جباره
12-31-2010, 02:30 AM
قال ابن القيم رحمه الله
ولا ريب أن حسن الظن بالله إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه، أنه يجازيه على إحسانه ، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم و المخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد فإن العبد الآبق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به ، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبداً، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته ، وأحسن الناس ظناً بربه أطوعهم له
كما قال الحسن البصري
( إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل )
وكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه، حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه ، متعرض للعنته ، قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه فارتكبه وأصر عليه ، وكيف يحسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة ، وعادى أولياءه ، ووالى أعداءه ، وجحد صفات له ، وأساء الظن بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله علية وسلم وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر.
وكيف يحسن الظن بمن يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب، وقد قال الله تعالى في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات، وهو السر من القول
( وَذَلِكُمُ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتم مِنَ الخَاسِرِينَ ) فصلت( 23 )
فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيراً مما يعلمون كان هذا إساءة لظنهم بربهم، فأرداهم ذلك الظن.
وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله، ووصفه بما لايليق به، فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غروراً وخداعاً من نفسه، و تسويلاً من الشيطان، لا إحسان ظن بربه.
فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه، وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاق الله، وأن الله يسمع كلامه ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه ومسئول عن كل ما عمل، وهو مقيم على مساخطه مضيع لأوامره معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن الظن به.
وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني
وقد قال أبو سهل ابن حنيف
( دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: لو رأيتما رسول الله في مرض له، وكانت عنده ستة دنانير، أو سبعة دنانير. فأمرني رسول الله صلى الله علية و سلم أن أفرقها، فشغلني وجع رسول الله صلى الله علية و سلم حتى عافاه الله، ثم سألني عنها ( ما فعلت أكنت فرقت الستة دنانير )، فقلت لا والله، لقد كان شغلني وجعك، قالت: فدعا بها فوضعها في كفه، فقال ( ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده ) وفي لفظ (ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده )
فبالله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم، فإن كان ينفعهم قولهم: حسناً ظنوننا بك إنك لم تعذب ظالماً ولا فاسقاً، فليصنع العبد ماشاء، وليرتكب كل ما نهاه الله عنه، وليحسن ظنه بالله، فإن النار لا تمسه، فسبحان الله، ما يبلغ الغرور بالعبد وقد قال إبراهيم لقومه
(أَئِفكاً ءَالِهَةً دُونَ اللَّهِ ترِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ ) الصافات (87،86)
أي ماظنكم به أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها و يتقبلها منه، فالذي حمله على حسن العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز
عن النبي صلى الله علية و سلم قال
( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجزمن أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني ) رواه الترمذي واحمد في المسند من حديث شداد ابنأوس
وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.
فإن قيل
بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن على سعة مغفرة الله ورحمته، وعفوه،وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو.
قيل
الأمر هكذا، والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم، ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به، فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة والانتقام وشدة البطش، وعقوبة من يستحق العقوبة، فلو كان معول حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه.
فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه وتعرض للعنته، ووقع في محارمه وانتهك حرماته، بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع، وبدل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة. ثم أحسن الظن بعدها فهذا هو حسن الظن، والأول غرور والله المستعان.
يفرق بين حسن الظن بالله وبين الغرور به قال تعالى
( إِنَّ الَّذِينَءَامَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ اللَّهُ ) البقرة ( 218 )
فجعل هؤلاء أهل الرجاء، لا البطالين والفاسقين وقال تعالى
(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَمِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) النحل (110 )
فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها، فالعالم يضع الرجاء مواضعه، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( إياكم والظن فإنه أكذب الحديث ) البخاري ومسلم
إن استمراء ظن السوء وتحقيقه لا يجوز، وأوّله بعض العلماء على الحكم في الشرع بظن مجرد بلا دليل.
روى الترمذي عن سفيان الظن الذي يأثم به ما تكلم به، فإن لم يتكلم لم يأثم
وذكر ابن الجوزي قول سفيان هذا عن المفسرين ثم قال: وذهب بعضهم إلى أنه يأثم بنفس الظن ولو لم ينطق به .
