خليجي
01-15-2011, 01:56 AM
"السليمي" علم معاهدة السلم الدائم بين الرواية والوثيقة
جلال خالد الهارون الأنصاري
باحث - السعودية
توطئة
بالامكان تشبيه بعض المواضيع التاريخية بظاهرة السراب، فهي عادة ما تظهر في الافق البعيد بين فترة وأخرى، ولكن يصعب على الباحث تقفي اثرها او لملمة اطرافها للوقوف على حقيقيتها، لذا يفضل الكثير من الباحثين ترك هذه المواضيع التاريخية مفتوحة وغير محسومة، في حين يعتقد أخرون بان هذه المواضيع التاريخية لايمكن تشبيهها بالسراب أو الوهم بل هي امور بديهية لا داعي لبحثها أصلا، وفي اعتقادي بان تاريخ "العلم السليمي" أحد هذه المواضيع الشبيه بالسراب الذي يحسبه الضمأن ماء، لذا فان المتتبع لتاريخ هذا "العلم" يلحظ بان له تاريخا حياً يتطور بمرور الزمن، فقد بدء تاريخه بمدلول عشائري وتطور وصولا الى الوقت الراهن الذي نعيشه فاصبحت له مدلولات عشائرية ودينية وأخرى فلسفية، فيا ترى ما حقيقة هذا العلم؟ وما هي قصته؟
العلم " السُليمي" في الرواية الشعبية:
اشتهر العلم "السليمي" ذو اللونين الابيض والاحمر في الرواية الشعبية الخليجية، ووصف بارتباطه الوثيق بعشيرة "العتوب" المنتشرة في كل من الكويت والبحرين وقطر، وأُشيع في المصادر التاريخية المختلفة بان للعتوب علم خاص بهم كانوا يرفعونه على سفنهم يُعرف بالعلم (السليمي)، وهذا العلم يتكون من اللونين الأحمر والأبيض، وله عدة اشكال مختلفة سنتحدث عنها لاحقا، في حين ان هذا العلم ينسب أحيانا الى قبيلة بني خالد ولكن هذا النسب لا يتمتع بشعبية كبيرة لذا فانه عادة ما ينشر على استحياء، يقول الاستاذ [حمد السعيدان] في كتابه "تاريخ العلم الكويتي" ( ) بأن اسرة آل صباح وبعد نزوحهم الى منطقة القرين جنوبي البصرة وتأسيسهم لبلدة الكويت في تلك المنطقة كانت سفنهم ترفع علما شائعا في الساحل الغربي للخليج العربي، وهو علم لونه أحمر مضافا اليه - قرب السارية - شريط مسنن شبيه بعلم البحرين حاليا، ويسمى هذا النموذج من الاعلام (سليمي)، ويعتقد بان هذا العلم خاص بقبيلة بني خالد حكام المنطقة في تلك الفترة، وهذا العلم هو أول علم رفع على السفن الكويتية، ولكن وللاسف لم يعزز الاستاذ [حمد السعيدان] اعتقاده هذا باي دليل مادي.
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295026836.jpg
العلم (السليمي) الذي رفعه آل صباح في الكويت
ويضيف [السعيدان] بان هذا العلم رفع في الكويت قبل العلم العثماني، منذ بداية حكم الشيخ صباح الاول خلال الفترة من العام 1762م (1176هـ) وحتى العام 1871م (1287هـ) حيث كانت بداية الحكم العثماني للكويت ويقول بانه من الجائز ان يكون علم البحرين الحالي هو نفس العلم "السليمي" الذي استخدمه الكويتيون في وقت مبكر عندما كان آل صباح وآل خليفة يعيشون معا، وحينما غادر آل خليفة الكويت سنة 1766م (1180هـ) اخذوا هذا العلم معهم ورفعوه اثناء هجرتهم الى قطر ثم البحرين، ونلاحظ من خلال استعراض رواية الاستاذ [السعيدان] بانها تتضمن المعلومات التالية:
1. العلم "السليمي" هو أول علم رفعته السفن الكويتية بعد استقرار آل صباح في بلدة الكويت قرابة عام 1167هـ( ).
2. العلم "السليمي" علم شائع الاستخدام في الساحل الغربي للخليج العربي ولونه أحمر مضافا اليه شريط مسنن لونه ابيض قرب السارية.
3. يعتقد بان العلم "السليمي" خاص بقبيلة بني خالد حكام المنطقة في تلك الفترة.
4. استبدل العلم السليمي المستخدم في الكويت بعلم الدولة العثمانية عام 1871م (1287هـ)، مباشرة بعد سيطرت الاتراك عليها.
5. العلم السليمي انتقل الى قطر والبحرين بواسطة آل خليفة عند هجرتهم من الكويت قرابة عام 1180هـ.
ونلاحظ ايضا بأن [السعيدان] واثناء تتبعة لتاريخ العلم الكويتي او العلم السليمي تجلت له علاقة ووجه شبه بين العلم الكويتي القديم (الاحمر ذو الشريط الأبيض المسنن) وبين العلم المستخدم حاليا في كل من مملكة البحرين ودولة قطر، لذا لجأ الى تعليل ذلك بذكر ان هذا العلم ظهر في الكويت ثم انتقل الى قطر والبحرين بواسطة آل خليفة عند هجرتهم الأولى من الكويت، وهذا التعليل يبدوا منطقيا هنا بعض الشيء، وبما ان رواية [السعيدان] انتقلت بنا من الكويت الى قطر، لذا نرى بانه من المناسب الانتقال الى قطر لاستعراض ما ورد من روايات بخصوص هذا العلم.
يقول الاستاذ [ابراهيم بن جار الله] في كتابة "المعاضيد وقطر تاريخ ونسب" ( ) نقلا عن الشيخ جاسم بن محمد ال ثاني مؤسس دولة قطر الحديثة النص التالي:
... وكان أهل قطر من قبيلتي آل معاضيد وآل بن علي الشوكة، وعلمهم السليمي وهو علم المعاضيد المعروف، وقد تحالفنا مع آل بن علي واجتمعنا تحت رايته. انتهى.
ووفقا لمصدر أخر فان هذا العلم المعروف في قطر بـ "السليمي" له أسم أخر وهو العلم "العربي" فقد جاء في وثيقة انجليزية "سرية" خبر ابدال علم المعاضيد القديم (السليمي) والمستخدم منذ زمن الشيخ محمد بن ثاني المعضادي بعلم أخر هو العلم العثماني كان ذلك في عام 1871م (1287هـ) وهذا نص الخبر( ):
خطاب سري من الهند
رقم 127 بتاريخ 22 مايو 1879م
... وميناء البدع يتميز بوضع سياسي غريب فقد كان الوالي القديم محمد بن ثاني يستخدم (العلم العربي) بينما دخل ابنه جاسم تحت الحماية التركية عام 1871م وكان له حراس من الجنود الاتراك في البدع. انتهى.
من النص السابق نلاحظ بان العلم "السليمي" المستخدم في قطر له اسم أخر هو "العلم العربي" وهو ايضا نفس "العلم" الذي تحدث عنه الشيخ جاسم آل ثاني حاكم قطر ووصفه بانه خاص بعشيرتي "المعاضيد والبنعلي" وقال عنه بانه مكون من "خمسة خطوط حمراء متبادلة مع خمسة خطوط بيضاء" ووفقاً للرواية الانجليزية فان هذا العلم المعروف (بالعربي) كان يرفعه الشيخ محمد بن ثاني المعضادي والد الشيخ جاسم، هذا يعني بان العلم "السليمي" هو نفس العلم "العربي" الاحمر والابيض المرفوع في ساحل عمان المتصالح وعدد من موانئ الساحل الايراني فقد ورد في احد المصادر الفارسية عن هذا العلم العربي النص التالي ( ):
... ترفع سفن الغوص التابعة لموانئ ايران أو موانئ عمان العلم القرمزي (الاحمر) "الخاص بالعرب" وفي بعض الاحيان يشاهد شعار الدولة الفارسية الأسد والشمس المشرقة على هذه الأعلام. انتهى.
ونستطيع تلخيص اهم النقاط الواردة في الروايات القطرية كالتالي:
1. العلم "السليمي" هو علم خاص بتحالف قبيلتي آل معاضيد وآل بن علي يرفعونه على سفنهم تميزا لهم عن غيرهم من القبائل.
2. العلم المستخدم في قطر يتكون من خمسة خطوط حمراء متبادلة مع خمسة خطوط بيضاء، و يسمى هذا ايضا بالعلم السليمي.
