه لا يشعر إلا أنه أطعم فقراء لحماً هذا هو الذي يشعر به إلا أن يشاء الله ومما يفوت ببعث الأضحية إلى الخارج من المصالح ذكر اسم الله تعالى عليها وتكبيره وقد أمر الله تعالى بذكر اسمه عليها
فقال جل وعلا ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافّ ﴾
( الحج : 36 )
وقال﴿ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ ( الحج : 37 )
وفي هذا دليل على أن ذبح الأضحية وذكر اسم الله عليها عبادة مقصودة لذاتها ومن المعلوم أن نقلها إلى خارج البلد يفوت به هذا المقصود العظيم بل الأعظم فإن هذا أعظم من مجرد الانتفاع بلحمها والصدقة به
اقرأ قول الله تعالى ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ ( الحج : 37 )
ومما يفوت به من المصالح أن الإنسان لا يأكل من أضحيته وهو مأمور بالأكل منها إما وجوباً أو استحباباً على خلاف في ذلك بين العلماء قال بعض أهل العلم يجب على الإنسان أن يأكل من أضحيته فإن لم يفعل فهو آثم ولقد قدم الله الأمر بالأكل منها على إطعام الفقير
فقال تعالى ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ ( الحج : 28 )
فأكل المضحي من أضحيته عبادة يتقرب بها إلى الله ويثاب عليها لامتثاله أمر الله ومن المعلوم أن بعثها إلى خارج البلاد يمنع الأكل منها لأنه غير ممكن فيكون بذلك مفرطاً في أمر الله وآثم على قول بعض العلماء ومما يفوت به من المصالح أن الإنسان يبقى معلقاً هل يقص شاربه ويقلم أظفاره لأنه لا يدري أذبحت أضحيته أم لا وهل ذبحت يوم العيد أو في الأيام التي تليه فيبقى معلقا فهذه ست مصالح تفوت بنقل الأضاحي إلى بلاد أخرى أما المفاسد فمنها أن الناس ينظرون إلى أن هذه العبادة إذا بعثوا بها إلى خارج البلاد ينظرون إليها نظرة اقتصادية مالية محضة وهي مصلحة الفقير دون أن يشعروا بأنها عبادة يتقرب بها إلى الله وربما يشعر أن فيها الإحسان إلى الفقراء ولا شك أن هذا خير وعبادة لكنه دون شعور العبد بالتقرب إلى الله بالذبح فإن في الذبح لله نفسه من تعظيم الله ما تربوا مصلحته على مجرد الإحسان إلى الفقراء ثم إن الفقراء في الخارج يمكن أن تنفعهم بإرسال الدراهم والأطعمة والفرش والملابس أو بلحم الأضاحي إذا ذبحتها في بلدك وأكلت منها فلا حرج أن تبعث بلحمها إلى الخارج إذا لم يكن في البلد فقراء يستحقون ذلك أما أن تقتطع لهم جزءاً من عبادتك المهمة وهي الذبح لله عز وجل وتبعث، إليهم فهذا لا ينبغي أبدا ومن المفاسد تعطيل شعائر الله أو تقليلها في البلاد التي نقلت منها لأن الناس يركنون إلى الكسل دائماً و وإعطاء الفلوس مع الراحة أهون عليهم من مباشرة الذبح والتفريق فإذا تتابع الناس على ذلك تعطلت هذه الشعيرة في البلاد إما من جميع الناس أو أكثرهم أو بعضهم ومن المفاسد تفويت مقاصد الموصين الأموات إذا كانت الأضاحي وصايا لأن الظاهر من حال الموصين أنهم يريدون مع التقرب إلى الله منفعة ذويهم وتمتعهم بهذه الأضاحي ولم يكن يخطر ببالهم أن تنقل إلى بلاد أخرى قريبة أو بعيدة فيكون في نقلها مخالفة لما يظهر من مقصود الموصين ثم إننا لا ندري أيها الأخوة وانتبهوا لهذه النقطة المهمة لا ندري من يتولى ذبحها في البلاد الأخرى هل هو على علم بأوصاف الأضحية المطلوبة أم سيذبح ما حصل بيده على أي حال كانت ولا ندري هل سيتمكن من ذبح هذه الأضاحي الكثيرة في وقتها أم لا فقد تكون الأضاحي التي دفعت قيمتها إلى هناك تكون كثيرة جدا فيتعذر الحصول عليها في أيام الذبح فتأخر إلى ما بعد أيام الذبح كما جرى قبل ثلاثة سنوات في منى وذلك لأن أيام الذبح محصورة أربعة أيام فقط ثم لا ندري هل ستذبح كل أضحية باسم صاحبها أو ستجمع الكمية فيقال مثلاً هذه مائة رأس عن مائة شخص دون أن يعين الشخص وفي أجزاء ذلك نظر لأنه لم يعين من هي له هذه الأضحية كل هذا يحصل ببعث الدراهم إلى بلاد أخرى ليضحي هناك