قال القاضي أبو يعلى: إن الظن منه محظور ( وهو سوء الظن بالله ) والواجب حسن الظن بالله عز وجل.
والظن المباح كمن شك في صلاته إن شاء عمل بظنه وإن شاء باليقين
وروى أبو هريرةمرفوعاً ( إذا ظننتم فلا تحققوا ) وهذامن الظن الذي يعرض في قلب الإنسان في أخيه فيما يوجب الريبة.
قال ابن هبيرة الوزير الحنبلي: لا يحل والله أن يحسن الظن بمن ترفض ولا بمن يخالف الشرع في حال.
عن أبي هريرة رضي الله عنة قال: قال رسول الله صلى الله علية و سلم
( حسن الظن من حسن العبادة ) رواه أحمد وأبو داود
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لا يحل لامرىء مسلم يسمع من أخيه كلمة يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً.
وقال أيضاً: لا ينتفع بنفسه من لا ينتفع بظنه.
وقال أبو مسلم الخولاني: اتقوا ظن المؤمن فإن الله جعل الحق على لسانه وقلبه.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوءالظن بالله عز وجل.
وفي الصحيحين أن صفية أتت النبي صلى الله علية و سلم
تزوره وهو معتكف، وأن رجلين من الأنصار رأياهما فأسرعا فقال النبي صلى الله علية و سلم
( على رسلكما إنها صفية بنت حيي ) فقالا : سبحان الله يا رسول الله. قال (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً ) أو قال ( شراً )
السؤال: السائلة ن ع غ تقول اشرحوا لنا حسن الظن بالله؟
رد فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
حسن الظن بالله أن الإنسان إذا عمل عملا صالحا يحسن الظن بربه أنه سيقبل منه إذا دعا الله عز وجل يحسن الظن بالله أنه سيقبل منه دعاءه ويستجيب له إذا أذنب ذنبا ثم تاب إلى الله ورجع من ذلك الذنب يحسن الظن بالله أنه سيقبل توبته إذا أجرى الله تعالى في الكون مصائب يحسن الظن بالله وأنه جل وعلا إنما أحدث هذه المصائب لحكم عظيمة بالغة يحسن الظن بالله في كل ما يقدره الله عز وجل في هذا الكون وفي كل ما شرعه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه خير ومصلحة للخلق وإن كان بعض الناس لا يدرك هذه المصلحة ولا يدرك تلك الحكمة مما شرع ولكن علينا جميعا التسليم بقضاء الله تعالى شرعا وقدرا وأن نحسن به الظن لأنه سبحانه وتعالى أهل الثناء والمجد.
مكتبة الفتاوى : فتاوى نورعلى الدرب: التوحيد والعقيدة
سؤال : ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى ) ما معنى حسن الظن بالله؟ رد
فضيلة الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله
هذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح ( لا يموتن أحدكم وإلا وهو يحسن الظن بالله )
والله يقول ( أنا عند ظن عبدي بي )
والمعنى أن الذي يحسن ظنه بالله أن ربه جواد وأنه كريم, وأنه غفور رحيم سبحانه, وأنه يتوب على عباده إذا تابوا إليه, وأن فضله عظيم، يحسن ظنه بربه مع الجد في العمل الصالح مع التوبة، لا يحسن الظن بالرب ويقيم على المعاصي لا يحسن ظنه بربه مع العمل الصالح ، مع التوبة مع الجد في الخير، أما إحسان الظن بالله مع الإقدام على المعاصي، والإصرار عليها فهذا غرور لا يجوز، لكن يحسن ظنه بربه أنه يقبل توبته, وأنه يعفو عنه ويجتهد في أسباب العفو، من الصدقة والرحمة بالفقراء, وكثرة الاستغفار، التوبة والندم والإقلاع, كثرة الأعمال الصالحات مع حسن الظنب الله ، يحسن ظنه أن الله يقبلها وأنه لا يردها سبحانه وتعالى
و الحمد لله رب العالمين
ولا ريب أن حسن الظن بالله إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه، أنه يجازيه على إحسانه ، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم و المخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد فإن العبد الآبق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به ، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبداً، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته ، وأحسن الناس ظناً بربه أطوعهم له
كما قال الحسن البصري
( إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل )
وكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه، حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه ، متعرض للعنته ، قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه فارتكبه وأصر عليه ، وكيف يحسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة ، وعادى أولياءه ، ووالى أعداءه ، وجحد صفات له ، وأساء الظن بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله علية وسلم وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر.
