أم يوسف
12-05-2010, 07:33 PM
مدخل||~الهولة في مأزق .. إن انتموا للعرب،
اهليهم، قللّوا من شأنهم وان انتــــــــــــــمى
بعضهم لمناطق بفارس أنــــــــــــــــكر الفرس
وطنيتهم لأصولهم العــــــــــــــــربية...،،،،،،،،
رحلة الى بلاد العرب في فارس (الجزء الاول)
http://ArabAlsahel.net/vb/showthread.php?t=4161
رحلة الى بلاد العرب في فارس (الجزء الثاني)
http://ArabAlsahel.net/vb/showthread.php?t=4203
رحلة الى بلاد العرب في فارس (الجزء الثالث)
http://ArabAlsahel.net/vb/showthread.php?t=4228
اليكم الجزء الرابع والاخير.. اتمنى لكم قرآءة ممتعة..
في بندر لنجة:
شاهدنا (كورنيش) لنجة الجديد وأمامة وحلات تجارية، وقلنا للسائق بأنه يجب علينا أن نسأل أحد أهل لنجة عن بيت عبدالرحمن بن سعد القديم الذي كان في لمجة. وبعد ذلك وجدنا رجلاً شايب لابساً ثوباً عربياً وغترة ولكن شكله يعاني من الخرف(خرفان) وعندما سألناه قال لنا انه لايعرف شيئاً، ووجدنا شباباً عند بقالة وكلمناهم وتبين لنا بأنهم عرب وقال فالح لأحد الشبان: (أليس هناك أحد كبير بالسن يخبرنا أبن الأماكن القديمة في لنجة؟) قال الولد الشاب نعم. هناك رجل اسمه فلان بن فلان .. وأخذنا أحد الشباب إلى البيت ودخل الولد ونادى الرجل الشايب. وكان الرجل ثوباً عربياً وغترة ويتكلم العربية بطلاقة كأنه من أهل الكويت . وعندما سأله فالح عن الموضوع، بدا أن الرجل قد أثرت فيه المدنية لذلك لم يكن استقباله لنا بحرارة عرب فاس سكان القرى، ولم يقل لنا تفضلوا وانما جاوبنا بالقول: " ناس ماتوا من 50 سنة توكم تجون تسألون عنهم" قال له فالح: ما المطلوب .. أن أخلق قبل 50 سنة لكي آتي لأسأل عنهم؟
http://up.a7bk-a.com/img1/wss57427.jpg (http://forums.a7bk-a.com/)
كان الرجل يفكر بأن فالح يبحث عن إرث أو قليل من المال مقابل قيمة الأرض التي كانت لجده الشيخ عبدالرحمن. وبعد إيضاح الامور له سألناه: أين يقع بيت يوسف بهزاد؟ لان هذا البيت كان قريبا من بيت ابن راجح، فقال الرجل: هذا البيت يقع في فريج (اللنجية) وهو بالقرب من فريج البحارنة. المهم تركنا الرجل وتجولنا في بلدة لنجة.
بلدة لنجه متطورة نوعا ما، فيها مطار داخلي وفيها مرسى للسفن ومرسى للعبارة التي تربط لنجة(بدبي) وفيها سوق كبير، والبيوت أغلبها من الخرسانة والطوب والحديد ويوجد عدد من المباني القديمة وكل المباني القديمة فيها أبراج تهوية (بادجير). وهذا يختلف عن القرى الواقعة حول نابند، ونحن نتجول وجدنا رجلاً عربياً يمشي لابساً ثوباً وغترة وتحدث إليه فالح وسأله عن بيت جده عبدالرحمن؟ قال الرجل: لم أسمع عنه. قال له فالح البيت كان بالقرب من بيت يوسف بهزاد فقال: إن هذا البيت في فريج اللنجية. ووصف لنا المكان وقال "أنا مااقدر اجي معاكم لاني أمشي أتمرن". وكان هذا الرجل شيعي المذهب من سكان الامارات وأصله من لنجة، وكان يعتقد بأننا من أبناء الطائفة الشيعية.
بعد ذلك ذهبنا حسب وصفه لنا، ووصلنا عند فريج البحارنة وكان به مسجد للشيعة وكان على المسجد أعلام حمراء وخضراء وسوداء، وكان المسجد عبارة عن قبة في المنتصف مكسية بسيراميك صغير أزرق اللون وبجانب القبة منارة. وكان المسجد مكتظاً بالزوار نساء تدخل ورجال تخرج. وبعد ذلك تقابلنا مع رجل شاب سني المذهب اسمه سيد محمد يوسف هاشمي، وكان عنده مكتب عقاري وكان يتكلم "عربي مكسر".
وكان رجلاً محترماً جداً ويحب التاريخ والتراث وخصوصاً تاريخ العمارة والبناء القديم وعندما وصف له فالح بيت جده قال: يا أخ فالح المكان الذي تصفه يقع في فريج اللنجية. وهذا هو فريج أجدادي قديما وكان هؤلاء الناس يعملون في الطواشة والغوص والسفر والتجارة. وراح مع فالح الى المكان وقال: يا أخ فالح البيوت هذي بعد هجرة أهلها إلى الامارات والبحرين والكويت. تحولت الى معسكر للشرطة. وكل المنازل هدمت وبني عليها"حوطه" عبارة عن جدار خرسانة فيه سكن أو مقر للشرطة. وبعد ذلك قال السيد محمد هاشمي أنا سوف آخذكم لرجل يعرف تاريخ المنطقة وخصوصاً بيت يوسف بهزاد واسم الرجل (البستكي) وأخذنا السيارة وتوجهنا إلى أن وصلنا بيت البستكي ونزل الهاشمي. وسأل أهل البيت وقالوا بأن والدهم في الدكان في السوق.ورحنا الى السوق ودخلنا دكان البستكي وكان رجلاً يلبس بنطلوناً و"جاكيت" بني ولا يتكلم عربي(عجمي) سني المذهب.
البحث عن البيت:
جلسنا نتحدث اليى الهاشمي وهو يترجم لنا، وكان على دراية واسعة ببيت بهزاد إلا أننا لم نستفد منه كثيرا. وبعد ذلك أذن علينا المغرب ونحن عندهم تركناهم وتوجهنا الى المسجد ودخلنا نتوضأ وكانت الصلاة منتهية وبعد ماأتممت وضوئي توجه نحوي رجل عربي يلبس ثوباً وغترة بيضاء وأخذ يكلمني بالفارسي، فلم أفهم من كلامه شيئاً ز وبعدها عرف بأني عرب وقام يتكلم معي بالعربية بلهجة أهل الخليج، مثل أهل البحرينوقليل من لهجة أهل الامارات. وقال لي نحن في هذا المسجد لدينا نظام لا يجوز لأي أحد أن يدخل مكان الوضوء بحذاء يجب أن تلبس "نعال زنوبة". وقلت له لست من هذا البلد. وسألته: هل أنت من آل بوسميط؟ قال لا: أنا أصلي عماني ولكن أجدادي يسكنون هذه البلاد من قديم الزمان. وأنا من قرية شناص وتوجد قرية أخرى في لنجة اسمها الرستاق أيضاً. وقال لي كان منذ زمن بعض عوائل أل سميط يسكنون لنجة، ولكن هاجروا الى الكويت. وبعدها تركني وخرج من المسجدن وبعدها دخلنا إلى المسجد وكان فالح قد سبقني وفي ذلك وجدته يتحدث الى رجل كبير السن واتضح لي بعد ذلك بأن الرجل هو إمام المسجد وكان عمله قديماً "نوخذه" وكان قد سمع باسم آل بن راجح.
