الاختلاف ينقسم إلى ثلاثة أقسام:


- القسم الأول اختلاف في الأفهام: وهذا أمر قد اختلف فيه الصحابة رضوان الله عليهم، بل عدي بن حاتم بقي يأكل حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود، يضع تحت وسادة خيطاً أبيضاً وخيطاً أسوداً ويأكل، لأنه فهم من قول الله عز وجل (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) حتى أنزل الله (من الفجر)، فاختلاف الأفهام إن شاءالله لا بأس به، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم (إن وسادك لعريض) ما قال له أعد الأيام التي أكلت فيها.


- القسم الثاني اختلاف التنوع: يعني ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كيفيات في التشهد في الصلاة وكيفيات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الأمر الثاني يقول شيخ الاسلام ابن تيمية لا ينكره إلاّ جاهل، والأمر كما يقول لا ينكره إلاّ جاهل.


- القسم الثالث اختلاف التضاد: ما هو اختلاف التضاد؟ هو أن يخالف الشخص دليلاً صريحاً بدون برهان، هذا الذي كان السلف ينكرون على من خالف دليلاً صحيحاً صريحاً بدون برهان.

أما الحديث الذي يعتمدون عليه وهو حديث (اختلاف أمتي رحمة) فهو لا سند ولا متن، منقطع كما ذكره السيوطي في كتابه "الجامع الصغير" وقال : لعل له سنداً لم نطلع عليه، ولكن هذا يؤدي إلى أن بعض الشريعة قد ضاع كما قاله الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى.

وأما المتن: فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم (ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربك) مفهوم الآية الكريمة أن الذين رحمهم الله لا يختلفون، وأن الذين لم يرحمهم الله يختلفون. النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة (ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم) فهذا دليل على أن الاختلاف هلاك وليس برحمة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري من حديث ابن مسعود (لا تختلفوا كما اختلف من كان قبلكم فتهلكوا ما هلكوا) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث النعمان بن بشير يقول (استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم) ويقول النبي كما في مسند أحمد وسنن أبي داود من حديث أبي ثعلبة الخشني أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أصحابه قد تفرقوا، نزلوا في شعب من الشعاب وتفرقوا كل جماعة ذهبوا في موضع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن تفرقكم من الشيطان)، ثم أمرهم النبي بالاجتماع، فإذا كان هذا في تفرّق الأبدان فما ظنك بتفرق القلوب.

فأقصد من هذا أن الاختلاف يعد هلاكاً، ولكن ما هو الاختلاف الذي يعد هلاكاً؟ هو اختلاف التضاد الذي كان ينكره النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.


مختصر بتصرف يسير من جواب لمحدث الديار اليمنية، الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى، من كتاب (إجابة السائل على أهم المسائل)- إجابة السؤال رقم (279) ص 418.