عبدالله الحمادي
02-11-2010, 07:01 PM
يعتبر كتاب الرحالة نيبور المسمى السفر عبر البلاد العربية من أهم المراجع التاريخية الأوروبية التي تحدثت ووصفت البلاد العربية التي مر بها الرحالة الدنمركيون نيبور و رفاقه،حيث تبدأ الرحلة من ميناء كوبنهاجن حتى جزيرة مالطا ثم الاسكندرية مرورا بالقاهرة و سيناء وميناء جدة و صنعاء ومكة و عمان (مسقط) و من ثم موانئ الخليج الفارسي فالبصرة فبغداد ثم مدينة حلب السورية انتهاء بـ كوبنهاجن.
فهذا الكتاب يروي لنا قصة خمسة علماء أوروبيين بعثهم ملك الدنمرك في بعثة علمية في عام 1761م إلى البلاد العربية التي يسمونها العربية السعيدة. وحيث أن هذا الكتاب لم يترجم إلى اللغة العربية فقد تم اختيار بعض أجزاء هذا الكتاب والتي تخص منطقة الخليج وترجمتها إلى اللغة العربية لتعم الفائدة، فهذا جهد المقل نرجو من الله الأجر والثواب.
الفصل الأول:
(العرب الساكنين على أطراف حوض الخليج الفارسي)
أخطاء جغرافيونا عندما صوروا لنا بان الإمبراطورية الفارسية تسيطر على أجزاء من الجزيرة العربية في حين أن الوضع على النقيض من ذلك فأن العرب يسيطرون على جميع الأمارات المطلة على حوض الخليج الفارسي. من أعلى الخليج وحتى أسفل المضيق.
هذه المستعمرات القائمة على الأطراف الفارسية وحتى أطراف جزيرة العرب في حوض الخليج الفارسي لا نعلم بالتحديد متى نشأت خصوصا كونها منفصلة عن فارس وتستخدم نفس اللغة ما عدى بعض التقاليد والعادات، كونهم من سكان الجزيرة العربية. لذلك توجب علي أن الحق مختصر عنهم.
من المستحيل تحديد الفترة التي تشكلت فيها هذه المستعمرات العربية في هذا الحوض المائي. ولكن تاريخيا نستطيع الجزم بأنهم استوطنوا هذه المناطق منذُ عقود عديدة، ومن خلال سرد مختلف التسجيلات للحوادث التاريخية نستطيع إن نفترض بان هؤلاء المهاجرين العرب هاجروا من مواطنهم الأصلية في وقت ملك فارس الأول. على كل حال هناك أوجه شبه بين عادات هؤلاء العرب.
يعيشون بجانب بعضهم البعض و عاداتهم واحده، اغلبهم بحاره ويعملون في الصيد وجمع اللؤلؤ، يأكلون القليل من الأطعمة المختلفة ولكن يعتمدون بشكل كبير على السمك والتمر و يطعمون حيواناتهم السمك أيضا. نالوا باستحقاق مطلق الحرية أسوة بإخوانهم أبناء الصحراء فكل قرية لها شيخ مختلف و مستقل، والذي يحصل بالقوة على دخل (المال) المناطق التابعة له. مدعما مكانته بواسطة عمل أمرين أما عن طريق نقل البضائع أو الصيد. وإذا حدث خلاف بين أهل المنطقة الرئيسين و شيخ منطقتهم يقومون بعزله واختيار شيخ أخر من نفس العائلة.
بالنسبة لأسلحتهم فهي متنوعة ومتعددة جدا كـ الرماح و الدروع وجميع سفن الصيد تستخدم في الخطر كسفن حربية. و لكن يتجمهرون من كل مكان و يضطرون للتوقف مؤقتا عن صيد السمك عندما يجبرون على مواجهة العدو ويستطيعون عمل إعمال بطولية جريئة وعظيمة. و حروبهم كثيرا ما تكون مصادمات بسيطة و لا تنتهي بقرار حكيم ولكن ينتج عنها نزاع وحالة متكررة من الأعمال العدوانية، ومساكنهم ضعيفة جدا والتي تجعل الأعداء لا يجدون أي صعوبة في هدمها، و هذا ما يجعل الناس لا يجدون ما يخسرونه في هذه الحالة، ودائما ما يحتمون بسفنهم في حالة تعرضهم للخطر و يختفون في إحدى جزر الخليج حتى تتهيأ لهم ظروف أفضل. وذلك ما يجعل الفرس (العجم) لا يفكرون أبدا في احتلال أراضي قاحلة وخصوصا عندما يرغبون في استغلال العرب الذين دائما ما يكونون مجاورين للبحر.