يعد ذلك دخلنا المسجد وصلينا المغرب والعشاء (جمعاً وقصراً تقديماً). وبعد الصلاة رجعنا الى مكتب السيد محمد بن يوسف الهاشمي ودخلنا وقام السيد محمد وأحضر الينا رجلاً من البحارنة عمره قرابة 60 سنة. وكان قصير القامة نحيفاً يلبس ثوباً وطاقية ويضع الغترة البيضاء على الكتف وشكله من أهل القطيف لايختلف عنهم في شيء، سواء الشكل أو اللهجة أو حتى اللباس، وكان يتحدث الفارسية والعربية ولكنه يعاني من صعوبة في السمع. دخل وعرف باسمه وقال: أنا السيد علوي الموسوي وقال بأنه كان مسؤولاً عن التعريف بملاك الأراضي في لنجه للدولة وقام يعرض لنا خبرته ومعلوماته الواسعة في هذا المجال.
سأله فالح: أتعرف بيت عبدالرحمن بن سعد الذي في اللنجية؟ فقال: لا. أنا أعرف بيت السيد شبر الموسوي، وسرد لنا قصة بأنه" ومنذ زمن كان هناك رجل ثري يسكن أمام بيت السيد شبر الموسوي وقال بأنه يرغب بأن يبات ويصبح فرداً من آل البيت مقابل أن يدفع مبلغاً للدولة. وبالفعل ذهب الى طهران، فقالوا له: والله لو تدفع أموال الدنيا لاتصبح "سيداً" لايصير سيداً الا الذي جده رسول الله ويكون من ذريته".
بيوت المهاجرين:
قررنا المغادرة وودعنا السيد علوي وبعد ذلك وودعنا ذلك دفعنا اجرة السائق (الدشتي) وتركناه يغادرنا. وأخذنا السيد محمد بن يوسف هاشمي الى مكان بلنجة من جهة البحر وشاهدنا أماكن بيوت جد فالح وكانت هذه المنطقة فيها بيوت المهاجرين العرب من البحرين اصلا. وأخبرنا بأنه وبعد حي اللنجية الذي يقع فيه بيت عبدالرحمن بن سعد يأتي حي آخر اسمه حي (السماجة)، وكان يسكنه آل بو سميط. وبعد لك اخذنا السيد محمد بن يوسف الهاشمي الى منزله وأعد لنا الشاي والقهوة التركية على الطريقة الفارسية. وحاول الاتصال برجل من اهالي بلدة(كشة) الواقعة عند مدخل بلدة لنجة، ولكن لم يجد الرجل.
وبعد ذلك خرجنا مع السيد محمد لكي نبحث عن فندق في بلدة لنجة. وفعلا وجدنا فندقا في بطن السوق وكان السجن يشبه غرف السجون. غرفة فيها ثلاث اسرة والحمام مشترك لجميع نزلاء الفندق. ورفضنا ان نسكن فيه . وقال الهاشمي "هناك فندق ممتاز في مكان آخر على البحر وهذا الفندق هو افضل فندق في لنجه". وبالفعل رحنا الى الفندق وكان فيه اعمال صيانة كل شي فيه مكسر وقلنا "خلاص مافيه حل الا نسكن فيه". ودخلنا ةتحدثنا الى موظف الاستعلامات واخذنا جولة في غرف الفندق وكانت مثل سجن (ابو غريب) مقر التعذيب في العراق. وكانت بالغرفة اللي سكنها فيها شرفة تطل على توسعة للغرفة التي كنا بها وفي الشرفة"طعس من الرمل"! كان سعر الغرفه في الليلة 40 دولاراً.
وقال فالح لموظف الاستعلامات وكان ولداً شاباً عمره 20 سنة: كم نجمة هذا الفندق؟ فقال الايراني هذا الفندق ثلاث نجوم ؟ لااعتقد ذلك! عن أي نجوم تتحدث؟ عن نجوم السماءّ المهم وبعد دخولنا الغرفة لكي ننام كانت الساعة قرابة الواحدة فجراً، وبعد ساعة واحدة من دخولنا الغرفة انقطعت علينا الكهرباء وكدنا ان نموت من الرطوبة والحرارة وعند طلوع الشمس قال فالح: علينا مغدرة هذا الفندق حالا.
وبعد ذلك نزلنا ودفعنا حسابنا مع الفندق. دفعنا لهم نصف القيمة 20دولاراً ولك بعد ان خصم لنا اضرار انقطاع التيار الكهربائي. فأخذنا الحقائب وسحبناها خلفنا قرابة كيلومتر واحد، حيث لاوجود لسيارات الاجرة بالقرب من هذا الفندق. ومشينا الكيلومتر ونحن نضحك على هذا الوضع المزري. وبعد ذلك توقف لنا سائق اجرة وكبنا وكنا ننوي الذهاب الى احد المطاعم لتناول وجبة الافطار، وبعد ذلك نلتقي مع السيد محمد الهاشمي لكي يبحث لنا عن منزل للايجار نسكن فيه بدلا من الفندق الذي قضينا فيه الليلة الماضية.
http://up.a7bk-a.com/img1/fub57427.jpg (http://forums.a7bk-a.com/)
وفي هذه الاثناء توقف سائق الاجرة امام مكتب سفريات بالصدفة، فطلبنا منه انزالنا هنا. فقال فالح من الافضل ان نغادر هذه البلدة باسرع وقت ممكن، فدخلنا المكتب. كان التفاهم مع موظفي الاستقبال من اصعب مايكون: نحن نتحدث العربية وهم يتكلمون الفارسية، وبفضل من الله استطعنا ان نفهمهم، فكانت توجد طائرة واحدة متجهة من لنجة الي شيراز في اليوم نفسه الساعة 9:30 صباحاً. لذا كان امامنا ساعة واحدة فقط، وكانت التذاكر التي بحوزتنا تبين بأن السفر يوم الجمعة الساعة 11 صباحاً وفي اليوم نفسه الساعة 5 مساءاَ الى البحرين، فغيرنا الحجز الى يوم الاربعاء بدل يوم الجمعة، وتوجهنا مباشرة الى المطار واتصلنا بالسيد محمد الهاشمي. وقال انتظروني سوف أحضر للمطار لاودعكم، وكان هذا الرجل بحق افضل شيء في لنجة. وبالفعل حضر لنا واحضر لنا هدية صورة لنجة لي ومجسم لبرج التهوية (بادجير) لفالح، وانتظرنا السيد محمد الهاشمي حتى موعد دخولنا قاعة المغادرة وبعد ذلك ودعنا وغدرنا المطار.
شيراز: الاربعاء 21سبتمبر/أيلول 2005
في قاعة المغادرة شاهدنا رجلاً عربياً كبيرا في السن ومعه رجلان. وكان الشيخ العربي يرتدي الثوب والغترة"عصبة الرأس". وقلت للاخ فالح هذا عربي فقام الاخ فالح واقترب من الرجل وسلم عليه وجلس بجانبه وأخذ يتحدث معه. وبعدها غادرت مكان جلوسي واقتربت من فالح والرجل العربي، وكان الشيخ اسمه أحمد بن محمد الحمادي وبرفقته ولده عيسى وقريب لهم من اهل بلدة المقام اسمه سالم. وعند وصولي لهم كان العم ابومحمد يخبر فالح عن ميناء لنجة ومدخل لنجة القديم حيث كانت المنازل القريبة من الساحل تحتوي على مظلات أمامية يجلس تحتها الناس وخصوصاً البحارة النجارون (القلاليف) الذين كانوا يشتغلون في صناعة السقن ونقل البضائع.