أيها الأخوة قد يلبس عليكم ملبس فيقول إن التوكيل في ذبح الأضحية جائز
لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( وكل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يذبح ما بقي من هديه ) وجوابنا على هذا من وجهين الوجه الأول هل وكل النبي صلى الله عليه وسلم في أضحيته أبداً لم يوكل أحداً يذبح أضحيته بل ذبح هو بنفسه ثانياً أن الهدي الذي وكل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذبح ما بقي منه كان عليه الصلاة والسلام قد أشرك علياً في هديه كما في صحيح مسلم وعلى هذا فيكون علي رضي الله عنه شريكاً في هذا الهدي والهدي الذي تطوع به النبي صلى الله عليه وسلم مائة ناقة ذبح منها في يوم العيد في ضحى يوم العيد نحر منها ثلاثاً وستين بيده ثم أعطى علي بن أبي طالب فنحر الباقي ليتفرغ صلى الله عليه وسلم لإفتاء الناس وتعليمهم ثم إنه صلى الله عليه وسلم تحقيقاًَ لأمر الله بالأكل منها أمر أن يؤخذ من كل بعير قطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها فشرب من مرقها
فإذا تنزلنا أبلغ تنزل قلنا هاتوا لنا من الأضاحي التي تذبح في أفريقيا أو في شرق آسيا هاتوا لنا قطعاً منها نأكلها في يوم العيد وهذا شيء مستحيل المهم أيها الأخوة أن لا تدفعكم العاطفة إلى الخروج عن المشروع في الأضحية ضحوا هنا في بلادكم وإذا أردتم الإحسان إلى إخوانكم فهذا أمر مطلوب ولكن الباب واسع في غير الأضحية أسال الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممَن يعبد الله على بصيرة ويدعو إليه على بصيرة وأن يرزقنا التأسي بمحمد صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطنا إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ويقول الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كذلك
(...الأضاحي عبادة محددة معينة لأنه لو كان المقصود الانتفاع باللحم لكان الإنسان يشتري لحماً ويتصدق به يوم العيد،أهم شيء الذبح لله عز وجل كما
قال تعالى (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) [الحج37] ثم إنك إذا أخرجت دراهم ليضحى عنك في بلاد أخرى فقد خالفت أمر الله لأن الله تعالى قال (فكلوا منها وأطعموا البائس والفقير) [الحج28]
وهل يمكن أن تأكل منها وهي تضحى في الصومال؟.. لا ،إذن خالفت أمر الله ،وقد قال كثير من العلماء "إن الأكل من الأضحية واجب يأثم الإنسان بتركه"
وبهذا نعرف أن الدعوة إلى استجداء الدراهم ليضحى في خارج البلاد دعوة غير سليمة ،وأنه لا ينبغي للإنسان أن يساهم في ذلك بل يضحي في بيته وعند أهله ،وتظهر شعائر الإسلام في البلاد ،ومن أراد أن ينفع إخوانه في أماكن محتاجة فلينفعهم بالدراهم والثياب وغير ذلك، أما شعيرة من شعائر الإسلام يتقرب إلى الله بذبحها والأكل منها فإنه لا ينبغي أبداً أن يفرط الإنسان بها...)أ.هـ كلامه
(( شريط/أحكام الحج/الوجه الأول ((
وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان سلمه الله
