لأهمية الرواية التاريخية، وطلب عدد من الأخوة الكرام تصحيحها إملائيا، يشرفني أن أستميح صاحب الموضوع - جزاه الله عنا خير الجزاء - عذرا بأن أقوم بعملية ضبط الكلمات (فصلها عن بعضها) وتصحيحها إملائيا.

الموضوع بعد ضبط كلماته وتصحيحه إملائيا (دون المساس بجوهر أي كلمة في الموضوع الأصلي):


وهي القضية التي أثارت زوبعة سياسية وحربا بين بني حماد وخانات العجم في بلدة (المقام), وكانت بداية لشرارة حرب بين العرب والعجم لولا أن تداركها العقلاء وأطفئوا نارها، فعندما انتقل الشيخ عبدالله بن محمد العود إلى رحمة الله توزع الملك والمشيخة في الإمارة بين أولاده، فكان نصيب ابنه أحمد أن صار حاكما على بلدة المقام وكان لأحمد هذا ولد واحد رزقه الله به واسمه علي. وقد سارت الأمور بهدوء في المدينة والإمارة لايعكر صفوها شيء، لكن الأمر في باطنه لم يكن كذلك إذ أثارت المدينة بموقعها التجاري الممتاز أطماع (خانات العجم) في منطقة (أشكران) ويسمونهم (خانات أشكران) الذين أرادوا الاستيلاء على المدينة فأعدوا لذلك خطة محكمة، بأن قاموا بجيوشهم على شكل قبائل رحل لاينوون شرا لأحد، ونصبوا معسكرهم وضربوا خيامهم حول مدينة المقام وتظاهروا بالود والصداقة لحاكمهم الشيخ أحمد بن عبدالله الحمادي، وفي اليوم المقرر لتنفيذ جريمتهم دعوا الشيخ أحمد وابنه علي إلى وليمة غداء، فقبل الشيخ أحمد الدعوة شاكرا وترك قلعة المدينة ومعه ابنه علي ومستشاره الشيخ محمد بن الشيخ يعقوب وعدد قليل من حرسه الخاص وتوجه إلى مكان الدعوة، وهناك حدثت المفاجأة اذ سرعان ما وجد نفسه مطوقا برجال الخانات وقد شهروا سلاحهم بوجهه وطلبوا منه الاستسلام، إلا أن علياً والشيخ محمد رفضا ذلك، وتناول علي سلاحه وشهره بوجه هؤلاء الغادرين ولكنهم أسرع منه إذ أنهم القوا القبض عليه، وأدخلوه السجن، وهناك راحوا يعذبونه بإشعال النار في ملابسه وفي جسمه، وفي النهاية أطلقوا عليه الرصاص، فأردوه قتيلا وأصابوا الشيخ محمد بجرح في وركه مما أجبره على الاستسلام، فلما تم لهم هذا الأمر أخذوا الشيخ أحمد أسيرا، وتوجهوا به نحو قلعة المدينة التي لم تكن مستعدة للدفاع واقتحموها ورفعوا علمهم على برجها وتوزع مقاتلوهم في أزقة المدينة وضواحيها وأعلنو أنهم أصبحوا حكاما عليها.

وسرعان ما وصل نبأ احتلال المدينة إلى مسامع الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبدلله وهو أخ الشيخ أحمد الذي وقع أسيرا بيد الخانات، فهاله الأمر وكان يومذاك حاكما لبلدة مرباخ، فاجتمع بأقطاب بني حماد من كافة أنحاء الإمارة، واتصل بإخوانه حكام بقية البلدان، ولما التأم الشمل، تم تجهيز جيش من بني حماد، وقاده الشيخ إبراهيم بنفسه، واتجه نحو بلدة المقام، حيث كان العدو قد تحصن فيها، وهناك جرت معركة كبيرة بين الطرفين انتهت باندحار الخانات الذين جمعوا ما استطاعوا أن ينهبوه من المدينة وتركوها فارين، وقد أخذوا معهم الشيخ أحمد رهينة، فلما دخل الشيخ إبراهيم ومقاتلوه قلعة المدينة وجدوا أن المغتصبين قد هربوا، وأنهم أخذوا أخاه معهم وتوجهوا نحو منطقة أشكران الجبلية الحصينة، التي يصعب الوصول إليها واقتحامها، ولكن الحرب بين الطرفين لم تهدأ إذ باشر الحماديون بعمليات انتقامية من الخانات وحاولوا تخليص الشيخ أحمد، ولكن بدون جدوى إلى أن تدخلت الحكومة الإيرانية ممثلة بـ(قوام السلطة) الذي أجبر الخانات على إعادة الشيخ أحمد، وكذلك على دفع الدية عن مقتل ابنه علي.

واستمرت الحروب سجالا بين الطرفين إلى أن توسط العقلاء، فأجروا صلحا بين الطرفين وتزوج الشيخ علي وهو أحد أحفاد الشيخ إبراهيم من فتاة هي ابنة الخان حاكم (أشكنه) وبذلك انتهى الدم بين الطرفين.
إلا أن تلك الحادثة إن كانت قد انتهت مع خانات العجم إلا أنها أفرزت مشكلة أخري مع قبيلة (النصور)، فعندما وجدت أن بني حماد قد انشغلوا بقتال العجم، جهزوا عساكرهم وتوجهوا نحو جزيرة الشيخ شعيب واحتلوها.
بقيت الجزبرة بيد النصور لفترة من الزمن قاموا خلالها بإجلاء أهلها من بني حماد الذين ذهبو إلى الشيخ إبراهيم وأخيه الشيخ حسن، يطلبون إليهم أن يهبوا لانتزاع جزيرتهم من يد النصور، وكان الشيخان منشغلين بقتال خانات العجم، فلما هدأت الأوضاع مع العجم، جهز بنو حماد جيشا توجه نحو الجزبرة بقيادة الشيخ إبراهيم أيضا، وبعد معركة دامية استطاعوا استعادة الجزيرة من النصور وعادت إليهم ثانية.(1)
*******___________________________________________ _______ __________
(1)مقابلة مع عدد من شيوخ بني حماد.
المصدر: كتاب تاريخ بني حماد في الخليج العربي "تأليف الدكتور فالح حنظل"