جلسنا نتبادل أطراف الحديث مع ابي محمد الى ان جاء موعد اقلاع الطائرة من مطار لنجة الى مطار شيراز وركبنا الطائرة وطارت بنا قرابة الساعه 11 ظهراً ووصلنا الى شيراز الساعة 11:30 صباحاً وفي مطار شيراز تقابلنا مرة اخرى مع ابي محمد وعرض عليهم فالح مرافقتنا الى الفندق. أخبرهم عن الفندق الممتاز الذي سكنا فيه عند وصولنا شيراز واخبرهم باسم الفندق(باريس). وقال بأن هذا الفندق أحسن فندق في شيراز وفعلاً وافق ابومحمد على ان يرافقنا وتوجهنا الى فندق (باريس) ولكن لم نجد غرفاً فارغة، فعرض علينا أهل الفندق أن نسكن في فندق قريب لمدة يوم واحد وغداً ظهراً سيوفرون لنا غرفة فارغة بمشيئة الله.
وبالفعل اخذنا السائق الى فندق في مكان آخر قريب من السوق اسمه (عبادات) وكان فندقاً جيداً جداً وفيه مطعم في الدور الارضي. وفيه رجل ايراني مسن يخدم مرتادي الفندق المطعم عصبي لايجيد التفاهم. تناولنا الغداء مع ابي محمد في هذا المطعم، ومن ثم قضينا هذا اليوم كله في السوق نمشي انا وفالح من العصر الى صلاة العشاء وبعدها خلدنا الى النوم.
http://up.a7bk-a.com/img1/flt57427.jpg (http://forums.a7bk-a.com/)
رحلة العودة واجتياز الخليج غرباً: يوم الخميس 22/سبتمبر/2005
استيقظنا في الصباح الباكر ونزلنا المطعم وقال أبو محمد سوف الحق بكم بعد قليل في المطعم ولكنه انشغل. وبعدها خرجنا الى سوق السجاد واخذنا 3 ساعات ونحن نتجول لان فالح يبحث عن سجادة (زوليه) لبيته. وفي تمام الساعة ال2 ظهراً رجعنا وجلست أنا مع العم أبي محمد الحمادي نتحدث في حين غادر فالح وعيسى وسالم الفندق الى السوق لجلب الغداء. وقال لي أبو محمد قصة من الموروث الشعبي عند عرب بر فارس عن حاكم البصرة.
حسين باشا:
كان حاكما للبصرة في أثنا حكمه كان يخرج للتجول على شط العرب، وفي أثناء تجوله على الشط شاهد بعض البنات زكانت احداهن بارعة الجمال فقال فيها وهو المشهور بحبه للنساء:
أنت تصرين واتصر النعل بقدامج
ان كان بحرج غزر والبلد مارامج
لنتي سعدتي ولا سعدت ايامج
وردت عليه البنت الجميلة:
ياحسين دهرك تقضى والزمان اقفى
وخيول سعدك تياول مالها في الزمان وقفه
غير الكفن واللحد مالك وقفه
وعندما سمع حسين باشا هذا الرد عرف ان البنت قريبته وانها بنت اخته وقال:
بسي بسي من شرب الخمر بسي
ترى ياناس الخمر خبص أبنفسي
لول زنيت بالناس واليوم أنزني بنفسي
وعندما وصل هذا الخبر الى جماعة حسين باشا قالوا له انت مالك الا ان نقتلك او تهاجر وتترك البصرة. فقال مالي الا ان اهاجر، وقبل ان يهاجر اخذ يمشي في البصرة وهو يحمل طفله الصغير الرضيع على كتفه. وكاد وهو يمشي ان يضع قدمه على ثعبان في حفرة الطريق فقال احد الصبيان في البصرة يا باشا حسين انتبه امامك حية. فقال الطفل الرضيع من على كتف والده حسين باشا: خله خل الحية تلدغه. وهذا دليل على كره الناس لحسين باشا.
وبعدها هاجر حسين باشا الى بر فارس عن طريق الاهواز وصادف في الطريق مزرعة وكان الوقت وقت حصاد الحب ويسمى (بيادر وجواخير) عند عرب فارس. ولما وصل عند أحد البساتين طلب من صاحب البستان الطعام فقال له: أعطيك بشرط ان تعمل في حقلي فوافق الباشا حسين،وفي صباح اليوم التالي احضر صاحب المزرعة مقلاعاً واعطاه للباشا حسين وطلب منه حماية المزرعة من الطيور التي تأكل الذرة (وتنطق ازره) عند عرب فارس، فأخذ حسين باشا يتابع الطيور وهم يهاجمون الزرع بأعداد كبيرة وعندها تعب حسين باشا وقال:
كنا غنايا وعندنا الحصر والمير
واليوم عادنا الدهر نحمي الدخن
ونقطع نصيب الطير
وهرب بعدها من المزرعة ووصل الحالة بلاد عرب آل حرم وشاف الناس لاهية عنه ولا احد حوله فقال:
يادار يادار مافيج نفاخة قلم
نازلينج بخالة وين أهل الكرم
قط أنا ماشفت بخالة مثل الحرم
عندها قام له بعض الحرم وأكرموه وأحشموه. وبات تلك الليلة عندهم واصبح وتابع سفره الى ان وصل سمان البدو أي ديار البدو(بني حماد) المقام والسيح وابو جبرائيل وكان يرافق بني حماد الدواسر الذي هاجروا الى الدمام، وعندما وصل لم يجد أحداً فقال:
يوم جيت للبدو تبني
تبني من الشعر لاشل ولاتبني
من بعد الديباج والمطارح
صار مرقدي تبني
واكرمه بنو حماد (البدو) وكان معهم رجل من العبادلة والباشا حسين شاف له حرمة تدووي ماي من الطوي فقام العبيدلي يرغب في منافسة الباشا حسين في الشعر فقال له حسين باشا:
ان كان انت شاعر ولك في الشعر تعريفه
اطلع الديك من الشيشة
بالك تنتف منه ريشه
واصل حسين باشا السفر الى ان وصل بلدة لنجة وتزوج فيها وبعد سنوات قرر السفر الى عمان وترك بلدة لنجة وقال حق زوجته تجهز نفسها حق السفر فرفضت الزوجة وسافر الى عمان وترك زوجته في لنجة.
جبل شيروه:
نعود الى رحلتنا، وبعد ان اتم الشيخ محمد الحمادي قصة الباشا حسين وصل فالح والشباب وصعدنا الى الغرفة لنتغدى. وبعدها خرج فالح مع سالم وعيسى علشان يشترون فرش(سجاد) وجلست مع العم ابو محمد وسولفت معاه من العصر الى اذان المغرب عن بلاد فارس أول وكان من النقاط الهامة التي ذكرها لي بأن عرب فارس هاجروا الى دول الخليج العربية بعد نزع السلاح من رجال القبائل العربية وتم توزيع العديد من الجنود الايرانيين الذين يطلق عليهم (الكزاغ) وعندما أمر رضا بهلوي بنزع الحجاب أخ العرب في بر فارس يرددون هذا المثل الجميل:
جبل شيروه وش طوله
طاح زمن البطولة
وتابع أبو محمد سرد قصص عديدة منها عمله في الامارات والكويت وعن اسباب ظهور الشيب في شعره بسرعه، من الهم والتعب. وبعد ذلك جاء فالح وسالم وعيسى. طلبنا شاي وجلسنا مع ابي محمد. و"سولفنا" عن تاريخ فارس وكيف يبنون البيوت قديما وكانت الجلسة من اجمل الليالي في ايران وسهرنا الى الساعه 12 وبعد ذلك نزلنا نلعب بلياردو. وبعد ذلك طلعت الى الغرفة اكمل كتابة احداث السفرة وبعدها(نمت) وقمنا الصباح من يوم الجمعة على صوت طرق الباب كان ابو محمد ومعه سالم يطلبون منا ان ننزل نفطر. وفي الفطور قال لي ابو محمد قصيده من اعداده ، وبعد الفطور تواعدنا ان نروح نصلي صلاة الجمعة.