وكيف يحسن الظن بمن يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب، وقد قال الله تعالى في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات، وهو السر من القول
( وَذَلِكُمُ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتم مِنَ الخَاسِرِينَ ) فصلت( 23 )
فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيراً مما يعلمون كان هذا إساءة لظنهم بربهم، فأرداهم ذلك الظن.
وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله، ووصفه بما لايليق به، فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غروراً وخداعاً من نفسه، و تسويلاً من الشيطان، لا إحسان ظن بربه.
فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه، وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاق الله، وأن الله يسمع كلامه ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه ومسئول عن كل ما عمل، وهو مقيم على مساخطه مضيع لأوامره معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن الظن به.
وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني
وقد قال أبو سهل ابن حنيف
( دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: لو رأيتما رسول الله في مرض له، وكانت عنده ستة دنانير، أو سبعة دنانير. فأمرني رسول الله صلى الله علية و سلم أن أفرقها، فشغلني وجع رسول الله صلى الله علية و سلم حتى عافاه الله، ثم سألني عنها ( ما فعلت أكنت فرقت الستة دنانير )، فقلت لا والله، لقد كان شغلني وجعك، قالت: فدعا بها فوضعها في كفه، فقال ( ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده ) وفي لفظ (ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده )
فبالله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم، فإن كان ينفعهم قولهم: حسناً ظنوننا بك إنك لم تعذب ظالماً ولا فاسقاً، فليصنع العبد ماشاء، وليرتكب كل ما نهاه الله عنه، وليحسن ظنه بالله، فإن النار لا تمسه، فسبحان الله، ما يبلغ الغرور بالعبد وقد قال إبراهيم لقومه
(أَئِفكاً ءَالِهَةً دُونَ اللَّهِ ترِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ ) الصافات (87،86)
أي ماظنكم به أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها و يتقبلها منه، فالذي حمله على حسن العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز
عن النبي صلى الله علية و سلم قال
( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجزمن أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني ) رواه الترمذي واحمد في المسند من حديث شداد ابنأوس
وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.
فإن قيل
بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن على سعة مغفرة الله ورحمته، وعفوه،وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو.
قيل
الأمر هكذا، والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم، ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به، فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة والانتقام وشدة البطش، وعقوبة من يستحق العقوبة، فلو كان معول حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه.
فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه وتعرض للعنته، ووقع في محارمه وانتهك حرماته، بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع، وبدل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة. ثم أحسن الظن بعدها فهذا هو حسن الظن، والأول غرور والله المستعان.
يفرق بين حسن الظن بالله وبين الغرور به قال تعالى
( إِنَّ الَّذِينَءَامَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ اللَّهُ ) البقرة ( 218 )
فجعل هؤلاء أهل الرجاء، لا البطالين والفاسقين وقال تعالى
(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَمِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) النحل (110 )
فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها، فالعالم يضع الرجاء مواضعه، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( إياكم والظن فإنه أكذب الحديث ) البخاري ومسلم
إن استمراء ظن السوء وتحقيقه لا يجوز، وأوّله بعض العلماء على الحكم في الشرع بظن مجرد بلا دليل.
روى الترمذي عن سفيان الظن الذي يأثم به ما تكلم به، فإن لم يتكلم لم يأثم
وذكر ابن الجوزي قول سفيان هذا عن المفسرين ثم قال: وذهب بعضهم إلى أنه يأثم بنفس الظن ولو لم ينطق به .
قال القاضي أبو يعلى: إن الظن منه محظور ( وهو سوء الظن بالله ) والواجب حسن الظن بالله عز وجل.
والظن المباح كمن شك في صلاته إن شاء عمل بظنه وإن شاء باليقين
وروى أبو هريرةمرفوعاً ( إذا ظننتم فلا تحققوا ) وهذامن الظن الذي يعرض في قلب الإنسان في أخيه فيما يوجب الريبة.
قال ابن هبيرة الوزير الحنبلي: لا يحل والله أن يحسن الظن بمن ترفض ولا بمن يخالف الشرع في حال.
عن أبي هريرة رضي الله عنة قال: قال رسول الله صلى الله علية و سلم
( حسن الظن من حسن العبادة ) رواه أحمد وأبو داود
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لا يحل لامرىء مسلم يسمع من أخيه كلمة يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً.
وقال أيضاً: لا ينتفع بنفسه من لا ينتفع بظنه.
وقال أبو مسلم الخولاني: اتقوا ظن المؤمن فإن الله جعل الحق على لسانه وقلبه.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوءالظن بالله عز وجل.
وفي الصحيحين أن صفية أتت النبي صلى الله علية و سلم
تزوره وهو معتكف، وأن رجلين من الأنصار رأياهما فأسرعا فقال النبي صلى الله علية و سلم
( على رسلكما إنها صفية بنت حيي ) فقالا : سبحان الله يا رسول الله. قال (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً ) أو قال ( شراً )
السؤال: السائلة ن ع غ تقول اشرحوا لنا حسن الظن بالله؟
رد فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
حسن الظن بالله أن الإنسان إذا عمل عملا صالحا يحسن الظن بربه أنه سيقبل منه إذا دعا الله عز وجل يحسن الظن بالله أنه سيقبل منه دعاءه ويستجيب له إذا أذنب ذنبا ثم تاب إلى الله ورجع من ذلك الذنب يحسن الظن بالله أنه سيقبل توبته إذا أجرى الله تعالى في الكون مصائب يحسن الظن بالله وأنه جل وعلا إنما أحدث هذه المصائب لحكم عظيمة بالغة يحسن الظن بالله في كل ما يقدره الله عز وجل في هذا الكون وفي كل ما شرعه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه خير ومصلحة للخلق وإن كان بعض الناس لا يدرك هذه المصلحة ولا يدرك تلك الحكمة مما شرع ولكن علينا جميعا التسليم بقضاء الله تعالى شرعا وقدرا وأن نحسن به الظن لأنه سبحانه وتعالى أهل الثناء والمجد.
مكتبة الفتاوى : فتاوى نورعلى الدرب: التوحيد والعقيدة
سؤال : ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى ) ما معنى حسن الظن بالله؟ رد
فضيلة الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله
هذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح ( لا يموتن أحدكم وإلا وهو يحسن الظن بالله )
والله يقول ( أنا عند ظن عبدي بي )
والمعنى أن الذي يحسن ظنه بالله أن ربه جواد وأنه كريم, وأنه غفور رحيم سبحانه, وأنه يتوب على عباده إذا تابوا إليه, وأن فضله عظيم، يحسن ظنه بربه مع الجد في العمل الصالح مع التوبة، لا يحسن الظن بالرب ويقيم على المعاصي لا يحسن ظنه بربه مع العمل الصالح ، مع التوبة مع الجد في الخير، أما إحسان الظن بالله مع الإقدام على المعاصي، والإصرار عليها فهذا غرور لا يجوز، لكن يحسن ظنه بربه أنه يقبل توبته, وأنه يعفو عنه ويجتهد في أسباب العفو، من الصدقة والرحمة بالفقراء, وكثرة الاستغفار، التوبة والندم والإقلاع, كثرة الأعمال الصالحات مع حسن الظنب الله ، يحسن ظنه أن الله يقبلها وأنه لا يردها سبحانه وتعالى
و الحمد لله رب العالمين