انتزاع جزيرة البحرين من يد الشيخ جبارة:

واجه الشيخ جبارة النصوري بعض المشاكل نتيجة الاحداث التي وقعت مع ارملة الشيخ راشد، فقد تزوج هذه الارملة واستخدم رسوم باسعيدو وشارك في احداث ثورة العرب بالقرب من بندر باسعيدو، وقد مارس لطيف خان ضغوطه عليه عندما ظن بأنه قد حصل على الاموال من الارملة، ذاكراً بفظاظة أنه ليس هناك من يتزوج امرأة كبيرة في السن الا من اجل مالها.

لابد الاشارة هنا الى مدى تمتع الاميرال خان بالمزايا الحسنة، فقد تمكن من اخضاع العرب دون استخدام العنف مباشرة نتيجة لجوئه الى الهولنديين كوسيط لحل أزمة ثورة العرب، لذا فقد كان يحظى بثقة العديد من رجال القبائل العرب، وقد عمل معه شيخان عربيان مع أفراد قبائلهما وهما عبدل، شيخ بني معين في لفت الواقعة في جزيرة قشم، والشيخ رحمة بن شاهين شيخ العبيدلي في نخيلوه.

وختم الفرس تهدئتهم للوضع في المنطقة الساحلية بالتخطيط لهجوم ضد البحرين، وتقدم لطيف خان وطلب مساندة الهولنديين له في هذه العملية ولكن الهولنديين رفضوا ذلك بعد مناقشة الموضوع في المجلس السياسي، وقد رفض الانجليز ايضا طلب الفرس، وقام لطيف خان بوضع خطة لذلك في ابو شهر المنطقة التي هزم فيها على يد أعدائه الذين استفادوا من السفن الانجليزية،في حين لم يوفق هو لشراء سفينة منهم، لذلك قرر شراء سفينة اجنبية لذلك الغرض وكانت هناك آنذاك السفينة التابعة لشركة الهند الهولندية الشرقية المسماة (نورثمبلاند)، الراسية في ميناء أبو شهر لافراغ حمولتها من البضائع حين توجه السردار لطيف خان لدعوة قبطانها ومعاونيه للعشاء في منزله ليعرض عليهم شراءها، وفي الوقت نفسه تم تجهيز قوة تحيط بالسفينة المذكورة لمصادرتها في حالة رفض القبطان بيعها.

وحسب الدعوة توجه القبطان ومساعدوه برفقة ممثلين عن شركة الهند الهولندية يصحبهم بعض المترجمين الى منزل لطيف خان الذي اكرم وفادتهم وقدم لهم افضل مالديه من خمور شيراز، وحن سكر الجميع اخبرهم لطيف خان بهزيمته في معاركه مع العرب بسبب مساعدة الانجليز لهم، توهم لطيف خان ان سبب ثورة البحارة العرب في بندر باسعيدوه كانت بمساعدة الانجليز لهم ونسي أن السبب الرئيسي تفوقهم البحري وولائهم لمشايخهم، وأخبرهم بأوامر نادر شاه بدخول البحرين ، واستحالة ذلك بدون قوة بحرية، لذا يرغب في شراء سفينتهم ويفضل عدم اخذها بالقوة.

فكان رد القبطان لن أبيع السفينة، فأخبره لطيف خان انه في هذه الحالة سوف يستأجرها منه بالقوة، ويعيدها ثانية بعد فتح البحرين، غير انه لايضمن ان تكون السفينه في حالة جيدة عند اعادتها، وهناك احتمال غرقها ايضاً، ولهذا يتقدم بألفي تومان لثمنها.
وبعد ان تشاور الهولنديين فيما بينهم قرروا قبول العرض ففي حالة رفضهم ستكون الخسارة كاملة، لهذا اجاب القبطان بأنه لايملك ترخيص بيع او ايجار السفينة ولكن اذا قدم له مبلغ يساوي ثمنها الاصلي سيتنازل عنها، واتفق الجميع بعد جدال ونقاش على بيعها بخمسة آلاف تومان، وهكذا تمكن السردار لطيف خان من تجهيز سفينة كاملة لمهاجمة البحرين، واثناء ذلك وصلت الاخبار عن توجه الشيخ جبارة للحج فكانت الفرصة المناسبة لشن ذلك الهجوم.