يوم الجمعة 23/سبتمبر/2005
وبينما نحن جالسون مع العم ابو محمد الحمادي في مطعم الفندق في شيراز قال هذا النظم:
انك خليل ونور العلم في خيالك يدور
التاريخ نور لكل مغلق ومدثور
هكذا الايام بين الشعوب تدور
قل همو من ارض فارس وهذه اثارهم في الافاق تدور
ان الفت لنا تاريخ فاننا بك فخور
سطر لمن بعدنا حتى يعلموا باننا عرب ولنا تاريخ وجذور
حتى لايقول من يأتي من بعدنا من أين هذه العرب
والسلام على من يأتي من بعدنا
يقرأ التاريخ ويفهم ماكان من قبلنا يصير
بعدها نزلنا السوق وتجولنا في محلات بيع الحلويات والمكسرات والفواكه المجففه كالتين والزبيب وغيره الى الساعة العاشرة وبعد ذلك عدنا الى الفندق وتجمعنا في بهوه نحن وابو محمد الحمادي وبعد ذلك استاجرنا سيارة خاصة وتوجهنا الى احد مساجد السنة في مدينة شيراز وعند وصولنا المسجد دخلنا وكان المسجد يغص بأعداد المصلين وأخذنا نقرأ القرآن وبعد ذلك قام شاب كان يجلس بالقرب من المحراب وأذن الاذان الثاني لصلاة الجمعة وبعد الانتهاء من الاذان خرج على المنبر شيخ يرتدي ثوباً أبيض وعباءة صفراء وتغطي رأسه عمامة صغيرة كعمامة علماء السنة في العراق، وحمد الله واثنى عليه وخطب خطبة باللغة العربية بطلاقة لسان فلم الاحظ عليه أي تعثر في نطق الاحرف او العبارات العربية وبعد قرابة العشر دقائق ترجم الخطبة باللغة الفارسية الى ان اتمها وبعد ذلك أقيمت الصلاة وصلينا، وبعد أن فرغنا من أداء الصلاة خرجت من المسجد.
العربية تحت الشجرة:
عند خروجي من المسجد أخذت حذائي واحتميت من حرارة الشمس تحت ظل شجرة كبيرة كانت أمام المسجد وبينما أنا أنتظر اقتربت مني مجموعة من الرجال بعضهم يرتدي البنطال وقليل منهم يرتدون الثوب والغترة وعندما أصبحوا بالقرب مني أخذ الرجال يتحدثون الى بعضهم البعض باللغة العربية بلهجة أهل الخليج الدارجة فتبين لي بعد لك بأنهم من عرب بر فارس الذين يعملون في شيراز، وبعد ذلك وصل الاخ فالح وسالم وابو محمد وابنه وانتقلنا الى ناصية الطريق ووقفت لنا سيارة أجرة وتوجهنا إلى الفندق.
وبعد أن تناولنا وجبة الغداء استرحنا قليلاً وأخذنا نجهز حقائب السفر وبعد صلاة العصر استأجرنا سيار ة أجرة واستأجر ابو محمد سيارة اجرة ثانية وخرجنا في جولة سريعة نشاهد فيها معالم شيراز الى ان يحين موعد اقلاع الطائرة فتوجهنا الى منتزه عام في شيراز والتقطنا بعض الصور التذكارية ثم انتقلنا الى مزرعة أخرى كبيرة في منتصفها مبنى جميل أمامه بركة ماء يلقي فيها الزوار النقود الورقية والمعدنية. كان ذلك المبني هو عبارة عن ضريح الشاعر الفارسي الشهير سعدي، وعندما دخلنا قال أبو محمد اقرأوا الفاتحة على قبر سعدي وأخذ يقرأ الفاتحة، وكانت جدران الضريح مزينة بقصائد كتبت بالفارسية كانت تزين الجدار من الاعلى الى الاسفل، فقال فالح لأبي محمد: يا أبو محمد هل تفهم معنى هذه الابيات؟ فقال أبو محمد نعم ولكني لا أستطيع قراءتها. كان أبو محمد يعاني من وجود ماء كثيف يغطي عينيه، فطلب أبو محمد من صهره سالم أن يقرأ أبيات الشعر باللغة الفارسية فقرأها سالم وأخذ أبو محمد يترجم معاني الابيات الاول تلو الآخر وكانت الابيات تتحدث عن الحكمة والزهد والآخرة وماالى ذلك من الوعظ والنصح.
بعد ذلك خرجنا من الضريح وتوجهنا الى مواقف السيارات وودعنا ابو محمد وابنه وصهره سالم وركبنا سيارة الاجرة وتوجهنا الى مطار شيراز الدولي وكانت الساعة قرابة الخامسة والنصف مساء، وبعد ذلك دخلنا المطار. أنهينا اجراءات المغادرة ودخلنا قاعة المغادرة وجلسنا الى قرابة الساعة السادسة والنصف مساءاً. وفي المطار تقابلنا مع رجل كويتي مقيم في كندا وكان قادماً الى طهران لزيارة قبور الأئمة، وبعد الحديث معه تبين أن الرجل غربي الفكر والتوجه وكان طويل القامة أصلعاً ويرتدي بذلة سوداء رسمية وكان مستاء من الخدمات في ايران وكان يرى أن زمن الشاه محمد رضا بهلوي أفضل من الوضع الحالي.
وفي تمام الساعة السابعة مساءاً ركبنا الطائرة وأقلعت الطائرة متجهة الى مطار البحرين الدولي بالمحرق وبعد 45 دقيقة وصلنا مطار البحرين ودخلنا المطار واستلمنا حقائب السفر وأخذت سيارتي من موقف المطار واتجهنا مباشرة الى المملكة العربية السعودية وأنزلت الاخ فالح في منزل عمه في مدينة الخبر وتوجهت أنا الى منزلي في مدينة الدمام وعند وصولي الدمام صليت المغرب والعشاء جمع تأخير، وبذلك انتهت رحلتي الى بر فارس.
وفي بلدة لنجة يقو الاخ فالح بن سعد القحطاني الابيات التالية:
عزاه ياديرة غير هالدهر وأملاك الشيوخ البهلوي عليها حاز
ياقصور لنجه مابقالش أثر مخيالنا فيها ماعاد له مركاز
ياقصور العز والكرامة والفخر أرجالها روسٍ مع الحق تنحاز
عوايلٍ من نجد ما ردعها بحر أديار أهل خير بالكرم تحتاز
يياوش الموج في عز الخطر حرٍ في عيشته ماهو شبيه الباز
أسال هل البحرين والشارقة وقطر واسأل أهل نجد وأطراف الحجاز
وتجار الخليج من بدو وحضر وأهل الهند عن اللي للبحر اجتاز
عن ابن راجح أقولها بليا فخر مجلسه ملفى الكل معتاز
عبدٍ من الرحمن شيخ مقتدر صيت وجاه وما كل بها فاز
الاصل قحطاني والبطن من فهر على ملة نبينا صاحب الاعجاز
مايعيب الصبي بجده يفتخر لابد يتذكر من جده انجاز
هذا كلامي ما نويته شعر خوفي من التاريخ يختفي كما القاز
التاريخ بالكتابة يبقى وينذكر تعرفه أجيال همها التلفاز
المراجل ماهي لبن راجح حكر بلادنا خصبة للخير منبع ومكناز
آخر كلامي صلاتي على النبي المختار ويحفظ الله حوزته من بد الاحواز
فالح الراجح القحطاني
25/9/2005
ام الساهك
المصدر: تاريخ عرب الهولة والعتوب،جلال الهارون الانصاري، الدار العربية للموسوعات،بيروت،ص263_278،سنة 2010م
اهليهم، قللّوا من شأنهم وان انتــــــــــــــمى
بعضهم لمناطق بفارس أنــــــــــــــــكر الفرس
وطنيتهم لأصولهم العــــــــــــــــربية...،،،،،،،،
رحلة الى بلاد العرب في فارس (الجزء الاول)
http://ArabAlsahel.net/vb/showthread.php?t=4161
رحلة الى بلاد العرب في فارس (الجزء الثاني)
http://ArabAlsahel.net/vb/showthread.php?t=4203
رحلة الى بلاد العرب في فارس (الجزء الثالث)
http://ArabAlsahel.net/vb/showthread.php?t=4228
اليكم الجزء الرابع والاخير.. اتمنى لكم قرآءة ممتعة..
