وليد جابر آل بوخلف
03-08-2010, 02:30 AM
مشاهدات الكاتب السعودي القدير جلال بن هارون الانصاري من رحلته الى الساحل الشرقي
الرحلة إلى بر فارس
الهولة «الحلقة الثامنة والعشرون»
العرب في البر.. بين من رحل ومن بقي
جلال الأنصاري:
بعد ذلك قلت للمرأة «في بلدة خرة - أنا- لي جدة من المناصير، جدتي اسمها عائشة (غريبة) المنصوري، قالت «قوم المناصير هذي ديرتهم الزيارة» وأشارت بيدها وقالت «ترجع شوي صوب كشكنار وبتحصلهم كلهم قوم المناصير». وبعد ذلك قلت لها يوجد لي أيضا قريبة من أهلنا في بلادي (دارين) اسمها (نافجة المالكي) أصلها من بلدة الخرة، قالت «بلدة الخرة اليوم ما فيها بني مالك، كل قوم بني مالك ارتحلوا إلى بلدة الصفية والزيارة وأخبرتني بأنهم هم من بني مالك الذين لايزالون يسكنون بلدة الخرة».
وبعد ذلك قال أبويعقوب وهو (معصب) -أي- غضبان يا بنت احنا (نحن) نبي (نريد) يوسف الدو؟ هو بيي (أي سوف يأتي)؟ متى بيي؟ قالت المرأة «يه... وشبلاك هذا يقول يبي أهله من بني مالك والمناصير وأنت تقول يوسف الدو.. يوسف الدو مسافر». وبعد ذلك قالت المرأة «هذا الشايب من وين يبتوه؟ هذا ما فيه حيل ما لقيتوا واحد غيره» وهي تضحك. وبعدها ودعناهم وركبنا السيارة وأكملنا رحلتنا عبر طريق صحراوي إلى بلدة حالة نابند، وبعد قرابة 2 كيلومتر، وصلنا شارعا صغيرا وفي الطريق أشار إلينينا رجل عربي لابس ثوب وغترة بيضاء وأركبناه معانا، وقال لنا الإخوان عرب؟ أجبناه نعم. قال من عرب الأهواز؟ أجبناه لا نحن من عرب السعودية، قال: أنا اعتقدت انكم من الأهواز.. لأن لهجتكم (غير عنا زي الأهواز).. لم يتوقع أننا سعوديون وبعدها، قال: لنا «وين بتروحون..؟» قلنا بنروح بلدة حالة نابند قال «أنا من بلدة الحالة».
قلت له الحالة عرب قال (إيه) كلهم عرب وهم قوم آل حرم وكان من شيوخهم الشيخ محمد الحرمي.. وقال لي هذه القصيدة:
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الشيخ محمد الحرمي ساكن نابند:
دخلت الباغ والطير صاح
وقلت يا طير ما هذا الصياح
الثمر عندك ولسايل مباح
قلت ملكي بعيد وابتليت بجبار عنيد
الثمر عندك ولسايل مباح
عن الأوطان ودعا لنا صياح
سلم على عبيد والشيخ جابر والثاني علي
سلم عليهم سلام مجملي
يقول الشيخ محمد بهواكم
مثلي يعزم لرواح
وقل للشيخ جابر يجمع لنا أموال
ومال الدنيا للزوال
ولا يبقى للعود طيب المراح
رواية: محمد عبد الله الجابر المالكي الحرمي - ساكن نابند.
حالة نابند
وبعد ذلك قال يوجد في قرية حالة نابند عدد من أفراد قبيلة آل بوسميط وقد تحولوا منذ فترة قريبة من بلدة لنجة، كما ويوجد أيضا عدد من أفراد قبيلة الجلاهمة وكان ينطقها (الدلاهمة) وذكر لي أن من شيوخ آل حرم الشيخ جابر الحرمي. واستغرقت الرحلة من بلدة خرة إلى نابند قرابة عشر دقائق قطعنا خلالها قرابة 8 كيلومترات، وبمجرد دخولها شاهدنا عند مدخل بلدة نابند (مقبرة) غير مسورة وتبرز للعيان شواهد الكثير من القبور (كانت هذه الشواهد عبارة عن فروش من البحر) وبعد قرابة 200 متر من المقبرة وصلنا إلى الحالة ونابند، وكانت الحالة عبارة عن جزيرة صغيرة طولية الشكل تقبع في خليج نابند فيها مسجد وعدد من البيوت القديمة الخربة والمهجورة. ويوجد في طرفها الشمالي بيوت الدلاهمة وآل غتم من آل خليفة وجنوبا بيوت آل حرم المهجورة، وبعدها تجولنا على الساحل وكان يبرز على امتداد الشاطئ آثار جدار من الحجر عرضه متر واحد (جسرة) وأعتقد بأنه بقايا سور يحيط بالحالة أو ما يطلق عليه محلياً الجسرة التي تحد شاطئ بلدة دارين.