ونلاحظ هنا بان الروايات القطرية تشترك مع الرواية الكويتية بخصوص العلم "السليمي" في الاسم "فقط" وتختلف عنها في "هيئة العلم" وهذا الاختلاف يثير استفسارت عديدة من اهمها التالي:
1. ما مدى صحة الفرضية القائلة بأن اسرة آل خليفة هي من نقل هذا العلم المعروف بـ "السليمي" من الكويت الى قطر ثم البحرين؟
2. متى وكيف، تبدلت هيئة العلم "السليمي" من علم احمر مضافا اليه شريط ابيض مسنن، الى علم أخر "سليمي" مكون من خمسة خطوط بيضاء متبادلة مع خمسة خطوط حمراء؟
3. اذا كان لا علاقة للعلم الاول بالثاني، فما مبرر اشتراك العلمين في اسم واحد مشترك؟
انتشار العلم (الاحمر والابيض) وشيوع استخدامه:
ان المتتبع لحقيقة هذا العلم المكون من اللونين "الاحمر والابيض" سيتضح له مدى انتشار هذا العلم وشيوع استخدامة بين كافة البحارة العرب في الخليج العربي، فعلى سبيل المثال يروي افراد قبيلة المنانعه بان لهم "علماً عربياً" مكون من اللونين الابيض والاحمر كانوا يرفعونه على سفنهم، وهذا العلم تمت الاشارة اليه في مذكرات الرحالة الأوربي [أريك شلترخ] عند حديثة عن قرية "اليوسفية" الواقعة على الساحل الشمالي لشبة الجزيرة القطرية، يقول[أريك شلترخ] ... قرية "اليوسفية" محمية بقلعة اسسها عدد من شيوخ قبيلة المنانعه لحمايتها من هجمات الاعداء، ويظهر في احدى الرسومات لهذه القلعة "علم" مرفوع على سارية فوق قلعة "اليوسفية" مكون من مثلثين أحمر وأبيض يشكلان المستطيل كما هو موضح في الشكل التالي(6 ).
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_11295026836.jpg
علم قبيلة المنانعة كما جاء في رسم الرحالة "أريك شلترخ"
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_21295026836.jpg
رسم للرحالة "أريك شلترخ" ونلاحظ العلم الخاص بقبيلة المنانعه
وفي رواية أخرى لافراد من عشيرة "العمامرة" وهم فرع من قبيلة الدواسر، بانهم كانوا يرفعون "علم" على سفنهم مكون أيضا من اللونين الاحمر والابيض وهذا العلم له تصميم خاص ،كما هو موضح في الشكل التالي.
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295027313.jpg
نموذج لعلم عشيرة (آل عمامرة)
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_31295026836.jpg
علم عشيرة العمامرة المنشور في شجرة نسبهم
وفي هذا الصدد يذكر الانجليزي "لوريمر" مؤلف كتاب دليل الخليج بان عشيرة المعاضيد في قطر كانوا يرفعون على سفنهم علم مكون ايضا من اللونين الاحمر والابيض جاء وصفه على النحو التالي ( ):
... ويبلغ عدد أفراد قبيلة آل بن علي الذين لم يدعوا صلتهم بالمعاضيد حوالي 4500 نسمة تقريبا، وترفع اسرة المعاضيد وحدها باستثناء آل بن علي أعلاما فوق قواربهم ذات شكل مميز بخمسة خطوط حمراء متبادلة مع خمسة خطوط بيضاء ويسمى هذا العلم بالعلم "السليمي" كما تسمى القبيلة باسم آخر وهو آل سليم. انتهى.
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_41295026836.jpg
علم عشيرتي "البنعلي والمعاضيد"
ويتضح لنا من رواية "لوريمر" السابقة بانها سجلت بعد العام 1905م الموافق (1320هـ) حيث ان الرواية تتطرق الى خبر انقراض اسرة آل سلامة البنعلي بالعبارة التالية (آل سلامة انقرضت سنة 1905م)، ونستطيع تلخيص اهم ما جاء في هذه الرواية بالتالي:
1. العلم "السليمي" هو علم خاص بفرع المعاضيد.
2. العلم السليمي المكون من خمسة خطوط حمراء متبادلة مع خمسة خطوط بيضاء يسمى بالعلم "السليمي" مشتق من أسم أخر لقبيلة البنعلي هو "آل سليم" او "بني سليم".
العلم (السليمي) في مخطوطة قديمة:
تعرض الاستاذ [سعود الزيتون الخالدي] في احد دراساته لمخطوطة قديمة جاء فيها ذكر لعلم خليجي قديم يرفع على سفن الغوص يحتوي على "هلال" اسلامي وهذا العلم معروف بالعلم "الأسلمي" وليس "السُليمي" وقال بانه عثر في تركة احد رجال قبيلة بني خالد المتوطنين في "جزيرة دارين" على ورقة قديمة منسوخه في عام 1252هـ تتضمن اشارات الى احداث تاريخية مجهولة دارت في منطقة حوض الخليج العربي، وبعد دراسته نص المخطوطة تبين له بان قائلها رجل يدعى (سعيد بن بخيت بن مطر) وهو يتحدث في شعره عن زمن الفترة البرتغالية قرابة عام 913هـ، حيث ان ابيات الشعر تذكر كلمة "النصارى" في اشارة الى البرتغاليون، و تذكر ايضا "الأسلمي" وهو (علم) كان يرفع على اغلب سفن الغوص في منطقة الخليج وهو منسوب الى احد رجال "الأسلم" الذين دخلوا مؤخرا في حلف مع قبيلة شمر، في حين كان لهم تواجد ملحوظ في منطقة سواحل الخليج قبل نهاية القرن العاشر الهجري، وكانت هذه الراية او العلم المنسوب لهم يتميز بحتوائه على هلال اسلامي، الا انه وبوصول البرتغاليون واستعمارهم للمنطقة عمموا اعلامهم على المراكب، ورايت في بعض المصادر بان عشيرة (المعاضيد) في قطر كانوا يرفعونه الى وقت قريب على مراكبهم، ونص القصيدة المخطوطة كالتالي:
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295027725.jpg
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_11295027725.jpg
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295027855.jpg
ووفقا لراي [الخالدي] فان العلم "السليمي" هو علم منسوب الى قبيلة "عبيدل" ابناء الأسلمي وهم فرع من قبيلة بني خالد دخلوا في حلف مع قبيلة شمر، ووفقا لوصفه هذا فان العتوب رفعوا هذه العلم بعد دخولهم تحت حماية قبيلة بني خالد حكام المنطقة، فيقول التالي ( ):
... وتشير بعض الروايات الى انهم (اي عبيدل) من ذرية عبد الله وعبيد وعبود أبناء أسلم المنيعي الخالدي المخزومي القرشي، وقد دخلوا فيما بعد في شمر بالحلف، وهم المعنيون بالراية (العلم) السليمي الذي كان يرفع في الماضي على أغلب مراكب اهالي الخليج... انتهى
ونستطيع تلخيص اهم ما جاء في رواية [الخالدي] بالنقاط التالية:
1. العلم "السليمي" او "الأسلمي" هو علم قديم منسوب الى قبيلة "عبيدل" فرع الاسلم من بني خالد المتحالفة مع قبيلة شمر العربية.
2. العلم "الأسلمي" يحتوي على هلال اسلامي، وكان يرفع على سفن الغوص العربية في منطقة الخليج الى ان احتل البرتغاليون المنطقة عام 930هـ فاستبدل بالعلم البرتغالي.
3. قبيلة المعاضيد استمرت محافظة على رفع العلم السليمي حتى عهد قريب.
و على كل حال يحتمل ان تكون ابيات الشعر السابقة تتحدث عن الفترة البرتغالية واخبار غزوهم لمنطقة الساحل الشرقي للجزيرة العربية وتدميرهم للقرى، فقد وصفت القصيدة بلدة الجعيمة القريبة من ميناء راس تنورة ورحيمة وذكرت بانها دمرت خلال تلك الفترة، والوثائق العثمانية المكتشفة حديثا تبين بان رحيمة كانت عبارة عن (سنجق مستقل) حتى عام 984هـ (1576م) وكانت خلال تلك الفترة مشهوره كمنطقة زراعية تجبى منها الضرائب( )، وهذا خلاف المشهور عن رحيمة وراس تنور والجعيمة وشعاب حاليا بانها مناطق صحراوية كانت عبارة عن استراحة لاهل الغوص يتزودون منها بالماء والاخشاب الضرورية للوقود، أيضا هناك احتمال ان يكون المقصود "بالنصارى" الانجليز أثناء حملتهم الاخيرة التي جردوها لحرب القواسم عام خلال الفترة (1210- 1235هـ) والتي انتهت بفرض (علم معاهدة السلم البحري) المكون من اللونين الاحمر والابيض والذي سنتحدث عنه لاحقا.
