المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهوية .. الارتقاء قبل الانهيار



خليل بوجيري
01-05-2013, 10:01 AM
إلحاقا بموضعنا عن العولمة وأثرها على القوميات، نستطرد في هذا الموضوع للحديث عن الهوية وسبل الارتقاء بعناصرها عربيا وإسلاميا.


في ظل الثورة المعلوماتية في مجال الاتصالات والانفتاح الاقتصادي والسياسي برزت تغيرات ثقافية وقيمية على كافة الأصعدة الثقافية، وبدأت تلج إلى عمق الهوية العربية والإسلامية رويدا رويدا، ونحن إذ نتلمس هذه التأثيرات فإننا في خضم معرفة مدى قوتها في الضرب بعمق الهوية ومدى فاعلية التأثير بالانتماء ، حيث أن هذا التحول سيشكل مجتمع القرن الحادي والعشرين، وعليه فإننا سنلقي الضوء على كيفية تطوير عناصر الهوية العربية الإسلامية ضمن مكونات المدرج الحضاري لبناء الأمم والشعوب، والذي يتدرج انطلاقا من التعليم فمؤسسات الإعلام الحر ثم الممارسة السياسية انتقالا لطور الرفاه، فكيف نحافظ على هويتنا في رحلتنا الكفاحية للوصول لمجتمع الرفاه.
وعليه سنعمد خلال هذا الموضوع إلى سبل تطوير عناصر الهوية العربية الإسلامية أخذا بالسبيل التربوي التعليمي الذي يعد مكونا أساسيا من مكونات التنشئة الاجتماعية والسياسية على حد سواء.
__________________________________________________ _______________________
الخطوة الأولى نحو الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية:
نستطيع من خلال النظام التعليمي العربي أن نواجه التحديات و المخاطر التي تحدق بالهوية العربية الإسلامية من خلال طرح نموذج جديد للمدرسة تستطيع بما سوف تتملكه من عناصر قوة وأدوار متعددة وأشكال متنوعة من مواجهة تلك الأخطار والتحديات، وذلك لتحقيق مجموعة من الأهداف لعل من أهمها ما يلي:
•تعزيز الانتماء الديني والقومي لدى الأجيال العربية في سياق التواصل الحضاري والإنساني، وبما يُمكّن من التصدي الواعي للغزو الثقافي وحماية الهوية الدينية والثقافية والحضارية للأمة العربية الإسلامية .
•تمكين المتعلم العربي من التعامل والتكيف الإيجابي الفعال مع بيئته ومجتمعه المحلي والوطني والقومي والعالمي، وتمكنه من فهم الحضارات والحوار الهادف والبناء الهادف والبناء مع الآخرين كأفراد وجماعات .
•إكساب المتعلم العربي التعلم الذاتي والقدرات التي تمكنه من البحث والحصول على المعرفة من منابعها .
__________________________________________________ ________________________
ما المقصود بالحفاظ على الهوية العربية الإسلامية كهدف تربوي سياسي وما التحديات التي تواجه تحقيق هذا الهدف في عصر العولمة الراهن؟.
(1) التعريف:
تعرف "الهوية" بأنها عبارة عن "مركب من العناصر المرجعية والمادية والذاتية المصطفاة التي تسمح بتعريف خاص للفاعل الاجتماعي. ويفسر بعض الباحثين هذا التعريف للهوية بقوله "بأن الهوية طالما أنها مركب من عناصر، فهي بالضرورة متغيرة في الوقت ذاته تتميز فيه بثبات معين، مثل الشخص الواحد يُولدّ ويشب ويشيخ وتتغير ملامحه وتصرفاته وأحياناً ذوقه لكنه يبقى في الآخر هو نفس الشخص وليس شخصاً آخر"، فيما يعرف آخرون الهوية العربية الإسلامية بأنها "جوهر وحقيقة وثوابت الأمة العربية التي اصطبغت بالإسلام منذ أن دانت به غالبية هذه الأمة، فأصبح هو "الهوية" الممثلة لأصالة ثقافتها، فهو الذي طبع ويطبع وصبغ ويصبغ ثقافتها بطابعه وصبغته. فعاداتها وتقاليدها وأعرافها وآدابها وفنونها وسائر علومها الإنسانية والاجتماعية، وعلومها الطبيعية والتجريبية، ونظرتها للكون، وللذات، وللآخر، وتصوراتها لمكانة الإنسان في الكون من أين أتى ؟ وإلى أين ينتهي ؟ وحكمة هذا الوجود ونهايته، ومعايير المقبول والمرفوض، والحلال والحرام وهي جميعها عناصر لهويتنا.