و هؤلاء العرب مذهبهم سني وهم يبغضون الفرس الشيعة و يرفضون الاتحاد معهم، وهذا ما يجعل الاتحاد مستحيل بين هاتين الطائفتين، و هذا هو احد أسباب فشل نادر شاه في محاولة السيطرة على هؤلاء العرب. وفي هذه الصدد عمل نادر شاه على بذل الكثير من الجهود لتدعيم حكمه وفرض سيطرته على الخليج فجهز 25 سفينة حربية كبيرة، و عندما رأى بأنه لا يملك بحارة من أبناء الفرس العجم أجبرته الظروف لاستخدام الهنود من أبناء السنة والذين كانوا يرفضون قتال إخوانهم من أبناء السنة العرب و نتج عن ذلك تمرد البحارة الهنود وقتل جميع القادة الفرس و استولوا على سفن الأسطول الفارسي.
وفي أخر حياة نادر شاه فكر في جمع العرب ونقلهم إلى منطقة بحر قزوين و أحلال مكانهم أبناء الفرس ولكن موته المفاجئ حال دون البدء بتلك العملية. وأدت الفوضى التي عمت بلاد فارس منذ ذلك الحين إلى منع جميع الجهود التي تسعى للحد من حرية هؤلاء العرب.
هذه الحكومة وهذا التباين في المعتقدات يبدوا لي ذو شبه كبير جدا بما كان عليه وضع الإغريق القدماء، وهذه التغيرات دائمة الحدوث في الخليج العربي ولكن العرب عبر التاريخ لم يتركوا العيش في مناطقهم الضيقة.
الفصل الثاني:
(المناطق ذات السيادة المستقلة في منطقة فارس)
لا يعتبر ملك فارس الحاكم الوحيد لهذا الحوض المائي فلا تزال بعض المناطق خارج سيطرته، وفي الوقت الأخير شهدت الحكومة الفارسية في هذه المنطقة تأرجح واضطراب في ولاء بعض المناطق لها على مستوى بعض المقاييس. فهناك من نصبوا أنفسهم حكام مستقلون عن الحكومة الفارسية وعلى رأسهم منطقة جمبرون (بندر عباس) و جزيرة هرمز.
ميناء جمبرون – قرية في مقاطعة لار أستان تتبع قديما ملك فارس و لكن بعد موت نادر شاه نصب رجل فارسي يدعى ناصر خان نفسه حاكما على هذه المقاطعة، ارتفع شان المدينة في أيام حكمه، و يعتبر ناصر خان نفسه تابع لحاكم شيراز كريم خان مع العلم بأنه لا يدفع ضرائب لحاكم شيراز ومن غير المتوقع أن يدفع تلك الضرائب ما لم يأتي كريم خان إلى جمبرون بجيشه ويجبر ناصر على دفعها. وميناء جمبرون و الذي يطلق عليه بندر عباس كان ميناء ذو شهرة في القرن الماضي و حتى بداية هذا القرن و هو يخدم مدينة شيراز ومنطقة جنوب فارس، وكانت تجارة هذا الميناء رائجة وواسعة ولكن في الوقت الحالي لم تعد كما كانت أصبحت تجارتها محدودة ولا يوجد بها حتى مقر واحد للتجار الأوروبيون. ويرجع هذا الانحدار إلى انتشار الحروب الأهلية في مختلف البلاد الفارسية والى النزاع الفرنسي الإنجليزي، أما الهولنديون فقد بدأ في تأسيس أماكن تجارية متفرقة في هذه المنطقة و قاموا بتأسيس مستعمرة في جزيرة خارج مما أدى إلى هجرة الناس جمبرون إلى خارج.
