خليلي أقبل واستمع قولي متمهلا
لعل فؤادي يستريح من الفكر

فقد مرت الأيام والنوم طائر
وأحسب نجوم الليل عدا بلا حصر

وذكر هاتيك البلاد وحسنها
بلادا كساها الله بالحلل الخضر

فآه على تلك المرابع والربا
وتلك النخيل الباسقات من التمر

وتلك البنود الشامخات إلى العلا
مملوءة الأشجار بالغاف والسدر

بها الطير غنى والبلابل غردت
فياله من نغم جميل من الطير

إذا سحت بالصحراء تنظر عجائبا
جمالا لها صوت الرعيد من الهدر

وتسمع حنين النوق من كل جانب
تغاريد رعيان كذا الصوت للقمري

وحولك غدران زلال مياهها
فو الله ما أحلى المعيشة في النير

فيا ويح نفسي أن تموت كآبة
ولم تنظر العينان إلى الرمث والسمـر

ولم تنظر العينان إلى البرك التي
قباب لها مثل السفن في البحـر

مزارع روضات تموج بخضرة
إذا نظرت عيناك ذي الحلل الخضـر

فتصبح نشوانا وجسمك في هناء
كأنك سكران ومابك من سكـر

ولو حملت هم الكائنات بأسرها
لأصبحت عفريتا منشرح الصـدر

ولو نظرت في شرق البلاد وغربها
وجدت بها يزهو النبات من الزهـر

يفوح العطر لا مثيل لعطره
إذا هبت الأرياح في غلس الفجـر

فو الله ما أحلي المياه إذا جرت
شفاء من الأسقام والعلل الضـر

فآه على تلك الحياة كأنها
زيارة طيف مر في زمن الصغر

فكنا بعز والسعادة تحيطنا
أتتنا علوج الفرس مصفرة الشعـر

أتتنا بظلم لانطيق لحمله
دعتنا حيارى تائهين من الفكـر

أذلوا جميع الناس شرقا ومغربا
وقد كشفوا كل النساء من الخـدر

وقد أخذوا كل الشباب جميعهم
إذا لم يكن طيبا يؤخذ بالجبـر

فتسمع في البلاد صياحا وأنة
نساء وأطفال أدمعهم تجـرى

وقد ملؤوا كل البنادر عسكرا
أمنيه قامت على التخريب والغـدر

وقد نهبوا أموال كل مسافر
يسمونه القـاجـاق بالظلم والمكـر

سكتنا فلم يغن السكوت وإننا
علي حر نيران جلوسا علي الجمـر

فصرنا حياري تاركين بلادنا
على الذل لانرضى ولم نرض بالقهـر

قصدنا بلاد العرب أكرم جيرة
لهم ذمم تسمو على أنجم الزهـر

أنخنا وحيونا وصرنا أعزة
أنلنا بها الخيرات ما لم نكن ندري

ولكن مافي القلب نار تأججت
من الحب للأوطان والبلد الخيـر

بلادا حلاها الله حسنا ورونقا
على سائر البلدان من سالف العصـر

تركناك الأوطان لا عن ملامة
ولكنما الظلم الفظيع بنا يجـرى

فحبي للأوطان عهد وذمة
وإيمان قلب لم يزل دائم العمـر

ملا محمد بن ملا يوسف الحمادي

خالص المودة