وعند وصول لطيف خان بسفينته الهولندية الى البحرين كان جنود الشيخ جبارة يراقبون البحر ليلاً ونهاراً من مواقعهم في قلعة البحرين، في البداية ظنوا السفينة التي تقترب من شواطئهم سفينة تجارية فقد كانت السفينة الهولندية ذاتها في البحرين سابقاً من اجل شراء اللؤلؤ، مع ذلك استعدوا للطوارئ.

وقد حاول لطيف خان دخول البحرين دون سفك دماء فأرسل فرماناً يحمل أوامر (نادر شاه) يطالب منهم تسليم جزيرة البحرين الى ايران، والا سوف تهدم قلعة البحرين على رأس من فيها، فأجاب قائد جيوش الشيخ جبارة بما معناه" أن البحرين تابعة للشيخ جبارة واننا لن نخون ولي نعمتنا، ولن نسلم شبراً من ارضها، وسنغرق سفينتكم فانصرفوا مع احلامكم، وان احتجتم ذهباً أو فضة فنحن على استعداد لإعطائكم شيئاً منه".

أمام هذا الرد الشجاع قرر لطيف خان قصف سواحل البحرين وإنزال جنوده غير ان هؤلاء الجنود ترجعوا امام مقاومة الاهالي ولهذا تقدمت السفينة الى مواقع قريبة تستطيع منها ضرب القلعة كما أنزلت بعض المدافع الى السواحل، فأغلق جنود الشيخ جبارة أبواب قلعتهم ودام حصارها في اليوم الاول دون جدوى، الا ان الايام تتالت فقرر لطيف خان اعطاء جنوده راحة بالتناوب، كما ان الفرس من سكان الجزيرة حين سمعوا بالحملة الفارسية لتحريرهم من الشيخ جبارة توجهوا لمساعدتها.

ومع تعب جنود جبارة وصمودهم كان يصور لهم ان وجود شيخهم في الاراضي المقدسة سيحقق لهم معجزة، وان الملائكة هي التي اقفلت ابواب القلعة، وربما جاءت طيور لقصف الجيش الفارسي كالطير الابابيل، الا ان شيئاً من ذلك لم يحدث، وانما قام بعض سكان القلعة من الفرس بفتح الابواب الخلفية حسب اتفاقهم مع فرسان لطيف خان الذين دخلوا القلعة واستولوا عليها . وماتت روح المقاومة لدى الجيش المدافع فسلم بالامر الواقع واستسلم البقية ليسلموا من سيوف الفرس.

اما لطيف خان فبعد استيلائه على القلعة قام بترميمها وتحصينها ووضع حامية فارسية بها،كما صادر ثروة الشيخ جبارة وامواله وبعد استراحة لمدة ايام توجه الى فارس وقدم الى حاكمها محمد تقي خان مفاتيح قلعة البحرين كرمز للنصر، وارسلت الغنائم الى قبلة العالم(نادر شاه) في اصفهان وقيل انها نقلت الى قزوين حيث كان نادر شاه آنذاك.

ويذكر الرحالة نيبور عن تلك الفترة عن الاشخاص الذين كانوا مايزالون يشاهدون في عام 1190هـ_1776م وقد فقعت اعينهم، بمن فيهم عرب البحرين (الهولة) الذين اكتفى نادر شاه بفقء عين واحدة لكل منهم، وقد تم غزو البحرين دون ان يحدث الكثير من القتال مما رفع اسهم لطيف خان لدى طهماسب قولي خان، مع ان الحافز لهذه الحملة غير واضح، ويصفها ميرزا مهدي وهو مصدر غير دقيق، بأنها حملة تأديبية، وهو يذكر ان جبارة قد فر الى مكه بعد ان علم بالخطط المعدة لهذه الحملة، أما نائب جبارة فلم يبد مقاومة كبيرة.



السمووحه من الحميع ع الاخطاء الاملائية



المصدر: تاريخ عرب الهولة والعتوب،جلال الهارون الانصاري، الدار العربية للموسوعات،بيروت،ص120_124، 2010م..