النوخذه عبدالله بن حارب و ذكريات السفر للساحل الشرقي للخليج
حارب بن حارب الفلاحي كان أحد الشخصيات البارزة في دبي، حيث يتناقل سيرته كبار السن من أهالينا. لديه آثار عدة تشير إليه وتخلد ذكراه، مثل المسجد المسمى باسمه في منطقة الشندغة ومنزله الذي تشرع بلدية دبي في إعادة بنائه من جديد لما يتميز به من مواصفات تندر في غيره من منازل المنطقة. ولم يعط التاريخ مثل هؤلاء الأعلام حقهم في التوثيق، ما جعلنا نقصد آخر من بقي من أولاده وهو عبدالله بن حارب بن حارب الذي استقبلنا في منزله في منطقة القصيص في دبي. وفيما يلي يروي عبدالله حارب جزءاً من الذكريات:
ولدت في بيت أبوي حارب بن حارب في الشندغة، وكان عمري شهرين يوم مات أبوي، وكان عمري سنة الوهيلة (1939) بين السبع والثمان سنين، ورباني أخوي أحمد، رحمة الله عليه ويغفر له، وأخوي سلطان بعد، وأنا لين صار عمري أربع عشرة سنة كنت أتحسب أخوي أحمد هو أبوي، بعدها فطنت إنه أخوي وإن بويه مات وأنا رضيع ما كملت الشهرين.
أهل الشندغة كلهم من أصحاب الخشب وأهل غوص وطواشة، وكان الواحد منهم عنده الثنتان والثلاث وأكثر من هذا مثل سعيد بن خلف من قوم الغيث وكانت عندهم سنابيك غوص وكذلك البساطة والملا والأملح قوم بويابر رحمة بن جمعة الملح خوال عبدالله بن سعيد الغيث، وكذلك قوم الدليل والكندي والمر بن حريز، وبيت حياة خلف بن عتيبة وبعدين سكنه ولده أحمد الذي تزوج موزة بنت عبيد بن حميد بن خلفان البسطي وياب منها ولده خلف وبنته مريم التي تزوجها الشيخ سيف بن محمد آل نهيان، وتزوج آمنة بنت سلطان بن مجرن المرر وياب منها ولده بطي وخذ فاطمة بنت عبدالله وياب منها عياله سيف ومحمد، وكانوا كل أهل الشندغة مثل ما قلت لك أهل خشب وغواويص وطواويش.
نحن عيال حارب بن حارب بن شخبوط بن ذياب الفلاحي، وحد من أهلنا يقول إنا نحن من عيال حارب بن سلطان آل سلطان الفلاحي وهذا كتبته إختي عوشه رحمة الله عليها في جنسيتها وكتبت إسمها عوشه بنت حارب بن حارب بن سلطان آل سلطان، وقد جاء الخطأ واللبس بين عيال حارب بن حارب بن شخبوط وولد عمه حارب بن سلطان بن شخبوط الذي كان له أخ يسمى سيف بن سلطان الذي تزوج من عمتي شمسة بنت حارب بن شخبوط وياب منها بنته حمدة التي تزوجها محمد بن ثاني بن خلف بالرقاد الفلاسي ويابت له عياله سيف وسعيد وفاطمة وأحمد. وحارب بن حارب له أخ يسمى محمد وله ولد واحد هو سيف بن محمد بن حارب وهو شقيق عبدالله بن سعيد بن طوق المري من الأم، ولو سرت لعيسى بن أحمد بن حارب وخليفة بن محمد بن أحمد بن حارب لوجدت عندهم العلم الأكيد ونسبنا الصحيح لأنهم جمعوا الشي الكثير.
أخواني هم محمد العود (الأكبر) وسلطان وعيسى وأحمد وخليفة ومحمد الصغير، وأخوي أحمد كان قاضي البحر في دبي، وأخوي خليفة مات قبل ما يتزوج، وكان عمره عند وفاته بين الثلاثين وخمس وثلاثين سنة وكان عمري عندها ثماني سنوات، وولد أخوي أحمد بن سلطان بن حارب يسمى الراهب، وسموه بهذا الاسم من قوته وشدته وعفرتته، والراهب من الرهبة وليس الراهب العابد.