في بندر لنجة:
شاهدنا (كورنيش) لنجة الجديد وأمامة وحلات تجارية، وقلنا للسائق بأنه يجب علينا أن نسأل أحد أهل لنجة عن بيت عبدالرحمن بن سعد القديم الذي كان في لمجة. وبعد ذلك وجدنا رجلاً شايب لابساً ثوباً عربياً وغترة ولكن شكله يعاني من الخرف(خرفان) وعندما سألناه قال لنا انه لايعرف شيئاً، ووجدنا شباباً عند بقالة وكلمناهم وتبين لنا بأنهم عرب وقال فالح لأحد الشبان: (أليس هناك أحد كبير بالسن يخبرنا أبن الأماكن القديمة في لنجة؟) قال الولد الشاب نعم. هناك رجل اسمه فلان بن فلان .. وأخذنا أحد الشباب إلى البيت ودخل الولد ونادى الرجل الشايب. وكان الرجل ثوباً عربياً وغترة ويتكلم العربية بطلاقة كأنه من أهل الكويت . وعندما سأله فالح عن الموضوع، بدا أن الرجل قد أثرت فيه المدنية لذلك لم يكن استقباله لنا بحرارة عرب فاس سكان القرى، ولم يقل لنا تفضلوا وانما جاوبنا بالقول: " ناس ماتوا من 50 سنة توكم تجون تسألون عنهم" قال له فالح: ما المطلوب .. أن أخلق قبل 50 سنة لكي آتي لأسأل عنهم؟
http://up.a7bk-a.com/img1/wss57427.jpg (http://forums.a7bk-a.com/)
كان الرجل يفكر بأن فالح يبحث عن إرث أو قليل من المال مقابل قيمة الأرض التي كانت لجده الشيخ عبدالرحمن. وبعد إيضاح الامور له سألناه: أين يقع بيت يوسف بهزاد؟ لان هذا البيت كان قريبا من بيت ابن راجح، فقال الرجل: هذا البيت يقع في فريج (اللنجية) وهو بالقرب من فريج البحارنة. المهم تركنا الرجل وتجولنا في بلدة لنجة.
بلدة لنجه متطورة نوعا ما، فيها مطار داخلي وفيها مرسى للسفن ومرسى للعبارة التي تربط لنجة(بدبي) وفيها سوق كبير، والبيوت أغلبها من الخرسانة والطوب والحديد ويوجد عدد من المباني القديمة وكل المباني القديمة فيها أبراج تهوية (بادجير). وهذا يختلف عن القرى الواقعة حول نابند، ونحن نتجول وجدنا رجلاً عربياً يمشي لابساً ثوباً وغترة وتحدث إليه فالح وسأله عن بيت جده عبدالرحمن؟ قال الرجل: لم أسمع عنه. قال له فالح البيت كان بالقرب من بيت يوسف بهزاد فقال: إن هذا البيت في فريج اللنجية. ووصف لنا المكان وقال "أنا مااقدر اجي معاكم لاني أمشي أتمرن". وكان هذا الرجل شيعي المذهب من سكان الامارات وأصله من لنجة، وكان يعتقد بأننا من أبناء الطائفة الشيعية.
بعد ذلك ذهبنا حسب وصفه لنا، ووصلنا عند فريج البحارنة وكان به مسجد للشيعة وكان على المسجد أعلام حمراء وخضراء وسوداء، وكان المسجد عبارة عن قبة في المنتصف مكسية بسيراميك صغير أزرق اللون وبجانب القبة منارة. وكان المسجد مكتظاً بالزوار نساء تدخل ورجال تخرج. وبعد ذلك تقابلنا مع رجل شاب سني المذهب اسمه سيد محمد يوسف هاشمي، وكان عنده مكتب عقاري وكان يتكلم "عربي مكسر".
وكان رجلاً محترماً جداً ويحب التاريخ والتراث وخصوصاً تاريخ العمارة والبناء القديم وعندما وصف له فالح بيت جده قال: يا أخ فالح المكان الذي تصفه يقع في فريج اللنجية. وهذا هو فريج أجدادي قديما وكان هؤلاء الناس يعملون في الطواشة والغوص والسفر والتجارة. وراح مع فالح الى المكان وقال: يا أخ فالح البيوت هذي بعد هجرة أهلها إلى الامارات والبحرين والكويت. تحولت الى معسكر للشرطة. وكل المنازل هدمت وبني عليها"حوطه" عبارة عن جدار خرسانة فيه سكن أو مقر للشرطة. وبعد ذلك قال السيد محمد هاشمي أنا سوف آخذكم لرجل يعرف تاريخ المنطقة وخصوصاً بيت يوسف بهزاد واسم الرجل (البستكي) وأخذنا السيارة وتوجهنا إلى أن وصلنا بيت البستكي ونزل الهاشمي. وسأل أهل البيت وقالوا بأن والدهم في الدكان في السوق.ورحنا الى السوق ودخلنا دكان البستكي وكان رجلاً يلبس بنطلوناً و"جاكيت" بني ولا يتكلم عربي(عجمي) سني المذهب.
البحث عن البيت:
جلسنا نتحدث اليى الهاشمي وهو يترجم لنا، وكان على دراية واسعة ببيت بهزاد إلا أننا لم نستفد منه كثيرا. وبعد ذلك أذن علينا المغرب ونحن عندهم تركناهم وتوجهنا الى المسجد ودخلنا نتوضأ وكانت الصلاة منتهية وبعد ماأتممت وضوئي توجه نحوي رجل عربي يلبس ثوباً وغترة بيضاء وأخذ يكلمني بالفارسي، فلم أفهم من كلامه شيئاً ز وبعدها عرف بأني عرب وقام يتكلم معي بالعربية بلهجة أهل الخليج، مثل أهل البحرينوقليل من لهجة أهل الامارات. وقال لي نحن في هذا المسجد لدينا نظام لا يجوز لأي أحد أن يدخل مكان الوضوء بحذاء يجب أن تلبس "نعال زنوبة". وقلت له لست من هذا البلد. وسألته: هل أنت من آل بوسميط؟ قال لا: أنا أصلي عماني ولكن أجدادي يسكنون هذه البلاد من قديم الزمان. وأنا من قرية شناص وتوجد قرية أخرى في لنجة اسمها الرستاق أيضاً. وقال لي كان منذ زمن بعض عوائل أل سميط يسكنون لنجة، ولكن هاجروا الى الكويت. وبعدها تركني وخرج من المسجدن وبعدها دخلنا إلى المسجد وكان فالح قد سبقني وفي ذلك وجدته يتحدث الى رجل كبير السن واتضح لي بعد ذلك بأن الرجل هو إمام المسجد وكان عمله قديماً "نوخذه" وكان قد سمع باسم آل بن راجح.