( وأما ما أحدثه بعض الناس من دفع ثمن الأضحية للجمعيات الخيرية لتذبح خارج البلد وبعيداً عن بيت المضحي ،فهذا خلاف السنة وهو تغيير للعبادة ، فالواجب ترك هذا التصرف وأن تذبح الأضاحي في البيوت وفي بلد المضحي كما دلت عليه السنة، وكما عليه عمل المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى حصل هذا الإحداث ،فإني أخشى أن يكون بدعة وقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وقال عليه الصلاة والسلام "وإياكم ومحدثات الأمور ،فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"
ومن أراد أن يتصدق على المحتاجين فباب الصدقة مفتوح ولا تغير العبادة عن وجهها الشرعي باسم الصدقة)
أ.هـ كلامه ((مجلة الدعوة/العدد1878))
ونسأل الله السداد في القول والعمل وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المفاسد في الأضاحي خارج البلد للعلامة ابن عثيمين رحمه الله
وبذلك نعلم أن الأولى والأكمل والأفضل والأقوم لشعائر الله أن يضحي الناس في بلادهم وأن لا يخرجوا أضاحيهم عن بلادهم وبيوتهم لأن إخراجها عن البلاد يفوت به مصالح كثيرة ويحصل به شيء من المفاسد أيها الأخوة لا تحملنكم العاطفة عن الخروج عن ما كان مشروعاً في الأضحية إننا نعطف على إخواننا الفقراء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ولكننا لا نفرط أبداً بما هو من شعائر ديننا أن نقوم به في بلادنا كما فعله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه كان يضحي بالمدينة ولا يبعث بأضحيته إلى مكان آخر وإنما كان يضحي بها ويعلنها حيث كان يخرج بأضحيته عليه الصلاة والسلام إلى مصلى العيد ويذبحها هنالك إظهاراً لهذه الشعيرة وإننا إذا أعطينا دراهم ليضحى عنا في بلاد أخرى فإنه يفوت به شيء كثير من المصالح ويحصل به شيء من المفاسد مما يفوت به إظهار شعيرة من شعائر الله في بلادنا فتتعطل بيوت أو بعضها أو كثير منها عن هذه الشعيرة لاسيما إذا تتابع الناس فيها فتتابعوا فيها مما يفوت به من المصالح مباشرة ذبح المضحي لأضحيته تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يذبح أضحيته بنفسه صلوات الله وسلامه عليه فالسنة أن يذبح الإنسان أضحيته بنفسه تقرباً إلى الله عز وجل ويسمي الله عليها ويكبره تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم وامتثالاً
لقول الله تعالى ﴿ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا ﴾ ( الحج : 36 )
قال أهل العلم وإذا كان المضحي لا يحسن الذبح وكل مسلماً وحضرها ومما يفوت به من المصالح شعور الإنسان بالتعبد إلى الله تعالى بالذبح نفسه فإن الذبح لله من أجل العبادات وأعظمها ولهذا قرنه الله تعالى بالصلاة في قوله ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ ( الكوثر : 2 )
وقوله ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ( الأنعام : 162 )
وأسال يا أخي المسلم من بعث بقيمة أضحيته لخارج البلاد هل يشعر بهذه العبادة العظيمة وذكر اسم الله عليها والتقرب إلى الله بها أيام الذبح إنه لا يشعر إلا أنه أطعم فقراء لحماً هذا هو الذي يشعر به إلا أن يشاء الله ومما يفوت ببعث الأضحية إلى الخارج من المصالح ذكر اسم الله تعالى عليها وتكبيره وقد أمر الله تعالى بذكر اسمه عليها
فقال جل وعلا ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافّ ﴾
( الحج : 36 )
وقال﴿ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ ( الحج : 37 )
وفي هذا دليل على أن ذبح الأضحية وذكر اسم الله عليها عبادة مقصودة لذاتها ومن المعلوم أن نقلها إلى خارج البلد يفوت به هذا المقصود العظيم بل الأعظم فإن هذا أعظم من مجرد الانتفاع بلحمها والصدقة به
