﴿أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد
إن طبيعة الطغاة هي أن يسوموا الشعوب شتى أنواع العذاب، المادي والمعنوي، اقتداء بنموذجهم الأول فرعون {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص:4].
تلك هي طبيعتهم، يغلب على أكثرهم صفات التجبر والظلم والطغيان {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النمل:34]. هذا دأبهم ودأب كل الطغاة مع شعوبهم، استغلال وإذلال، ومحاولة الإبقاء على هذه الأخيرة كمادة للاستهلاك، إلا الذين آمنوا منهم وجعلهم الله أئمة يهدون بأمر الله، ويصلحون في الأرض بعد إفسادها.

وتبقى هذه الشعوب كذلك مادة للصراع بين الطغاة المفسدين وبين الدعاة المصلحين، وبينهما تتأرجح إرادتها بين التحرر من هذا الاستعباد والاستغلال وما بين البقاء في حظيرة العبودية.

إن عملية التغيير لابد أن ترافقها تضحيات جسام سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، في الجانب المعنوي أو المادي، فكل تغيير لابد أن يصاحبه انقلاب وتطور من حالة إلى حالة أخرى، وهذا يتطلب تضحيات عدة وخسارة للكثير من المكاسب المادية والعادات القديمة التي تعوَّد عليها المرء.

طبيعة النفس البشرية أنها تألف الحاضر ولو كان مراً، وتحاول التأقلم معه لكي تتفادى كل عملية تغيير من شأنها أن تنفق فيها أي جهد مهما كان بسيطاً.
من أجل هذا فإن عملية التغيير تسبقها فترات تربية وإعداد لهذه النفس حتى تكون قادرة على تجاوز كل العقبات المعنوية فضلاً عن المادية.

وجعل أهلها شيعاً

إن سياسة الطغاة - على مر العصور- هو أن يسيطروا على الأوضاع في محيطهم، وخير وسيلة لتحقيق ذلك هو تشتيت الجموع من حوله لكي تضعف ولا تجتمع على رأي واحد من شأنه أن يهدد بقاءه. ولقد ذكر الله تعالى هذه الحقيقة التي استعملها فرعون مصر، والذي يعتبر نموذجاً وقدوةً لكل الفراعنة من بعده {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 4].

لقد كثرت الأحزاب وقدم لها الطغاة كل التسهيلات اللازمة لكي تكون طرفاً في اللعبة السياسية، وحدد لها مساحات وهوامش معينة لا يجوز تجاوزها، لكي تكون قانونية ومقبولة. بل إنها أصبحت طرفاً مباشراً في الحكم والتشريع وسياجاً للطواغيت ضد غضب الشعوب.

في غياب المصلحين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، تظل هذه الشعوب عرضة للحرمان من أبسط حقوقها، سواء في التمتع بخيرات الأرض وأرزاقها، أو بالتعليم السليم والتوجيه الصحيح، انتهاء بالسكن المريح والدواء اللازم، كل هذه الأمور الأساسية تعتبر من المحرمات بل من المستحيلات أحياناً. ذلك، لكي تظل هذه الشعوب رهينة للقهر والحرمان وأقصى ما ستفكر فيه هو الحصول على بعض هذه الحقوق، وقد تطول معركتها في سبيل نيل ذلك، وهذا ما يهدف إليه الطغاة، ليتسنى لهم تمرير مخططاتهم في الإفساد والاحتلال والاستغلال.

بالإضافة إلى الجهل والخوف والانحراف، وفي غياب المصلحين والقائمين على دين الله، تتحول الشعوب إلى مادة دسمة ليمارس عليها الطواغيت كل أشكال الاستغلال وكل أنواع التعذيب، فتتحول إلى مجرد قطعان من الغنم فقدت راعيها بين أفواه الذئاب. فما بالك حينما يكون الراعي هو الذئب نفسه ؟؟..

أوذينا من قبل أن تأتينا

لقد دأب الفراعنة والطغاة على مر العصور على تعذيب شعوبهم – مادياً ومعنوياً- من أجل ترويضهم على الطاعة والانقياد لأوامرهم وعدم الخروج على حكمهم وقانونهم، سياسة السيد مع عبده الذي لا تسول له نفسه عصيان أمر سيده في الحلم فضلاً عن الواقع، وهذا ما يصبو إليه الطغاة الظالمون من خلال تطبيق سياسة البطش والتعذيب والأذى لشعوبهم لأتفه الأسباب، كما يفرضون عليهم واجبات أكثر من طاقاتهم لكي يظلوا دوماً في متاهات البحث عن تلبية هذه الواجبات وتفادي العقوبات المترتبة على عدم الوفاء بذلك.