جزيرة هرمز – التي كانت قديما ذات شهره أصبحت اليوم لا شيء بعد إن كانت فيما مضى جزيرة مشرقة. هرمز اليوم تقع تحت حكم الفارسي ملا علي شاه الذي نصب نفسه حاكما على هرمز بعد موت نادر شاه مباشرة والذي كان قائدا في فترة حكم نادر شاه. واستطاع حاكم هرمز مؤخرا من الاستيلاء على أجزاء كثيرة من بينها جزيرة قشم ويشاطره من الجانب الآخر حاكم صير.
والى الجنوب من لار استان تقع جزيرة (ميناو) وهي جزيرة مريحة و بها قرية تبعد قرابة (6) فراسخ أي قرابة (30) ميل من شاطئ البحر، وسكان الجزر القربية هم من أبناء الشيعة ومعظمهم يعملون في الزراعة و بسب هذا الوضع فهم يعترفون بسلطة حاكم لار استان. ويطلق على هؤلاء العرب المقيمين بين ميناو و كعب بـ (البلوش) وهم يسيطرون على مناطق واسعة و تجارتهم واسعة مع البصرة نزولا إلى مناطق خليج العرب وصولا إلى المحيط الهندي. وهؤلاء العرب هم من أبناء السنة وهم متحدون دينيا وهذا يجعل فرصة مشاركتهم جماعة الأفغان في الثورة ضد فارس متوقعة.
بعض الجغرافيون صوروا هؤلاء البلوش بأنهم يسكنون على طول حوض الخليج الفارسي وحتى منطقة الجبال ووصفوهم بأنهم أناس محاربون و مدمنون للقرصنة، وأنا لا اعلم ما اذا كان هؤلاء ينتمون إلى فارس أم لا. وهناك احتمال كبير بأنهم لا يعترفون بسلطة الحاكم ولا يدينون لأحد سوى شيخهم، والبعض يحكي قصة أسباب هجرتهم بأنها بدأت مع نهاية القرن الماضي وترو هذه القصة بشكل غريب جدا حيث يذكر بأن أمير(jasks) والذي يعي قوة الشاه عباس عزل غدرا وعملت أرملته على مقاومة حاكم فارس حتى انتصرت هذه البطلة ولكن هذه القصة بالنسبة لشيوخ البلوش مسلم بها.
هذه البلاد من بندر عباس وحتى الشمال وصولا إلى دلما، تشبه بلاد تهامة من جزيرة العرب فهي ارض جرداء منبسطة تدعى عند الفرس (كرم شير) أي البلاد الحارة، وتقع هذه المنطقة على جبل صخري منحدر يحتوي على قطع محدودة من الأراضي المتجاورة و من المعتقد بأن زيارة الشيخ شعيب لها كان بغية البحث عن الفضة والتي توجد بكثرة في هذه الأماكن.
الفصل الثالث:
(الحديث عن مناطق قبائل الهوله)
العديد من القبائل تحكم جميع المناطق من بندر عباس حتى أطراف برد استان وهم يملكون جميع الموانئ بها، ومعظم هذه المناطق جافة و قاحلة ولكنها محاطة بطوق من الجبال مثل (dahr asban) وتمتد هذه المناطق بالقرب من الشاطئ وهي تنتج الأخشاب التي تقطع من الجبال المجاورة وتنقل بواسطة السكان، وعلى الرغم من الطبيعة التي تميز هذه الأراضي إلا أن عرب الهولة لا يهتمون بذلك ويكتفون بالعيش على صيد الأسماك والحيوانات.