"العلم السليمي" والتأويلات المعاصرة:
نستطيع تشبية استمرار وتطور التفاسير الخاصة بالعلم "السليمي" بكرة الثلج التي يتضاعف حجمها بشكل مستمر، فانه والى سنوات قليلة مضت كانت التفاسير الخاصة بالعلم "السليمي" الاحمر والابيض تحصره في فترة التاريخ الحديث والمعاصر وانه علم ظهر في منطقة حوض الخليج العربي ابان فترة حكم بني خالد للمنطقة، وكان الحديث يدور حول أصل العلم ..هل هو علم عتبي ام خالدي؟ ولكن ومؤخرا ظهرت فرضيات جديدة لا تقتصر على ربط هذا العلم بمنطقة حوض الخليج العربي، ولكنها تجعل لهذا العلم جذورا أخرى اسطورية، فقد جاء في احد المصادر ( )، بان العلم السليمي يتكون من خمسة خطوط حمراء ترمز الى اركان الاسلام الخمسة على ارضية بيضاء تمتد بطول العلم ترمز الى الشريعة الغراء، واما طرف البيرق من جهة الصارية، فتوجد فيه سبعة مثلثات تتجه رؤوسها المسننة نحو الصارية والرقم (7) من الارقام التي جاء ذكرها في القران الكريم في بعض الايات، وليس لهذا العلم اية دلالة سياسية وانما كان يرفع لمجرد التعريف بالهويه عند التحرك في البر او على سفن الغوص الصغيرة في البحر، في حين يرى أخرون بان هذا العلم المعروف بـ "السليمي" يتمتع بقداسة دينية، مربوطه بذات النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم وانه ظهر لاول مرة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وتحديدا في "وقعة حنين" فيقال بان النبي الكريم أخذ قطعة قماش بيضاء وخط عليها بأنامله الشريفة بالدم خمسة خطوط حمراء.
حقيقة العلم وعلاقتة بمعاهدة السلم الدائم:
يلاحظ بالعرض والتحليل لمختلف الروايات بان جميعها تؤكد على حقيقة ظهور علم في منطقة حوض الخليج العربي، كانت ترفعه العشائر الخليجية البحرية على سفنها وهو مكون من اللونين (الاحمر والابيض) وله اشكال واسماء مختلفة من اشهرها (السليمي والعربي والسلمي والمناعي والعماري...) وهذا الاختلاف طبيعي ناشئ عن نسبة العلم الى العشيرة او المعاهدة، في حين أن الوثائق التاريخية تنص صراحة على ان عرب الخليج كآفة وبلا استثناء رفعوا هذا العلم (الأحمر والأبيض) كرمز (للسلم) على سفنهم وبالجبر من قبل الانجليز، في حين ان عدم رفع هذا العلم كان دليا على (العداء) لانجليز، ورفع هذه الاعلام "السلميه" كانت تكفل حرية الابحار وسهولة دخول الموانئ المتصالحة والخروج منها سواء كانت في منطقة حوض الخليج العربي أو الهند او اليمن اوجنوب افريقيا، وبذلك فأن الاسم الصحيح لهذا العلم الاحمر والابيض (السلمي) وليس (السليمي) وتاكيد لذلك نستشهد بقول المؤرخ الانجليزي ج. ج. لوريمر( ):
(معاهدة السلم الشاملة 1820م)
-المفاوضات مع القواسم-
اتفاقية مبدئية ... أما الماده الثالثة فتحدد علماً يستخدمه كل العرب الموقعين على الاتفاقية... وهو العلم الذي وصفه في البحرين البريطانية على أنه "ابيض يخترقه لون أحمر" وكان مفهوما أن اللون الاحمر في الوسط استمرار للعلم الاحمر الذي كان يرفعه القواسم والذي بقيت معظم القبائل العربيه المشتغله بالبحر ترفعه على سفنها أما اللون الابيض فكان رمز السلام.... انتهى
وعليه فان العلم "الاحمر والابيض" وهو علم فرضته حكومة بريطانيا العظمى على العرب في منطقة حوض الخليج عام 1235هـ (1820م) بعد تدميرها للاسطول القاسمي في كل من راس الخيمة والشارقة ولنجة، وهذا العلم انتشر في جميع الموانئ الخليجية من الكويت شمالا وحتى راس الخيمة جنوبا وصولا الى الهند واليمن وسواحل افريقيا الجنوبية، علما بانه لم يستخدم لفترة طويلة في كل من الكويت وقطر والقطيف نظرا لاستبداله بالعلم العثماني عام 1288هـ نتيجة سيطرت القوات العثمانية على هذه الاراضي، في حين انه بقي مستخدما في كل من جزيرة البحرين وسواحل عمان المتصالح وبر فارس الى ان أختفى تدريجيا بحصول هذه الدول على الاستقلال، ونص اتفاقية "السلم الدائم" الموقعة مع امراء وزعماء العشائر العربية في الخليج العربي عام 1235هـ كالتالي:
معاهدة السلم الدائم:
الحمد لله الذي جعل الصلح خير الانام و بعد صار الصلح الدائم بين (دولة سركال الانكليز) وبين (الطوائف العربية) المشروطين على هذه الشروط .
الشرط الاول:
ان يزال النهب و الغارات في البر و البحر من طرف العرب المشروطين في كل الازمان.
الشرط الثاني:
ان تعرض احد من قوم العرب المشروطين على المترديين في البر و البحر من كافة الناس بالنهب و الغارات بلا حرب معروف وهو عدو لكافة الناس فليس له الامان على حاله و لا ماله و الحرب المعروف هو الذي منادا به مبين مامور به من دولة الى دوله وقتل الناس واخذ المال بغير مناديه و تبيين وامر دوله فهو النهب و الغارات.
الشرط الثالث:
ان العرب المصالحين لهم في البر و البحر علم أحمر فيه حروف او بلا حروف على مطلوبهم وهو في كفة ابيض و عرض الأبيض الذي في الكفة يعادل عرض الاحمر كما هو مصور في الحاشية وان هذا هو علم العرب المصالحين فيستعملون به ولا يستعملون بغيره.
الشرط الرابع:
ان الطوايف المصالحين كلهم حالة الأول الا انهم صار الصلح بينهم و بين دولة سركار الانكليز وان لا يحارب بعضهم بعضا و (العلم) هو الشاهد على ذلك فقط وليس هو شاهد غيره.
الشرط الخامس:
ان مركب العرب المصالحين كلهم بايديهم قرطاس بخط اميرهم فيه اسم المركب وطوله و عرضه وكم يحمل من كاره وبايديهم ايضا مكتوب أخر مرشوم بخط اميرهم فيه اسم صاحب المركب و اسم النوخذه و عدد الرجال و عدد السلاح ومن اين سار وفي اي وقت و الى اي بندر يتجه فان تعرض لهم مركب من الانكليز او غيرهم يعرضون عليه القرطاس و المكتوب.
الشرط السادس:
ان العرب المصالحين ان كان مرادهم يرسلون رسولا الى سركال الانكليز في بحر الفارس ومعه الذي يحتاج اليه فيجلس مع السركال حتى يقضي غرضهم منه و سركال الانكليز ان كان مراده يرسل رسولا ايضا الى عندهم كذلك و الرسول يلحق الى خط اميرهم في قرطاس مراكبهم المذكور الذي فيه طول المركب و عرضه وكم يحمل من كاره وينبغي خط الرسول يجدد في كل سنه وايضا كل من المرسولين خرجه على قومه.
الشرط السابع:
ان كل طايفة او غيرهم لا يزالون من النهب و الغارات فالعرب المصالحين يقومون عليهم على قدر حالهم و يصير بين العرب المصالحين و بين الانكليز كلام في ذلك في وقت وقوع ذلك النهب و الغارات.
الشرط الثامن:
ان قتل الناس بعد تسليم السلاح فهو من الغارات و لا من الحرب المعروف وان كان طائفة يقتل الناس مسلمين او غيره بعد تسليم السلاح فهو قد اخلف الصلح فان العرب المصالحين مع الانكليز بقومون عليهم وان شاء الله تعالى فلا يزال عليهم الحرب الا بعد تسليم من فعل بذالك وحكم به.
الشرط التاسع:
ان نهب الرقيق الرجال و النساء و الاولاد في سواحل السودان او غيره و حملهم في المراكب فهو من النهب و الغارات فالعرب المصالحين لا يفعلون من ذلك شيئا.
الشرط العاشر:
ان مراكب العرب المصالحين الحاملة (علمهم) المذكور يدخلون في كل بنادر دولة سركال الانكليز و في بنادر رفيقهم على قدرهم يشترون و يبيعون فيها وان كان احد تعرض لهم فذالك على سركال الانكليز.
الشرط الحادي عشر:
ان هذه الشروط المذكورة فهي على جميع الطوايف و الناس يقبلونها في المستقبل كما قبلوها في الحين، تم الشروط، وان تحرير القول في راس الخيمة بثلاثة نسخ في تاريخ ظهر يوم السبت اثنين و عشرين من شهر ربيع الاول في سنة 1235 الهجرية مايتين و خمس و ثلاثين بعد الألف و رشموه المشروطين في الاماكن و التواريخ المكتوبة ذيلا فرشموه في راس الخيمة في تاريخ تحرير القول.