في هذه الحالة يصعب على المصلحين إيجاد أرضية مناسبة للانطلاق نحو تحرير هذه الشعوب، فحينما تكون لدى هذه الأخيرة القابلية لقبول الظلم والصبر عليه وتحمله، فإنه من الصعب جداً أن تكسبهم إلى صفك لتغير بهم الواقع المعاش.

لقد وصلت الشعوب إلى درجة الفسق و الاستخفاف الذي ذكره رب العزة في قوله تعالى {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينْ} ، وهي سياسة فرعونية، يسير عليها الفراعنة الجدد، لتثبيت عروشهم والحفاظ على قروشهم وتضخيم كروشهم، وذلك على حساب أعراض الشعوب ودينهم وأرزاقهم.
هذا بالإضافة إلى الحصار المضروب عليهم وعلى الدعاة من مغبة التقرب إليهم والتأثير عليهم وبالتالي قلب المعادلة التي يحرص الطغاة على الإبقاء عليها لصالحهم.

حرب متشعبة وطويلة الأمد يقودها الحكام المرتدون ضد الدعاة والمصلحين، وضد كل من يستجيب لدعوتهم وينضم لصفوفهم. حرب تأخذ أشكالاً مختلفة، تُستعمل فيها جميع الوسائل المتاحة من قِبل الطغاة، ليكسبوا أشواطها ولِيبُقوا على الحالة كما هي، ضلال وفساد واستغلال ثم كفر بالله عز وجل.

تتلقى هذه الشعوب شتى أنواع الأذى والحرمان من أبسط حقوقها، قبل ظهور الدعاة والمصلحين، فلا ذنب لهؤلاء إذن في عملية التعذيب والحرمان التي تتعرض لها هذه الشعوب، وهو دليل على النية المبيتة سلفاً من قبل هذه الأنظمة الحاكمة، وأن سياسة التهميش والحرمان تعتبر جزء لا يتجزأ من سياسة الحكم المتبعة.

لقد كانت بنو إسرائيل تعيش الهوان وتلقى شتى أنواع التعذيب والحرمان من قبل فرعون وجنوده، لقد استخفهم بهذه المعاملات القاسية المتواصلة حتى أطاعوه {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينْ}، فلو لم يكونوا فاسقين لما أطاعوا فرعون فيما لا يرضي الله، هذا أولاً، أما ثانياً: فإن بني إسرائيل أرادوا التغيير بالأماني والقعود، بدلاً من التضحية والحركة. وهذا هو مصير الشعوب الخائفة التي تخشى من المواجهة وتؤثر حياة الدعة والذل بدل حياة التقشف والكرامة.

ومن بعد ما جئتنا

حينما يأذن الله فيخرج من رحم هذا الظلم والفساد من يريد الإصلاح والتغيير، كما خرج موسى من قصر فرعون، مركز الجبروت والاستكبار والطغيان، كذلك يخرج في كل حين من يبعثهم الله لمقارعة الفراعنة الجدد بمواجهة باطلهم وإزالة فسادهم.

حينما تقوى شوكة هؤلاء المصلحين ويبدءون في إيلام هؤلاء المفسدين وتهديد
مصالحهم وهدم أركانهم وزلزلة عروشهم، فإن هؤلاء الطواغيت يلجأون إلى أساليبهم المعهودة، وهي الانتقام من أهالي وأنصار هؤلاء المجاهدين، وهم أناس ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، نساء وأطفال وشيوخ، حيث يبدءون في نهب ثرواتهم وأرزاقهم، وحرق محاصيلهم وضرب الحصار عليهم لتجويعهم، محاولة منهم لصدهم عن نصرة الحق، والوقوف إلى جانب الطغاة في حربهم على المجاهدين.
أو يستعملون أسلوب الطرد من أعمالهم أو إغلاق محلاتهم ومشاريعهم التجارية وغيرها من مصادر أرزاقهم. أو يزجون بالشباب في السجون بعد محاكمات صورية ظالمة، لقضاء مدد طويلة وراء القضبان، محرومين من أبسط الحقوق الإنسانية، بل منهم من يلقى حتفه تحت وطأة التعذيب المتواصل.
كل هذه الأساليب وغيرها كثير، تدفع فئات من الشعب إلى التذمر والسخط، بعد أن ينفذ صبرهم، ومنهم من تنكسر إرادته وتخور عزيمته وينفذ صبره، فيتحول إلى عنصر خذل للحق، وينتمي إلى صفوف الباطل، لعله يتفادى هذه الضربات ويجود عليه أهل الباطل بكسرة خبز ملوثة ولحظة أمان مزيف ومؤقت.
فلا يكتفون بهذا، بل يتحولون إلى أبواق لأهل الباطل، يخذلون الناس ويثبطونهم، ويحوفونهم من مغبة نصرة أهل الحق وما سيلاقونه من بطش وانتقام على أيدي أولي الأمر إن هم تمادوا في مواقفهم المؤيدة للمصلحين والمجاهدين.