وأثناء تجولنا شاهدنا رجل عمره قرابة 48 سنه يلبس إزاراً (وزار) و(فانيلة) و(طاقية شخال) وكان يجهز نفسه لدخول البحر وكان برفقته ستة من الشباب، وسلمنا عليه وتم التعارف وأخبرنا بأنه من قوم آل حرم. وبعد التحدث إليه أخبرنا بوجود رجل من آل حرم من أهل نابند اسمه محمد خلف الحرمي وعمره يناهز 140 سنة، ويعرف كل تاريخ آل حرم ولكنه انتقل إلى بلدة عسلوه على الشاطئ المقابل لخليج نابند، ويبلغ عرض خليج نابند قرابة 5 كيلومترات، وبعد ذلك ركبنا التكسي ودخلنا نابند وأنزلنا الرجل المالكي الذي ركب معنا عند دخولنا بلدة نابند، ودعانا لشرب القهوة أو المشروبات الغازية، فأجبناه بأننا على عجل من أمرنا ونرغب في العودة إلى بلدة كشكنار، وقال المالكي: (زين خلوني أجيب لكم بارد قلنا له لا) . وكان اسم الرجل محمد الجابر المالكي الحرمي وكان بصراحة يحب التاريخ ويحفظ كثيرا من تاريخ آل حرم وآل نصور.
وبعدها توجهنا إلى بلدة كشكنار لكي نرجع العم أبا يعقوب، وبعد ذلك نعود مرة ثانية إلى بلدة عسلوه لمقابلة الشيخ محمد خلف الحرمي. وأخبرنا أبويعقوب بموضوع إرجاعه إلى بيته ولكنه قال: (لا بروح وإياكم عسلوه) وكان الرجل مرتبا مع زوجته والله أعلم أنها تعد لنا وجبة الغداء. وبعدها توجهنا إلى بلدة عسلوه وفي الطريق مررنا على بلدة (شاه مبارك) ديار قوم بني تميم. وكانت النساء في هذه القرية يلبسن برقعا يشبه برقع البدو في السعودية. وعند وصولنا بلدة عسلوه، شاهدنا سيارة (داتسون قمارة) فيها رجل عربي وامرأة تضع على وجهها (بطولة).
نزل السائق حاجي محمد أسد للتحدث معهم لكنه فوجئ بعدم تحدث هؤلاء العرب الفارسية فرجع مرة ثانية وقال: هؤلاء العرب ما يعرفون يتحدثون اللغة الفارسية. وطلب مني النزول والتحدث إليهم، ونزلت لهم وسلمت عليهم وقلت (إحنا من السعودية ونبي نروح حق العم محمد خلف النابندي الحرمي) فقال الرجل: (تعال وراي بالسيارة) وأدخلنا في ''دواعيس'' أي أزقة ضيقة وعندما وصلنا بالقرب من بيت يقابله مسجد صغير، قال لنا الرجل: «هذا بيت (أبو خلف) دقو الباب عليه واذا ماحصلتوه أكيد بيكون في المسجد»، وقالت زوجته «أبو خلف أمه في البيت أو في المسجد» وطرقنا الباب عليهم وفتحت لنا الباب امرأة عربية عمرها قرابة 50 سنة ترتدي (بطولة) وثوبا على رأسها وقالت: نعم. قلنا لها: نبي العم أبو خلف قالت: (يا هلا ومسهلا مرحبا تفضلوا حياكم الله دخلو المجلس).