خط السردال بيده و ختمه
W. Grant Keir
Major General
الشيوخ الذي التزموا بشروط المعاهدة:
في أوائل كانون الثاني يناير عام 1820م وصل شيوخ الساحل البارزين الى معسكر القائد الانجليزي "كير" عارضين استعدادهم للاتفاق و السلام وهم( ):
1. الشيخ عبد الله بن احمد آل خليفة، حاكم البحرين.
2. الشيخ سلمان بن احمد آل خليفة، حاكم البحرين.
3. الشيخ سلطان بن صقر القاسمي, حاكم الشارقة.
4. الشيخ شخبوط بن ذياب الفلاحي، شيخ ابوظبي.
5. الشيخ محمد بن هزاع بن زعل الفلاسي، شيخ دبي.
6. الشيخ راشد بن حمد النعيمي، شيخ عجمان.
7. الشيخ عبد الله بن راشد، شيخ ام القيوين.
8. الشيخ حسين بن علي، شيخ الرمس.
9. الشيخ حسن بن رحمة القاسمي، عزل عن حكم راس الخيمة و أجبر على توقيع على المعاهدة.
النسخة العربية من اتفاقية السلم البحري ويظهر فيها العلم الاحمر الخاص بالقواسم
والذي كان الاساس لكافة الاعلام العربية الاخرى
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295040572.jpg
يتبين لنا ايضا بان هذه الاتفاقية لم تشمل منطقة الكويت نظرا لقربها من السلطة العثمانية في البصرة لذا اكتفى عتوب الكويت برفع العلم "السلمي" التابع لعتوب البحرين الاحمر مضاف اليه شريط ابيض مسنن، ولكنهم ونظرا لعدم التزامهم بشروط هذه الاتفاقية، لذ فقد كانوا يرفعون على سفنهم بالاضافة الى العلم (السلمي) اعلام اخرى تابعة لدول اجنبية أخرى كانجلترا والفلمنك (هولندا و بلجيكا) وغيرهم وفي هذا الصدد يذكر الوالي العثماني أحمد مدحت باشا الذي زار الكويت عام 1288هـ الخبر التالي ( ):
...عندهم (اي الكويتيون) الفان من المراكب التجارية الكبيرة و الصغيرة فهم يشتغلون بصيد اللؤلؤ في البحرين وفي عمان وتسافر سفائنهم الكبيرة الى الهند وزنجبار للتجارة وقد رفعوا فوق مراكبهم التجارية راية مخصوصة بهم واستعملوها زمنا طويلا غير ان خوفهم من غارة الاجانب عليهم قد حدا بهم الى رفع الرايات الأجنبية فرفع بعضهم راية الفلمنك و آخرون راية الانجليز... انتهى.
وعليه يكون من المنطقي والبديهي ان تكون جميع الاعلام العشائرية وغير العشائرية قد اللغيت في الخليج خلال تلك الفترة نتيجة لتوقيع الزعماء العرب على هذه الاتفاقية والعمل بشرطها، ومن المعلوم ايضا بان العشائر القطرية كانت تابعة لشيوخ البحرين لذا فانهم كانوا يرفعون العلم البحريني، واستمر هذا حالهم حتى عام 1871م حيث تفيد الوثائق بان قطر و الكويت ادخلت تحت الاشراف المباشر للدولة العثمانية فابدلت اعلمهم بالعلم العثماني وجاء وصف ذلك بالنص التالي ( ):
...وصل الى البدع عبد الله بن صباح حاكم الكويت في بغلته وسفينة أخرى وعند وصوله الى الساحل أطلق مدفع واحد وزاره قاسم بن ثاني، (ابن الحاكم)، في سفينته وانتقل معه الى بيته واطلقت له ثلاثة مدافع لتحيته، وقد أحضر حاكم الكويت معه أربعة رايات تركية وقام قاسم بقبولها ورفع الأول على بيته وأرسل الثاني الى الوكره، بواسطة محمد بن ثاني، واعطى الثالث الى علي بن عبد العزيز حاكم خور سويجيج لرفعه على مدينته أما الرابع فقد ارسل الى العديد ( )، وبقي عبد الله بن صباح يومين في البدع ولم يرافقه أي مسؤول تركي ولكنه كان يحمل رساله من عاصم باشا الى قاسم و غادر عبد الله البدع متوجها الى العجير.
البدع 20 يوليو 1817م
الرائد سدني سميث
مساعد المقيم السياسي في الخليج الفارسي
ولو عدنا الى رواية الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني التي اشرنا لها سابقا و التي يقول فيها ... (وكان أهل قطر من قبيلتي المعاضيد وآل بن علي الشوكة وعلمهم "السليمي" وهو علم المعاضيد المعروف، وقد تحالفنا مع آل بن علي واجتمعنا تحت رايته)، لتبين لنا بان العلم السليمي الخاص بالمعاضيد ابدل بالعلم العثماني عام 1817م.
وبعد كل هذا العرض يضل هناك سؤال واحد يلوح في الافق، بما أن قبيلتي آل بن علي والمعاضيد كانوا تابعين لحكام البحرين (العتوب) فما هو السبب في اختلاف العلم (السليمي) الخاص بهم عن العلم (السليمي) التابع لشيخ البحرين؟.
انفصال عشيرة آل بن علي وظهور العلم الجديد:
كانت عشيرة آل بن علي أحدى القبائل العربية التابعة لحكومة البحرين ممثلة في آل خليفة الذين وقعوا على معاهدة السلم الدائم عام 1820م (1235هـ)، ووفقا لذلك كانت عشيرة آل بن علي طرفا في هذه الاتفاقية اسوة ببقية القبائل التابعة للبحرين.
استمرت جميع قبائل قطر والبحرين ترفع العلم السلمي (الاحمر والابيض الخاص بالبحرين) حتى عام 1835م (1250هـ) اي لمدة 15 سنة وبعدها تفيد المصادر التاريخية بحدوث تمرد قام به أهل مدينة الحويلة القطرية التابعة للبحرين في تلك الفترة وكان سكانها وقتئذ آل بن علي وال بو عينين واجتمع المتمردون تحت قيادة الشيخ عيسى بن طريف ال بن علي، و هاجروا الى ابو ظبي، ويذكر لوريمر ايضا ( ) بان عيسى بن طريف البنعلي وعشيرته وحلفائهم انتقلوا الى ابوطبي واصبحوا منذ تلك السنة خاضعين لمعاهدة الصلح العام (السلم الدائم)، وهذا يعني بان عيسى بن طريف وقع على معاهدة السلام الدائم اسوة بباقي شيوخ العشائر العربية البحرية في الخليج والتي تشترط على كل قبيلة رفع علم (سلمي) احمر وابيض مميزا لها في البحر ويكون اللون الابيض حسب متطلبات القبيلة، لذا نعتقد بانه وخلال هذه الفترة ظهر العلم خاص بعشيرة ال بن علي وهو علم خاص بعيسى بن طريف وحلفائه لذا ذكر لوريمر بان 4500 فرد من آل بن علي لا علاقه لهم بهذا العلم ويعرف هذا العلم (بالسليمي) نسبة لنسب قبيلة البنعلي و(السلمي) نسبة للمعاهدة وهو بالتالي شبيه بالاعلام الاخرى التي ظهرت في المنطقة خلال تلك الفترة، ولو تمعنا في تصميم علم عيسى بن طريف (السلمي) لتبين لنا بانه مطور عن العلم السلمي الخاص بالبحرين، فهو يحتوي على شريط مسنن ايضا في احد اطرافة.
و نظرا لطول الفترة الزمنية التي تفصل بين تاريخ توقيع عيسى بن طريف للمعاهدة السلم الدائم عام 1835م (1250هـ) و تاريخ كتابة رواية لوريمر قرابة العام 1920م (1322هـ) والمقدرة بحوالي (75 سنة) وهي فترة كفيلة بحدوث خلط هل اصل العلم (سلمي) ام (سليمي)، وخصوصا وان جميع قبائل الخليج اشتركت في رفع هذا العلم ولم يكن هذا النوع من الاعلام مقتصرا على عشيرة ال بن علي فقد رفعه المعاضيد قبيلة آل ثاني وقبيلة العمامرة الدواسر( ) والمنانعة وآل بو عينين ايضا، اضف الى ذلك تطابق الصفات الاسم (سلمي) والهيئة (احمر وابيض) وثبوت توقيع الغالبية على المعاهدة، فكل هذه قرائن تبين حقيقة العلم و تزيل اللبس.
