منهاج السنة
02-15-2011, 03:37 AM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد...
ففي خضم الأحداث الأخيرة التي قامت في بعض الدول المسلمة وما رافقها من الفوضى والتقليد الأعمى للغرب الكافر في مظاهر الاحتجاج على فوات نصيب من الدنيا الفانية. وما رافق ذلك من سفك للدماء وانعدام للأمن ونشر للفوضى وهتك للأعراض واعتداء على الأملاك.
قال أهل السنة كلمتهم وفق معتقد أهل السنة والجماعة في تحريم الخروج على الحاكم المسلم لما فيه من المفاسد ومخالفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين وإجماع الأمة على ذلك، وبينوا أن هذا مشابه لفعل الخوارج.
فظهر بعض من ينسب نفسه إلى العلم يستهزئ بقول أهل السنة وضرب بآثار السلف عرض الحائط، ومما ذكره بعض هؤلاء أن العلماء لا يفقهون الواقع وأن لديهم سوء فهم وتنزيل للأحكام على الوقائع، وسمعت من بعضهم من يقول مستهزئاً أن الخوراج هم من يخرج على الحاكم بالسيف مقاتلاً فقط، وهؤلاء لم يخرجوا بالسيف.
فرأيت أن من واجبي بيان ما التبس على بعض الناس من سماعهم لأقوال هؤلاء الجهلة، الذين أكاد أجزم بأنهم لم يقرؤا في كتب العقيدة منذ زمن طويل. وتحذيراً من هذا الفكر المنتشر في العالم الإسلامي، فكما قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في " الفرق بين النصيحة والتعيير" ص33 ( فأما أهل البدع والضلال، ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم، وإظهار عيوبهم تحذيرا من الإقتداء بهم)
فأقول مستعيناً بالله.
أن الخوارج فرق متعددة منهم الأزارقة والنجدات والإباضية والصفرية وغيرهم، ومن هذه الفرق (الخوارج القعدية) وهي من أخطر فرق الخوارج، ومما تتميز به هذه الفرقة هي أنها لا ترى الحرب على الحكام لكن تزينه للآخرين.
قال الزبيدي رحمه الله في تارج العروس ( 5\195): ( القعدة قوم من الخوارج قعدوا عن نصرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن مقاتلته ..... وهم يرون التحكيم حقا، غير أنهم قعدوا عن الخروج على الناس ... والقعد:الذين لا يمضون إلى القتال، وهو اسم للجمع، وبه سمي قعد الحرورية ـ فرقة من فرق الخوارج ـ والقعد: الشراة ـ أيضا فرقة من فرق الخوارج ـ الذين يحكمون ولا يحاربون، وهوجمع قاعد).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله واصفاً الخوارج القعدية (والقعد الخوارج، كانوا لا يرون الحرب، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة ويدعون إلى رأيهم ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه) – تهذيب التهذيب 114 /8-
فترى في وصف الحافظ ابن حجر أن هؤلاء ينكرون على أمراء الجور أي الأمراء وأولياء الأمور الظلمة وفق طاقتهم مما يحرضون به ويهيجون الشعوب، فهم يزينون الخروج على حكامهم في أذهان الشعوب العامة المسكينة لتحقيق مقاصدهم وآثروا القعود وانصرفوا عن قتال الحكام وحمل السلاح، لكنهم يعتبرون من حركات الخوارج الثورية. فهم الذين يهيجون الناس ويزرعون الأحقاد في قلوبهم على ولاة الأمر، ويصدرون الفتاوى باستحلال ما حرم الله باسم تغيير المنكر وهم أخبث فرق الخوارج. قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج19ص72) عن الخوارج:( ولهم خاصتان مشهورتان فارقوا به جملة المسلمين وأئمتهم إحداهما: خروجهم عن السنة، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة أو ما ليس بحسنة حسنة) وهم أخطر من الخوارج أنفسهم إذ أن الكلام وشن القلوب وإثارة العامة على ولاة الأمر له أبلغ الأثر في النفوس، وخاصة إذا خرج من رجل بليغ متكلم يخدع الناس بلسانه وتلبسه بالسنّة.