يعد ذلك دخلنا المسجد وصلينا المغرب والعشاء (جمعاً وقصراً تقديماً). وبعد الصلاة رجعنا الى مكتب السيد محمد بن يوسف الهاشمي ودخلنا وقام السيد محمد وأحضر الينا رجلاً من البحارنة عمره قرابة 60 سنة. وكان قصير القامة نحيفاً يلبس ثوباً وطاقية ويضع الغترة البيضاء على الكتف وشكله من أهل القطيف لايختلف عنهم في شيء، سواء الشكل أو اللهجة أو حتى اللباس، وكان يتحدث الفارسية والعربية ولكنه يعاني من صعوبة في السمع. دخل وعرف باسمه وقال: أنا السيد علوي الموسوي وقال بأنه كان مسؤولاً عن التعريف بملاك الأراضي في لنجه للدولة وقام يعرض لنا خبرته ومعلوماته الواسعة في هذا المجال.
سأله فالح: أتعرف بيت عبدالرحمن بن سعد الذي في اللنجية؟ فقال: لا. أنا أعرف بيت السيد شبر الموسوي، وسرد لنا قصة بأنه" ومنذ زمن كان هناك رجل ثري يسكن أمام بيت السيد شبر الموسوي وقال بأنه يرغب بأن يبات ويصبح فرداً من آل البيت مقابل أن يدفع مبلغاً للدولة. وبالفعل ذهب الى طهران، فقالوا له: والله لو تدفع أموال الدنيا لاتصبح "سيداً" لايصير سيداً الا الذي جده رسول الله ويكون من ذريته".
بيوت المهاجرين:
قررنا المغادرة وودعنا السيد علوي وبعد ذلك وودعنا ذلك دفعنا اجرة السائق (الدشتي) وتركناه يغادرنا. وأخذنا السيد محمد بن يوسف هاشمي الى مكان بلنجة من جهة البحر وشاهدنا أماكن بيوت جد فالح وكانت هذه المنطقة فيها بيوت المهاجرين العرب من البحرين اصلا. وأخبرنا بأنه وبعد حي اللنجية الذي يقع فيه بيت عبدالرحمن بن سعد يأتي حي آخر اسمه حي (السماجة)، وكان يسكنه آل بو سميط. وبعد لك اخذنا السيد محمد بن يوسف الهاشمي الى منزله وأعد لنا الشاي والقهوة التركية على الطريقة الفارسية. وحاول الاتصال برجل من اهالي بلدة(كشة) الواقعة عند مدخل بلدة لنجة، ولكن لم يجد الرجل.
وبعد ذلك خرجنا مع السيد محمد لكي نبحث عن فندق في بلدة لنجة. وفعلا وجدنا فندقا في بطن السوق وكان السجن يشبه غرف السجون. غرفة فيها ثلاث اسرة والحمام مشترك لجميع نزلاء الفندق. ورفضنا ان نسكن فيه . وقال الهاشمي "هناك فندق ممتاز في مكان آخر على البحر وهذا الفندق هو افضل فندق في لنجه". وبالفعل رحنا الى الفندق وكان فيه اعمال صيانة كل شي فيه مكسر وقلنا "خلاص مافيه حل الا نسكن فيه". ودخلنا ةتحدثنا الى موظف الاستعلامات واخذنا جولة في غرف الفندق وكانت مثل سجن (ابو غريب) مقر التعذيب في العراق. وكانت بالغرفة اللي سكنها فيها شرفة تطل على توسعة للغرفة التي كنا بها وفي الشرفة"طعس من الرمل"! كان سعر الغرفه في الليلة 40 دولاراً.
وقال فالح لموظف الاستعلامات وكان ولداً شاباً عمره 20 سنة: كم نجمة هذا الفندق؟ فقال الايراني هذا الفندق ثلاث نجوم ؟ لااعتقد ذلك! عن أي نجوم تتحدث؟ عن نجوم السماءّ المهم وبعد دخولنا الغرفة لكي ننام كانت الساعة قرابة الواحدة فجراً، وبعد ساعة واحدة من دخولنا الغرفة انقطعت علينا الكهرباء وكدنا ان نموت من الرطوبة والحرارة وعند طلوع الشمس قال فالح: علينا مغدرة هذا الفندق حالا.
وبعد ذلك نزلنا ودفعنا حسابنا مع الفندق. دفعنا لهم نصف القيمة 20دولاراً ولك بعد ان خصم لنا اضرار انقطاع التيار الكهربائي. فأخذنا الحقائب وسحبناها خلفنا قرابة كيلومتر واحد، حيث لاوجود لسيارات الاجرة بالقرب من هذا الفندق. ومشينا الكيلومتر ونحن نضحك على هذا الوضع المزري. وبعد ذلك توقف لنا سائق اجرة وكبنا وكنا ننوي الذهاب الى احد المطاعم لتناول وجبة الافطار، وبعد ذلك نلتقي مع السيد محمد الهاشمي لكي يبحث لنا عن منزل للايجار نسكن فيه بدلا من الفندق الذي قضينا فيه الليلة الماضية.
http://up.a7bk-a.com/img1/fub57427.jpg (http://forums.a7bk-a.com/)
وفي هذه الاثناء توقف سائق الاجرة امام مكتب سفريات بالصدفة، فطلبنا منه انزالنا هنا. فقال فالح من الافضل ان نغادر هذه البلدة باسرع وقت ممكن، فدخلنا المكتب. كان التفاهم مع موظفي الاستقبال من اصعب مايكون: نحن نتحدث العربية وهم يتكلمون الفارسية، وبفضل من الله استطعنا ان نفهمهم، فكانت توجد طائرة واحدة متجهة من لنجة الي شيراز في اليوم نفسه الساعة 9:30 صباحاً. لذا كان امامنا ساعة واحدة فقط، وكانت التذاكر التي بحوزتنا تبين بأن السفر يوم الجمعة الساعة 11 صباحاً وفي اليوم نفسه الساعة 5 مساءاَ الى البحرين، فغيرنا الحجز الى يوم الاربعاء بدل يوم الجمعة، وتوجهنا مباشرة الى المطار واتصلنا بالسيد محمد الهاشمي. وقال انتظروني سوف أحضر للمطار لاودعكم، وكان هذا الرجل بحق افضل شيء في لنجة. وبالفعل حضر لنا واحضر لنا هدية صورة لنجة لي ومجسم لبرج التهوية (بادجير) لفالح، وانتظرنا السيد محمد الهاشمي حتى موعد دخولنا قاعة المغادرة وبعد ذلك ودعنا وغدرنا المطار.
شيراز: الاربعاء 21سبتمبر/أيلول 2005
في قاعة المغادرة شاهدنا رجلاً عربياً كبيرا في السن ومعه رجلان. وكان الشيخ العربي يرتدي الثوب والغترة"عصبة الرأس". وقلت للاخ فالح هذا عربي فقام الاخ فالح واقترب من الرجل وسلم عليه وجلس بجانبه وأخذ يتحدث معه. وبعدها غادرت مكان جلوسي واقتربت من فالح والرجل العربي، وكان الشيخ اسمه أحمد بن محمد الحمادي وبرفقته ولده عيسى وقريب لهم من اهل بلدة المقام اسمه سالم. وعند وصولي لهم كان العم ابومحمد يخبر فالح عن ميناء لنجة ومدخل لنجة القديم حيث كانت المنازل القريبة من الساحل تحتوي على مظلات أمامية يجلس تحتها الناس وخصوصاً البحارة النجارون (القلاليف) الذين كانوا يشتغلون في صناعة السقن ونقل البضائع.