لقد انقسم الناس إلى قسمين رئيسيين، قسم خضع لهذه الضغوط فاستحب الحياة الدنيا على الآخرة، ورضا العباد على رضا رب العباد، واصطف إلى جانب الظالمين يأتمر بأمرهم وينتهي بنهيهم، لسان حالهم يقول {أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا}، وقسم آثر ما عند الله ورضي بما عنده من متاع وأجر أخروي، فصبر وتحمل كل ما سيلاقيه من عنت وابتلاء، فانحاز إلى صفوف أهل الحق من الدعاة والمصلحين، ولسان حاله يقول {عَسَى رَبُكُمْ أن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْض فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونْ}.
أنظروا إن شئتم إلى ما حصل للشعب الأفغاني خلال الاحتلال الشيوعي لبلاده، اشتدت عليه وطأة التعذيب والتدمير والتقتيل بعد ظهور المجاهدين، وكان أغلب فئاته ممن صبروا وتحملوا، وساندوا المجاهدين في جهادهم حتى وفقهم الله تعالى لإخراج المحتل وكسر آلته العسكرية وتمريغ أنفه في التراب، وقد تلا ذلك انهيار الإمبراطورية السوفياتية كنتيجة حتمية لهزيمتها في أفغانستان.

ثم بعد ذلك التحم الشعب المسلم حول قيادة طالبان الراشدة، بعد أن عمت الفتنة وكادت تعصف بالنصر الذي أحرزه المجاهدون على أعدائهم، فكانت النتيجة إقامة إمارة إسلامية ربانية بدأت في تجسيد دين الله على أرض الواقع لأول مرة منذ سقوط الخلافة الإسلامية في بداية القرن الماضي.

ثم جاءت الهجمة الصليبية ثانية على الإمارة الإسلامية، واجتمعت الأحزاب الكافرة والمنافقة في صعيد واحد فأزالوا هذه الإمارة الراشدة وهجَّروا المجاهدين، فقضى منهم من قضى شهيداً، وأسر منهم من أسر، وأعادت جموع المجاهدين الكرَّة من جديد، فجمعوا أمرهم ووحدوا صفوفهم، والتفت حولهم جماعات المؤمنين، يبتغون رضا الله، وهم يهتفون " إذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون"، وهانحن نرى ثمرة هذا التلاحم، ونتيجة هذه الطاعة والاستجابة لأمر الله، عودة قوية وانتشار وسيطرة شبه شاملة للمجاهدين على أرض أفغانستان، وإثخان في العدو الصليبي لم يسبق له مثيل، سينتهي بخروجه صاغراً منهزماً من البلاد كما خرج ربيبه الشيوعي بالأمس.

وانظروا إلى ما يحدث في بلاد الرافدين، بلاد الخلافة حيث اجتمعت الأحزاب الكافرة ومعها ردئها من جموع المرتدين والمنافقين وعلى رأسهم الروافض الكفار، أنظروا كيف يسيمون أهل السنة سوء العذاب، يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ويقتلون رجالهم ويسجنون شبابهم، لا لشيء إلا أن قالوا ربنا الله، وتمسكهم بمذهب أهل السنة والجماعة، أو خوفاً من انضمامهم إلى صفوف المجاهدين أو يكونوا لهم أنصاراً ومدداً معنوياً أو مادياً.
يمارسون عليهم هذه الضغوطات والعذابات لكي ينقم أهل السنة على المجاهدين ويقولوا كما قال الذين من قبلهم {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا}، نعم لقد أوذينا في عهد نظام البعث البائد الكافر من قبل، وهانحن نؤذى أكثر على يد المحتل الصليبي، وأشد على أيدي أذيالهم من الشيعة الكفار، أحفاد ابن العلقمي.