بعض من نماذج علم معاهدة السلم البحري:
جلال خالد الهارون الأنصاري
باحث - السعودية
توطئة
بالامكان تشبيه بعض المواضيع التاريخية بظاهرة السراب، فهي عادة ما تظهر في الافق البعيد بين فترة وأخرى، ولكن يصعب على الباحث تقفي اثرها او لملمة اطرافها للوقوف على حقيقيتها، لذا يفضل الكثير من الباحثين ترك هذه المواضيع التاريخية مفتوحة وغير محسومة، في حين يعتقد أخرون بان هذه المواضيع التاريخية لايمكن تشبيهها بالسراب أو الوهم بل هي امور بديهية لا داعي لبحثها أصلا، وفي اعتقادي بان تاريخ "العلم السليمي" أحد هذه المواضيع الشبيه بالسراب الذي يحسبه الضمأن ماء، لذا فان المتتبع لتاريخ هذا "العلم" يلحظ بان له تاريخا حياً يتطور بمرور الزمن، فقد بدء تاريخه بمدلول عشائري وتطور وصولا الى الوقت الراهن الذي نعيشه فاصبحت له مدلولات عشائرية ودينية وأخرى فلسفية، فيا ترى ما حقيقة هذا العلم؟ وما هي قصته؟
العلم " السُليمي" في الرواية الشعبية:
اشتهر العلم "السليمي" ذو اللونين الابيض والاحمر في الرواية الشعبية الخليجية، ووصف بارتباطه الوثيق بعشيرة "العتوب" المنتشرة في كل من الكويت والبحرين وقطر، وأُشيع في المصادر التاريخية المختلفة بان للعتوب علم خاص بهم كانوا يرفعونه على سفنهم يُعرف بالعلم (السليمي)، وهذا العلم يتكون من اللونين الأحمر والأبيض، وله عدة اشكال مختلفة سنتحدث عنها لاحقا، في حين ان هذا العلم ينسب أحيانا الى قبيلة بني خالد ولكن هذا النسب لا يتمتع بشعبية كبيرة لذا فانه عادة ما ينشر على استحياء، يقول الاستاذ [حمد السعيدان] في كتابه "تاريخ العلم الكويتي" ( ) بأن اسرة آل صباح وبعد نزوحهم الى منطقة القرين جنوبي البصرة وتأسيسهم لبلدة الكويت في تلك المنطقة كانت سفنهم ترفع علما شائعا في الساحل الغربي للخليج العربي، وهو علم لونه أحمر مضافا اليه - قرب السارية - شريط مسنن شبيه بعلم البحرين حاليا، ويسمى هذا النموذج من الاعلام (سليمي)، ويعتقد بان هذا العلم خاص بقبيلة بني خالد حكام المنطقة في تلك الفترة، وهذا العلم هو أول علم رفع على السفن الكويتية، ولكن وللاسف لم يعزز الاستاذ [حمد السعيدان] اعتقاده هذا باي دليل مادي.
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295026836.jpg
العلم (السليمي) الذي رفعه آل صباح في الكويت
ويضيف [السعيدان] بان هذا العلم رفع في الكويت قبل العلم العثماني، منذ بداية حكم الشيخ صباح الاول خلال الفترة من العام 1762م (1176هـ) وحتى العام 1871م (1287هـ) حيث كانت بداية الحكم العثماني للكويت ويقول بانه من الجائز ان يكون علم البحرين الحالي هو نفس العلم "السليمي" الذي استخدمه الكويتيون في وقت مبكر عندما كان آل صباح وآل خليفة يعيشون معا، وحينما غادر آل خليفة الكويت سنة 1766م (1180هـ) اخذوا هذا العلم معهم ورفعوه اثناء هجرتهم الى قطر ثم البحرين، ونلاحظ من خلال استعراض رواية الاستاذ [السعيدان] بانها تتضمن المعلومات التالية:
1. العلم "السليمي" هو أول علم رفعته السفن الكويتية بعد استقرار آل صباح في بلدة الكويت قرابة عام 1167هـ( ).
2. العلم "السليمي" علم شائع الاستخدام في الساحل الغربي للخليج العربي ولونه أحمر مضافا اليه شريط مسنن لونه ابيض قرب السارية.
3. يعتقد بان العلم "السليمي" خاص بقبيلة بني خالد حكام المنطقة في تلك الفترة.
4. استبدل العلم السليمي المستخدم في الكويت بعلم الدولة العثمانية عام 1871م (1287هـ)، مباشرة بعد سيطرت الاتراك عليها.
5. العلم السليمي انتقل الى قطر والبحرين بواسطة آل خليفة عند هجرتهم من الكويت قرابة عام 1180هـ.
ونلاحظ ايضا بأن [السعيدان] واثناء تتبعة لتاريخ العلم الكويتي او العلم السليمي تجلت له علاقة ووجه شبه بين العلم الكويتي القديم (الاحمر ذو الشريط الأبيض المسنن) وبين العلم المستخدم حاليا في كل من مملكة البحرين ودولة قطر، لذا لجأ الى تعليل ذلك بذكر ان هذا العلم ظهر في الكويت ثم انتقل الى قطر والبحرين بواسطة آل خليفة عند هجرتهم الأولى من الكويت، وهذا التعليل يبدوا منطقيا هنا بعض الشيء، وبما ان رواية [السعيدان] انتقلت بنا من الكويت الى قطر، لذا نرى بانه من المناسب الانتقال الى قطر لاستعراض ما ورد من روايات بخصوص هذا العلم.
يقول الاستاذ [ابراهيم بن جار الله] في كتابة "المعاضيد وقطر تاريخ ونسب" ( ) نقلا عن الشيخ جاسم بن محمد ال ثاني مؤسس دولة قطر الحديثة النص التالي:
... وكان أهل قطر من قبيلتي آل معاضيد وآل بن علي الشوكة، وعلمهم السليمي وهو علم المعاضيد المعروف، وقد تحالفنا مع آل بن علي واجتمعنا تحت رايته. انتهى.
ووفقا لمصدر أخر فان هذا العلم المعروف في قطر بـ "السليمي" له أسم أخر وهو العلم "العربي" فقد جاء في وثيقة انجليزية "سرية" خبر ابدال علم المعاضيد القديم (السليمي) والمستخدم منذ زمن الشيخ محمد بن ثاني المعضادي بعلم أخر هو العلم العثماني كان ذلك في عام 1871م (1287هـ) وهذا نص الخبر( ):
خطاب سري من الهند
رقم 127 بتاريخ 22 مايو 1879م
... وميناء البدع يتميز بوضع سياسي غريب فقد كان الوالي القديم محمد بن ثاني يستخدم (العلم العربي) بينما دخل ابنه جاسم تحت الحماية التركية عام 1871م وكان له حراس من الجنود الاتراك في البدع. انتهى.
من النص السابق نلاحظ بان العلم "السليمي" المستخدم في قطر له اسم أخر هو "العلم العربي" وهو ايضا نفس "العلم" الذي تحدث عنه الشيخ جاسم آل ثاني حاكم قطر ووصفه بانه خاص بعشيرتي "المعاضيد والبنعلي" وقال عنه بانه مكون من "خمسة خطوط حمراء متبادلة مع خمسة خطوط بيضاء" ووفقاً للرواية الانجليزية فان هذا العلم المعروف (بالعربي) كان يرفعه الشيخ محمد بن ثاني المعضادي والد الشيخ جاسم، هذا يعني بان العلم "السليمي" هو نفس العلم "العربي" الاحمر والابيض المرفوع في ساحل عمان المتصالح وعدد من موانئ الساحل الايراني فقد ورد في احد المصادر الفارسية عن هذا العلم العربي النص التالي ( ):
... ترفع سفن الغوص التابعة لموانئ ايران أو موانئ عمان العلم القرمزي (الاحمر) "الخاص بالعرب" وفي بعض الاحيان يشاهد شعار الدولة الفارسية الأسد والشمس المشرقة على هذه الأعلام. انتهى.
ونستطيع تلخيص اهم النقاط الواردة في الروايات القطرية كالتالي:
1. العلم "السليمي" هو علم خاص بتحالف قبيلتي آل معاضيد وآل بن علي يرفعونه على سفنهم تميزا لهم عن غيرهم من القبائل.
2. العلم المستخدم في قطر يتكون من خمسة خطوط حمراء متبادلة مع خمسة خطوط بيضاء، و يسمى هذا ايضا بالعلم السليمي.