جلسنا نتبادل أطراف الحديث مع ابي محمد الى ان جاء موعد اقلاع الطائرة من مطار لنجة الى مطار شيراز وركبنا الطائرة وطارت بنا قرابة الساعه 11 ظهراً ووصلنا الى شيراز الساعة 11:30 صباحاً وفي مطار شيراز تقابلنا مرة اخرى مع ابي محمد وعرض عليهم فالح مرافقتنا الى الفندق. أخبرهم عن الفندق الممتاز الذي سكنا فيه عند وصولنا شيراز واخبرهم باسم الفندق(باريس). وقال بأن هذا الفندق أحسن فندق في شيراز وفعلاً وافق ابومحمد على ان يرافقنا وتوجهنا الى فندق (باريس) ولكن لم نجد غرفاً فارغة، فعرض علينا أهل الفندق أن نسكن في فندق قريب لمدة يوم واحد وغداً ظهراً سيوفرون لنا غرفة فارغة بمشيئة الله.
وبالفعل اخذنا السائق الى فندق في مكان آخر قريب من السوق اسمه (عبادات) وكان فندقاً جيداً جداً وفيه مطعم في الدور الارضي. وفيه رجل ايراني مسن يخدم مرتادي الفندق المطعم عصبي لايجيد التفاهم. تناولنا الغداء مع ابي محمد في هذا المطعم، ومن ثم قضينا هذا اليوم كله في السوق نمشي انا وفالح من العصر الى صلاة العشاء وبعدها خلدنا الى النوم.
http://up.a7bk-a.com/img1/flt57427.jpg (http://forums.a7bk-a.com/)
رحلة العودة واجتياز الخليج غرباً: يوم الخميس 22/سبتمبر/2005
استيقظنا في الصباح الباكر ونزلنا المطعم وقال أبو محمد سوف الحق بكم بعد قليل في المطعم ولكنه انشغل. وبعدها خرجنا الى سوق السجاد واخذنا 3 ساعات ونحن نتجول لان فالح يبحث عن سجادة (زوليه) لبيته. وفي تمام الساعة ال2 ظهراً رجعنا وجلست أنا مع العم أبي محمد الحمادي نتحدث في حين غادر فالح وعيسى وسالم الفندق الى السوق لجلب الغداء. وقال لي أبو محمد قصة من الموروث الشعبي عند عرب بر فارس عن حاكم البصرة.
حسين باشا:
كان حاكما للبصرة في أثنا حكمه كان يخرج للتجول على شط العرب، وفي أثناء تجوله على الشط شاهد بعض البنات زكانت احداهن بارعة الجمال فقال فيها وهو المشهور بحبه للنساء:
أنت تصرين واتصر النعل بقدامج
ان كان بحرج غزر والبلد مارامج
لنتي سعدتي ولا سعدت ايامج
وردت عليه البنت الجميلة:
ياحسين دهرك تقضى والزمان اقفى
وخيول سعدك تياول مالها في الزمان وقفه
غير الكفن واللحد مالك وقفه
وعندما سمع حسين باشا هذا الرد عرف ان البنت قريبته وانها بنت اخته وقال:
بسي بسي من شرب الخمر بسي
ترى ياناس الخمر خبص أبنفسي
لول زنيت بالناس واليوم أنزني بنفسي
وعندما وصل هذا الخبر الى جماعة حسين باشا قالوا له انت مالك الا ان نقتلك او تهاجر وتترك البصرة. فقال مالي الا ان اهاجر، وقبل ان يهاجر اخذ يمشي في البصرة وهو يحمل طفله الصغير الرضيع على كتفه. وكاد وهو يمشي ان يضع قدمه على ثعبان في حفرة الطريق فقال احد الصبيان في البصرة يا باشا حسين انتبه امامك حية. فقال الطفل الرضيع من على كتف والده حسين باشا: خله خل الحية تلدغه. وهذا دليل على كره الناس لحسين باشا.
وبعدها هاجر حسين باشا الى بر فارس عن طريق الاهواز وصادف في الطريق مزرعة وكان الوقت وقت حصاد الحب ويسمى (بيادر وجواخير) عند عرب فارس. ولما وصل عند أحد البساتين طلب من صاحب البستان الطعام فقال له: أعطيك بشرط ان تعمل في حقلي فوافق الباشا حسين،وفي صباح اليوم التالي احضر صاحب المزرعة مقلاعاً واعطاه للباشا حسين وطلب منه حماية المزرعة من الطيور التي تأكل الذرة (وتنطق ازره) عند عرب فارس، فأخذ حسين باشا يتابع الطيور وهم يهاجمون الزرع بأعداد كبيرة وعندها تعب حسين باشا وقال:
كنا غنايا وعندنا الحصر والمير
واليوم عادنا الدهر نحمي الدخن
ونقطع نصيب الطير
وهرب بعدها من المزرعة ووصل الحالة بلاد عرب آل حرم وشاف الناس لاهية عنه ولا احد حوله فقال:
يادار يادار مافيج نفاخة قلم
نازلينج بخالة وين أهل الكرم
قط أنا ماشفت بخالة مثل الحرم
عندها قام له بعض الحرم وأكرموه وأحشموه. وبات تلك الليلة عندهم واصبح وتابع سفره الى ان وصل سمان البدو أي ديار البدو(بني حماد) المقام والسيح وابو جبرائيل وكان يرافق بني حماد الدواسر الذي هاجروا الى الدمام، وعندما وصل لم يجد أحداً فقال:
يوم جيت للبدو تبني
تبني من الشعر لاشل ولاتبني
من بعد الديباج والمطارح
صار مرقدي تبني
واكرمه بنو حماد (البدو) وكان معهم رجل من العبادلة والباشا حسين شاف له حرمة تدووي ماي من الطوي فقام العبيدلي يرغب في منافسة الباشا حسين في الشعر فقال له حسين باشا:
ان كان انت شاعر ولك في الشعر تعريفه
اطلع الديك من الشيشة
بالك تنتف منه ريشه
واصل حسين باشا السفر الى ان وصل بلدة لنجة وتزوج فيها وبعد سنوات قرر السفر الى عمان وترك بلدة لنجة وقال حق زوجته تجهز نفسها حق السفر فرفضت الزوجة وسافر الى عمان وترك زوجته في لنجة.
جبل شيروه:
نعود الى رحلتنا، وبعد ان اتم الشيخ محمد الحمادي قصة الباشا حسين وصل فالح والشباب وصعدنا الى الغرفة لنتغدى. وبعدها خرج فالح مع سالم وعيسى علشان يشترون فرش(سجاد) وجلست مع العم ابو محمد وسولفت معاه من العصر الى اذان المغرب عن بلاد فارس أول وكان من النقاط الهامة التي ذكرها لي بأن عرب فارس هاجروا الى دول الخليج العربية بعد نزع السلاح من رجال القبائل العربية وتم توزيع العديد من الجنود الايرانيين الذين يطلق عليهم (الكزاغ) وعندما أمر رضا بهلوي بنزع الحجاب أخ العرب في بر فارس يرددون هذا المثل الجميل:
جبل شيروه وش طوله
طاح زمن البطولة
وتابع أبو محمد سرد قصص عديدة منها عمله في الامارات والكويت وعن اسباب ظهور الشيب في شعره بسرعه، من الهم والتعب. وبعد ذلك جاء فالح وسالم وعيسى. طلبنا شاي وجلسنا مع ابي محمد. و"سولفنا" عن تاريخ فارس وكيف يبنون البيوت قديما وكانت الجلسة من اجمل الليالي في ايران وسهرنا الى الساعه 12 وبعد ذلك نزلنا نلعب بلياردو. وبعد ذلك طلعت الى الغرفة اكمل كتابة احداث السفرة وبعدها(نمت) وقمنا الصباح من يوم الجمعة على صوت طرق الباب كان ابو محمد ومعه سالم يطلبون منا ان ننزل نفطر. وفي الفطور قال لي ابو محمد قصيده من اعداده ، وبعد الفطور تواعدنا ان نروح نصلي صلاة الجمعة.