روى أبو داود في مسائل أحمد عن عبد الله بن محمد الصعيف أنه قال: " قعد الخوارج هم أخبث الخوارج " ص271
قال الآجري رحمه الله في الشريعة (ص21): ( لم يختلف العلماء قديما وحديثا أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله عز وجل، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن صاموا وصلوا واجتهدوا في العبادة فليس ذلك بنافع لهم، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس بنافع لهم لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين، وقد حذر الله عز وجل منهم، وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذرنا الخلفاء الراشدون بعده، وحذرنا الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان رحمة الله عليهم ).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ترجمة عمران بن حطان: (تابعي مشهور وكان من رؤوس الخوارج من القعدية بفتحتين وهم الذين يحسنون لغيرهم الخروج على المسلمين ولا يباشرون القتال قاله المبرد قال وكان من الصفرية وقيل القعدية لا يرون الحرب وان كانوا يزينونه )" الإصابة في تمييز الصحابة 5/302- فعمران بن حطان لم يقاتل بنفسه بل ذكر في ترجمته أنه كان يهرب خوفاً على حياته.
وأول هؤلاء الخوارج هو ذو الخويصرة التميمي وقصته في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: اعدل، فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قال: خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه، فأضرب عنقه، فقال: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- في شرح الواسطية (وأول بدعة حدثت في هذه الأمة هي بدعة الخوارج، لأن زعيمهم خرج على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذو الخويصرة من بني تميم، حين قسم النبي صلى الله عليه وسلم ذهيبة جاءت فقسمها بين الناس، فقال له هذا الرجل: يا محمد اعدل فكان هذا أول خروج خرج به على الشريعة الإسلامية، ثم عظمت فتنتهم في أواخر خلافة عثمان وفي الفتنة بين علي ومعاوية، فكفروا المسلمين واستحلوا دماءهم)
فهذا الرجل الذي خرج من صلبه الخوارج الذين قاتلوا الصحابة في النهروان لم يكن يقاتل الرسول بالسيف لكن اعترض على حكمه باللسان. قال الشيخ العثيمين في تعليقه على هذا الحديث (بل العجب أنه ـ يعني ذي الخويصرة ـ وجَّه الطعن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال له: اعدل، هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالقول والكلام، يعني: هذا ا أخذ السيف على الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه أنكر عليه، ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول)
وقد رأينا بعضهم يرد أحاديث صحيحة لم توافق هواه وشهوته ويحاول الطعن فيها، وهذا مسلك الخوارج قديماً وحديثاً، قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج19ص73) عن الخوارج إذا لم يعقلوا الأحاديث: ( فيطعنون تارة في الإسناد، وتارة في المتن، وإلا فهم ليسوا متبعين ولا مؤتمين بحقيقة السنة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، بل ولا بحقيقة القرآن ).
نسأل الله الثبات والعافية. والله المستعان.
ففي خضم الأحداث الأخيرة التي قامت في بعض الدول المسلمة وما رافقها من الفوضى والتقليد الأعمى للغرب الكافر في مظاهر الاحتجاج على فوات نصيب من الدنيا الفانية. وما رافق ذلك من سفك للدماء وانعدام للأمن ونشر للفوضى وهتك للأعراض واعتداء على الأملاك.
قال أهل السنة كلمتهم وفق معتقد أهل السنة والجماعة في تحريم الخروج على الحاكم المسلم لما فيه من المفاسد ومخالفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين وإجماع الأمة على ذلك، وبينوا أن هذا مشابه لفعل الخوارج.
فظهر بعض من ينسب نفسه إلى العلم يستهزئ بقول أهل السنة وضرب بآثار السلف عرض الحائط، ومما ذكره بعض هؤلاء أن العلماء لا يفقهون الواقع وأن لديهم سوء فهم وتنزيل للأحكام على الوقائع، وسمعت من بعضهم من يقول مستهزئاً أن الخوراج هم من يخرج على الحاكم بالسيف مقاتلاً فقط، وهؤلاء لم يخرجوا بالسيف.
فرأيت أن من واجبي بيان ما التبس على بعض الناس من سماعهم لأقوال هؤلاء الجهلة، الذين أكاد أجزم بأنهم لم يقرؤا في كتب العقيدة منذ زمن طويل. وتحذيراً من هذا الفكر المنتشر في العالم الإسلامي، فكما قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في " الفرق بين النصيحة والتعيير" ص33 ( فأما أهل البدع والضلال، ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم، وإظهار عيوبهم تحذيرا من الإقتداء بهم)
فأقول مستعيناً بالله.
أن الخوارج فرق متعددة منهم الأزارقة والنجدات والإباضية والصفرية وغيرهم، ومن هذه الفرق (الخوارج القعدية) وهي من أخطر فرق الخوارج، ومما تتميز به هذه الفرقة هي أنها لا ترى الحرب على الحكام لكن تزينه للآخرين.