لسان حالهم يقول: ما الذي تغير في أحوالنا ؟ لقد ازدادت سوءاً، مات الرجال أو اعتقلوا، وذُبح الأطفال، وسُبيت النساء وهُتكت أعراضهن، وقُتل الشيوخ..
نعم كل هذا حدث، وهو ثمن العزة والكرامة، ثمن الدفاع عن الحق، ولولا رحمة الله ثم وقفة المجاهدين لكانت التضحيات والخسائر أكبر بكثير.
هاهم المجاهدون قد قاموا وأقاموا دولة الإسلام المباركة التي طالما حلمنا بها، فقد صارت واقعاً لا غبار عليها، وسوف تجتمع الأحزاب الكافرة والمنافقة والمرتدة على حربها والصد لها، وسوف ينال أبناؤها وأنصارها نصيباً كبيراً من هذا البطش والأذى، فلابد من الصبر، ولابد من الاستقامة، ولابد من التوكل على الله {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}.

لابد من التضحية، ولابد من الفداء، ولابد من التمحيص والابتلاء، لتقوى هذه الأمة، وتكون عقيدتها أعز إليها من كل شيء، فتكون هذه التضحيات جزء من فهمها لهذا الدين، فتثبت وتستقيم على أمر ربها.

وبين هذا وذاك، يبقى على المصلحين والدعاة الربانيين أن يقوموا بواجبهم نحو ترسيخ المفاهيم الحقيقية لدين الله في النفوس، لكي يُكثروا سواد المؤمنين والمتوكلين على الله حق توكله، ومن أفضل الوسائل وأنجعها هو الثبات على مبادئهم هم أنفسهم والاستقامة على المنهج، والصبر على المحن والإغراءات الكثيرة التي تحيط بهم، عندئذ وعندئذ فقط سيتبعهم الناس ويتخذونهم أئمة وهداة.

فالمعركة واضحة المعالم، ومصيرها لصالح المؤمنين بنص الكتاب والسنة، ومن يشك في ذلك فعليه أن يراجع إيمانه بل عليه أن يجدد انتماءه لهذا الدين. ولكن هذا الوعد الرباني ينبغي أن يدفعنا إلى المزيد من العطاء والصبر والتضحية، وإلى المزيد من التوغل في الساحة لانتشال أكبر عدد ممكن من الناس وإدخالهم في هذه الحرب القائمة.

حرب لا نملك معها سوى المزيد من التخطيط، والمزيد من الإعداد، فليس المهم أن نبدأ الحرب ولكن المهم أن نواصلها وننهيها، وبالتحديد أن ننهيها بالنصر والتمكين. وهذا وعد من الله العلي القدير، لعباده المؤمنين، الذين أخلصوا دينهم الحق، وباعوا النفس والمال لربهم، وتوكلوا عليه، راجين عفوه ومغفرته.

لذلك كان جواب موسى عليه السلام على قومه مباشرة {قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونْ } [ الأعراف:129]. لقد أهلك الله تعالى فرعون وقومه وأورث بني إسرائيل الأرض من بعدهم، وكانت هذه سنة الله في الأقوام التي قبلنا، ثم جاءت شريعة الإسلام وفرض الله فيها على عباده عبادة الجهاد ليتحقق بها قدره على الأرض بأيدي عباده المؤمنين.

نعم سيهلك الله أعداءنا بأيدينا وبعد أن نأخذ بأسباب النصر والتمكين، وستكون معية إلى جانبنا في كل خطوة وفي كل مرحلة من مراحل جهادنا، لا أن ننتظر المعجزات ونتمادى في غيِّنا وتقاعسنا ثم نعاتب الذين قاموا يأمرون بالقسط وينهون عن المنكر ونردد كما ردَّدت بنو اسرائيل ﴿أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾ .

عندها وعندها فقط سيتحقق وعد الله ، والله لا يخلف وعده {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} .

أسأل الله جل وعلا، أن ييسر لهذه الأمة قيادة راشدة، تخرجها من ذل التبعية والخوف، إلى عزة الدنيا والآخرة، تجاهد في سبيل الله ولا تخاف لومة لائم، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.


أبو سعد العاملي