دخلنا البيت وكان البيت عبارة عن حوش كبير محاط بعدد من الغرف، وتتوسطه نخلة وبه عدد من الأغنام. دخلنا المجلس وفتحت لنا العجوز المكيف وقالت حق فالح: شغل يا ولدي النور. ودق فالح بدل النور المروحة وقالت العجوز مثلا خليجيا معروفا ولكني نسيت هذا المثل العربي الخليجي بمجرد مغادرتي منزلهم.
وقعتان
وجلسنا برهة من الزمن وإذا بأبي خلف يدخل علينا ومعه ولده خلف وجلس الرجل العجوز الأعمى، وكان عمره كما يذكر هو 140 سنة، وبعد السلام عليه وجهنا إليه عدداً من الأسئلة عن تاريخ آل حرم وعن القرى العربية المجاورة. فقال «قوم آل حرم تعرضوا إلى وقعتين (أكبار) وقعة قديمة يمكن لها 200 سنة ما لحقنا عليها ولكن سمعنا عنها، وفي الوقعة الأولى قتل فيها كل شيوخ الحرم الأصليين، إللي سمو آل حرم الموجودين اليوم عليهم. ويقال بأنهم وفي الوقعة الأولى قتل (انذبح) فيها قرابة 40 شيخ من الشيوخ (الأوليين) وهؤلاء الحرم الذين قتلوا هم الحرم أما إللي اليوم هذيله عرب بس موب من آل حرم».
فقلت له «زين هؤلاء آل حرم الأوليين من أين جاوا؟ وأين يسكنون قبل بلدة نابند؟»، قال «جاوا من جزيرة القشم، وهم جاوا علشان يحكمون نابند والقرى اللي حولها، ولكن وبعد ما انذبحوا هم ما بقى منهم أحد»، قلت له «زين ليش آل حرم هاجروا إلى العراق والكويت والبحرين». قال «الظلم.. الظلم.. ما ينطاق.. كان عليهم ظلم فاحش». وتابعت الحديث بتوجيه سؤال آخر إلى العم (أبو خلف)، قلت له: هل تعرف الشيخ خلفان إللي يسكن دولة قطر حاليا؟ قال «الشيخ خلفان وأخوه إبراهيم وولد عمهم عبدالله الجابر، كانوا شيوخ بلدة سروباش وكشكنار وخياروه».
خراب البسيتين
أخبرني بتفاصيل الأحداث زمن والدهم الشيخ محمد الحرمي يوم خراب بلدة البسيتين التي يذكر أنها هذه البلدة كان اسمها القديم البسيتين وبعد قصفها بالمدفعية الإنجليزية سميت البساتين، وشرح تفاصيل كثيرة عاصرها هو بنفسه كلها موجودة في تقرير (ضرب عرب الهولة) الذي نشر في كتاب سبزآباد تأليف مي محمد الخليفة، وتمت الإشارة له بهذا الكتاب، وقال إن سفينة إنجليزية وصلت برفقة الشيخ محمد بن خلفان. وسرد لي الأحداث كاملة وكأني أقرأ التقرير البريطاني، إلى آخر القصة، وبعد ذلك قلت له من هم شيوخ آل حرم القدماء وهل يوجد من ذريتهم أحد؟ واستفسرت منه عن رجل من أبناء عم أسرة الهارون كان يزور المرحوم إبراهيم بن هارون قرابة العام 1350هـ من أهل نابند يدعى الشيخ عبدالواحد (1) فقال لي «ما في أحد اسمه الشيخ عبدالواحد إلا رجل واحد وهو متوفي من سنين وله بنت تزوجها خليفة الهتمي في قطر».
وبعد أن سمع أبوخلف عن بلدة دارين قال لي ولده (خلف) يوجد رجل من جماعتنا في دارين وعنده اعيال وزرناه قبل فترة، قال أبوه: هذا حسن بن شاهين الحرمي إللي ساكن دارين وهذا أبوه شاهين إللي توفي في الحرب.