قال الزبيدي رحمه الله في تارج العروس ( 5\195): ( القعدة قوم من الخوارج قعدوا عن نصرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن مقاتلته ..... وهم يرون التحكيم حقا، غير أنهم قعدوا عن الخروج على الناس ... والقعد:الذين لا يمضون إلى القتال، وهو اسم للجمع، وبه سمي قعد الحرورية ـ فرقة من فرق الخوارج ـ والقعد: الشراة ـ أيضا فرقة من فرق الخوارج ـ الذين يحكمون ولا يحاربون، وهوجمع قاعد).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله واصفاً الخوارج القعدية (والقعد الخوارج، كانوا لا يرون الحرب، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة ويدعون إلى رأيهم ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه) – تهذيب التهذيب 114 /8-
فترى في وصف الحافظ ابن حجر أن هؤلاء ينكرون على أمراء الجور أي الأمراء وأولياء الأمور الظلمة وفق طاقتهم مما يحرضون به ويهيجون الشعوب، فهم يزينون الخروج على حكامهم في أذهان الشعوب العامة المسكينة لتحقيق مقاصدهم وآثروا القعود وانصرفوا عن قتال الحكام وحمل السلاح، لكنهم يعتبرون من حركات الخوارج الثورية. فهم الذين يهيجون الناس ويزرعون الأحقاد في قلوبهم على ولاة الأمر، ويصدرون الفتاوى باستحلال ما حرم الله باسم تغيير المنكر وهم أخبث فرق الخوارج. قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج19ص72) عن الخوارج:( ولهم خاصتان مشهورتان فارقوا به جملة المسلمين وأئمتهم إحداهما: خروجهم عن السنة، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة أو ما ليس بحسنة حسنة) وهم أخطر من الخوارج أنفسهم إذ أن الكلام وشن القلوب وإثارة العامة على ولاة الأمر له أبلغ الأثر في النفوس، وخاصة إذا خرج من رجل بليغ متكلم يخدع الناس بلسانه وتلبسه بالسنّة.
روى أبو داود في مسائل أحمد عن عبد الله بن محمد الصعيف أنه قال: " قعد الخوارج هم أخبث الخوارج " ص271
قال الآجري رحمه الله في الشريعة (ص21): ( لم يختلف العلماء قديما وحديثا أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله عز وجل، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن صاموا وصلوا واجتهدوا في العبادة فليس ذلك بنافع لهم، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس بنافع لهم لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين، وقد حذر الله عز وجل منهم، وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذرنا الخلفاء الراشدون بعده، وحذرنا الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان رحمة الله عليهم ).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ترجمة عمران بن حطان: (تابعي مشهور وكان من رؤوس الخوارج من القعدية بفتحتين وهم الذين يحسنون لغيرهم الخروج على المسلمين ولا يباشرون القتال قاله المبرد قال وكان من الصفرية وقيل القعدية لا يرون الحرب وان كانوا يزينونه )" الإصابة في تمييز الصحابة 5/302- فعمران بن حطان لم يقاتل بنفسه بل ذكر في ترجمته أنه كان يهرب خوفاً على حياته.
وأول هؤلاء الخوارج هو ذو الخويصرة التميمي وقصته في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: اعدل، فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قال: خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه، فأضرب عنقه، فقال: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- في شرح الواسطية (وأول بدعة حدثت في هذه الأمة هي بدعة الخوارج، لأن زعيمهم خرج على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذو الخويصرة من بني تميم، حين قسم النبي صلى الله عليه وسلم ذهيبة جاءت فقسمها بين الناس، فقال له هذا الرجل: يا محمد اعدل فكان هذا أول خروج خرج به على الشريعة الإسلامية، ثم عظمت فتنتهم في أواخر خلافة عثمان وفي الفتنة بين علي ومعاوية، فكفروا المسلمين واستحلوا دماءهم)
فهذا الرجل الذي خرج من صلبه الخوارج الذين قاتلوا الصحابة في النهروان لم يكن يقاتل الرسول بالسيف لكن اعترض على حكمه باللسان. قال الشيخ العثيمين في تعليقه على هذا الحديث (بل العجب أنه ـ يعني ذي الخويصرة ـ وجَّه الطعن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال له: اعدل، هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالقول والكلام، يعني: هذا ا أخذ السيف على الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه أنكر عليه، ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول)
وقد رأينا بعضهم يرد أحاديث صحيحة لم توافق هواه وشهوته ويحاول الطعن فيها، وهذا مسلك الخوارج قديماً وحديثاً، قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج19ص73) عن الخوارج إذا لم يعقلوا الأحاديث: ( فيطعنون تارة في الإسناد، وتارة في المتن، وإلا فهم ليسوا متبعين ولا مؤتمين بحقيقة السنة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، بل ولا بحقيقة القرآن ).
نسأل الله الثبات والعافية. والله المستعان.