السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة





تعد اغاني النهمة من اهم أنواع الغناء الشعبي البحري عند ابناء الخليج العربي، حيث ينطلق النهام من على سطح السفينة كأنغام ملاحية متتالية من تحت ظلال الشراع المبحر نحو البعيد، نحو الغبيب، والآمال تكبر عند البحارة وهم ينصتون إلى صوته الشجي وهو يردد المواويل الشعبية التي تهزهم هزّاً عند سماعهم هذا النغم وهو ينساب في لحن عذب.

والنهمة أي الطرب البحري بتشديد النون وإسكان الهاء، أما المطرب البحري فيسمى (النهّام) والجمع (النهّامه) بتشديد النون والهاء، والمهمه كعناء بحري ليس موجودا في كتب اللغة وكتب فيها ابن المنظور.

النهمة، مصطلح عرفه البحارة بإطلاق الصفة على أغاني البحر والنهمه كما عرفها أصحاب اللغة، تعني الناهم، وهو الراهب والصاروخ، والمصوت، قولهم (( والنهامي، الراهب لأنه ينهم أي يدعو )) والدعاء في هذه الحالة ينطبق تماماً على ما يدعو إليه الناهم في البحر لإنجاز حالة من الحالات في شتى مناحي العمل.
والنهمة، وإن كانت غناء واكب سير العمل في السفينة، إلا أنها تخضع لقواعد معينة من الألفاظ والترانيم والاستهلالات والنحب والهمهمة (( النحب والهمهمة: أن يردد كلامه في صدره ولا يخرجه )) ، بجانب ما يكتنف ذلك من حكم وأمثلة وأدعية درج على سماعها البحارة، فكانت بالنسبة لهم جزاءاً لا يتجزأ من سير حركة العمل بمصاحبة نوع من الغناء الذي لا يستغنى عنه بأي حال من الأحوال.
والنهمة في أبسط صورها تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
1- اليامال
2- الخطفة
3- الحدادي
· اليامال، وهو نوع من الغناء يختص بالسرد الالقائي (( ريسيتاتيف)) على ظهر السفينة وخارجها.
· الخطفة، وهي نوع من الغناء، يختص برفع أشرعة السفينة لابحارها باتجاهات مغايرة.
· الحدادي، وهو ما يفتقر إليه البحارة لاستعادة نشاطهم وقت الراحة في الوقت المناسب.
وهذه الأنواع الثلاثة يقوم كل منها بوظيفة معينة من الضرب والغناء في حين أن كل واحد منها ينقسم إلى عدة فروع، أهمها:



اليامال

(( يامال بدينة )) ، (( ياهي يامال )) ، (( يامال محرقي )) ، (( يامال راكد )) .
وكلمة يامال هي نوع من التعبير الجماعي عما يجيش في صدور البحارة من الوجد والألم والفراق، كتعبير أصحاب اللغة ، قولهم (( ياهي يامال )) ، (( وياشي يامال )) ، معناه كله الأسف والتلهف والحزن، وهذه تتم بواسطة السرد الإلقائي، كل بطريقة سرده ومخالفة أداء نحبه ، بجر المجاديف على نمط واحد بشعر من الزهيري.