وفي ضوء ذلك يمكن تعريف الهوية العربية الإسلامية إجرائياً بأنها "تفرد الشخصية العربية الإسلامية بمجموعة من الصفات والخصائص التي تميزها عن باقي الهويات الآخرى والتي تتضمن اللغة والدين والعادات والتقاليد والقيم الأخلاقية، والتي اصطبغت بصبغة الإسلام والعروبة منذ أزمنة بعيدة" .
(2) التحديات:
(أ) الاختراق الثقافي :
وقد اقترن هذا المفهوم بالتطور التقني في مجال الاتصالات والمعلومات ، وفي ضوء ذلك يعرف الاختراق الثقافي بأنه" مجموعة من الأنشطة الثقافية والإعلامية والفكرية التي تواجهها جهة أو عدة جهات نحو مجتمعات وشعوب معينة، بهدف تكوين أنساق من الاتجاهات السلوكية والقيمية أو أنماط وأساليب من التفكير والرؤى والميول لدى تلك المجتمعات والشعوب، بما يخدم مصالح وأهداف الجهة أو الجهات التي تمارس علمية الاختراق".
ويقصد بالاختراق الثقافي "هيمنة الثقافة الغربية على الثقافة العربية الإسلامية، في محاولة منها لتغيير ملامحها، وذلك بهدف تكوين مجموعة من الاتجاهات السلوكية والقيمية والرؤى والميول بما يخدم مصالح أصحاب الثقافية الغربية".
(ب) العولمة : Globalization :
ساد هذا المفهوم في التسعينات من القرن الماضي، حيث بدأ هذا المصطلح للإشارة بدون تمييز إلى روابط عابرة للقومية Transnational وخاصة الاختراق الاقتصادي للأسواق الخارجية، بينما ينـزع الاستخدام الأكاديمي من جهة أخرى، ليضيف إلى البعد الاقتصادي بعداً سياسياً يتمحور بصورة رئيسية، حول مسألة سيادة الدولة، كما يضيف مصطلح "العولمة" إلى هذين البعدين بعداً ثالثاً وهو البعد الاجتماعي والثقافي.
والعولمة جاءت في اللسان العربي من "العالم" ويتصل به فعل "عُولم" على صيغة "فُعل" وهي من أبنية الموازين الصرفية العربية، أما في الاصطلاح "فالعولمة" تعني جعل الشيء على مستوى عالمي، أي نقله من المحدود إلى اللامحدود الذي ينأى عن كل مراقبة.
أما العولمة من المنظور العربي الإسلامي فالبعض يعرفها بأنها "اجتياح الشمال للجنوب، أي اجتياح الحضارة الغربية - المتمثلة في النموذج الأمريكي - للحضارات الأخرى أو أنها القسر والقهر والإجبار على لون من الخصوصية، يعوله القهر ليكون عالمياً" .
وفي ضوء ما سبق يمكن تعريف "العولمة" إجرائياً بأنها "عملية تهدف إلى هيمنة الفكر والثقافة الغربية على الثقافات الأخرى بدعوى التعاون والتواصل وإزالة الحدود والمسافات بين الدول والشعوب" .
(3) التشخيص والتنظير:
(أ) وعي الذات:
دوماً كان الإسلام المحتوى الحضاري الذي صمم إشكالية الهوية تاريخياً قبل أن تطرح سياسيا بدءاً من الأيديولوجيات المتضاربة التي وفدت إلى عالمنا العربي. ولعل بروز إشكالية الهوية اليوم يقود في جانب منها إلى ذلك الغرب من دون النظر إلى الفوارق الحضارية، وبين الجماهير العريضة المسكونة بالإسلام والعروبة، والتي كانت تنتظر من الإسلام أن يلعب دوراً بارزاً في نمط دولة الاستقلال الوطنية، ولم تكن تدري أن الذين تسلموا زمام قيادة الدولة الوطنية هم من تربوا في المدارس الغربية وتشبعوا بثقافتها. لقد بدت دول الاستقلال وكأنها إنجاز النخب الحديثة ذات التكوين والميل الغربيين ونتاج خطها الوطني القطري الذي كانت له الغلبة في قيادة الحركة الوطنية على النخب العروبية والإسلامية. فقد كانت النخب القائدة للحركة الوطنية - في أغلب الأقطار العربية - تخفي وجهها الحقيقي بما اعتمدته من تكتيك سياسي بمقومات الشخصية الوطنية والدفاع عن التقاليد وعن المقدسات وعن الدين. لهذا رأت الجماهير في دولة الاستقلال خلاصا لها من الاستعمار بكل ما يعنيه من قهر وحرمان وتخلف، وأداة لتلبية تطلعاتها إلى الحياة الكريمة التي حرمت منها طوال الحقبة الاستعمارية.
لقد كانت هذه النخب الحاكمة مضطرة لأن تأخذ في الاعتبار معطى الإسلام في كل تجارب البناء السياسي والاقتصادي، فتضع لذلك من السياسات حتى يمكنها التدخل في العقل الديني والإبقاء على الدين داخل مجال هيمنتها حرصا على منع المزاحمة، وتغاضت هذه النخب عن حقيقة أن الهوية في أبعادها الإسلامية ليست رفضا للآخر بقدر ما هي تأكيد للذات. وهكذا أصبح عدونا فينا جزءاً من أنفسنا، انه نفوذ (الآخر) الذي تسرب ويتسرب إلينا والى صميم الحياة اليومية بعامة وعلى أرضيتها التربوية والفكرية والثقافية بخاصة، وقبل الاستقلال وبعده لم يتوقف عن تشويه وعينا التاريخي.