هؤلاء العرب هم من أبناء المذهب السني وهم محترمون من قبل جيرانهم وذلك لشجاعتهم، وإذا كان لقوة أن تخضع جميع مدن الخليج فهم المرشحون لذلك، إلا أن خضوع كل منطقة لشيخ مستقل وهذا الشيخ يجب أن يكون من عائلة محددة يحول دون اتحادهم وهذا ما يجعلهم فقراء و مبعثرين، في حين يتسنى لشيوخهم أن يكونوا أثرياء جدا. و كل هؤلاء الشيوخ يخضعون لسيطرة شيخ اكبر من عرب الهوله وهؤلاء الأمراء هم كما يلي:
1. شيوخ صير([1]) الذين أشرت لهم عند الحديث عن عمان والذين هم في الأصل من هذه البلاد وهم من زعماء قبائل الهولة المجاورين لمنطقة جمبرون و kunk ، لنجه ، ras heti وهم يصدرون الاخشاب والفحم للوقود.
2. شيوخ مغوه([2]) و جارك و هم يصدرون الأخشاب وهم من أغنى عرب الهولة.
3. شيوخ نخيلوه([3]) و نابند وعسلوه وطاهري وكنكون و schilu ، فسكان نخيلون هم غواصون مهرة وسكان كنكون لهم طبيعة مختلفة عن غيرهم من أناء عرب الهولة في المناطق الأخرى حيث يسكن مهم بعض اليهود و البنيان، أما أبناء الفرس الذين يعيشون ولا يملكون سفن فهم يسكنون المناطق الممتدة من بندر عباس إلى برد استان.
---------------------------------------------------------------------
[1] . حكام صير المقصود بهم القواسم.
[2] . حاكم جارك في هذه السنة 1762م هو الشيخ حسن بن علي بن خلفان آل علي. و حاكم مغوه في هذه السنة 1762م الشيخ راشد بن مطر المرزوقي.
[3] . حاكم عسلوه و نابند في أثناء زيارة نيبور للمنطقة عام 1762م هو الأمير رحمة بن سيف بن محمد الحرمي، اما حاكم طاهري في هذه الفترة فهو الشيخ جبارة بن ياسر النصوري وهو حاكم البحرين ايضا
ترجمة وتقديم: جلال بن خالد الهارون الأنصاري
السلطات الفارسية كانت ترسل إلى جزيرة قشم من يغتال الشيخ سلطان العلماء، أحد مشاسخ جزيرة قشم و لنجة، و كان أهل الجور هناك يخبؤونه تحت الأرض كي يخفونه عن أنظار السلطات الفارسية. و من ثم انتقل الشيخ سلطان العلماء الى دبي و هو و أهله موجودين هنا و أحدهم دكتور في جامعة الإمارات
كما زار مناطق عرب فارس الرحاله الشهير ابن بطوطه وتحدث عن العرب فى هذا الساحل
فهذا الكتاب يروي لنا قصة خمسة علماء أوروبيين بعثهم ملك الدنمرك في بعثة علمية في عام 1761م إلى البلاد العربية التي يسمونها العربية السعيدة. وحيث أن هذا الكتاب لم يترجم إلى اللغة العربية فقد تم اختيار بعض أجزاء هذا الكتاب والتي تخص منطقة الخليج وترجمتها إلى اللغة العربية لتعم الفائدة، فهذا جهد المقل نرجو من الله الأجر والثواب.
الفصل الأول:
(العرب الساكنين على أطراف حوض الخليج الفارسي)
أخطاء جغرافيونا عندما صوروا لنا بان الإمبراطورية الفارسية تسيطر على أجزاء من الجزيرة العربية في حين أن الوضع على النقيض من ذلك فأن العرب يسيطرون على جميع الأمارات المطلة على حوض الخليج الفارسي. من أعلى الخليج وحتى أسفل المضيق.
هذه المستعمرات القائمة على الأطراف الفارسية وحتى أطراف جزيرة العرب في حوض الخليج الفارسي لا نعلم بالتحديد متى نشأت خصوصا كونها منفصلة عن فارس وتستخدم نفس اللغة ما عدى بعض التقاليد والعادات، كونهم من سكان الجزيرة العربية. لذلك توجب علي أن الحق مختصر عنهم.
من المستحيل تحديد الفترة التي تشكلت فيها هذه المستعمرات العربية في هذا الحوض المائي. ولكن تاريخيا نستطيع الجزم بأنهم استوطنوا هذه المناطق منذُ عقود عديدة، ومن خلال سرد مختلف التسجيلات للحوادث التاريخية نستطيع إن نفترض بان هؤلاء المهاجرين العرب هاجروا من مواطنهم الأصلية في وقت ملك فارس الأول. على كل حال هناك أوجه شبه بين عادات هؤلاء العرب.
يعيشون بجانب بعضهم البعض و عاداتهم واحده، اغلبهم بحاره ويعملون في الصيد وجمع اللؤلؤ، يأكلون القليل من الأطعمة المختلفة ولكن يعتمدون بشكل كبير على السمك والتمر و يطعمون حيواناتهم السمك أيضا. نالوا باستحقاق مطلق الحرية أسوة بإخوانهم أبناء الصحراء فكل قرية لها شيخ مختلف و مستقل، والذي يحصل بالقوة على دخل (المال) المناطق التابعة له. مدعما مكانته بواسطة عمل أمرين أما عن طريق نقل البضائع أو الصيد. وإذا حدث خلاف بين أهل المنطقة الرئيسين و شيخ منطقتهم يقومون بعزله واختيار شيخ أخر من نفس العائلة.
بالنسبة لأسلحتهم فهي متنوعة ومتعددة جدا كـ الرماح و الدروع وجميع سفن الصيد تستخدم في الخطر كسفن حربية. و لكن يتجمهرون من كل مكان و يضطرون للتوقف مؤقتا عن صيد السمك عندما يجبرون على مواجهة العدو ويستطيعون عمل إعمال بطولية جريئة وعظيمة. و حروبهم كثيرا ما تكون مصادمات بسيطة و لا تنتهي بقرار حكيم ولكن ينتج عنها نزاع وحالة متكررة من الأعمال العدوانية، ومساكنهم ضعيفة جدا والتي تجعل الأعداء لا يجدون أي صعوبة في هدمها، و هذا ما يجعل الناس لا يجدون ما يخسرونه في هذه الحالة، ودائما ما يحتمون بسفنهم في حالة تعرضهم للخطر و يختفون في إحدى جزر الخليج حتى تتهيأ لهم ظروف أفضل. وذلك ما يجعل الفرس (العجم) لا يفكرون أبدا في احتلال أراضي قاحلة وخصوصا عندما يرغبون في استغلال العرب الذين دائما ما يكونون مجاورين للبحر.
و هؤلاء العرب مذهبهم سني وهم يبغضون الفرس الشيعة و يرفضون الاتحاد معهم، وهذا ما يجعل الاتحاد مستحيل بين هاتين الطائفتين، و هذا هو احد أسباب فشل نادر شاه في محاولة السيطرة على هؤلاء العرب. وفي هذه الصدد عمل نادر شاه على بذل الكثير من الجهود لتدعيم حكمه وفرض سيطرته على الخليج فجهز 25 سفينة حربية كبيرة، و عندما رأى بأنه لا يملك بحارة من أبناء الفرس العجم أجبرته الظروف لاستخدام الهنود من أبناء السنة والذين كانوا يرفضون قتال إخوانهم من أبناء السنة العرب و نتج عن ذلك تمرد البحارة الهنود وقتل جميع القادة الفرس و استولوا على سفن الأسطول الفارسي.
وفي أخر حياة نادر شاه فكر في جمع العرب ونقلهم إلى منطقة بحر قزوين و أحلال مكانهم أبناء الفرس ولكن موته المفاجئ حال دون البدء بتلك العملية. وأدت الفوضى التي عمت بلاد فارس منذ ذلك الحين إلى منع جميع الجهود التي تسعى للحد من حرية هؤلاء العرب.
هذه الحكومة وهذا التباين في المعتقدات يبدوا لي ذو شبه كبير جدا بما كان عليه وضع الإغريق القدماء، وهذه التغيرات دائمة الحدوث في الخليج العربي ولكن العرب عبر التاريخ لم يتركوا العيش في مناطقهم الضيقة.