الخطفة
تنقسم الخطفة إلى عدة فروع مختلفة في الضرب والغناء، أهمها: (( خطفة العود )) ، (( وخطفة دواري القلمي )) و (( خطفة الجيب ))، ((وخطفة الكابية )) ، ((وخطفة البومية )) ، ((وخطفة الشومندي )) ، وهذه المسميات تطلق على نوعية الأشرعة بحسب مقاييسها من (العود) وهو الشراع الأكبر لتنتهي إلى ( الشومندي ) وهي أصغر الأشرعة حجماً وهذه ترتفع على (دقالة) السفينة حاملة هذه الأشرعة، كما تطلق أيضاً على ( الدقل ) نفسه قولهم، الدقل العود ، والدقل القلمي، وهكذا من كبيرها حتى صغيرها.
وكلمة ( العود ) تُطلق على كل ما هو كبير ، الرجل العود ، والشيخ العود ، والشراع العود ، وهكذا لكل شيء كبر حجمه وعظمت منزلته، كما جاء في معاجم اللغة ، (( العود الجمل المسن، فإذا جاوز البعير سن العرود فهو عود وفي ذلك يقول شاعرهم:
جلدا أيها الرجل أبو القاسم
والعود يحمل الأعبــــــاء
وهكذا أطلق البحارة من مرادفات اللغة ، كل ما يتصل بأجزاء السفينة وأشرعة دقالتها وضروب أغانيها، كقول أصحاب اللغة في صفة ( الدقل ) قولهم ، وهو دقل السفينة الذي ينصب في وسطها قائماً ويقوم عليه الشراع.
وهكذا لكل خطفة شراع أو إنزال شراع من أشرعة السفينة نوع خاص من المصطلحات بجانب ما يصاحب ذلك من ضرب إيقاع وغناء وتصفيق معين يماثل ما يقع في الزفن من هز للأكتاف وحركة الرؤوس وطرقعة الأصابع واللسان بصورة تتناسب وحركة الضرب بالقدم (( ونااااااسة )) وبمشاركة ما يصدر عنهم من أصوات النحب والهمهمة ، لخطف الشراع وارتفاعه للمكان المناسب لدفع السفينة نحو جهة معلومة، في الوقت الذي يقوم فيه البحارة بخطف بقية الأشرعة كما خطف العرب الأولون، وكما يقول أصحاب اللغة ، وجملة الأداة من الخطاف والمحور والبكرة والنعامتين وحبالها علق.


الحدادي
ينقسم الحدادي إلى عدة ضروب مختلفة في الأدوار والإيقاع أهمها : (( الشبيثي، الياملي، السيملي، جفت الشراع، الحدادي، الحدادي الحساوي، الحدادي الحجازي، الحدادي المسروق، السنكني، الفجري، لمة المجيب ، والحداد كما يقول العرب (( البحر )) قولهم في ذلك :
ولو يكون على الحداد يملكه
لم يسق ذا غلة من مائه الجاري
وهذا النوع من الغناء، وإن اختلفت فيه بعض الضروب وتباينت فيه الأسماء إلا أنه يشكل وحدة فنية قائمة بذاتها ، تندرج تحت قائمة ما أسميناه الفنون البحرية الخفيفة، لذلك قام الباحث بوضع كل ما يتصل بهذه الفنون تحت اسم ما قدمناه (( الحدادي ))
هذا الضرب من الغناء يقوم به البحارة ، بعد الفراغ من عمل معين لاتخاذه وسيلة من وسائل اللهو والمرح ، وينقسم إلى قسمين:


1- النوع الأول:
ما يتم بعد انتهاء العمل مباشرة لمواصلة عمل آخر، مثل السيملي والياملي ، جفت الشراع ، لمة المجيب.
2- النوع الثاني:
ما هو للترويح عن النفس بعد فترة من العمل، مثل:
الفجري، السنكني، الشيبثي، وجميع أنواع الحدادي، وربما أضافوا إلى ذلك أنواعاً من الغناء، مثل أغاني الصوت والأغاني الشعبية الخفيفة ، وهذه كلها تعتبر من الأغاني الترويحية إذ ليس لها ارتباط بالعمل ذاته، وانما يتم فيها الضرب والغناء حسب الظروف المواتية للأنس والطرب، كما أن الارتباط بين بعضها أقرب ما يكون إلى التشابه عن طريق ما يعرف (( بالتنزيلات )) والتي هي عبارة عن استهلالات يقوم بها النهامة بمصاحبة ( النحب، والهمهمة ) كردود مختلفة بجانب الضرب المتعدد الأجناس على إيقاعات الطيران والطبول والجحال والهاون والغشمرة في اللعب والتصفيق المزخرف.
هذا في الوقت الذي يرتبط فيه (الحدادي) خاصة بناحية الضرب الموقع في ( الفن ) النسائي مع ارتباطه بالنهمة والاستهلالات في غناء ( الفجري ) وفي الوقت الذي ينعكس فيه ( الفجري ) على غناء الشبيثي باختلاف بعض الضغوط الإيقاعية لارتباطه بما يعرف بغناء السنكني والذي هو عبارة عن أغانٍ من الاستهلالات الغنائية المتربطة باليامال الياهي مع وجود ضربات إيقاعية موقعة.


منقول