يوم الجمعة 23/سبتمبر/2005
وبينما نحن جالسون مع العم ابو محمد الحمادي في مطعم الفندق في شيراز قال هذا النظم:
انك خليل ونور العلم في خيالك يدور
التاريخ نور لكل مغلق ومدثور
هكذا الايام بين الشعوب تدور
قل همو من ارض فارس وهذه اثارهم في الافاق تدور
ان الفت لنا تاريخ فاننا بك فخور
سطر لمن بعدنا حتى يعلموا باننا عرب ولنا تاريخ وجذور
حتى لايقول من يأتي من بعدنا من أين هذه العرب
والسلام على من يأتي من بعدنا
يقرأ التاريخ ويفهم ماكان من قبلنا يصير
بعدها نزلنا السوق وتجولنا في محلات بيع الحلويات والمكسرات والفواكه المجففه كالتين والزبيب وغيره الى الساعة العاشرة وبعد ذلك عدنا الى الفندق وتجمعنا في بهوه نحن وابو محمد الحمادي وبعد ذلك استاجرنا سيارة خاصة وتوجهنا الى احد مساجد السنة في مدينة شيراز وعند وصولنا المسجد دخلنا وكان المسجد يغص بأعداد المصلين وأخذنا نقرأ القرآن وبعد ذلك قام شاب كان يجلس بالقرب من المحراب وأذن الاذان الثاني لصلاة الجمعة وبعد الانتهاء من الاذان خرج على المنبر شيخ يرتدي ثوباً أبيض وعباءة صفراء وتغطي رأسه عمامة صغيرة كعمامة علماء السنة في العراق، وحمد الله واثنى عليه وخطب خطبة باللغة العربية بطلاقة لسان فلم الاحظ عليه أي تعثر في نطق الاحرف او العبارات العربية وبعد قرابة العشر دقائق ترجم الخطبة باللغة الفارسية الى ان اتمها وبعد ذلك أقيمت الصلاة وصلينا، وبعد أن فرغنا من أداء الصلاة خرجت من المسجد.
العربية تحت الشجرة:
عند خروجي من المسجد أخذت حذائي واحتميت من حرارة الشمس تحت ظل شجرة كبيرة كانت أمام المسجد وبينما أنا أنتظر اقتربت مني مجموعة من الرجال بعضهم يرتدي البنطال وقليل منهم يرتدون الثوب والغترة وعندما أصبحوا بالقرب مني أخذ الرجال يتحدثون الى بعضهم البعض باللغة العربية بلهجة أهل الخليج الدارجة فتبين لي بعد لك بأنهم من عرب بر فارس الذين يعملون في شيراز، وبعد ذلك وصل الاخ فالح وسالم وابو محمد وابنه وانتقلنا الى ناصية الطريق ووقفت لنا سيارة أجرة وتوجهنا إلى الفندق.
وبعد أن تناولنا وجبة الغداء استرحنا قليلاً وأخذنا نجهز حقائب السفر وبعد صلاة العصر استأجرنا سيار ة أجرة واستأجر ابو محمد سيارة اجرة ثانية وخرجنا في جولة سريعة نشاهد فيها معالم شيراز الى ان يحين موعد اقلاع الطائرة فتوجهنا الى منتزه عام في شيراز والتقطنا بعض الصور التذكارية ثم انتقلنا الى مزرعة أخرى كبيرة في منتصفها مبنى جميل أمامه بركة ماء يلقي فيها الزوار النقود الورقية والمعدنية. كان ذلك المبني هو عبارة عن ضريح الشاعر الفارسي الشهير سعدي، وعندما دخلنا قال أبو محمد اقرأوا الفاتحة على قبر سعدي وأخذ يقرأ الفاتحة، وكانت جدران الضريح مزينة بقصائد كتبت بالفارسية كانت تزين الجدار من الاعلى الى الاسفل، فقال فالح لأبي محمد: يا أبو محمد هل تفهم معنى هذه الابيات؟ فقال أبو محمد نعم ولكني لا أستطيع قراءتها. كان أبو محمد يعاني من وجود ماء كثيف يغطي عينيه، فطلب أبو محمد من صهره سالم أن يقرأ أبيات الشعر باللغة الفارسية فقرأها سالم وأخذ أبو محمد يترجم معاني الابيات الاول تلو الآخر وكانت الابيات تتحدث عن الحكمة والزهد والآخرة وماالى ذلك من الوعظ والنصح.
بعد ذلك خرجنا من الضريح وتوجهنا الى مواقف السيارات وودعنا ابو محمد وابنه وصهره سالم وركبنا سيارة الاجرة وتوجهنا الى مطار شيراز الدولي وكانت الساعة قرابة الخامسة والنصف مساء، وبعد ذلك دخلنا المطار. أنهينا اجراءات المغادرة ودخلنا قاعة المغادرة وجلسنا الى قرابة الساعة السادسة والنصف مساءاً. وفي المطار تقابلنا مع رجل كويتي مقيم في كندا وكان قادماً الى طهران لزيارة قبور الأئمة، وبعد الحديث معه تبين أن الرجل غربي الفكر والتوجه وكان طويل القامة أصلعاً ويرتدي بذلة سوداء رسمية وكان مستاء من الخدمات في ايران وكان يرى أن زمن الشاه محمد رضا بهلوي أفضل من الوضع الحالي.
وفي تمام الساعة السابعة مساءاً ركبنا الطائرة وأقلعت الطائرة متجهة الى مطار البحرين الدولي بالمحرق وبعد 45 دقيقة وصلنا مطار البحرين ودخلنا المطار واستلمنا حقائب السفر وأخذت سيارتي من موقف المطار واتجهنا مباشرة الى المملكة العربية السعودية وأنزلت الاخ فالح في منزل عمه في مدينة الخبر وتوجهت أنا الى منزلي في مدينة الدمام وعند وصولي الدمام صليت المغرب والعشاء جمع تأخير، وبذلك انتهت رحلتي الى بر فارس.
وفي بلدة لنجة يقو الاخ فالح بن سعد القحطاني الابيات التالية:
عزاه ياديرة غير هالدهر وأملاك الشيوخ البهلوي عليها حاز
ياقصور لنجه مابقالش أثر مخيالنا فيها ماعاد له مركاز
ياقصور العز والكرامة والفخر أرجالها روسٍ مع الحق تنحاز
عوايلٍ من نجد ما ردعها بحر أديار أهل خير بالكرم تحتاز
يياوش الموج في عز الخطر حرٍ في عيشته ماهو شبيه الباز
أسال هل البحرين والشارقة وقطر واسأل أهل نجد وأطراف الحجاز
وتجار الخليج من بدو وحضر وأهل الهند عن اللي للبحر اجتاز
عن ابن راجح أقولها بليا فخر مجلسه ملفى الكل معتاز
عبدٍ من الرحمن شيخ مقتدر صيت وجاه وما كل بها فاز
الاصل قحطاني والبطن من فهر على ملة نبينا صاحب الاعجاز
مايعيب الصبي بجده يفتخر لابد يتذكر من جده انجاز
هذا كلامي ما نويته شعر خوفي من التاريخ يختفي كما القاز
التاريخ بالكتابة يبقى وينذكر تعرفه أجيال همها التلفاز
المراجل ماهي لبن راجح حكر بلادنا خصبة للخير منبع ومكناز
آخر كلامي صلاتي على النبي المختار ويحفظ الله حوزته من بد الاحواز
فالح الراجح القحطاني
25/9/2005
ام الساهك
المصدر: تاريخ عرب الهولة والعتوب،جلال الهارون الانصاري، الدار العربية للموسوعات،بيروت،ص263_278،سنة 2010م