وقلت له آل حرم لماذا سموهم آل حرم؟ قال لي آل حرم إللي وصلوا من جزيرة الجسم (قشم) أصلهم من المدينة المنورة (2) (نسبة إلى الحرم النبوي)، قلت له: هل ينسب آل حرم إلى القحاطين قال «لا.. قحاطين.. لا، ''موب'' قحاطين أنا ما سمعت بهذا من قبل»، فقلت له وقبيلة النصور قال «النصور عرب ساكنين الطاهري وعينات من بعد عسلوه إلى أن تصل إلى بلدة كنجون كله هذه المنطقة بلاد قوم النصور». وقال لي «النصور هذا اسم عجم أصلا هم أول مو لنصور. يقال بأنه ومن زمن بعيد، العجم جابوا واحد يحكم البلاد اللي هم ساكنينها واسم هذا الحاكم النصوري وهو أعجمي من داخل إيران وبعدها سموهم النصور. والنصور دائما في حرب مع آل حرم، والنصور هم اللي كانوا في الذبحة القديمة، اللي استخدم فيها بنادق أبو فتيل وسيوف».
وبعد ذلك ودعناهم وأخبرناهم بضرورة مغادرة عسلوه وأنه ينتظرنا سفر طويل قبل أن نصل (بندر لنجة) وعندما ودعناهم أخذنا من الأخ خلف بن محمد الحرمي رقم الهاتف والاسم الكامل وذلك رغبة منا في استمرار التواصل بعد العودة إلى السعودية، للاطمئنان عليهم.. فقال الأخ خلف «هل ترغب أن أعطيك اسمي الحقيقي أو الاسم المعطى لنا من قبل الحكومة الإيرانية! وكما هو مدون في جواز سفري»، فقلت له «لماذا.. هل يوجد فرق في إيران؟» قال «الحكومة الإيرانية تطلق علينا أسماء (على هواها) اللي يسكن بلدة عسلوه يطلق عليهم رسميا (آزادي)، وهذا الاسم غصب علينا ومعناها (الحرية) وفي ناس آخرين من العرب يطلق عليهم (جيهان) وتعني (ابن البحر).. إلى آخره، لذا فإن اسم الأخ ما يطابق اسم شقيقه» وودعناهم وركبنا السيارة ورجعنا إلى كشكنار.
وعندما وصلنا بلدة كشكنار كانت الساعة قرابة الساعة (2) ظهراً وطلبنا من أبي يعقوب أن يأذن لنا بالمغادرة، حيث إننا نرغب في السفر إلى بندر( لنجة)، فقال لنا: (لا ما تروحون لازم تنزلون وبعدها لزم علينا) ونزلنا ودخلنا البيت وقال: (دخلو اتوضوا وصلوا)، بالفعل توضينا وصلينا وبعد ذلك جاء (خادمهم) وهو رجال عربي ماله أهل من يوم هو صغير ويشتغل عندهم (صبي). فرش أمامنا السفرة وجاء ولدهم محمد ولد أبو يعقوب ووضع صحون زبادي (روب) وصحون مخلل زيتون وخيار وصحن رز أبيض و(بوادي) صالونة لحم، عليها قليل من العدس الأسود والصالونة لونها (غامق). وبعدها جاء أبويعقوب وقال تفضلوا. وبعد ما أكلنا تحدثنا مع ولد أبويعقوب وكان الولد (محمد) ما يعرف ولا كلمة عربي ما يعرف غير اللغة الفارسية، وتقول أم يعقوب «أنا ما علمته عربي والحين أنا متحسفه والمشكلة المدارس ما يعلمون إلا فارسي»، وبعد ذلك ودعنا أبو يعقوب وخرجنا من بلدة كشكنار.هوامش:
1 . ذكر لي المرحوم عبد الرزاق بن محمد آل هارون، بأنه يوجد أقارب لاسرة آل بن هارون (الأنصار) كانوا يسكنون حالة نابند وفي إحدى السنوات زاروا جزيرة دارين في رمضان قرابة عام 1349ه و نزلوا في منزل الوجيه ابراهيم بن هارون، وكانوا علماء دين كبار، ويقول عبدالرزاق بأنه شاهدهم بنفسه، كانوا يجلسون على شاطئ البحر بعد صلاة الفجر و يرددون (الورد) وهي أدعيه يعتاد على ترديدها علماء ذلك الزمان. ويقول العم عبدالرزاق بأن من اسمائهم الشيخ عبدالواحد الأنصاري و الشيخ عبد الخالق الأنصاري.
2 . جاء في كتاب ، كفتارها و روايت هابي از سركذشت آل نصور وآل حرم، بان عرب آل حرم من سكان المدينة المنورة.