اقرأ قول الله تعالى ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ ( الحج : 37 )
ومما يفوت به من المصالح أن الإنسان لا يأكل من أضحيته وهو مأمور بالأكل منها إما وجوباً أو استحباباً على خلاف في ذلك بين العلماء قال بعض أهل العلم يجب على الإنسان أن يأكل من أضحيته فإن لم يفعل فهو آثم ولقد قدم الله الأمر بالأكل منها على إطعام الفقير
فقال تعالى ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ ( الحج : 28 )
فأكل المضحي من أضحيته عبادة يتقرب بها إلى الله ويثاب عليها لامتثاله أمر الله ومن المعلوم أن بعثها إلى خارج البلاد يمنع الأكل منها لأنه غير ممكن فيكون بذلك مفرطاً في أمر الله وآثم على قول بعض العلماء ومما يفوت به من المصالح أن الإنسان يبقى معلقاً هل يقص شاربه ويقلم أظفاره لأنه لا يدري أذبحت أضحيته أم لا وهل ذبحت يوم العيد أو في الأيام التي تليه فيبقى معلقا فهذه ست مصالح تفوت بنقل الأضاحي إلى بلاد أخرى أما المفاسد فمنها أن الناس ينظرون إلى أن هذه العبادة إذا بعثوا بها إلى خارج البلاد ينظرون إليها نظرة اقتصادية مالية محضة وهي مصلحة الفقير دون أن يشعروا بأنها عبادة يتقرب بها إلى الله وربما يشعر أن فيها الإحسان إلى الفقراء ولا شك أن هذا خير وعبادة لكنه دون شعور العبد بالتقرب إلى الله بالذبح فإن في الذبح لله نفسه من تعظيم الله ما تربوا مصلحته على مجرد الإحسان إلى الفقراء ثم إن الفقراء في الخارج يمكن أن تنفعهم بإرسال الدراهم والأطعمة والفرش والملابس أو بلحم الأضاحي إذا ذبحتها في بلدك وأكلت منها فلا حرج أن تبعث بلحمها إلى الخارج إذا لم يكن في البلد فقراء يستحقون ذلك أما أن تقتطع لهم جزءاً من عبادتك المهمة وهي الذبح لله عز وجل وتبعث، إليهم فهذا لا ينبغي أبدا ومن المفاسد تعطيل شعائر الله أو تقليلها في البلاد التي نقلت منها لأن الناس يركنون إلى الكسل دائماً و وإعطاء الفلوس مع الراحة أهون عليهم من مباشرة الذبح والتفريق فإذا تتابع الناس على ذلك تعطلت هذه الشعيرة في البلاد إما من جميع الناس أو أكثرهم أو بعضهم ومن المفاسد تفويت مقاصد الموصين الأموات إذا كانت الأضاحي وصايا لأن الظاهر من حال الموصين أنهم يريدون مع التقرب إلى الله منفعة ذويهم وتمتعهم بهذه الأضاحي ولم يكن يخطر ببالهم أن تنقل إلى بلاد أخرى قريبة أو بعيدة فيكون في نقلها مخالفة لما يظهر من مقصود الموصين ثم إننا لا ندري أيها الأخوة وانتبهوا لهذه النقطة المهمة لا ندري من يتولى ذبحها في البلاد الأخرى هل هو على علم بأوصاف الأضحية المطلوبة أم سيذبح ما حصل بيده على أي حال كانت ولا ندري هل سيتمكن من ذبح هذه الأضاحي الكثيرة في وقتها أم لا فقد تكون الأضاحي التي دفعت قيمتها إلى هناك تكون كثيرة جدا فيتعذر الحصول عليها في أيام الذبح فتأخر إلى ما بعد أيام الذبح كما جرى قبل ثلاثة سنوات في منى وذلك لأن أيام الذبح محصورة أربعة أيام فقط ثم لا ندري هل ستذبح كل أضحية باسم صاحبها أو ستجمع الكمية فيقال مثلاً هذه مائة رأس عن مائة شخص دون أن يعين الشخص وفي أجزاء ذلك نظر لأنه لم يعين من هي له هذه الأضحية كل هذا يحصل ببعث الدراهم إلى بلاد أخرى ليضحي هناك
أيها الأخوة قد يلبس عليكم ملبس فيقول إن التوكيل في ذبح الأضحية جائز
لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( وكل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يذبح ما بقي من هديه ) وجوابنا على هذا من وجهين الوجه الأول هل وكل النبي صلى الله عليه وسلم في أضحيته أبداً لم يوكل أحداً يذبح أضحيته بل ذبح هو بنفسه ثانياً أن الهدي الذي وكل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذبح ما بقي منه كان عليه الصلاة والسلام قد أشرك علياً في هديه كما في صحيح مسلم وعلى هذا فيكون علي رضي الله عنه شريكاً في هذا الهدي والهدي الذي تطوع به النبي صلى الله عليه وسلم مائة ناقة ذبح منها في يوم العيد في ضحى يوم العيد نحر منها ثلاثاً وستين بيده ثم أعطى علي بن أبي طالب فنحر الباقي ليتفرغ صلى الله عليه وسلم لإفتاء الناس وتعليمهم ثم إنه صلى الله عليه وسلم تحقيقاًَ لأمر الله بالأكل منها أمر أن يؤخذ من كل بعير قطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها فشرب من مرقها
فإذا تنزلنا أبلغ تنزل قلنا هاتوا لنا من الأضاحي التي تذبح في أفريقيا أو في شرق آسيا هاتوا لنا قطعاً منها نأكلها في يوم العيد وهذا شيء مستحيل المهم أيها الأخوة أن لا تدفعكم العاطفة إلى الخروج عن المشروع في الأضحية ضحوا هنا في بلادكم وإذا أردتم الإحسان إلى إخوانكم فهذا أمر مطلوب ولكن الباب واسع في غير الأضحية أسال الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممَن يعبد الله على بصيرة ويدعو إليه على بصيرة وأن يرزقنا التأسي بمحمد صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطنا إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ويقول الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كذلك
(...الأضاحي عبادة محددة معينة لأنه لو كان المقصود الانتفاع باللحم لكان الإنسان يشتري لحماً ويتصدق به يوم العيد،أهم شيء الذبح لله عز وجل كما
قال تعالى (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) [الحج37] ثم إنك إذا أخرجت دراهم ليضحى عنك في بلاد أخرى فقد خالفت أمر الله لأن الله تعالى قال (فكلوا منها وأطعموا البائس والفقير) [الحج28]
وهل يمكن أن تأكل منها وهي تضحى في الصومال؟.. لا ،إذن خالفت أمر الله ،وقد قال كثير من العلماء "إن الأكل من الأضحية واجب يأثم الإنسان بتركه"
وبهذا نعرف أن الدعوة إلى استجداء الدراهم ليضحى في خارج البلاد دعوة غير سليمة ،وأنه لا ينبغي للإنسان أن يساهم في ذلك بل يضحي في بيته وعند أهله ،وتظهر شعائر الإسلام في البلاد ،ومن أراد أن ينفع إخوانه في أماكن محتاجة فلينفعهم بالدراهم والثياب وغير ذلك، أما شعيرة من شعائر الإسلام يتقرب إلى الله بذبحها والأكل منها فإنه لا ينبغي أبداً أن يفرط الإنسان بها...)أ.هـ كلامه
(( شريط/أحكام الحج/الوجه الأول ((
وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان سلمه الله
( وأما ما أحدثه بعض الناس من دفع ثمن الأضحية للجمعيات الخيرية لتذبح خارج البلد وبعيداً عن بيت المضحي ،فهذا خلاف السنة وهو تغيير للعبادة ، فالواجب ترك هذا التصرف وأن تذبح الأضاحي في البيوت وفي بلد المضحي كما دلت عليه السنة، وكما عليه عمل المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى حصل هذا الإحداث ،فإني أخشى أن يكون بدعة وقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وقال عليه الصلاة والسلام "وإياكم ومحدثات الأمور ،فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"
ومن أراد أن يتصدق على المحتاجين فباب الصدقة مفتوح ولا تغير العبادة عن وجهها الشرعي باسم الصدقة)
أ.هـ كلامه ((مجلة الدعوة/العدد1878))
ونسأل الله السداد في القول والعمل وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.