مسجد
كانت عند أبوي دكاكين وعند مسجده الذي هو في بردبي عند بيت عبدالقادر عباس، وقد أوقفها والدي لمكة المكرمة واثنان منها وهبها للشيخ عبدالله بن موسى الذي كان إمام هذا المسجد. وكان المرحوم ثاني بن عبدالله بوقفل وكيل المسجد وهو خال محمد وعبيد الملا أخو أمهما. وطرش جمعة الماجد له ماجد السالفة وطلب منه أن يسمح له ببناء المسجد وكان للمسجد، وقفية كثيرة وأموال وجمعوها وزاد عليها جمعة الماجد وبنوا المسجد مثل ما إنت تشوفه الحين. ويوم مات أبوي نش عبدالقادر عباس وبنى مسجد الوالد الذي في الشندقة، ويسمى مسجد حارب بن حارب، وبناه من الحصا واليص وكان قبلها من الحطب واليريد.
درست عند الشيخ علي الجناحي يوم كان يسكن بيت الشيخ سعيد بن مكتوم، وبعدها درست عند مطوع خادم وعور، ما أذكر اسمه، وكان يدرس معي محمد أحمد عبدالرحمن بن خلفان المهيري، وما كملت عنده شهرين، حتى تفاجأت بخوي أحمد وهو يدخل علينا وياخذني ويرني وراه ويقول: ما نبا قرايه، وأنت مكانك البحر واللنشات، مو عند المقرّي. وكان عمري وقتها بين السبع والثمان سنين وخلوني أكد على أمي واختي وحطوا بيتوت علينا ومسؤولين عنها.
أنا ما دخلت الغوص بل دخلت البحر بحار ثم أصبحت نوخذة محمل تجاري. وكانت عندنا محامل كثيرة للغوص والتجارة، وهي المحامل السفارة وهي لبونا حارب بن حارب وهي “فتح الخير” وهو سنبوق ويوم يرفعون شراعه يقولون البحرية: “فتح الخير يبا مصوع شيب راس الطليان”. والثاني هو “طوفان” وهذا شروه أهل عمان وبعدين ردوه وقمنا وشترناه، والثالث “البتيل” وكان عنده بوم سفار ونواخذة جاسم بن كلبان،، وبعدين إخواني سووا لهم خشب، وأكثر محاملنا كانت سنابيك وصمع، وكان عند أخوي أحمد جالبوت يسمى “المنامة” خذيناه من البحرين وسرنا به البحرين وقطر وعسيلوه، وكنت أنا نوخذة وأول ما صرت نوخذة كان عمري خمس عشرة سنة في جالبوتنا المسمى “الخالدي” وسرت به جارك وبندر عباس ومغوه وغيرها من بلاد ويزر، وصار نوخذة “الخالدي” بعدين راشد بن عبدالله الجيراوي، وجالبوتنا الثالث يسمى “السمن” وكان ولد أخوي محمد بن أحمد بن حارب النوخذة فيه، وقبل ما أصير نوخذة كنت أسير وياه في هالمحمل وكنا نسير كلاكوت نشتري خشب وكمبار وصبار (تمر هندي)، وسرنا ممباسا وتاجرنا هناك وودينا لها بضايع ويبنا منها أشيا كثيرة.
التجار
كنا نحمل بضائع التجار من دبي مثل قوم بدري محمد هادي وأحمد محمد بدري وعبدالله جعفر الزرعوني والشيراوي وقوم عقيل وعبدالقادر عباس ومحمد رفيع ومحمد تقي وغيرهم من تجار دبي وكنا ناخذ بضائعهم لين بندر عباس ومغوه وجارك ومقام قرب كلات وقيس.