(ب) حقيقة الاستهداف:
منذ أن أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع الشرق الأوسط الكبير والذي من خلاله تحاول السيطرة على المنطقة الإسلامية والعربية، وهي تضع نصب عينيها السطو على التعليم في هذه الدول؛ ولذا بدأت تنظم منتديات دولية للتعليم تُعلن فيها مبدأ المشاركة في النهوضِ بالتعليم في دولٍ ما تُسميه بالشرقِ الأوسط الكبيرِ على الطريقة والثقافة الغربية وعلى رأس هذه المنتديات منتدى المستقبل للتعليم والذي انبثق عنه اجتماع وزراء التعليم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقية ومجموعة دول الثماني الكبرى، والذين أطلق عليهم مجموعة دول (bmena)، وكان الانطلاق الأول لهذه المجموعة في مايو 2005م بالبحر الميت بالأردن، وقد حاولت الولايات المتحدة من خلاله تغيير سياسات ونظم التعليم في هذه الدول بما يخدم مشروعها الذي يستهدف محو الهوية الإسلامية والعربية، كما طرحت تغيير المناهج بقوة على مائدة المؤتمر.
__________________________________________________ _______________________
ما هو السبيل الأنجح لتطوير عناصر الهوية العربية الإسلامية؟.
عكفت الأنظمة العربية والإسلامية على تطوير مخرجاتها التربوية والتعليمية، وذلك بتطوير أنظمتها التربوية والتعليمية، من أجل مواجهة التحديات والمخاطر، ضمن خطتها التنموية الاستراتيجية، وقد انطلقت تجارب علمية في مجال المدرسة الحديثة التي ستتمكن من مواجهة المخاطر المقبلة وأعبائها والتي أطلق عليها مصطلح "مدرسة المستقبل" ، بيد أن ملامح هذه المدارس تتخذ من الوسائل الفنية سلاحا لها في مواجهة تحديات التعليم، وعليه فلابد من تطعيم ملامحها بما يعزز الهوية والانتماء العروبي والإسلامي، عن طرق ربط التقنيات التربوية بالقيم والثوابت، وتتلخص الملامح العامة لمدارس المستقبل وفقا للنماذج المتعددة بالآتي:
•زيادة استخدام التكنولوجيا التعليمية.
•تغيير طبيعة العلاقة بين المدرسة والمجتمع المحلي لزيادة التفاعل والارتباط بينهما.
•بناء التقويم التربوي بشكل يصل إلى الحقيقة المطلوبة .
•تغيير دور المعلم من توصيل المعرفة إلى دور المرشد أو المدرب الشخصي .
•تحقيق التكامل في المنهج التربوي وفي التعليم بين مختلف المواد الدراسية.
__________________________________________________ ________________________
مصادر : ( حسب ترتيب الدخول)
1. د.نبيل متولي/ دراسة حول مدارس المستقبل// الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية ( منظور تربوي) – مفتاح الدخول: http://www.informatics.gov.sa/ebook/book/NabilMetwalliPaper.rtf
2. عبدالقادر لقاتي/ مقالة: وعي الذات مشروط بوعي الآخر// موقع الشهاب الإخباري- مفتاح الدخول: http://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=article&sid=1870
3. هاني صلاح الدين/ تقرير// موقع الإخوان المسلمين- مفتاح الدخول: http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=20983&SecID=341
4. الدراسة المعمقة/ د.نبيل متولي/ البنك الوطني للتوثيق والمعلومات المملكة المغربية- مفتاح الدخول: http://www.informatics.gov.sa/ebook/book/NabilMetwalliPaper.rtf .

بوصقر
01-07-2013, 08:11 PM
مقال رائع فعلا ... المقال حقيقه هو مدخل لسلسله من المقالات حول الهوية العربية و الاسلامية و كيفية ارتقائها ... بالفعل أنا استفيد هنا بجميع ما تطرحه أخي العزيز خليل بوجيري حفظك الله

تحياتي

خليل بوجيري
01-08-2013, 03:19 AM
نورت زوايا الموضوع يالنوخذة


شرفتني بمرورك

خالص المودة