فليسمح لي الاستاذ على النقل
جريدة الوقت
http://www.alwaqt.com/art.php?aid=159877
الرحلة إلى بر فارس
الهولة «الحلقة الثامنة والعشرون»
العرب في البر.. بين من رحل ومن بقي
جلال الأنصاري:
بعد ذلك قلت للمرأة «في بلدة خرة - أنا- لي جدة من المناصير، جدتي اسمها عائشة (غريبة) المنصوري، قالت «قوم المناصير هذي ديرتهم الزيارة» وأشارت بيدها وقالت «ترجع شوي صوب كشكنار وبتحصلهم كلهم قوم المناصير». وبعد ذلك قلت لها يوجد لي أيضا قريبة من أهلنا في بلادي (دارين) اسمها (نافجة المالكي) أصلها من بلدة الخرة، قالت «بلدة الخرة اليوم ما فيها بني مالك، كل قوم بني مالك ارتحلوا إلى بلدة الصفية والزيارة وأخبرتني بأنهم هم من بني مالك الذين لايزالون يسكنون بلدة الخرة».
وبعد ذلك قال أبويعقوب وهو (معصب) -أي- غضبان يا بنت احنا (نحن) نبي (نريد) يوسف الدو؟ هو بيي (أي سوف يأتي)؟ متى بيي؟ قالت المرأة «يه... وشبلاك هذا يقول يبي أهله من بني مالك والمناصير وأنت تقول يوسف الدو.. يوسف الدو مسافر». وبعد ذلك قالت المرأة «هذا الشايب من وين يبتوه؟ هذا ما فيه حيل ما لقيتوا واحد غيره» وهي تضحك. وبعدها ودعناهم وركبنا السيارة وأكملنا رحلتنا عبر طريق صحراوي إلى بلدة حالة نابند، وبعد قرابة 2 كيلومتر، وصلنا شارعا صغيرا وفي الطريق أشار إلينينا رجل عربي لابس ثوب وغترة بيضاء وأركبناه معانا، وقال لنا الإخوان عرب؟ أجبناه نعم. قال من عرب الأهواز؟ أجبناه لا نحن من عرب السعودية، قال: أنا اعتقدت انكم من الأهواز.. لأن لهجتكم (غير عنا زي الأهواز).. لم يتوقع أننا سعوديون وبعدها، قال: لنا «وين بتروحون..؟» قلنا بنروح بلدة حالة نابند قال «أنا من بلدة الحالة».
قلت له الحالة عرب قال (إيه) كلهم عرب وهم قوم آل حرم وكان من شيوخهم الشيخ محمد الحرمي.. وقال لي هذه القصيدة:
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الشيخ محمد الحرمي ساكن نابند:
دخلت الباغ والطير صاح
وقلت يا طير ما هذا الصياح
الثمر عندك ولسايل مباح
قلت ملكي بعيد وابتليت بجبار عنيد
الثمر عندك ولسايل مباح
عن الأوطان ودعا لنا صياح
سلم على عبيد والشيخ جابر والثاني علي
سلم عليهم سلام مجملي
يقول الشيخ محمد بهواكم
مثلي يعزم لرواح
وقل للشيخ جابر يجمع لنا أموال
ومال الدنيا للزوال
ولا يبقى للعود طيب المراح
رواية: محمد عبد الله الجابر المالكي الحرمي - ساكن نابند.
حالة نابند
وبعد ذلك قال يوجد في قرية حالة نابند عدد من أفراد قبيلة آل بوسميط وقد تحولوا منذ فترة قريبة من بلدة لنجة، كما ويوجد أيضا عدد من أفراد قبيلة الجلاهمة وكان ينطقها (الدلاهمة) وذكر لي أن من شيوخ آل حرم الشيخ جابر الحرمي. واستغرقت الرحلة من بلدة خرة إلى نابند قرابة عشر دقائق قطعنا خلالها قرابة 8 كيلومترات، وبمجرد دخولها شاهدنا عند مدخل بلدة نابند (مقبرة) غير مسورة وتبرز للعيان شواهد الكثير من القبور (كانت هذه الشواهد عبارة عن فروش من البحر) وبعد قرابة 200 متر من المقبرة وصلنا إلى الحالة ونابند، وكانت الحالة عبارة عن جزيرة صغيرة طولية الشكل تقبع في خليج نابند فيها مسجد وعدد من البيوت القديمة الخربة والمهجورة. ويوجد في طرفها الشمالي بيوت الدلاهمة وآل غتم من آل خليفة وجنوبا بيوت آل حرم المهجورة، وبعدها تجولنا على الساحل وكان يبرز على امتداد الشاطئ آثار جدار من الحجر عرضه متر واحد (جسرة) وأعتقد بأنه بقايا سور يحيط بالحالة أو ما يطلق عليه محلياً الجسرة التي تحد شاطئ بلدة دارين.