ونلاحظ هنا بان الروايات القطرية تشترك مع الرواية الكويتية بخصوص العلم "السليمي" في الاسم "فقط" وتختلف عنها في "هيئة العلم" وهذا الاختلاف يثير استفسارت عديدة من اهمها التالي:
1. ما مدى صحة الفرضية القائلة بأن اسرة آل خليفة هي من نقل هذا العلم المعروف بـ "السليمي" من الكويت الى قطر ثم البحرين؟
2. متى وكيف، تبدلت هيئة العلم "السليمي" من علم احمر مضافا اليه شريط ابيض مسنن، الى علم أخر "سليمي" مكون من خمسة خطوط بيضاء متبادلة مع خمسة خطوط حمراء؟
3. اذا كان لا علاقة للعلم الاول بالثاني، فما مبرر اشتراك العلمين في اسم واحد مشترك؟
انتشار العلم (الاحمر والابيض) وشيوع استخدامه:
ان المتتبع لحقيقة هذا العلم المكون من اللونين "الاحمر والابيض" سيتضح له مدى انتشار هذا العلم وشيوع استخدامة بين كافة البحارة العرب في الخليج العربي، فعلى سبيل المثال يروي افراد قبيلة المنانعه بان لهم "علماً عربياً" مكون من اللونين الابيض والاحمر كانوا يرفعونه على سفنهم، وهذا العلم تمت الاشارة اليه في مذكرات الرحالة الأوربي [أريك شلترخ] عند حديثة عن قرية "اليوسفية" الواقعة على الساحل الشمالي لشبة الجزيرة القطرية، يقول[أريك شلترخ] ... قرية "اليوسفية" محمية بقلعة اسسها عدد من شيوخ قبيلة المنانعه لحمايتها من هجمات الاعداء، ويظهر في احدى الرسومات لهذه القلعة "علم" مرفوع على سارية فوق قلعة "اليوسفية" مكون من مثلثين أحمر وأبيض يشكلان المستطيل كما هو موضح في الشكل التالي(6 ).
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_11295026836.jpg
علم قبيلة المنانعة كما جاء في رسم الرحالة "أريك شلترخ"
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_21295026836.jpg
رسم للرحالة "أريك شلترخ" ونلاحظ العلم الخاص بقبيلة المنانعه
وفي رواية أخرى لافراد من عشيرة "العمامرة" وهم فرع من قبيلة الدواسر، بانهم كانوا يرفعون "علم" على سفنهم مكون أيضا من اللونين الاحمر والابيض وهذا العلم له تصميم خاص ،كما هو موضح في الشكل التالي.
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295027313.jpg
نموذج لعلم عشيرة (آل عمامرة)
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_31295026836.jpg
علم عشيرة العمامرة المنشور في شجرة نسبهم
وفي هذا الصدد يذكر الانجليزي "لوريمر" مؤلف كتاب دليل الخليج بان عشيرة المعاضيد في قطر كانوا يرفعون على سفنهم علم مكون ايضا من اللونين الاحمر والابيض جاء وصفه على النحو التالي ( ):
... ويبلغ عدد أفراد قبيلة آل بن علي الذين لم يدعوا صلتهم بالمعاضيد حوالي 4500 نسمة تقريبا، وترفع اسرة المعاضيد وحدها باستثناء آل بن علي أعلاما فوق قواربهم ذات شكل مميز بخمسة خطوط حمراء متبادلة مع خمسة خطوط بيضاء ويسمى هذا العلم بالعلم "السليمي" كما تسمى القبيلة باسم آخر وهو آل سليم. انتهى.
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_41295026836.jpg
علم عشيرتي "البنعلي والمعاضيد"
ويتضح لنا من رواية "لوريمر" السابقة بانها سجلت بعد العام 1905م الموافق (1320هـ) حيث ان الرواية تتطرق الى خبر انقراض اسرة آل سلامة البنعلي بالعبارة التالية (آل سلامة انقرضت سنة 1905م)، ونستطيع تلخيص اهم ما جاء في هذه الرواية بالتالي:
1. العلم "السليمي" هو علم خاص بفرع المعاضيد.
2. العلم السليمي المكون من خمسة خطوط حمراء متبادلة مع خمسة خطوط بيضاء يسمى بالعلم "السليمي" مشتق من أسم أخر لقبيلة البنعلي هو "آل سليم" او "بني سليم".
العلم (السليمي) في مخطوطة قديمة:
تعرض الاستاذ [سعود الزيتون الخالدي] في احد دراساته لمخطوطة قديمة جاء فيها ذكر لعلم خليجي قديم يرفع على سفن الغوص يحتوي على "هلال" اسلامي وهذا العلم معروف بالعلم "الأسلمي" وليس "السُليمي" وقال بانه عثر في تركة احد رجال قبيلة بني خالد المتوطنين في "جزيرة دارين" على ورقة قديمة منسوخه في عام 1252هـ تتضمن اشارات الى احداث تاريخية مجهولة دارت في منطقة حوض الخليج العربي، وبعد دراسته نص المخطوطة تبين له بان قائلها رجل يدعى (سعيد بن بخيت بن مطر) وهو يتحدث في شعره عن زمن الفترة البرتغالية قرابة عام 913هـ، حيث ان ابيات الشعر تذكر كلمة "النصارى" في اشارة الى البرتغاليون، و تذكر ايضا "الأسلمي" وهو (علم) كان يرفع على اغلب سفن الغوص في منطقة الخليج وهو منسوب الى احد رجال "الأسلم" الذين دخلوا مؤخرا في حلف مع قبيلة شمر، في حين كان لهم تواجد ملحوظ في منطقة سواحل الخليج قبل نهاية القرن العاشر الهجري، وكانت هذه الراية او العلم المنسوب لهم يتميز بحتوائه على هلال اسلامي، الا انه وبوصول البرتغاليون واستعمارهم للمنطقة عمموا اعلامهم على المراكب، ورايت في بعض المصادر بان عشيرة (المعاضيد) في قطر كانوا يرفعونه الى وقت قريب على مراكبهم، ونص القصيدة المخطوطة كالتالي:
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295027725.jpg
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_11295027725.jpg
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295027855.jpg
ووفقا لراي [الخالدي] فان العلم "السليمي" هو علم منسوب الى قبيلة "عبيدل" ابناء الأسلمي وهم فرع من قبيلة بني خالد دخلوا في حلف مع قبيلة شمر، ووفقا لوصفه هذا فان العتوب رفعوا هذه العلم بعد دخولهم تحت حماية قبيلة بني خالد حكام المنطقة، فيقول التالي ( ):
... وتشير بعض الروايات الى انهم (اي عبيدل) من ذرية عبد الله وعبيد وعبود أبناء أسلم المنيعي الخالدي المخزومي القرشي، وقد دخلوا فيما بعد في شمر بالحلف، وهم المعنيون بالراية (العلم) السليمي الذي كان يرفع في الماضي على أغلب مراكب اهالي الخليج... انتهى
ونستطيع تلخيص اهم ما جاء في رواية [الخالدي] بالنقاط التالية:
1. العلم "السليمي" او "الأسلمي" هو علم قديم منسوب الى قبيلة "عبيدل" فرع الاسلم من بني خالد المتحالفة مع قبيلة شمر العربية.
2. العلم "الأسلمي" يحتوي على هلال اسلامي، وكان يرفع على سفن الغوص العربية في منطقة الخليج الى ان احتل البرتغاليون المنطقة عام 930هـ فاستبدل بالعلم البرتغالي.
3. قبيلة المعاضيد استمرت محافظة على رفع العلم السليمي حتى عهد قريب.
و على كل حال يحتمل ان تكون ابيات الشعر السابقة تتحدث عن الفترة البرتغالية واخبار غزوهم لمنطقة الساحل الشرقي للجزيرة العربية وتدميرهم للقرى، فقد وصفت القصيدة بلدة الجعيمة القريبة من ميناء راس تنورة ورحيمة وذكرت بانها دمرت خلال تلك الفترة، والوثائق العثمانية المكتشفة حديثا تبين بان رحيمة كانت عبارة عن (سنجق مستقل) حتى عام 984هـ (1576م) وكانت خلال تلك الفترة مشهوره كمنطقة زراعية تجبى منها الضرائب( )، وهذا خلاف المشهور عن رحيمة وراس تنور والجعيمة وشعاب حاليا بانها مناطق صحراوية كانت عبارة عن استراحة لاهل الغوص يتزودون منها بالماء والاخشاب الضرورية للوقود، أيضا هناك احتمال ان يكون المقصود "بالنصارى" الانجليز أثناء حملتهم الاخيرة التي جردوها لحرب القواسم عام خلال الفترة (1210- 1235هـ) والتي انتهت بفرض (علم معاهدة السلم البحري) المكون من اللونين الاحمر والابيض والذي سنتحدث عنه لاحقا.