حميد حميديان واحد من التجار العجم الذين كانوا في دبي وكنت أعطيه وأخش عنده قلاطتي التي أحصلها من أخوي أحمد وكل ما أملكه من بيزات، وهذا إنكسر وشرد من البلاد وراح بلاده فقمت وشليت بعمري وسرت جارك ومنها إلى جنا ومن ثم بستك الين عوض وين هو يالس ودشيت عليه ميلسه ببيته، ويوم شافني وشفته قلت له عطني فلوسي وأنا تراني مب راد من غيرها، فردّ علي وقال لي أنا بعطيك فلوسك وفوقها مغرمك وخسارتك التي تكبدتها من ييتك الين هني. وقام وعطاني فلوس وعليها زود وركبني سيارة وصلتني الين جارك، وكان عمري وقتها إثنين وعشرين سنة.
كانت أمي تقيض مع أهلنا في “اليادي” وكانت عندنا هناك مزرعة ونخل، وفي القيض بغيت أتزوج، فقلت لخوي أحمد أنا أبغي أتزوج ورد علي وقال إنت بعد صغير ويوم بتصير ريال تزوج، قلت له أنا زندي حديد، فردّ علي وقال إنت زندك يريد، وقال لي: قم من جدامي، وظهرت من البيت ومريت وين الشيخ عبيد بن ثاني بارز جدام بيته ويوم شافني قالي بلاك؟ فقلت له شذي شذي السالفة (هكذا هكذا القصة) وخبرته بالسالفة كلها وقلت يوم بتشوف أخوي أحمد كلّمه. وهو بالفعل يوم شافه رحمة الله عليه كلمه وقاله إن عبدالله صار ريال وخله يتزوج، وكان عمري عشرين سنة تقريبا، وقال لخوي أنا بساعده وقام خلاني نوخذة في لنش عنده يسمى “غازي” وكان عنده غيره والي ست محامل ولنشات مثل واحد يسمى “الدوبة” وثاني يسمى “الشامي” وثالث هو “الأبجر” وغيره ما أذكرهن، وسرت باللنش “غازي” مسقط وبندر عباس وعسيلوه وغيرها من مواني وبلاد. ويومها كيت أكثر من ثلاثة آلاف ربيه وهذا مبلغ كبير يومها. ويوم رديت تزوجت حرمتي الأولى وهي ظبية بنت جمعة بن عبدالله الأملح الفلاسي وأخوي محمد خذ إختها موزة وما يبنا عيال منهما وأنا طلقت ظبية وخذها بعدين محمد بن مطر بن لاحج الفلاسي. ويابت له عياله كلهم. وبعد ثلاث سنوات تزوجت حرمتي الثانية فاطمة بنت غانم بن عطي الزعابي ويابت لي ولد سميته عبدالرحمن مات وعمره شهرين، ويابت بنتي ميرة سميتها على أختي وماتت بعد ستة أشهر وكانت توقف على ريولها وتوها تمشي، وبعدين يبت عيالي خليفة وعيسى وموزة وحسن وبنت وأحمد ومحمد الله يحفظهم جميع.
يوم كنا شباب، كنا نروح القنص مع العتيبات أنسابنا وكنا نسير على ظهور النوق صوب بومريخة والسميح، وكنا كثير ما نشوف الشيخ زايد واخويه هزاع وخالد يقنصون هناك، وكنت أشوفهم دوم في ميلس أحمد بن خلف بن عتيبة وكانوا أنساب بينهم بين بعض وكان حياة أحمد بن خلف مثل أبوهم وهم يحترمونه، وأحمد بن خلف يانا دبي وسكن عند بيتنا في الشندغة ويو وياه عياله وحد منهم تم في أبوظبي مثل محمد الصغير وبطي وسعيد وكانوا تجار وأصحاب خشب ومحامل غوص وتجارة.
اشتغلت في الكري مكنزي أنا وخوي محمد الصغير وعلي ولد أخوي محمد العود وكان عمري ثماني وعشرين سنة تقريبا واشتغلنا أربع عشرة سنة وبعدين اشتغلت في مينا راشد وطرشوا عليّ الشيوخ وقالوا لي سر بوظبي يبونك هناك تشتغل في مينا زايد وكانوا توهم مخلصين منه ويشتغلون فيه عرب وتميت هناك شهرين واشتغلت محل واحد يسمى حمدي مصري.
المصدر :جريدة الاتحاد