وأثناء تجولنا شاهدنا رجل عمره قرابة 48 سنه يلبس إزاراً (وزار) و(فانيلة) و(طاقية شخال) وكان يجهز نفسه لدخول البحر وكان برفقته ستة من الشباب، وسلمنا عليه وتم التعارف وأخبرنا بأنه من قوم آل حرم. وبعد التحدث إليه أخبرنا بوجود رجل من آل حرم من أهل نابند اسمه محمد خلف الحرمي وعمره يناهز 140 سنة، ويعرف كل تاريخ آل حرم ولكنه انتقل إلى بلدة عسلوه على الشاطئ المقابل لخليج نابند، ويبلغ عرض خليج نابند قرابة 5 كيلومترات، وبعد ذلك ركبنا التكسي ودخلنا نابند وأنزلنا الرجل المالكي الذي ركب معنا عند دخولنا بلدة نابند، ودعانا لشرب القهوة أو المشروبات الغازية، فأجبناه بأننا على عجل من أمرنا ونرغب في العودة إلى بلدة كشكنار، وقال المالكي: (زين خلوني أجيب لكم بارد قلنا له لا) . وكان اسم الرجل محمد الجابر المالكي الحرمي وكان بصراحة يحب التاريخ ويحفظ كثيرا من تاريخ آل حرم وآل نصور.
وبعدها توجهنا إلى بلدة كشكنار لكي نرجع العم أبا يعقوب، وبعد ذلك نعود مرة ثانية إلى بلدة عسلوه لمقابلة الشيخ محمد خلف الحرمي. وأخبرنا أبويعقوب بموضوع إرجاعه إلى بيته ولكنه قال: (لا بروح وإياكم عسلوه) وكان الرجل مرتبا مع زوجته والله أعلم أنها تعد لنا وجبة الغداء. وبعدها توجهنا إلى بلدة عسلوه وفي الطريق مررنا على بلدة (شاه مبارك) ديار قوم بني تميم. وكانت النساء في هذه القرية يلبسن برقعا يشبه برقع البدو في السعودية. وعند وصولنا بلدة عسلوه، شاهدنا سيارة (داتسون قمارة) فيها رجل عربي وامرأة تضع على وجهها (بطولة).
نزل السائق حاجي محمد أسد للتحدث معهم لكنه فوجئ بعدم تحدث هؤلاء العرب الفارسية فرجع مرة ثانية وقال: هؤلاء العرب ما يعرفون يتحدثون اللغة الفارسية. وطلب مني النزول والتحدث إليهم، ونزلت لهم وسلمت عليهم وقلت (إحنا من السعودية ونبي نروح حق العم محمد خلف النابندي الحرمي) فقال الرجل: (تعال وراي بالسيارة) وأدخلنا في ''دواعيس'' أي أزقة ضيقة وعندما وصلنا بالقرب من بيت يقابله مسجد صغير، قال لنا الرجل: «هذا بيت (أبو خلف) دقو الباب عليه واذا ماحصلتوه أكيد بيكون في المسجد»، وقالت زوجته «أبو خلف أمه في البيت أو في المسجد» وطرقنا الباب عليهم وفتحت لنا الباب امرأة عربية عمرها قرابة 50 سنة ترتدي (بطولة) وثوبا على رأسها وقالت: نعم. قلنا لها: نبي العم أبو خلف قالت: (يا هلا ومسهلا مرحبا تفضلوا حياكم الله دخلو المجلس).
دخلنا البيت وكان البيت عبارة عن حوش كبير محاط بعدد من الغرف، وتتوسطه نخلة وبه عدد من الأغنام. دخلنا المجلس وفتحت لنا العجوز المكيف وقالت حق فالح: شغل يا ولدي النور. ودق فالح بدل النور المروحة وقالت العجوز مثلا خليجيا معروفا ولكني نسيت هذا المثل العربي الخليجي بمجرد مغادرتي منزلهم.
وقعتان
وجلسنا برهة من الزمن وإذا بأبي خلف يدخل علينا ومعه ولده خلف وجلس الرجل العجوز الأعمى، وكان عمره كما يذكر هو 140 سنة، وبعد السلام عليه وجهنا إليه عدداً من الأسئلة عن تاريخ آل حرم وعن القرى العربية المجاورة. فقال «قوم آل حرم تعرضوا إلى وقعتين (أكبار) وقعة قديمة يمكن لها 200 سنة ما لحقنا عليها ولكن سمعنا عنها، وفي الوقعة الأولى قتل فيها كل شيوخ الحرم الأصليين، إللي سمو آل حرم الموجودين اليوم عليهم. ويقال بأنهم وفي الوقعة الأولى قتل (انذبح) فيها قرابة 40 شيخ من الشيوخ (الأوليين) وهؤلاء الحرم الذين قتلوا هم الحرم أما إللي اليوم هذيله عرب بس موب من آل حرم».
فقلت له «زين هؤلاء آل حرم الأوليين من أين جاوا؟ وأين يسكنون قبل بلدة نابند؟»، قال «جاوا من جزيرة القشم، وهم جاوا علشان يحكمون نابند والقرى اللي حولها، ولكن وبعد ما انذبحوا هم ما بقى منهم أحد»، قلت له «زين ليش آل حرم هاجروا إلى العراق والكويت والبحرين». قال «الظلم.. الظلم.. ما ينطاق.. كان عليهم ظلم فاحش». وتابعت الحديث بتوجيه سؤال آخر إلى العم (أبو خلف)، قلت له: هل تعرف الشيخ خلفان إللي يسكن دولة قطر حاليا؟ قال «الشيخ خلفان وأخوه إبراهيم وولد عمهم عبدالله الجابر، كانوا شيوخ بلدة سروباش وكشكنار وخياروه».
خراب البسيتين
أخبرني بتفاصيل الأحداث زمن والدهم الشيخ محمد الحرمي يوم خراب بلدة البسيتين التي يذكر أنها هذه البلدة كان اسمها القديم البسيتين وبعد قصفها بالمدفعية الإنجليزية سميت البساتين، وشرح تفاصيل كثيرة عاصرها هو بنفسه كلها موجودة في تقرير (ضرب عرب الهولة) الذي نشر في كتاب سبزآباد تأليف مي محمد الخليفة، وتمت الإشارة له بهذا الكتاب، وقال إن سفينة إنجليزية وصلت برفقة الشيخ محمد بن خلفان. وسرد لي الأحداث كاملة وكأني أقرأ التقرير البريطاني، إلى آخر القصة، وبعد ذلك قلت له من هم شيوخ آل حرم القدماء وهل يوجد من ذريتهم أحد؟ واستفسرت منه عن رجل من أبناء عم أسرة الهارون كان يزور المرحوم إبراهيم بن هارون قرابة العام 1350هـ من أهل نابند يدعى الشيخ عبدالواحد (1) فقال لي «ما في أحد اسمه الشيخ عبدالواحد إلا رجل واحد وهو متوفي من سنين وله بنت تزوجها خليفة الهتمي في قطر».
وبعد أن سمع أبوخلف عن بلدة دارين قال لي ولده (خلف) يوجد رجل من جماعتنا في دارين وعنده اعيال وزرناه قبل فترة، قال أبوه: هذا حسن بن شاهين الحرمي إللي ساكن دارين وهذا أبوه شاهين إللي توفي في الحرب.
وقلت له آل حرم لماذا سموهم آل حرم؟ قال لي آل حرم إللي وصلوا من جزيرة الجسم (قشم) أصلهم من المدينة المنورة (2) (نسبة إلى الحرم النبوي)، قلت له: هل ينسب آل حرم إلى القحاطين قال «لا.. قحاطين.. لا، ''موب'' قحاطين أنا ما سمعت بهذا من قبل»، فقلت له وقبيلة النصور قال «النصور عرب ساكنين الطاهري وعينات من بعد عسلوه إلى أن تصل إلى بلدة كنجون كله هذه المنطقة بلاد قوم النصور». وقال لي «النصور هذا اسم عجم أصلا هم أول مو لنصور. يقال بأنه ومن زمن بعيد، العجم جابوا واحد يحكم البلاد اللي هم ساكنينها واسم هذا الحاكم النصوري وهو أعجمي من داخل إيران وبعدها سموهم النصور. والنصور دائما في حرب مع آل حرم، والنصور هم اللي كانوا في الذبحة القديمة، اللي استخدم فيها بنادق أبو فتيل وسيوف».
وبعد ذلك ودعناهم وأخبرناهم بضرورة مغادرة عسلوه وأنه ينتظرنا سفر طويل قبل أن نصل (بندر لنجة) وعندما ودعناهم أخذنا من الأخ خلف بن محمد الحرمي رقم الهاتف والاسم الكامل وذلك رغبة منا في استمرار التواصل بعد العودة إلى السعودية، للاطمئنان عليهم.. فقال الأخ خلف «هل ترغب أن أعطيك اسمي الحقيقي أو الاسم المعطى لنا من قبل الحكومة الإيرانية! وكما هو مدون في جواز سفري»، فقلت له «لماذا.. هل يوجد فرق في إيران؟» قال «الحكومة الإيرانية تطلق علينا أسماء (على هواها) اللي يسكن بلدة عسلوه يطلق عليهم رسميا (آزادي)، وهذا الاسم غصب علينا ومعناها (الحرية) وفي ناس آخرين من العرب يطلق عليهم (جيهان) وتعني (ابن البحر).. إلى آخره، لذا فإن اسم الأخ ما يطابق اسم شقيقه» وودعناهم وركبنا السيارة ورجعنا إلى كشكنار.
وعندما وصلنا بلدة كشكنار كانت الساعة قرابة الساعة (2) ظهراً وطلبنا من أبي يعقوب أن يأذن لنا بالمغادرة، حيث إننا نرغب في السفر إلى بندر( لنجة)، فقال لنا: (لا ما تروحون لازم تنزلون وبعدها لزم علينا) ونزلنا ودخلنا البيت وقال: (دخلو اتوضوا وصلوا)، بالفعل توضينا وصلينا وبعد ذلك جاء (خادمهم) وهو رجال عربي ماله أهل من يوم هو صغير ويشتغل عندهم (صبي). فرش أمامنا السفرة وجاء ولدهم محمد ولد أبو يعقوب ووضع صحون زبادي (روب) وصحون مخلل زيتون وخيار وصحن رز أبيض و(بوادي) صالونة لحم، عليها قليل من العدس الأسود والصالونة لونها (غامق). وبعدها جاء أبويعقوب وقال تفضلوا. وبعد ما أكلنا تحدثنا مع ولد أبويعقوب وكان الولد (محمد) ما يعرف ولا كلمة عربي ما يعرف غير اللغة الفارسية، وتقول أم يعقوب «أنا ما علمته عربي والحين أنا متحسفه والمشكلة المدارس ما يعلمون إلا فارسي»، وبعد ذلك ودعنا أبو يعقوب وخرجنا من بلدة كشكنار.هوامش:
1 . ذكر لي المرحوم عبد الرزاق بن محمد آل هارون، بأنه يوجد أقارب لاسرة آل بن هارون (الأنصار) كانوا يسكنون حالة نابند وفي إحدى السنوات زاروا جزيرة دارين في رمضان قرابة عام 1349ه و نزلوا في منزل الوجيه ابراهيم بن هارون، وكانوا علماء دين كبار، ويقول عبدالرزاق بأنه شاهدهم بنفسه، كانوا يجلسون على شاطئ البحر بعد صلاة الفجر و يرددون (الورد) وهي أدعيه يعتاد على ترديدها علماء ذلك الزمان. ويقول العم عبدالرزاق بأن من اسمائهم الشيخ عبدالواحد الأنصاري و الشيخ عبد الخالق الأنصاري.
2 . جاء في كتاب ، كفتارها و روايت هابي از سركذشت آل نصور وآل حرم، بان عرب آل حرم من سكان المدينة المنورة.
فليسمح لي الاستاذ على النقل
جريدة الوقت
http://www.alwaqt.com/art.php?aid=159877