"العلم السليمي" والتأويلات المعاصرة:
نستطيع تشبية استمرار وتطور التفاسير الخاصة بالعلم "السليمي" بكرة الثلج التي يتضاعف حجمها بشكل مستمر، فانه والى سنوات قليلة مضت كانت التفاسير الخاصة بالعلم "السليمي" الاحمر والابيض تحصره في فترة التاريخ الحديث والمعاصر وانه علم ظهر في منطقة حوض الخليج العربي ابان فترة حكم بني خالد للمنطقة، وكان الحديث يدور حول أصل العلم ..هل هو علم عتبي ام خالدي؟ ولكن ومؤخرا ظهرت فرضيات جديدة لا تقتصر على ربط هذا العلم بمنطقة حوض الخليج العربي، ولكنها تجعل لهذا العلم جذورا أخرى اسطورية، فقد جاء في احد المصادر ( )، بان العلم السليمي يتكون من خمسة خطوط حمراء ترمز الى اركان الاسلام الخمسة على ارضية بيضاء تمتد بطول العلم ترمز الى الشريعة الغراء، واما طرف البيرق من جهة الصارية، فتوجد فيه سبعة مثلثات تتجه رؤوسها المسننة نحو الصارية والرقم (7) من الارقام التي جاء ذكرها في القران الكريم في بعض الايات، وليس لهذا العلم اية دلالة سياسية وانما كان يرفع لمجرد التعريف بالهويه عند التحرك في البر او على سفن الغوص الصغيرة في البحر، في حين يرى أخرون بان هذا العلم المعروف بـ "السليمي" يتمتع بقداسة دينية، مربوطه بذات النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم وانه ظهر لاول مرة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وتحديدا في "وقعة حنين" فيقال بان النبي الكريم أخذ قطعة قماش بيضاء وخط عليها بأنامله الشريفة بالدم خمسة خطوط حمراء.
حقيقة العلم وعلاقتة بمعاهدة السلم الدائم:
يلاحظ بالعرض والتحليل لمختلف الروايات بان جميعها تؤكد على حقيقة ظهور علم في منطقة حوض الخليج العربي، كانت ترفعه العشائر الخليجية البحرية على سفنها وهو مكون من اللونين (الاحمر والابيض) وله اشكال واسماء مختلفة من اشهرها (السليمي والعربي والسلمي والمناعي والعماري...) وهذا الاختلاف طبيعي ناشئ عن نسبة العلم الى العشيرة او المعاهدة، في حين أن الوثائق التاريخية تنص صراحة على ان عرب الخليج كآفة وبلا استثناء رفعوا هذا العلم (الأحمر والأبيض) كرمز (للسلم) على سفنهم وبالجبر من قبل الانجليز، في حين ان عدم رفع هذا العلم كان دليا على (العداء) لانجليز، ورفع هذه الاعلام "السلميه" كانت تكفل حرية الابحار وسهولة دخول الموانئ المتصالحة والخروج منها سواء كانت في منطقة حوض الخليج العربي أو الهند او اليمن اوجنوب افريقيا، وبذلك فأن الاسم الصحيح لهذا العلم الاحمر والابيض (السلمي) وليس (السليمي) وتاكيد لذلك نستشهد بقول المؤرخ الانجليزي ج. ج. لوريمر( ):
(معاهدة السلم الشاملة 1820م)
-المفاوضات مع القواسم-
اتفاقية مبدئية ... أما الماده الثالثة فتحدد علماً يستخدمه كل العرب الموقعين على الاتفاقية... وهو العلم الذي وصفه في البحرين البريطانية على أنه "ابيض يخترقه لون أحمر" وكان مفهوما أن اللون الاحمر في الوسط استمرار للعلم الاحمر الذي كان يرفعه القواسم والذي بقيت معظم القبائل العربيه المشتغله بالبحر ترفعه على سفنها أما اللون الابيض فكان رمز السلام.... انتهى
وعليه فان العلم "الاحمر والابيض" وهو علم فرضته حكومة بريطانيا العظمى على العرب في منطقة حوض الخليج عام 1235هـ (1820م) بعد تدميرها للاسطول القاسمي في كل من راس الخيمة والشارقة ولنجة، وهذا العلم انتشر في جميع الموانئ الخليجية من الكويت شمالا وحتى راس الخيمة جنوبا وصولا الى الهند واليمن وسواحل افريقيا الجنوبية، علما بانه لم يستخدم لفترة طويلة في كل من الكويت وقطر والقطيف نظرا لاستبداله بالعلم العثماني عام 1288هـ نتيجة سيطرت القوات العثمانية على هذه الاراضي، في حين انه بقي مستخدما في كل من جزيرة البحرين وسواحل عمان المتصالح وبر فارس الى ان أختفى تدريجيا بحصول هذه الدول على الاستقلال، ونص اتفاقية "السلم الدائم" الموقعة مع امراء وزعماء العشائر العربية في الخليج العربي عام 1235هـ كالتالي:
معاهدة السلم الدائم:
الحمد لله الذي جعل الصلح خير الانام و بعد صار الصلح الدائم بين (دولة سركال الانكليز) وبين (الطوائف العربية) المشروطين على هذه الشروط .
الشرط الاول:
ان يزال النهب و الغارات في البر و البحر من طرف العرب المشروطين في كل الازمان.
الشرط الثاني:
ان تعرض احد من قوم العرب المشروطين على المترديين في البر و البحر من كافة الناس بالنهب و الغارات بلا حرب معروف وهو عدو لكافة الناس فليس له الامان على حاله و لا ماله و الحرب المعروف هو الذي منادا به مبين مامور به من دولة الى دوله وقتل الناس واخذ المال بغير مناديه و تبيين وامر دوله فهو النهب و الغارات.
الشرط الثالث:
ان العرب المصالحين لهم في البر و البحر علم أحمر فيه حروف او بلا حروف على مطلوبهم وهو في كفة ابيض و عرض الأبيض الذي في الكفة يعادل عرض الاحمر كما هو مصور في الحاشية وان هذا هو علم العرب المصالحين فيستعملون به ولا يستعملون بغيره.
الشرط الرابع:
ان الطوايف المصالحين كلهم حالة الأول الا انهم صار الصلح بينهم و بين دولة سركار الانكليز وان لا يحارب بعضهم بعضا و (العلم) هو الشاهد على ذلك فقط وليس هو شاهد غيره.
الشرط الخامس:
ان مركب العرب المصالحين كلهم بايديهم قرطاس بخط اميرهم فيه اسم المركب وطوله و عرضه وكم يحمل من كاره وبايديهم ايضا مكتوب أخر مرشوم بخط اميرهم فيه اسم صاحب المركب و اسم النوخذه و عدد الرجال و عدد السلاح ومن اين سار وفي اي وقت و الى اي بندر يتجه فان تعرض لهم مركب من الانكليز او غيرهم يعرضون عليه القرطاس و المكتوب.
الشرط السادس:
ان العرب المصالحين ان كان مرادهم يرسلون رسولا الى سركال الانكليز في بحر الفارس ومعه الذي يحتاج اليه فيجلس مع السركال حتى يقضي غرضهم منه و سركال الانكليز ان كان مراده يرسل رسولا ايضا الى عندهم كذلك و الرسول يلحق الى خط اميرهم في قرطاس مراكبهم المذكور الذي فيه طول المركب و عرضه وكم يحمل من كاره وينبغي خط الرسول يجدد في كل سنه وايضا كل من المرسولين خرجه على قومه.
الشرط السابع:
ان كل طايفة او غيرهم لا يزالون من النهب و الغارات فالعرب المصالحين يقومون عليهم على قدر حالهم و يصير بين العرب المصالحين و بين الانكليز كلام في ذلك في وقت وقوع ذلك النهب و الغارات.
الشرط الثامن:
ان قتل الناس بعد تسليم السلاح فهو من الغارات و لا من الحرب المعروف وان كان طائفة يقتل الناس مسلمين او غيره بعد تسليم السلاح فهو قد اخلف الصلح فان العرب المصالحين مع الانكليز بقومون عليهم وان شاء الله تعالى فلا يزال عليهم الحرب الا بعد تسليم من فعل بذالك وحكم به.
الشرط التاسع:
ان نهب الرقيق الرجال و النساء و الاولاد في سواحل السودان او غيره و حملهم في المراكب فهو من النهب و الغارات فالعرب المصالحين لا يفعلون من ذلك شيئا.
الشرط العاشر:
ان مراكب العرب المصالحين الحاملة (علمهم) المذكور يدخلون في كل بنادر دولة سركال الانكليز و في بنادر رفيقهم على قدرهم يشترون و يبيعون فيها وان كان احد تعرض لهم فذالك على سركال الانكليز.
الشرط الحادي عشر:
ان هذه الشروط المذكورة فهي على جميع الطوايف و الناس يقبلونها في المستقبل كما قبلوها في الحين، تم الشروط، وان تحرير القول في راس الخيمة بثلاثة نسخ في تاريخ ظهر يوم السبت اثنين و عشرين من شهر ربيع الاول في سنة 1235 الهجرية مايتين و خمس و ثلاثين بعد الألف و رشموه المشروطين في الاماكن و التواريخ المكتوبة ذيلا فرشموه في راس الخيمة في تاريخ تحرير القول.