الفصل الثاني:
(المناطق ذات السيادة المستقلة في منطقة فارس)
لا يعتبر ملك فارس الحاكم الوحيد لهذا الحوض المائي فلا تزال بعض المناطق خارج سيطرته، وفي الوقت الأخير شهدت الحكومة الفارسية في هذه المنطقة تأرجح واضطراب في ولاء بعض المناطق لها على مستوى بعض المقاييس. فهناك من نصبوا أنفسهم حكام مستقلون عن الحكومة الفارسية وعلى رأسهم منطقة جمبرون (بندر عباس) و جزيرة هرمز.
ميناء جمبرون – قرية في مقاطعة لار أستان تتبع قديما ملك فارس و لكن بعد موت نادر شاه نصب رجل فارسي يدعى ناصر خان نفسه حاكما على هذه المقاطعة، ارتفع شان المدينة في أيام حكمه، و يعتبر ناصر خان نفسه تابع لحاكم شيراز كريم خان مع العلم بأنه لا يدفع ضرائب لحاكم شيراز ومن غير المتوقع أن يدفع تلك الضرائب ما لم يأتي كريم خان إلى جمبرون بجيشه ويجبر ناصر على دفعها. وميناء جمبرون و الذي يطلق عليه بندر عباس كان ميناء ذو شهرة في القرن الماضي و حتى بداية هذا القرن و هو يخدم مدينة شيراز ومنطقة جنوب فارس، وكانت تجارة هذا الميناء رائجة وواسعة ولكن في الوقت الحالي لم تعد كما كانت أصبحت تجارتها محدودة ولا يوجد بها حتى مقر واحد للتجار الأوروبيون. ويرجع هذا الانحدار إلى انتشار الحروب الأهلية في مختلف البلاد الفارسية والى النزاع الفرنسي الإنجليزي، أما الهولنديون فقد بدأ في تأسيس أماكن تجارية متفرقة في هذه المنطقة و قاموا بتأسيس مستعمرة في جزيرة خارج مما أدى إلى هجرة الناس جمبرون إلى خارج.
جزيرة هرمز – التي كانت قديما ذات شهره أصبحت اليوم لا شيء بعد إن كانت فيما مضى جزيرة مشرقة. هرمز اليوم تقع تحت حكم الفارسي ملا علي شاه الذي نصب نفسه حاكما على هرمز بعد موت نادر شاه مباشرة والذي كان قائدا في فترة حكم نادر شاه. واستطاع حاكم هرمز مؤخرا من الاستيلاء على أجزاء كثيرة من بينها جزيرة قشم ويشاطره من الجانب الآخر حاكم صير.
والى الجنوب من لار استان تقع جزيرة (ميناو) وهي جزيرة مريحة و بها قرية تبعد قرابة (6) فراسخ أي قرابة (30) ميل من شاطئ البحر، وسكان الجزر القربية هم من أبناء الشيعة ومعظمهم يعملون في الزراعة و بسب هذا الوضع فهم يعترفون بسلطة حاكم لار استان. ويطلق على هؤلاء العرب المقيمين بين ميناو و كعب بـ (البلوش) وهم يسيطرون على مناطق واسعة و تجارتهم واسعة مع البصرة نزولا إلى مناطق خليج العرب وصولا إلى المحيط الهندي. وهؤلاء العرب هم من أبناء السنة وهم متحدون دينيا وهذا يجعل فرصة مشاركتهم جماعة الأفغان في الثورة ضد فارس متوقعة.
بعض الجغرافيون صوروا هؤلاء البلوش بأنهم يسكنون على طول حوض الخليج الفارسي وحتى منطقة الجبال ووصفوهم بأنهم أناس محاربون و مدمنون للقرصنة، وأنا لا اعلم ما اذا كان هؤلاء ينتمون إلى فارس أم لا. وهناك احتمال كبير بأنهم لا يعترفون بسلطة الحاكم ولا يدينون لأحد سوى شيخهم، والبعض يحكي قصة أسباب هجرتهم بأنها بدأت مع نهاية القرن الماضي وترو هذه القصة بشكل غريب جدا حيث يذكر بأن أمير(jasks) والذي يعي قوة الشاه عباس عزل غدرا وعملت أرملته على مقاومة حاكم فارس حتى انتصرت هذه البطلة ولكن هذه القصة بالنسبة لشيوخ البلوش مسلم بها.
هذه البلاد من بندر عباس وحتى الشمال وصولا إلى دلما، تشبه بلاد تهامة من جزيرة العرب فهي ارض جرداء منبسطة تدعى عند الفرس (كرم شير) أي البلاد الحارة، وتقع هذه المنطقة على جبل صخري منحدر يحتوي على قطع محدودة من الأراضي المتجاورة و من المعتقد بأن زيارة الشيخ شعيب لها كان بغية البحث عن الفضة والتي توجد بكثرة في هذه الأماكن.
الفصل الثالث:
(الحديث عن مناطق قبائل الهوله)
العديد من القبائل تحكم جميع المناطق من بندر عباس حتى أطراف برد استان وهم يملكون جميع الموانئ بها، ومعظم هذه المناطق جافة و قاحلة ولكنها محاطة بطوق من الجبال مثل (dahr asban) وتمتد هذه المناطق بالقرب من الشاطئ وهي تنتج الأخشاب التي تقطع من الجبال المجاورة وتنقل بواسطة السكان، وعلى الرغم من الطبيعة التي تميز هذه الأراضي إلا أن عرب الهولة لا يهتمون بذلك ويكتفون بالعيش على صيد الأسماك والحيوانات.
هؤلاء العرب هم من أبناء المذهب السني وهم محترمون من قبل جيرانهم وذلك لشجاعتهم، وإذا كان لقوة أن تخضع جميع مدن الخليج فهم المرشحون لذلك، إلا أن خضوع كل منطقة لشيخ مستقل وهذا الشيخ يجب أن يكون من عائلة محددة يحول دون اتحادهم وهذا ما يجعلهم فقراء و مبعثرين، في حين يتسنى لشيوخهم أن يكونوا أثرياء جدا. و كل هؤلاء الشيوخ يخضعون لسيطرة شيخ اكبر من عرب الهوله وهؤلاء الأمراء هم كما يلي:
1. شيوخ صير([1]) الذين أشرت لهم عند الحديث عن عمان والذين هم في الأصل من هذه البلاد وهم من زعماء قبائل الهولة المجاورين لمنطقة جمبرون و kunk ، لنجه ، ras heti وهم يصدرون الاخشاب والفحم للوقود.
2. شيوخ مغوه([2]) و جارك و هم يصدرون الأخشاب وهم من أغنى عرب الهولة.
3. شيوخ نخيلوه([3]) و نابند وعسلوه وطاهري وكنكون و schilu ، فسكان نخيلون هم غواصون مهرة وسكان كنكون لهم طبيعة مختلفة عن غيرهم من أناء عرب الهولة في المناطق الأخرى حيث يسكن مهم بعض اليهود و البنيان، أما أبناء الفرس الذين يعيشون ولا يملكون سفن فهم يسكنون المناطق الممتدة من بندر عباس إلى برد استان.
---------------------------------------------------------------------
[1] . حكام صير المقصود بهم القواسم.
[2] . حاكم جارك في هذه السنة 1762م هو الشيخ حسن بن علي بن خلفان آل علي. و حاكم مغوه في هذه السنة 1762م الشيخ راشد بن مطر المرزوقي.
[3] . حاكم عسلوه و نابند في أثناء زيارة نيبور للمنطقة عام 1762م هو الأمير رحمة بن سيف بن محمد الحرمي، اما حاكم طاهري في هذه الفترة فهو الشيخ جبارة بن ياسر النصوري وهو حاكم البحرين ايضا
ترجمة وتقديم: جلال بن خالد الهارون الأنصاري
السلطات الفارسية كانت ترسل إلى جزيرة قشم من يغتال الشيخ سلطان العلماء، أحد مشاسخ جزيرة قشم و لنجة، و كان أهل الجور هناك يخبؤونه تحت الأرض كي يخفونه عن أنظار السلطات الفارسية. و من ثم انتقل الشيخ سلطان العلماء الى دبي و هو و أهله موجودين هنا و أحدهم دكتور في جامعة الإمارات
كما زار مناطق عرب فارس الرحاله الشهير ابن بطوطه وتحدث عن العرب فى هذا الساحل