خط السردال بيده و ختمه
W. Grant Keir
Major General
الشيوخ الذي التزموا بشروط المعاهدة:
في أوائل كانون الثاني يناير عام 1820م وصل شيوخ الساحل البارزين الى معسكر القائد الانجليزي "كير" عارضين استعدادهم للاتفاق و السلام وهم( ):
1. الشيخ عبد الله بن احمد آل خليفة، حاكم البحرين.
2. الشيخ سلمان بن احمد آل خليفة، حاكم البحرين.
3. الشيخ سلطان بن صقر القاسمي, حاكم الشارقة.
4. الشيخ شخبوط بن ذياب الفلاحي، شيخ ابوظبي.
5. الشيخ محمد بن هزاع بن زعل الفلاسي، شيخ دبي.
6. الشيخ راشد بن حمد النعيمي، شيخ عجمان.
7. الشيخ عبد الله بن راشد، شيخ ام القيوين.
8. الشيخ حسين بن علي، شيخ الرمس.
9. الشيخ حسن بن رحمة القاسمي، عزل عن حكم راس الخيمة و أجبر على توقيع على المعاهدة.
النسخة العربية من اتفاقية السلم البحري ويظهر فيها العلم الاحمر الخاص بالقواسم
والذي كان الاساس لكافة الاعلام العربية الاخرى
http://ArabAlsahel.com/vb//uploaded/9_01295040572.jpg
يتبين لنا ايضا بان هذه الاتفاقية لم تشمل منطقة الكويت نظرا لقربها من السلطة العثمانية في البصرة لذا اكتفى عتوب الكويت برفع العلم "السلمي" التابع لعتوب البحرين الاحمر مضاف اليه شريط ابيض مسنن، ولكنهم ونظرا لعدم التزامهم بشروط هذه الاتفاقية، لذ فقد كانوا يرفعون على سفنهم بالاضافة الى العلم (السلمي) اعلام اخرى تابعة لدول اجنبية أخرى كانجلترا والفلمنك (هولندا و بلجيكا) وغيرهم وفي هذا الصدد يذكر الوالي العثماني أحمد مدحت باشا الذي زار الكويت عام 1288هـ الخبر التالي ( ):
...عندهم (اي الكويتيون) الفان من المراكب التجارية الكبيرة و الصغيرة فهم يشتغلون بصيد اللؤلؤ في البحرين وفي عمان وتسافر سفائنهم الكبيرة الى الهند وزنجبار للتجارة وقد رفعوا فوق مراكبهم التجارية راية مخصوصة بهم واستعملوها زمنا طويلا غير ان خوفهم من غارة الاجانب عليهم قد حدا بهم الى رفع الرايات الأجنبية فرفع بعضهم راية الفلمنك و آخرون راية الانجليز... انتهى.
وعليه يكون من المنطقي والبديهي ان تكون جميع الاعلام العشائرية وغير العشائرية قد اللغيت في الخليج خلال تلك الفترة نتيجة لتوقيع الزعماء العرب على هذه الاتفاقية والعمل بشرطها، ومن المعلوم ايضا بان العشائر القطرية كانت تابعة لشيوخ البحرين لذا فانهم كانوا يرفعون العلم البحريني، واستمر هذا حالهم حتى عام 1871م حيث تفيد الوثائق بان قطر و الكويت ادخلت تحت الاشراف المباشر للدولة العثمانية فابدلت اعلمهم بالعلم العثماني وجاء وصف ذلك بالنص التالي ( ):
...وصل الى البدع عبد الله بن صباح حاكم الكويت في بغلته وسفينة أخرى وعند وصوله الى الساحل أطلق مدفع واحد وزاره قاسم بن ثاني، (ابن الحاكم)، في سفينته وانتقل معه الى بيته واطلقت له ثلاثة مدافع لتحيته، وقد أحضر حاكم الكويت معه أربعة رايات تركية وقام قاسم بقبولها ورفع الأول على بيته وأرسل الثاني الى الوكره، بواسطة محمد بن ثاني، واعطى الثالث الى علي بن عبد العزيز حاكم خور سويجيج لرفعه على مدينته أما الرابع فقد ارسل الى العديد ( )، وبقي عبد الله بن صباح يومين في البدع ولم يرافقه أي مسؤول تركي ولكنه كان يحمل رساله من عاصم باشا الى قاسم و غادر عبد الله البدع متوجها الى العجير.
البدع 20 يوليو 1817م
الرائد سدني سميث
مساعد المقيم السياسي في الخليج الفارسي
ولو عدنا الى رواية الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني التي اشرنا لها سابقا و التي يقول فيها ... (وكان أهل قطر من قبيلتي المعاضيد وآل بن علي الشوكة وعلمهم "السليمي" وهو علم المعاضيد المعروف، وقد تحالفنا مع آل بن علي واجتمعنا تحت رايته)، لتبين لنا بان العلم السليمي الخاص بالمعاضيد ابدل بالعلم العثماني عام 1817م.
وبعد كل هذا العرض يضل هناك سؤال واحد يلوح في الافق، بما أن قبيلتي آل بن علي والمعاضيد كانوا تابعين لحكام البحرين (العتوب) فما هو السبب في اختلاف العلم (السليمي) الخاص بهم عن العلم (السليمي) التابع لشيخ البحرين؟.
انفصال عشيرة آل بن علي وظهور العلم الجديد:
كانت عشيرة آل بن علي أحدى القبائل العربية التابعة لحكومة البحرين ممثلة في آل خليفة الذين وقعوا على معاهدة السلم الدائم عام 1820م (1235هـ)، ووفقا لذلك كانت عشيرة آل بن علي طرفا في هذه الاتفاقية اسوة ببقية القبائل التابعة للبحرين.
استمرت جميع قبائل قطر والبحرين ترفع العلم السلمي (الاحمر والابيض الخاص بالبحرين) حتى عام 1835م (1250هـ) اي لمدة 15 سنة وبعدها تفيد المصادر التاريخية بحدوث تمرد قام به أهل مدينة الحويلة القطرية التابعة للبحرين في تلك الفترة وكان سكانها وقتئذ آل بن علي وال بو عينين واجتمع المتمردون تحت قيادة الشيخ عيسى بن طريف ال بن علي، و هاجروا الى ابو ظبي، ويذكر لوريمر ايضا ( ) بان عيسى بن طريف البنعلي وعشيرته وحلفائهم انتقلوا الى ابوطبي واصبحوا منذ تلك السنة خاضعين لمعاهدة الصلح العام (السلم الدائم)، وهذا يعني بان عيسى بن طريف وقع على معاهدة السلام الدائم اسوة بباقي شيوخ العشائر العربية البحرية في الخليج والتي تشترط على كل قبيلة رفع علم (سلمي) احمر وابيض مميزا لها في البحر ويكون اللون الابيض حسب متطلبات القبيلة، لذا نعتقد بانه وخلال هذه الفترة ظهر العلم خاص بعشيرة ال بن علي وهو علم خاص بعيسى بن طريف وحلفائه لذا ذكر لوريمر بان 4500 فرد من آل بن علي لا علاقه لهم بهذا العلم ويعرف هذا العلم (بالسليمي) نسبة لنسب قبيلة البنعلي و(السلمي) نسبة للمعاهدة وهو بالتالي شبيه بالاعلام الاخرى التي ظهرت في المنطقة خلال تلك الفترة، ولو تمعنا في تصميم علم عيسى بن طريف (السلمي) لتبين لنا بانه مطور عن العلم السلمي الخاص بالبحرين، فهو يحتوي على شريط مسنن ايضا في احد اطرافة.
و نظرا لطول الفترة الزمنية التي تفصل بين تاريخ توقيع عيسى بن طريف للمعاهدة السلم الدائم عام 1835م (1250هـ) و تاريخ كتابة رواية لوريمر قرابة العام 1920م (1322هـ) والمقدرة بحوالي (75 سنة) وهي فترة كفيلة بحدوث خلط هل اصل العلم (سلمي) ام (سليمي)، وخصوصا وان جميع قبائل الخليج اشتركت في رفع هذا العلم ولم يكن هذا النوع من الاعلام مقتصرا على عشيرة ال بن علي فقد رفعه المعاضيد قبيلة آل ثاني وقبيلة العمامرة الدواسر( ) والمنانعة وآل بو عينين ايضا، اضف الى ذلك تطابق الصفات الاسم (سلمي) والهيئة (احمر وابيض) وثبوت توقيع الغالبية على المعاهدة، فكل هذه قرائن تبين حقيقة العلم و تزيل اللبس.
بعض من نماذج علم معاهدة السلم البحري: