قال ابن فقیه:

القول في فارس:


حدثنا أبو عمرو عبد العزيز بن محمد بن الفضل، حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا بشر بن محمد بن أبان عن داود بن المخير عن الصلت بن دينار عن عبد الله بن أبي مليكة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أهل فارس عصبتنا.

ويروى عن أنس بن مالك قال: إن الله خيّر بين خلقه، فخيرته من العرب قريش وخيرته من العجم فارس.

ويروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: أسعد الناس بالإسلام أهل فارس. وأشقى العرب به بهراء وتغلب.

وقال ابن لهيعة: فارس والروم قريش العجم.

وقال في قوله عز وجل وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ. قال: الناس إذ ذاك فارس والروم. وفي قوله يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ

قال: فارس.

ولما هدم ابن الزبير البيت، قال اطلبوا من العرب من يبنيه. فلم يجدوا.

فقال استعينوا بأهل فارس فإنهم ولد إبراهيم. ولن يرفع البيت إلّا ولد إبراهيم.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أبعد الناس من الإسلام الروم، ولو كان معلقا بالثريا لتناولته فارس. يعني الإسلام.

[قال وذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) كسرى أنوشروان فقال: ويل أمّه، ما أعمق سلمه لو كان أسلم.

وروي عن ابن عباس في قول الله عزّ وجلّ «ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد» قال: أهل فارس.

وقال عليه السلام: لا تسبوا فارس فإنهم عصبتنا.

وقال (عليه السلام) : إن لله جندا في أهل فارس إذا غضب على قوم انتقم بهم] .

وقال الشعبي: أول من استنبط الأنهار العظام أنوشروان ومادة الملك واستصلح الرعية بعده مثله.

وكان أنوشروان إذا أفرض، يقدم الفارسي على رجلين من الديلم وعلى خمسة من الترك وعلى عشرة من الروم وعلى خمسة عشر من العرب وعلى الثلاثين من الهند. لأنهم كانوا أشجع ممن ذكرنا قلوبا وأعزهم نفرا وأعظمهم ملكا وأكثرهم عددا وأوسعهم بلدا وأخصبهم جنابا وأشدهم قلوبا وأرجحهم عقولا وأحسنهم تدبيرا وأصحهم جوابا وأطلقهم ألسنا.

وقال أبو البختريّ: بلغنا أن إسحاق بن إبراهيم ولد ابنا يقال له نفيس: فولد لنفيس، العيص، قبائل من فارس منهم أهل إصطخر و شابور و أردشير. والدليل على ذلك قول جرير:
منابر ملك كلّها مضرية يصلي علينا من أعرناه منبرا
وأبناء إسحاق الليوث إذا ارتدوا [حمائل موت لابسين السنوّرا]
إذا انتسبوا عدّوا الصبهبذ منهم وكسرى، وعدّوا الهرمزان وقيصرا

وكان إدريس بن عمران يقول: أهل إصطخر أكرم الناس أحسابا، ملوك أبناء الأنبياء.

وقال أردشير: الأرض أربعة أجزاء. فجزء منها أرض الترك ما بين مغارب الهند إلى مشارق الروم.

وجزء منها أرض المغرب، ما بين مغارب الروم إلى القبط والبرابر. وجزء منها أرض كور السواد، ما بين البرابر إلى الهند. والجزء الرابع هذه الأرض التي تنسب إلى فارس ما بين نهر بلخ إلى منقطع آذربيجان و أرمينية الفارسية إلى الفرات. ثم برية العرب إلى عمان و مكران وإلى كابل و طخارستان. فكان هذا الجزء صفوة الأرض. وهو من الأرضين بمنزلة الرأس والسرة والسنام والبطن. أما الرأس، فإن ملوك أقطار الأرض مذ كان ايرج بن أفريدون، كانت دائنة لملوكنا يسمونهم أملاك الأرض ويهدون لهم صفايا ما في أرضهم.

وأما السرة، فإن أرضنا وضعت من الأرضين موضع السرة من الجسد في البسطة والكرم وفيما جمع لنا مما نرئسهم به. فأعطينا فروسية الترك وفطنة الهند وصناعة الروم، وأعطينا في كل شيء من ذلك الزيادة على ما أعطوا، وأصفينا ما حرموا بأدب الدين في أدب الملك. وأعفينا إلى مسام سيماء مشترعة في صورنا وألواننا وشعورنا كما شوهت سائر الأمم بصنوف الشهرة من لون السواد وشدة الجعودة والسبوطة وصغر العيون وقلّة اللحى. فأعطينا الأوساط من المحاسن والشعور والألوان والصور والأجسام.

وأمّا السنام، فإن أرضنا على صغرها عند بقية الأرضين هي أكثر منافع والين عيشا من جميع ما سواها.

وأمّا البطن، فإن الأرضين كلها تجلب إليها منافعها من علمها ورفقها وأطعمتها وأدويتها وأمتعتها وعطرها كما تجبى الأطعمة والأشربة إلى البطن.

وقال الواقدي: شاور عمر بن الخطاب رضي الله عنه الهرمزان في فارس و إصبهان و آذربيجان. فقال الهرمزان: إن إصبهان و آذربيجان الجناحان. فإن قطعت الجناحين، بقي الرأس. وإن قطعت الرأس وقع الجناحان، فابدأ بالرأس.

وكان أول من جمع فارس وملكها، أردشير بن بابك بن ساسان، وهو أحد ملوك الطوائف وكان على إصطخر، وهو من أولاد الملوك المتقدمين قبل ملوك الطوائف. فرأى أنه وارث ملكهم فكتب إلى من بقربه من ملوك فارس ومن نأى عنه من ملوك الطوائف يخبرهم بالذي أجمع عليه من الطلب بالملك لما فيه من صلاح أمور الرعية وإقامة الدين والسنّة. فمنهم من أقرّ له بالطاعة، ومنهم من لم يقرّ له حتى قدم عليه، ومنهم من عصاه فصار عاقبة أمره إلى القتل والهلاك. حتى استوسق له ملكه. وهو الذي افتتح الحضر. وكان ملك السواد متحصنا فيه وكانت العرب تسميه الساطرون. وفيه يقول أبو داود:

وأرى الموت قد تدلّى من الحضر على رب أهله الساطرون وقد أتينا بخبره فيما تقدم.

وهو أول من وضع السكك وحذف أذناب دواب البرد وبنى مدينة جور بفارس وكان موضعها صحراء. فمرّ بها أردشير فأمر ببنائها وسماها أردشير خرّة.

وسمتها العرب جور. وهي مبنية على صورة دارابجرد. ونصب فيها بيت نار.

وبنى مدينة رام أردشير و بهمن أردشير خرّة وهي فرات البصرة. و استاراباذ وهي كرخ ميسان وهي من كور دجلة. ومدينة سوق الأهواز. وكانت مدة ملكه أربع عشرة سنة وستة أشهر.

وقالوا: سمعوا فارس بفارس بن طهومرث وهو الذي تنسب الفرس إليه، لأنهم من ولده. وكان ملكا عادلا متحننا محتاطا على أهل عصره. وكان له عشرة بنين منهم: جمّ و شيراز و إصطخر و فسا و جنّابا و كسكر و كلواذى و قرقيسيا و عقرقوف [و دارابجرد ] . فأقطع كل واحد منهم البلد الذي سمي به ونسب إليه.

وإنما كانوا قبل ذلك يسكنون الخيام. ويقال إن ملكه كان ثلاثمائة سنة.

ومن مدينة سوق الأهواز إلى مدينة أرّجان أول عمل فارس من هذا الوجه واحد وثلاثون فرسخا. وأرجان بناها قباذ بن فيروز لأنه لمّا استرجع الملك من أخيه جاماسف غزا الروم فافتتح مدينتين من مدن الجزيرة مما كانت في أيدي الروم تدعى واحدة آمد والأخرى ميافارقين. وأمر فبنيت فيما بين حدّ فارس و الأهواز مدينة وسماها ابرقباد، وهي التي تسمى أرجان. وأسكن فيها سبي همدان وكوّرها كورة وضم إليها رساتيقها من كور رام هرمز و كورة سابور وكورة أردشير خرة وكورة إصبهان.

وبنى أيضا مدينة حلوان مما يلي الماهات. وبنى مدينة يقال لها قباد خرّة.

وكوّر أيضا كورة أخرى بأرض ميسان وسماها شاد قباذ، وهي التي تسمى أستان العالي. ووضع لها أربعة طساسيج: طسوج فيروز شابور وهي الأنبار وكان منها هيت وعانات فأفردها يزيد بن معاوية في أيامه إلى الجزيرة. و طسوج بادوريا و طسوج قطربل و طسوج مسكن.

وكوّر أيضا كورة بهقباذ الأعلى ووضع لها ستة طساسيج: طسوج النهرين و طسوج عين التمر و الفلوجتين العليا والسفلى و طسوجي بابل وخطرنية.

وكور أيضا بهقباد الأوسط ووضع لها أربعة طساسيج: طسوج سورا.

و طسوج باروسما والجبه والبداة. و طسوج نهر الملك.

وكور أيضا بهقباد الأسفل ووضع لها خمسة طساسيج: فرات بادقلى والسيلحين. و طسوج الحيرة و طسوج تستر و طسوج هرمزجرد.

وفرّق كورة إصبهان على شقين: شق جي وشق التيمرة.

وأمر فبنيت مدينة شهرزور وهي بأرض به. وفيما بين جرجان و إيران شهر مدينة أسماها شهر قباد.

و بأرجان قنطرة كسروية طويلة أكثر من ثلاثمائة ذراع مبنية بالحجارة على وادي أرجان.

قال: وأخبرني محمد بن أحمد الأصبهاني قال: بأرجان كهف في جبل ينبع منه ماء يشبه بالعرق من حجارته فيكون منه هذا المومياي الأبيض الجيد. وعلى هذا الكهف باب حديد وحفظة ويغلق ويختم بخاتم السلطان وقاضي البلد إلى يوم من السنة يفتح فيه. ويجتمع القاضي وشيوخ البلد حتى يفتح بحضرتهم ويدخل إليه رجل عريان ثقة. فيجمع ما قد اجتمع من المومياي ويجعله في قارورة، ويكون مقدار ذلك مائة مثقال أو دونها. ثم يخرج ويختم الباب بعد قفله إلى السنة الأخرى. ويوجه بما يجتمع منه إلى السلطان. وخاصيّته لكل كسر أو صدع في العظم. يسقى الإنسان الذي انكسر شيء من عظامه مثل العدسة فينحطّ أول ما يشربه إلى موضع الكسر فيجبره ويصلحه لوقته.

ومن أرّجان إلى النوبندجان ستة فرسخا. وفيها شعب بوان الموصوف بالحسن والنزاهة وكثرة الشجر وتدفق المياه وهو موضع من أحسن ما يعرف. فيه شجر الجوز والزيتون وجميع الفواكه النابتة في الصخر. وروى عن المبرد أنه قال:

قرأت على شجرة في شعب بوان هذه الأبيات:
إذا أشرف المكروب من رأس تلعة على شعب بوّان أفاق من الكرب
وألهاه بطن كالحريرة مسّه ومطّرد يجري من البارد العذب
وطيب ثمار في رياض أريضة على قرب أغصان جناها على قرب
فبالله يا ريح الجنوب تحمّلي إلى أرض بغداد سلام فتى صبّ

وإذا أسفل منه مكتوب:
ليت شعري عن الذين تركنا خلفنا بالعراق هل يذكرونا
أم لعلّ المدى تطاول حتّى قدم العهد بعدنا فنسونا

وذكر بعض أهل الأدب أنه قرأ على شجرة دلب تظلّ عينا حسنة بشعب بوّان هذه الأبيات:
متى تبغني في شعب بوّان تلقني لدى العين مشدود الركاب إلى الدلب
وأعطي وإخواني الفتوّة حقّها بما شئت من جد وما شئت من لعب
يدير علينا الكاس من لو رأيته بعينيك ما لمت المحب على الحب

وكتب أحمد بن الضحاك الفلكي إلى صديق يصف شعب بوان: كتبت إليك من شعب بوّان وله عندي يد بيضاء مذكورة، ومنة غراء مشهورة بما أولانيه من منظر أعدى على الأحزان، وأقال من صروف الزمان. وسرّح طرفي في جداول تطّرد بماء معين منسكب، أرق من دموع العشاق، حررتها لوعة الفراق. وأبرد من ثغور الأحباب، عند الالتثام. كأنها حين جرى آذيها يترقرق، وتدافع تيارها يتدفق. وارتجّ حبابها يتكسر في خلال زهر ورياض ترنو بحدق تولّد قصب لجين في صفائح عقيان، وسموط درّ بين زبرجد ومرجان. أثر على حكمة صانعه شهيد، وعلم على لطف خالقه دليل. إلى ظلّ سجسج أحوى، وخضل ألمى. قد غنت عليه أغصان فينانة وقضب غيدانة. تشورت لها القدود المهفهفة خجلا، وتقيلتها الخصور المرهفة تشبها. يستقيدها النسيم فتنقاد، ويعدل بها فتنعدل. فمن متورد يروق منظره، ومرتجّ يتهدل مثمره. مشتركة فيه حمرة نضج الثمار، بنفحة نسيم النوار. وقد أقمت به يوما لخيالك منادما ولشوقك مسامرا. وشربت لك تذكارا. وإذا تفضل الله بإتمام السلامة إلى أن أوافي شيراز، كتبت إليك من خبري بما تقف عليه إن شاء الله.

ومن النوبندجان إلى شيراز نيف وعشرون فرسخا.

وهي من كورة أردشير خرّة ورساتيقها: جور و الخبر و الصيحكان و البرجان و الكهرجان و الخواروستان و كير و سينيز و سيراف و الرويحان و كان فيروز و كازرون و كران و ابزر و توّج.

ومن سوق الأهواز إلى الدورق في الماء ثمانية عشر فرسخا، وعلى الظهر أربعة وعشرون فرسخا.

كورة سابور ومدينتها النوبندجان ورساتيقها: الخشن و الكيمارج و كازرون و خرّه وبندر همان و دشت بارين و الهنديجان و الدرخوند و تنبوك و الجواندان و الميدان و المذار و ماهان و الجنيد و الرامجان و الشاهجان و مور و دادين و خمايجان السفلى و خمايجان العليا و تيرمردان و جنحان و السياه مص و انبوران.

كورة إصطخر والمدينة ورساتيقها: مدينة البيضاء و بهران و أسار و إيرج و مائين وخبر إصطخر و نيرز و أبرقويه و البرانجان و الميان روذان و الكاسكان و الهزار.

ومن شيراز إلى مدينة فسا ثلاثون فرسخا. ومن مدينة فسا إلى مدينة دار بجرد ثمانية عشر فرسخا ورساتيقها: كرم و جهرم و نيريز و الفستجان و الابجرد و الانديان و جويم و فرج و يارم و طسان.

كورة أرجان ورساتيقها: قاش و ريشهر و السلجان و البحار و فرزن .

ومن شيراز إلى مدينة جور عشرون فرسخا وبين شيراز و سابور عشرون فرسخا. وبين شيراز و إصطخر اثنا عشر فرسخا.

زموم الأكراد بفارس وتفسير الزموم محال الأكراد. قال صاحب كتاب المسالك والممالك وهو عبد الله بن محمد بن خرداذبه: هي أربعة زموم: زم الحسين بن جيلويه ويسمى البازنجان، وهو من شيراز على أربعة عشر فرسخا. وزم ازدم بن جوانانه من شيراز على ستة وعشرين فرسخا. وزم القاسم بن شهريار ويسمى الكوريان، من شيراز على خمسين فرسخا. وزم الحسين بن صالح يسمى السوران من شيراز على سبعة فراسخ.

وقال المدائني: كانت إصطخر تجبى ستة عشر ألف ألف درهم. و سابور أربعة عشر ألف ألف درهم. و أردشير خرة ثمانية عشر ألف ألف درهم. و دار ابجرد ثمانية عشر ألف ألف درهم.

وكانت أرّجان بعضها إلى إصبهان وبعضها إلى إصطخر وبعضها إلى رام هرمز. فصيرت في الإسلام كورة واحدة.

فصارت فارس خمس كور وهي إصطخر و شابور و أردشير خره و دارابجرد و فسا و أرجان. وفارس مائة وخمسون في فرسخا في مثلها.

وافتتحت عنوة على يدي أبي موسى الأشعري وعثمان بن أبي العاص رضي الله عنهما.

ويقال إن نمرود إبراهيم عليه السلام من إصطخر. ويقال بل كان من قرية يقال لها أبرقوية.

وخراج فارس ثلاثة وثلاثون ألف ألف درهم بالكفاية. وذكر الفضل بن مروان أنه قبلها بخمسة وثلاثين ألف ألف درهم بالكفاية على أنه لا مؤونة على السلطان. وجباها الحجاج بن يوسف و الأهواز ثمانية عشر ألف ألف درهم. وكان عمرو بن الليث يجبي من خراجها إحدى وثلاثين ألف ألف درهم، ومن ضياعها تسعة عشر ألف ألف درهم، فجميعه خمسون ألف ألف درهم. ويحمل إلى السلطان في كل سنة خمسة عشر ألف ألف درهم. وجباها الناصر في سنة ثمان وسبعين ومائتين ستين ألف ألف درهم. وكانت الفرس قسطت على كور فارس أربعين ألف ألف مثاقيل.

ومن العجائب بفارس شجرة تفاح بشيراز، نصف التفاحة حلو في نهاية الحلاوة ونصفها حامض في غاية الحموضة. وليس بفارس كلها من هذا النوع إلّا هذه الشجرة الواحدة.

ولهم سابور وفيها الأدهان الكثيرة ومن دخلها لم يزل يشم ريحا طيبة حتى يخرج منها، وذلك لكثرة رياحينها وأنوارها وبساتينها.

ولهم جور وبها يعمل الماورد الجوري وهو النهاية من الماورد.

ولهم الثياب السينيزية والجنابية والنوزية والسابورية. وهم أحذق الناس باتخاذ المرايا والمجامع وغير ذلك من الآلات الحديد.

وقال الأصمعي: حشوش الدنيا ثلاثة: عمان و الأبلة و سيراف.

قال ابن حوقل:

وأمّا فارس فالذى يحيط بها ممّا يلى المشرق حدود كرمان وممّا يلى المغرب كور خوزستان وممّا يلى الشمال المفازه التى بين فارس و خراسان وبعض حدود اصبهان ومن الجنوب بحرها، وفيها زنقه وزاويه تلى كرمان ممّا يلى المفازه وفى الحدّ الذي يصاقب البحر تقويس قليل من أوّله الى آخره وزنقه وزاويه أخرى ممّا يلى اصبهان وإنّما وقعت هاتان الزنقتان كالزاويتين لأنّ من شيراز وهى واسطه فارس اليهما من المسافه نحو نصف ما بين خوزستان وبين شيراز وكذلك جروم كرمان ،

وما فى بطن هذه الصفحه صوره فارس :

إيضاح ما يوجد فى صوره فارس من الأسماء والنصوص، كتب موازيا للطرف الأعلى من الصوره هذه صوره فارس ورسم تحت ذلك بحر فارس وفيه من الجزائر جزيره اوال، جزيره خارك، جزيره لافت، وتحيط بالأيمن والأسفل والأيسر من أطراف الصوره ابتداء من أعلى الطرف الأيمن على دخلتين مربّعتى الشكل فى الزاويتين السفلايين كتابه مستطيله الخطّ وهى حدّ فارس، وتحيط بالدخله اليمنى فى أسفل الصوره من طرفيها كتابه حدّ اصبهان وبالدخله اليسرى من ثلثه من أطرافها على خطّ ممتدّ الى الأعلى كتابه حدّ كرمان، ويقع على ساحل البحر من المدن ابتداء من اليمين مهروبان، سينيز، جنابه ، توج، نجيرم، سيراف، حصن ابن عماره، وينصبّ فى البحر عن يمين مهروبان نهر يوازى الطرف الأيمن من الصوره ويأخذ من هذا النهر نهر آخر الى اليسار يبتدئ من عند مدينه فرزك ثمّ يمرّ بمدينه الرجان وينصبّ فى البحر عن يمين سينيز، وكتب قاطعا لهذا النهر بين الرجان والبحر رستاق ريشهر على شكل صليبىّ، وبين سينيز و جنايه مصبّ نهر شيرين وبين هذا النهر والنهر المتقدّم ذكره من المدن تنبوك و الهندجان ، ثمّ ينصبّ فى البحر بين جنابه و توج نهر المسن وبينه وبين نهر شيرين مدينه الخوبذان، ثمّ ينصبّ بين توج و نجيرم نهر تقع من جانبه الأيسر مدينتا الملجان و كمارج، وعن يسار نجيرم مصبّ نهر يأتى من بحيره سكان ، وفى الجانب الأيمن من هذا النهر مدينتا كهرجان و نابند، ثمّ عن يمين ذلك على الطريق من سيراف الى شيراز فى وسط الصوره جره وجور وعبر النهر كوار، ويقع من أسفل نجيرم من المدن صفاره ، فهلو، الغندجان، ومن أسفل كمارج شكل مدينه كتب فيها افقط ويجوز أنّها كازرون ثمّ سابور، وتقطع هذه الناحيه كتابه زم الديوان ومن أعلى ذلك الى اليسار قاطعا للنهر زم اللوالجان، ومن أسفل بحيره سكان على الطريق الآخذ من شيراز الى الرجان من المدن النوبندجان و جويم ، ويأخذ من شيراز طريق الى اليسار عليه من المدن خورستان ، فسا، طمستان، الفستجان، ازبراه، دراكان ، مريزجان ، خيار ، دارابجرد، الزم، رستاق الرستاق، برج ، تارم، وفى الساحه من أعلى هذا الطريق بينه والبحر والنهر رسمت من المدن صعودا من الأسفل الى الأعلى منوجيان، فوشجان، جويم، فرسجان، الكاريان، ابزر، خبر، جهرم، روبنج، كارزين، سميران ، كير ، كردبان ، خوار ، جرمق، جم، ويأخذ من شيراز طريق الى الأسفل الى اصطخر ثمّ الى كثه فى أسفل الصوره، ويأخذ من شيراز طريق آخر الى اصبهان فى الزاويه اليمنى، وكتب فى الساحه بين هذا الطريق والطرف الأيمن من الصوره على شكل صليبىّ ناحيه زم جيلويه ، ويقطع هذه الكتابه نهر الكر الذي ابتداؤه فى قرب مدينه ابرج ومن أعلى هذا النهر عن يمين شيراز مدينتا البيضاء و هزار ومن أسفل النهر مدينه مايين ، ورسم بين ابرج و اصبهان مدينه حومه السردن، وبين الطريق من شيراز الى اصبهان والطريق الى كثه من المدن بجه، اقليد، مشكان ، السرمق، ابرقويه، كرد، الارجمان ، نايين ، ميبذ. ويأخذ من اصطخر طريق آخر الى السيرجان فى الزاويه اليسرى وعليه من المدن اباذه، بوذنجان ، صاهك، هريه ، ويوازى هذا الطريق من أعلاه نهر بختكان المنصبّ فى بحيره بختكان، وعن يسار هذه البحيره بينها والحدّ مدينه الماشكانات، وكتب فى هذا القسم من الصوره على شكل صليبىّ قاطعا للطريق من شيراز الى تارم ناحيه زم الكاريان ، وفى الساحه الواقعه بين الطريقين الى السيرجان والى كثه من المدن كمين، الجوبرقان ، مريزجان ، شهر فابك ، خيره ، كبس، خبر، روذان وعلى الحدّ الأسفل الفهرج، انار ، اذركان ، وكتب فى هذا القسم على خطّ منعطف شقّ كرمان، قد صوّرت فارس بحدودها ولم آت فيها برستاق لانتشار ذلك وكثرته ولا الجبال لأنّه ليس بفارس بلد إلّا وبه جبل أو يكون الجبل، بحيث تراه إلّا اليسير ولم أصوّر إلّا مدينه لها منبر مذكور مشهور وقد تحرّيت واجتهدت فى هذه الرساله فيما يعلم من قرأها موقع كلّ كوره برساتيقها ومواضع المدن بها.

فأمّا ما بها من المدن والزموم والأحياء والحصون وبيوت النيران والأنهار والبحيرات والكور فإنّ كورها خمس وأوسعها وأعرضها وأكثرها مدنا ونواحى كوره اصطخر [ومدينتها اصطخر] وهى أكبر مدينه بهذه الكوره وتليها فى الكبر اردشير خرّه ومدينتها جور ويدخل فى هذه الكوره قباذ خرّه وبكوره اردشير خرّه مدن هى أكبر من جور مثل شيراز و سيراف وإنّما صارت جور مدينتها لأنّها بناء اردشير ودار ملكه و شيراز وإن كانت قصبه لفارس كلّها وبها الدواوين ودار الإماره فهى محدثه فى الإسلام، وتليها فى الكبر كوره دارابجرد [ومدينتها دارابجرد ] وفسا هى أكبر منها وأعمر غير أنّ الكوره منسوبه الى دارا الملك وهى مدينته التى ابتناها لهذه الكوره، وتليها فى الكبر كوره الرجان وتليها كوره سابور وهى أصغر كور فارس ومدينتها سابور وبهذه الكوره مدن كبيره هى أكبر منها كالنوبندجان و كازرون ولكنّ هذه الكوره تنسب الى سابور وهو الذي ابتنى المدينه المعروفه بسابور المشهوره بالثياب السابورىّ، وأمّا زمومها فهى أيضا خمسه وأكبرها زمّ جيلويه ويعرف بزمّ الرميجان والذي يليه فى الكبر زمّ أحمد بن الليث ويعرف باللوالجان ويلى ذلك فى الكبر زمّ الحسين بن صالح ويعرف بزمّ الديوان ثمّ زمّ شهريار ويعرف بزمّ المازنجان و المازنجان قبيل من الأكراد فى حدود اصبهان ناقله من هذا الزمّ وزمّ أحمد بن الحسن ويعرف بزمّ الكاريان وهو زمّ اردشير، فأمّا أحياء الأكراد فإنّها تكثر عن الإحصاء غير أنّهم بجميع أحيائهم المقيمه بفارس على استفاضه أهل الديوان والخاصّه من علماء التنّاء يزيدون على خمس مائه ألف بيت شعر ينتجعون المراعى فى الشتاء والصيف على مذاهب العرب ويخرج من البيت الواحد من الأرباب والأجراء والرعاء والخول وأتباعهم ما بين رجل واحد الى عشره من الرجال ونحو ذلك، وسأذكر من أسامى أحيائهم ما يحضرنى ذكره على أنّهم لا يتقصّون فى العدد إلّا من ديوان الصدقات،

وأمّا أنهارها الكبار التى تحمل السفن إذا أجريت فيها فإنّها نهر طاب ونهر شيرين ونهر الشاذكان ونهر درخيذ ونهر الخوبذان ونهر رس ونهر سكان ونهر جرشيق ونهر كر ونهر فرواب ونهر برزه فهذه المعروفه المشهوره، وأمّا بحارها فالبحر الأعظم معروف باسمها لأنّ بحر البصره الى أقصى عمل الهند يعرف ببحر فارس، و بحيره البختكان و بحيره دشت ارزن و بحيره المور و بحيره الجوبانان وبحر جنكان وهذه بحيرات قائمه بأنفسها ينتفع بها مجاورها، وأمّا بيوت نيرانها فإنّه لا تخلو ناحيه ولا مدينه بفارس إلّا القليل من بيوت النيران والمجوس أكثر أهل الملل بها ولهم من هذه البيوت بيوت يفضّلونها فى التعظيم وسأذكرها، وأمّا حصونها ففى عامّه فارس وبعضها أمنع من بعض وأكثرها بناحيه سيف بنى الصفّار، وسأفصّل كلّما ذكرته مجملا وأبتدئ بذكر ما بكلّ كوره وناحيه من النواحى التى تشتمل على القرى وتنصرف فى الدواوين بأعمال مفرده ورساتيق مستقلّه بضياعها ومنها ما فيه منابر ومنها ما يخلو منها وربّ كوره هى أكبر وأعرض ومدنها ونواحيها فى التسميه [ أقلّ ] ممّا هو أصغر منها وأتبع ذلك بتفصيله، فأمّا كوره اصطخر فناحيه يزد وهى أكبر ناحيه فيها وبها من المدن كثه وهى القصبه وميبذ ونايين والفهرج وليس فى جميع النواحى ناحيه بها أربعه منابر غير هذه الناحيه، وناحيه الروذان وكانت من كرمان فحوّلت الى فارس ويكون امتداد هذه الناحيه فى الطول نحو ستّين فرسخا، و ابرقويه وهى المدينه وفيها اقليد، و السرمق مدينه ورستاق، و الجوبرقان ومدينتها مشكان، و الارجمان ومدينتها الارجمان ، و المريزجان مدينه ولها رستاق ، و برم مدينتان اباذه وهى قريه عبد الرحمن و مهر زنجان، و صاهك الكبرى ولها رستاق، و شهر فابك مدينه ولها رستاق، و هراه فيها منبر، و الروذان مدينه ورستاق فيه من المنابر انار و كبس و خبر ، و الاذركان بها منبر، و البيضاء ولها إقليم وعليها سور، و هزار بها منبر، و مايين بها منبر، و ابرج ولها رستاق، و خرّمه ورستاقها يعرف بالطسّوج، والخيره فيها منبر، والسرداب وكمين ولهما منبران، و بجه ورستاقها الارد، و كرد وبها منبر، و اللورجان ورستاقها السردن.

زموم:

ذكر زمومها وصفاتها، فأمّا زمومها فإنّ لكلّ زمّ منها قرى ومدنا مجتمعه قد ضمّن خراج كلّ ناحيه منها رئيس من الأكراد وألزم صلاح أحوال ناحيته وتنفيذ القوافل وحفظ الطرق والقيام بأحوال السلطان إذا عرضت بناحيته وتنفيذ أوامره وهى كالممالك، فأمّا زمّ جيلويه المعروف بالرميجان فإنّه يلى اصبهان ويأخذ طرفا من كوره اصطخر وطرفا من كوره سابور وطرفا من كوره الرجان وحدّ منه ينتهى الى البيضاء وحدّ منه ينتهى الى حدود اصبهان وحدّ منه الى حدود خوزستان وحدّ منه ينتهى الى زمّ ناحيه سابور، وكلّما وقع فيه من المدن والقرى فكأنّه من عمل اصبهان ، ومتاخمهم من عمل اصبهان المازنجان وهم من المازنجان الذين هم من زمّ شهريار وليس منهم أحد فى عمل فارس إلّا وله بها ضياع وقرى كثيره غزيره، وأمّا زمّ الديوان المعروف بالحسين بن صالح وهو من كوره سابور فإنّ حدّا منه يلى اردشير خرّه وثلثه حدوده تنعطف عليها كوره سابور فكلّما كان من المدن والقرى فى أضعافه فهو منها، فأمّا اللوالجان زمّ أحمد بن الليث وهو فى كوره اردشير خرّه فحدّ منه يلى البحر ويحيط بثلثه حدوده كوره اردشير خرّه وما وقع فى أضعافه من القرى والمدن فهو منها، وأمّا زمّ الكاريان فإنّ حدّا منه الى سيف [بنى] الصفّار وحدّ منه الى زمّ المازنجان وحدّ من حدوده كرمان وحدّ منه اردشير خرّه وجميعها فى اردشير خرّه ،


قال ابن حوقل ایضاً:


الأكراد بفارس

وأمّا أحياء الأكراد بفارس فإنّ منهم الكرمانيّه والرامانيّه ومدين وحىّ محمّد بن بشر والبقيليّه والبنداذمهريّه وحىّ محمّد بن إسحاق والصبّاحيّه والاسحاقيّه والاذركانيّه والسهركيّه والطمادهنيّه والزياديّه والشهرويّه والبنداذقيّه والخسرويّه والزنجيّه والصفريّه والشهياريّه والمهركيّه والمباركيّه والاستامهريّه والشاهويّه والفراتيّه والسلمونيّه والصيريّه والازاددختيّه والمطلبيّه والمماليّه واللاريّه والبرازدختيّه والشاهكانيّه والجليليّه، وهؤلاء المشهورون من أحيائهم ولا يمكن تقصّيهم إلّا من ديوان الصدقات ويزيدون على خمس مائه ألف بيت ويخرج من الحىّ الواحد ألف فارس وأكثر وأقلّ ينتجعون فى الشتاء والصيف المراعى والمصائف والمشاتى إلّا القليل منهم على حدود الصرود، فأمّا أهل الجروم فلا يزولون ولا ينتقلون بل يتردّدون فيما لهم من النواحى ولهم من العدّه والبأس والقوّه بالرجال والدوابّ والكراع ما يستصعب على السلطان أمرهم إذا أراد تحيّفهم وتهضّمهم، ويزعم ابن دريد أنّهم من العرب وأنّ أكثرهم من ولد كرد بن مرد بن عمرو بن عامر فى حماسته وأبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد ممّن يستبطن علوم العرب وأخبارها يحتجّ بقوله ويسلّم له ما يدّعيه من هذا الباب وغيره، وهم أصحاب أغنام ورميك والإبل فيهم قليله وليس للأكراد خيل عتاق إلّا ما عند المازنجان المقيمين بحدود اصبهان وإنّما دوابّهم براذين وشهارىّ وهم على حسن حال ويسار ومذاهبهم فى القنيه والنجعه مذاهب العرب ويقال أنّهم يزيدون على مائه حىّ وإنّما ذكرت منهم نيّفا وثلثين حيّا،

حصون فارس:

وأمّا حصون فارس فإنّ أكثر مدنها محصّنه بحصون منيعه وأسوار وثيقه شاهقه عاليه ومنها حصون داخل المدن وقهندزات وحواليها أرباض ومنها حصون فى جبال منيعه منفرده عن البنيان قائمه بأنفسها، ومن المدن المحصّنه اصطخر لها حصن حواليه الربض، ومدينه كثه لها حصن وربض، و البيضاء لها حصن وربض، وقريه الآس لها قهندز وربض، و شيراز لها قهندز يسمّى قلعه شهموبذ ، و جور عليها حصن ولا ربض لها، و كارزين لها قهندز من داخل سورها وربض، و كير لها قهندز وربض واسع، و دارابجرد لها حصن وربض، و روبنج لها حصن وربض، و سميران لها قهندز وربض، و فسا ذات قهندز وربض، و سابور لها حصن فقط، و الجنجان لها حصن فقط، و جفته لها حصن بغير ربض، وسمعت غير رئيس من كاتب محصّل نفيس وتانئ جليل حصيف يذكر أنّ بفارس زياده على خمسه آلف قلعه منفرده فى جبالها لا تقرب من المدن وفى المدن منها القهندزات ولا يمكن تقصّى ذلك إلّا بتعب من الدواوين وكذلك المدن المحصّنه فإنّى لم أقدر على تقصّيها وإنّما ذكرت جوامع ممّا أعرفه وسمعت به، وفى هذه القلاع ما لم يذكر لأحد من الجبابره أنّه قدر عليها عنوه منها قلعه ابن عماره وتسمّى قلعه داكباياه يريدون باسمها أنّها كثلاث أثاف لأنّها قارّه على ثلث شعب كقرار القدر على الأثافى وقلعه ابن عماره تنسب الى الجلندى بن كنعان ولا يقدر أحد أن يرتقى اليها بنفسه إلّا أن يرقى به فى شىء [من البجر] وهى مرصد كانت لآل عماره على البحر يعرفون منها المراكب فإذا أقبلت خرجوا اليها وطالبوا أهلها بضرائبهم على مالهم من المحمل فيها، و قلعه الكاريان على جبل طين قصدها محمّد بن واصل فى جيشه وقد تحصّن بها أحمد بن الحسين الأزدىّ فلم يقدر عليها، وقلعه سعيداباذ بدارابجرد من كوره اصطخر فى جبل شاهق وترتقى اليها مسيره فرسخ وكانت فى التشرّك تعرف باسفندياذ فلمّا كان الإسلام تحصّن فيها زياد بن أبيه أيّام علىّ عليه السلم فنست الى زياد ثمّ تحصّن بها آخر أيّام بنى أميّه منصور بن جعفر وكان واليا على فارس فعرفت به ونسبت اليه ثمّ عطّلت فعمد اليها محمّد بن واصل فخرّبها ثمّ بناها وكان محمّد بن واصل الحنظلىّ أمير فارس يليها حربا وخراجا فلمّا أخذه يعقوب بن الليث لم يقدر على فتحها إلّا بأمر محمّد فخرّبها يعقوب ثمّ احتاج اليها فأعادها وجعلها محبسا لمن سخط عليه وعدل عن قنله ، و قلعه اشكنوان من رستاق مايين والمرتقى اليها صعب وهى منيعه جدّا وفيها عين ماء جاريه، وقلعه جوذرز صاحب كيخسرو بموضع يعرف بالسويقه من كام فيروز وهى منيعه جدّا، وقلعه الجصّ بناحيه الرجان يسكنها المجوس باياذكارات الفرس وأيّامهم يتدارسون فيها علومهم وهى منيعه رفيعه، وقلعه ابرج تدانيها فى المنعه، ولها قلاع منيعه وربّما قدر عليها بالاحتيال لفتحها وهى أكثر من أن يبلغها تحصيل من غير الديوان،

بيوت نيران:

وأمّا بيوت نيرانها فكثيره أيضا ويعجز علمها من سوى الديوان إذ ليس من بلد ولا ناحيه ولا رستاق إلّا وبها عدد كثير من بيوت النيران غير أنّ [المشاهير التى يفضّلونها على غيرها فى التعظيم منها بيت نار] الكاريان ويعرف ببيت نار فرّا ، وبيت نار بجرّه ينسب الى دارا بن دارا وبه تحلف المجوس فى المبالغه بأيمانهم، وبيت نار عند بركه جور ويسمّى بارين وحدّثنى من قرأ عليه بالفهلويّه أنّه أنفق عليه ثلثون ألف ألف درهم، وبيت النار الذي على باب سابور يعرف بسيوخشين وآخر على باب سابور محاذيا لباب ساسان يعرف بجنبذ كاوسن ، و بكازرون بيت نار يعرف بجفته وبها أيضا بيت نار يعرف بكواذن، و بشيراز بيت نار يعرف بالكارنيان وبها بيت آخر يعرف بهرمزد ، وعلى باب شيراز بالقريه المعروفه بالسوكان بيت نار يعرف بالمنسريان ويرى هذا البيت من شيراز وهى قريه فى شمال شيراز وعن يسار طريق يزد الآخذ الى خراسان وبينها وبين شيراز نحو ميل ومن دين المجوس أنّ المرأه إذا زنت فى حملها أو حيضها لم تطهر إلّا بأن تأتى هذه النار فتتعرّى لبعض الهرابذه ليطهّرها ببول البقر فى هذه الناحيه،

أنهار فارس:

وأمّا أنهار فارس فذات مياه طيّبه [وأعظمها نهر طاب الذي] يخرج من حدود اصبهان وجبالها فيظهر بناحيه السردن بعد ممرّه بنواحى ابرج وانصبابه فى نهر المسن وهو النهر الخارج من أسافل اصبهان الى نواحى السردن ومجمعهما عند قريه تدعى مسن ولا يزال فاضلهما عن حاجتهم جاريا الى باب الرجان تحت قنطره ثكان وهى قنطره بين فارس و خوزستان قليله النظير وهى عندى أجلّ من قنطره قرطبه التى بالاندلس ومحدثها بعض تنّاء فارس فيسقى رستاق ريشهر ثمّ يقع فى البحر نحو سينيز، وأمّا نهر شيرين فمخرجه من جبل دينان الذي بناحيه بازرنج فيسقى فرزك و الجلاذجان ثمّ يخترق حتّى يقع فى البحر نحو جنّابه، وأمّا نهر الشاذكان فإنّه يخرج من بازرنج وجبالها حتّى يدخل تنبوك مورستان وخان حمّاد فيسقى رستاق زيراباذ و نابند و الكهركان ثمّ يمتدّ الى دشت الرستقان ثمّ يدخل البحر، وأمّا نهر درخيذ فإنّه يخرج من جبال الجويخان فيقع فى بحيره درخيذ، ونهر الخوبذان فيخرج بالخوبذان فيسقى نواحيها و انبوران ثمّ ينصبّ الى الجلاذجان متفرّقا يتساقط فى البحر، ونهر رس يخرج من الخمايجان العليا حتّى يصير بالزيزيان فيسقط فى نهر سابور ثمّ ينحدر من سابور فيمضى الى توّج فيمرّ ببابها ومنها الى البحر، ونهر اخشين يخرج من خلال جبال داذين فإذا بلغ الجنقان وقع فى نهر توّج ، ونهر سكان يخرج من رستاق الرويجان من قريه تدعى شاذفزى فيسقى زروعها ثمّ ينحدر الى رستاق سياه فيسقيه ومنها الى كوار فيسقيها ثمّ الى خبر فيسقيها ثمّ الى الصيمكان فيسقيها ثمّ الى كارزين فيسقيها ثمّ الى قريه سك وهذا الوادى منسوب الى سك ثمّ يقع فى البحر وليس فى أنهار فارس نهر أكثر عماره من هذا النهر، ونهر جرشيق فإنّه يخرج من رستاق ماصرم ويخترق رستاق المشجان حتّى يجرى تحت قنطره حجاره عاديّه تعرف بقنطره سيوك حتّى يدخل رستاق جرّه فيسقيها ثمّ الى رستاق داذين ويقع فى نهر اخشين، ونهر الكرّ فإنّه يخرج من كروان من حدّ الارد وينسب الى الكروان وهو يخرج من شعب بوان المشهور ويسقى كام فيروز وينحدر فيسقى قريه رامجرد و كاسكان والطسوج فينتهى الى بحيره بخفرز و نيريز تعرف ببحيره البختكان؛

ويقال أنّ له منبعا يخرج فى بعض كور دارابجرد فينتهى الى البحر، ونهر فرواب يخرج من الجوبرقان من قريه تعرف بفرواب فيجرى على باب اصطخر تحت قنطره خراسان حتّى يسقط فى نهر الكرّ، ونهر برزه يخرج من ناحيه دراجان سياه فيسقى رستاق الخنيفغان و جور حتّى يخترق رساتيق اردشير خرّه ثمّ يقع فى البحر، وبها أنهار تقصر عن هذا المحلّ وأقصر عن إحصائها.

وقد تكرّر القول بأنّ بحر فارس خليج من البحر المحيط فى حدّ الصين وبلد الواق وهو بحر يجرى على حدود بلدان السند و كرمان الى فارس فينسب من بين سائر الممالك التى عليه الى فارس لأنّه ليس عليه مملكه أعمر منها ولأنّ ملوك فارس كانوا على قديم الأيّام أقوى سلطانا وهم

بحيرات فارس:

المستولون الى يومنا هذا على ما بعد وقرب من شطوط هذا البحر ولأنّا لا نعلم فى جميع بلد فارس وغيرها سفنا تجرى فى بحر فارس فتخرج عن حدّ مملكتها وترجع بجلالتها وصيانتها إلّا لفارس، ومن بحيراتها التى تحيط بها القرى والعمارات بحيره البختكان التى يقع فيها نهر الكرّ وهى بناحيه خفرز الى قرب صاهك كرمان ويكون طولها نحو عشرين فرسخا وماؤها مالح ينعقد ملحا وحواليها مسبخ ويحيط بها رساتيق وقرى وهى فى كوره اصطخر، و بحيره بدشت ارزن من كوره سابور وطولها نحو عشره فراسخ وماؤها عذب وربّما جفّت حتّى لا يبقى فيها من الماء إلّا القليل وربّما امتلأت ففاضت نحو عشره فراسخ وتحتفّ بها القرى والعمارات وعامّه سمك شيراز منها، و بحيره مور من كوره سابور تعرف بكازرون وطولها نحو عشره فراسخ أيضا الى قرب مورق وماؤها مالح وفيها صيد كثير ومنافع، و بحيره الجنكان مالحه وطولها نحو اثنى عشر فرسخا ويرتفع من أطرافها الملح وحواليها قرى الكهرجان وهى من اردشير خرّه وأوّلها من شيراز على فرسخين وآخرها حدّ لخوزستان، و بحيره الباسفريّه التى عليها دير الباسفريّه طولها نحو ثمنيه فراسخ وماؤها مالح وصيدها كثير وفى أطرافها آجام كثيره ومنها قصب وبردىّ وحلفاء وغير ذلك ممّا يتّسع به أهل شيراز وهى فى كوره اصطخر متاخمه للزرقان من رستاق هزار.

قال ابن حوقل ایضاً:


المسافات فارس:

ذكر المسافات بفارس،

فالطريق من شيراز الى سيراف

أن تخرج من شيراز الى كفره قريه خمسه فراسخ ومن كفره الى نخذ قريه خمسه فراسخ ومن نخذ الى كوار غلوه وهى مقسم ماء مدينه كوار ومن نخذ الى البيمجان قريه أربعه فراسخ ومن البيمجان الى جور ستّه فراسخ ومن جور الى دشت شوراب خمسه فراسخ ومنها الى خان آزاذمرد ستّه فراسخ وهو خان فى صحراء قدر ثلثه فراسخ وهذه الصحراء كلّها نرجس مضعّف ومن خان آزاذمرد الى كيرند قريه ستّه فراسخ ومنها الى مى قريه ستّه فراسخ ومن مى الى رأس العقبه ستّه فراسخ بمنزل يعرف باذركان ومن اذركان الى بركانه خان أربعه فراسخ ومن بركانه الى سيراف المدينه نحو سبعه فراسخ ويكون الجميع ستّين فرسخا،

والطريق من شيراز الى يزد

وهو طريق خراسان فمن شيراز الى الزرقان ستّه فراسخ ومن الزرقان وهى منازل على واد عذب الى اصطخر ستّه فراسخ ومن اصطخر الى تير قريه أربعه فراسخ ومن تير الى كمهنك ثمنيه فراسخ ومن كمهنك الى قريه بيذ ثمنيه فراسخ ومن قريه بيذ الى ابرقويه مدينه اثنا عشر فرسخا ومن ابرقويه الى قريه الأسد ثلثه عشر فرسخا ومن قريه الأسد وهى قريه ذات حصن الى قريه الجوز ستّه فراسخ ومن قريه الجوز الى قلعه المجوس قريه ستّه فراسخ ومن قلعه المجوس الى مدينه كثه حومه يزد خمسه فراسخ ومن يزد الى انجيره موضع فيه قباب وعين ماء عليها أصول تين وهى آخر عمل فارس ستّه فراسخ وليس بعدها عمل لفارس بوجه ويكون الجميع ثمنين فرسخا،

والطريق من شيراز الى جنّابه

فمن شيراز الى خان الأسد وهو على نهر السكان ستّه فراسخ ومن الخان الى دشت ارزن خان أربعه فراسخ ومن دشت ارزن الى تيره قريه أربعه فراسخ ومن تيره الى كازرون مدينه ستّه فراسخ ومن كازرون الى قريه دريز أربعه فراسخ ومن قريه دريز الى رأس العقبه خان أربعه فراسخ ومن رأس العقبه الى توّج المدينه أربعه فراسخ ومن توّج الى جنّابه اثنا عشر فرسخا ويكون الجميع أربعه وأربعين فرسخا،

والطريق من شيراز الى السيرجان

فمن شيراز الى اصطخر اثنا عشر فرسخا ومن اصطخر الى زياداباذ قريه من رستاق خفرز ثمانيه فراسخ ومن زياداباذ الى كلودر ثمنيه فراسخ ومن كلودر الى الجوبانان قريه بها بحيره ستّه فراسخ ومن الجوبانان الى قريه عبد الرحمن ستّه فراسخ وهى مدينه تسمّى اباذه ومن قريه عبد الرحمن الى قريه الآس مدينه تسمّى البوذنجان ستّه فراسخ ومنها الى صاهك مدينه ثمنيه فراسخ ومن صاهك الى رباط السرمقان وهو رباط كالخان ثمنيه فراسخ ومنه الى بشت خم رباط أيضا تسعه فراسخ ومن بشت خم الى السيرجان مدينه كرمان تسعه فراسخ، ورباط السرمقان من حدّ فارس وما بعده من حدّ كرمان فجميع الطريق من شيراز الى السرمقان اثنان وستّون فرسخا والى السيرجان من السرمقان ثمنيه عشر فرسخا،

والطريق من شيراز الى جروم كرمان

فمن شيراز الى خان ميم قريه من رستاق الكهركان سبعه فراسخ ومنه الى خورستان مدينه سبعه فراسخ ومن خورستان الى منزل يعرف بالرباط أربعه فراسخ ومنه الى كرم مدينه أربعه فراسخ ومن كرم الى فسا خمسه فراسخ ومن فسا الى طمستان مدينه أربعه فراسخ ومن طمستان الى حومه الفستجان مدينه ستّه فراسخ ومن الفستجان الى الدراكان مدينه أربع فراسخ ومنها الى المريزجان مدينه أربعه فراسخ ومن المريزجان الى سنان مدينه أربعه فراسخ ومنها الى دارابجرد فرسخ ومنها الى زم المهدىّ خمسه فراسخ ومنها الى رستاق الرستاق مدينه خمسه فراسخ ومنها الى فرج مدينه ثمنيه فراسخ ومنها الى تارم مدينه أربعه عشر فرسخا والجميع من شيراز الى تارم اثنان وثمنون فرسخا،

والطريق من شيراز الى اصبهان

فمنها الى هزار مدينه ستّه فراسخ ومنها الى مايين مدينه ستّه فراسخ ومن مايين الى كسنا مرصد ستّه فراسخ ومنها الى كنار قريه أربعه فراسخ ومن كنار الى قصر ابن اعين قريه سبعه فراسخ ومنها الى اصطخران قريه سبعه فراسخ ومنها الى خان روشن قريه سبعه فراسخ ومنها الى كرد قريه سبعه فراسخ ومن كرد الى كزه ثمنيه فراسخ ومن كزه الى خان لنجان سبعه فراسخ ومنها الى اصبهان سبعه فراسخ، وحدّ فارس الى خان روشن وبينهما ثلثه وأربعون فرسخا ويكون الجميع الى اصبهان ثلثه وسبعين فرسخا،

والطريق من شيراز الى خوزستان

فمن شيراز الى جويم مدينه خمسه فراسخ ومن جويم الى خلّار قريه أربعه فراسخ ومن خلّار الى الخراره قريه كبيره قليله الماء خمسه فراسخ ومن الخراره الى الكركان قريه خمسه فراسخ ومن الكركان الى النوبندجان مدينه كبيره ستّه فراسخ ومنها الى الخوبذان قريه أربعه فراسخ ومنها الى درخيذ قريه أربعه فراسخ ومنها الى خان حمّاد قريه أربعه فراسخ ومنها الى بيذك قريه ثلثه فراسخ ومنها الى قريه العقارب وتعرف بهبر أربعه فراسخ ومنها الى راشتن أربعه فراسخ ومن راشتن الى الرجان سبعه فراسخ ومن الرجان الى سوق سنبيل ستّه فراسخ والحدّ قنطره ثكان من الرجان على غلوه، فجميع الطريق من شيراز الى الرجان أحد وستّون فرسخا،

وأمّا المسافات بين المدن الكبار بفارس

فمن فسا الى كارزين ثمنيه عشر فرسخا ومنها الى جهرم عشره فراسخ والى كارزين ثمنيه فراسخ، وقد مرّ أنّ من شيراز الى اصطخر اثنى عشر فرسخا ومن شيراز الى كوار عشره فراسخ ومن شيراز الى جور على كوار عشرون فرسخا، ومن شيراز الى فسا ستّه وعشرون فرسخا ومن شيراز الى البيضاء ثمنيه فراسخ ومن شيراز الى دارابجرد خمسون فرسخا وقد مرّ أنّ من شيراز الى سيراف ستّون فرسخا ومن شيراز الى النوبندجان خمسه وعشرون فرسخا ومن شيراز الى يزد أربعه وسبعون فرسخا ومن شيراز الى توّج اثنان وثلثون فرسخا ومن شيراز الى جنّابه أربعه وأربعون فرسخا ومن شيراز الى الرجان ستّون فرسخا وقد مرّ ذلك، ومن شيراز الى سابور خمسه وعشرون فرسخا ومن شيراز الى خرمه أربعه عشر فرسخا ومن شيراز الى جهرم ثلثون فرسخا، ومن جور الى كازرون ستّه عشر فرسخا، ومن سيراف الى نجيرم اثنا عشر فرسخا، ومن مهروبان الى حصن ابن عماره وهو طول فارس على البحر نحو مائه وستّين فرسخا، والذي يحيط بالمفازه من حدّ كرمان الى حدّ اصبهان من روذان الى انار ثمنيه عشر فرسخا ومن انار الى الفهرج خمسه وعشرون فرسخا ومن الفهرج الى كثه خمسه فراسخ ومن كثه الى ميبذ [عشره فراسخ ومن ميبذ ] الى عقده عشره فراسخ ومن عقده الى نايين خمسه عشر فرسخا ومن نايين الى اصبهان خمسه وعشرون فرسخا فمن روذان الى نايين ثلثه وثمنون فرسخا، ومسافه الحدّ الذي يلى كرمان من حدّ السيف من لدن حصن ابن عماره الى أن ينتهى الى تارم ثمّ يمتدّ الى الروذان حتّى ينتهى الى برّيّه خراسان مثل ما من البحر على خطّ مستقيم الى شيراز الى أن ينتهى الى مفازه خراسان وهو مائه وعشرون فرسخا، والحدّ الذي يلى خوزستان من فارس و مهروبان حتّى ينتهى الى الرجان و بلاد سابور و السردن الى أوّل حدّ اصبهان نحو ستّين فرسخا، ذكر المياه والهواء والتربه بفارس،

وأرض فارس مقسومه على خطّ من لدن الرجان الى النوبندجان الى كازرون الى جرّه ثمّ على حدود السيف الى كارزين حتّى يمتدّ على الزم و دارابجرد الى فرج و تارم فما كان ممّا يلى ناحيه الجنوب فجروم وما كان ممّا يلى الشمال فصرود، ويقع فى جرومها الرجان و النوبندجان و مهروبان و سينيز و جنّابه و توّج و دشت الرستقان و جرّه و داذين و مور و كارزين و دشت بارين و جينزير و دشت البوشقان و زم اللوالجان و كير و كبرين و ابزر و سميران و خمايجان و كران و سيراف و نجيرم و حصن ابن عماره وما فى أضعاف ذلك، ويقع فى الصرود اصطخر و البيضاء و مايين و ابرج و كام فيروز و كرد و خلّار و سروستان و الاوسبنجان و الارد و الرون و صرام و بازرنج و السردن و الخرّمه و الخيره و النيريز و الماشكانات و الايج و الاصطهبانات و برم و رهنان و بوّان و طرخيشان و الجوبرقان و اقليد و السرمق و ابرقويه و يزد و جارين و نايين وما فى أضعاف ذلك من البلاد والنجاد، وعلى الحدّين مدن فيها ما فى الصرود و الجروم من النخيل والجوز مثل فسا و جور و شيراز و سابور و النوبندجان و كازرون، وأمّا الصرود ففيها أماكن تبلغ من شدّه البرد أن لا ينبت عندهم شىء من الفواكه والبقول سوى الزرع كالارد و الرون و كرد و الرساتيق الاصطخريّه و الرهنان،

وأمّا الجروم فإنّ بها ما يبلغ من شدّه الحرّ فى الصيف الصائف أن لا يثبت عندهم شىء من الطير لشدّه الحرّ مثل الاغرستان وهى رستاق، ولقد خبّر بعض الناس بعض الملوك أنّه كان فى بيت يشرف على واد فيه حجاره نصف النهار فرأى الحجاره تتفلّق فيه كما تنفلق فى النار، و الصرود كلّها صحيحه الهواء و الجروم فالغالب عليها فساد الهواء وتغيير الألوان وليس فيها أكثر وباء من مدينه دارابجرد ثمّ توّج وأصحّ الهواء من جرومها الرجان و سيراف و جنّابه و سينيز، وأعدل هواء هذه المدن ما كان من هذين الحدّين كشيراز و فسا و كازرون و جور وغير ذلك وليس بجميع فارس هواء أصحّ من [هواء] كازرون ولا أصلح أبدانا وأحسن أبشارا من أهلها، وأصحّ مياهها ماء كر وأردأها ماء دارابجرد، فأمّا زيّهم ولباسهم وأحوالهم فالغالب على خلقهم النحافه وخفّه الشعر وسمره الألوان وأهل الصرود أعبل أبدانا وأكثر شعورا وأشدّ بياضا، ولهم ثلثه ألسنه الفارسيّه التى يتكلّمون بها وجميع أهل فارس يفقهونها ويكلّم بعضهم لبعض بها إلّا ألفاظا تختلف لا تستعجم على عامّتهم ولسانهم الذي به كتب العجم وأيّامهم ومكاتبات المجوس فيما بينهم من الفهلويّه التى تحتاج الى تفسير حتّى يعرفها الفرس ولسان العربيّه الذي به مكاتبات السلطان والدواوين وعامّه الناس، وأمّا زيّهم فكان السلطان زيّه الأقبيه وقد تلبس سلاطينهم الدراريع وإن كانوا فرسا ومن لبس الدراريع منهم أوسع فروجها وعرّض جرّباناتها وجيوب دراريعهم كدراريع الكتّاب والعمائم تحتها القلانس المرتفعه ويلبسون السيوف بحمائل وفى أوساطهم المناطق وخفافهم تصغر عن خفاف أهل خراسان، وقد تغيّر زىّ سلطانهم فى وقتنا هذا لأنّ الغالب على أصحابه لباس الديلم، وقضاتهم يلبسون الدنيّات وما أشبهها من القلانس المشمّره عن الأذنين مع الطيالسه والقمص والجباب ولا يلبسون درّاعه ولا خفّا بكسره ولا قلنسوه تغطّى الأذنين، وكتّابهم يلبسون ملابس كتّاب العراق ولا يستعملون القبى ولا الطيلسان، وتنّاؤهم بين لباس الكتّاب والتجّار من الطيالسه والأرديه والأكسيه القومسىّ والخزّ والعمائم والخفاف التى لا كسر فيها والقمص والجباب والمبطّنات ويتفاضلون فى جوده الملابس وحسن الزىّ وزيّهم كزىّ أهل العراق ، والغالب على أخلاق ملوكهم وخدمهم والتنّاء منهم والمخالطين للسلطان من عمّال الدواوين وغيرهم والداخلين عليهم استعمال المروءه فى أحوالهم وإقامه الوظائف والمطابخ وتحسين الموائد بالمطاعم وكثره الطعام وإحضار الحلاوى والفواكه قبل الموائد والنزاهه عمّا يقبح به الحديث من الأخلاق الدنيّه وترك المجاهره بالفواحش والمبالغه فى تحسين دورهم ولباسهم وموائدهم والمنافسه فيما بينهم فى ذلك والأدب الظاهر فيما بينهم والعلم الشائع فى جميعهم، وأمّا تجّارهم فالغالب عليهم محبّه الجمع للمال والحرص فوق من سواهم من أهل الأمصار.

فأمّا أهل سيراف والسواحل فربّما غاب أحدهم عامّه عمره فى البحر، ولقد بلغنى أنّ رجلا من سيراف ألف البحر حتّى ذكر أنّه لم يخرج من السفينه نحو أربعين سنه وكان إذا قارب البرّ أخرج صاحبه فقضى حوائجه فى كلّ مدينه ويتحوّل من سفينه الى أخرى إذا انكسرت أو احتيج الى إصلاحها، ولقد حظّوا من ذلك بحظّ جزيل وهم أهل صبر على الغربه وفيهم اليسار [الظاهر حيث كانوا]، ولقد رأيت بالبصره منهم أبا بكر أحمد بن عمر السيرافىّ فى سنه خمسين وثلثمائه وقد قدمت عليه بكتاب من يعزّ عليه فى مهمّ له فأخذ الكتاب من حيث لم ينظر الىّ فقرأه ثمّ وضعه من يده ولم يعرنى لحظ عين وسأله فى الكتاب مخاطبتى على معانيه واستعلام ما عرّض فيه من مخاطبته وما بينهما ممّا يجب وقوفه عليه من جهتى كالمستشهد بعلمى بعد تعريفه فى الكتاب صورتى ومحلّى منه، ثمّ أقبل على بعض خدمه وذكر مراكبه وحاله فوثبت غيظا وتركته وأنا لا أبصر ما بين يدىّ من شدّه ما نالنى وداخلنى بإعراضه عنّى فكأنّه لاحظ مكانى فقال ما فعل الرجل فقيل من هو فقال صاحب فلان فقيل له وبصاحب فلان فعلت هذا الانقباض لقد خرج وهو لا يبصر ما بين يديه ألما وغيظا فقال علىّ به فلحقنى كاتب له وقد بثّ جماعه غيره فى طلبى فى الطريق الذي قصدت له فقال إنّ الشيخ تألّم من خروجك بغير إذنه وعرّفناه ما ظهر لنا منك وقد أنفذنا لردّك فقلت والله لقد رأيت أكثر ملوك الأرض ومن تحت أيديهم من الناس على اختلاف أطوارهم وتباين أحوالهم وهم قطب الصلف فما رأيت رجلا أكثر زهوا ولا أقبح صلفا وبأوا منه، فقال لى كاتبه وحقّ له ذلك هذا رجل اعتلّ فى سنه ثمانى وأربعين علّه خيف عليه منها فأوصى فبلغ ثلث ماله مع شىء استزاده على الثلث لأنّه لا وارث له فبلغت وصيّته تسع مائه ألف دينار بين مركب قائم بنفسه وآلته فى يد وكيل معلوم ما لديه وعنده بالحسبانات الظاهره والقبوض المعلومه المعروفه من جهاتها وأوقاتها الى بربهار ومتاع من جوهر وعطر فى خانباراته ومخازنه وقلّ مركب خطف له الى ناحيه من نواحى الهند أو الزنج أو الصين فكان له فيه شريك أو كرىّ إلّا على حسب التفضّل على المحمول بغير أجره ولا عوض فأفحمنى قوله وعدت اليه فاعتذر ممّا كان، وهذا وإن زاد على الثلث فلعلّه أوصى بنصف ماله وما سمعت أنّ أحدا من التجّار ملك هذا المقدار ولا تصرّف فيه ولا من وديعه سلطان لأنّها حكايه إذا اعتبرت كالجزاف يستوحش من حكايتها،

وما علمت مدينه فى برّ ولا بحر يجتمع بالمشرق فيها قوم من الفرس مقيمون إلّا وهم فى أعفّهم طريقه وأحسنهم طبقه وفيهم علم وأكثرهم يقول بالوعيد على مذاهب أهل البصره والى الاعتزال ميلهم ومن كان خاصّه من أهل جرومهم رأى تفضيل أبى علىّ بن عبد الوهّاب الجبّائىّ على الجميع واليه ينحون وبه يأتمّون، وأهل الصرود من أهل شيراز و اصطخر و فسا فالغالب عليهم مذاهب الحشو وفى الفتيا مذاهب أهل الحديث، وبفارس اليهود والنصارى والمجوس وليس فيهم صابئ ولا سامرىّ وأكثر أهل الملل فيهم المجوس واليهود أقلّ من النصارى وليس المجوس بدار أكثر منهم بفارس لأنّ بها كانت دار مملكتهم وأديانهم وكتبهم وبيوت نيرانهم يتوارثون ذلك فى أيديهم الى وقتنا هذا، وبفارس سنّه جميله وعاده فيما بينهم وفضيله من تفضيل أهل البيوتات القديمه وإكرام أهل النعم الأزليّه وفيها بيوت يتوارثون فيما بينهم أعمال الدواوين على قديم أيّامهم الى يومنا هذا منهم آل حبيب وكان مشايخهم مدركا وأحمد والفضل بنو حبيب وأصلهم من كام فيروز ومنشأهم شيراز قطنوها وتقلّدوا الأعمال الجليله الشريفه، وكان المأمون استدعى مدرك بن حبيب للحساب وغيره من وجوه الخدمه وحظى عنده وقرأ عليه فمات ببغداذ أيّام المعتصم واتّهم يحيى بن أكثم به، وآل أبى صفيّه من موالى باهله منهم يحيى وعبد الرحمن وعبد الله بنو محمّد بن اسماعيل ناقله توطّنوا بها، وآل المرزبان بن زاذبه اليهم فى الأعمال وكان الحسن بن المرزبان بندارا لمحمّد بن واصل ومن بعده ليعقوب بن الليث، وخدم علىّ بن المرزبان عمرو بن الليث على ديوان الاستدراك فزادت عنده منزلته لنبل كان فيه وفضل وبراعه وإخوته الحسن وسهل والفضل ومحمّد ومنصور، وشيخنا أبو منصور أحمد بن عبيد الله من ولده والى يومنا هذا تجرى أعمال الدواوين بينهم، ولقيت أبا جعفر بن سهل ابن المرزبان كاتب أبى الحرث بن افرغون وهو حىّ الى يومنا هذا ولا والله الذي لا إله غيره ما رأيت أحدا قبله ولا بعده اجتمعت الألسن على حمده بفضله وكرمه كاجتماعها عليه لأنّ السنن المقروؤه والآثار المرويّه ومن أدركناه فى عصرنا ممّن تعلّق باسم الكرم ودإب ونصب فى طلبه يمدح ويذمّ غيره فلم أر له ذامّا ولا مستزيدا بوجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب ولم يدخل خراسان منذ خمسين سنه أحد ليس عليه له فضل ويد يشكرها وإن لم يلقه قصده بالمكاتبه والتحف عليه بجميعه حتّى أنّه احتال فى إيصال فضله وتشييد مكارمه الى من لا يمكنه قصده ولا يضع نفسه للحاجه اليه فأقام فى رباطات جعلها واستحدثها فى ضياع وقفها على مصالحها بقرا سائمه تحلب ويأخذ ألبانها القوّام عليها ويقصدون المجتازين عليهم والمارّين بهم غير النازلين عندهم مع شىء من الأطعمه منها ومن غيرها على مقدار السابله والمارّه بهم فيسقون رائبها مع الهواجر برّا لبنى السبيل المارّين والجائين على ضياعه بهذا اللطف والوجه الحسن،

وما من قريه ورباط له فيها ملك إلّا وفيه المائه بقره الى ما فوق ذلك لهذا الوجه والمقصد دون بقره العامله فى أسباب منافعه، وله غير نظير بخراسان ممّن يقصد أفعال الخير وإفشاء المعروف بما وراء النهر لا يدانيه ولا يقاربه فى هذا الباب ولا فى غيره، وأهله آل المرزبان ابن فرّابنداذ أقدم أهل هذه البيوتات فى العجم وأكثرهم عددا منهم أبو سعيد الحسن بن عبد الله ونصر بن منصور بن المرزبان وعبد الرحمن ابن الحسين بن المرزبان وفرّابنداذ بن مردشارى بن المرزبان وأحمد ابن فرّابنداذ فى جماعه أقصر عن معرفتهم وعددهم، وعلىّ بن خرّشاد وأولاده الحسين والحسن وأحمد الى نحو أيّامنا هذه كانوا يتولّون بفارس الدواوين مع من ذكرته من أهل البيوتات المتقدّم ذكرها ووصفها،

وقد انتحل قوم من الفرس ديانات ومذاهب خرجوا بها عن المذاهب المشهوره فدعوا اليها وانتصبوا لها ولولا أنّ إهمال ذكرهم وترك وصفهم ضرب من العصبيّه على الدين وباب من التحامل عليه لأضربت عنه ولكن ندكر المستفاض وما بمن يقرأ هذا الكتاب حاجه الى معرفته وضروره الى علمه دون الاستقصاء لذلك إذ الأخبار قد أتت به واعتقد الناس فيهم القبيح ووقفوا منهم على التلبيس المذموم وتأليف الكتب بالقذف للإسلام والبراءه منه بعد تأليف شىء منها جلبوا به القلوب ودعوا اليه العامّه ومن لا رياضه له بالعلم من الخاصّه فى الظاهر وضادّوا ذلك فى الباطن، وممّن عرف من هؤلاء واشتهر وطار اسمه فى الآفاق وظهر الحسين بن منصور الحلّاج من أهل البيضاء وكان حلّاجا ينتحل النسك والتصوّف وما زال يرتقى طبقا على طبق حتّى انتهى به الحال الى أن زعم أنّ من هذّب فى الطاعه جسمه واشتغل بالأعمال الصالحه قلبه وصبر على مفارقه اللذّات وملك نفسه بمنعها عن الشهوات ارتقى الى مقام المقرّبين وشارك الملائكه الكرام الكاتبين. ثمّ. لا يتردّد فى درجه المصافاه حتّى يصفو عن البشريّه طبعه فإذا لم يبق فيه من البشريّه نصيب حلّ فيه روح الله الذي كان منه كعيسى بن مريم فيصير مطاعا لا يريد شيئا إلّا كان من جميع ما ينفذ فيه أمر الله فإنّ جميع أفعاله حينئذ فعل الله وأمره أمره. وكان يتعاطى هذا ويدعو الى نفسه بتحقيق ذلك كلّه فيه حتّى احتمال جماعه من الوزراء وطبقات من حاشيه السلطان وأمراء الأمصار وملوك العراق و الجزيره و الجبال وما والاها وكان لا يمكنه الرجوع الى فارس ولا يطمع فى قبولهم إيّاه لخوفه على نفسه منهم لو ظفروا به وظهر لهم وأخذ فاعتقل وما زال فى دار السلطان ببغداذ الى أن خيف من قبله أن يستغوى كثيرا من أهل دار الخلافه من الحجّاب والحرم وغيرهم فصلب حيّا الى أن مات،

ومنهم الحسن المكنّى بأبى سعيد ابن بهرام الجنّابىّ من أهل جنّابه وكان دقّاقا وتعلّق لعنه الله عليه بدعوه القرامطه من قبل عبدان الكاتب صهر حمدان بن الأشعث المعروف بقرمط واستخلفه على كثير من نواحيهم وكانت الدعوه اليه بجنّابه و سينيز و توّج و مهروبان و جروم فارس فدعاهم وأخذ الكثير من أموالهم ونبت له أضداد فنموا عليه فقبض على ما جمعه من المال واتّخذه من الخزائن والعدد وأفلت بحشاشه نفسه فلم يزل فى خفيه حتّى كتب اليه حمدان بن الأشعث المعروف بقرمط [من كلواذى] بالشخوص الى حضرته ولم يكن رآه ولا عاينه فلمّا بصر به رأى منه نافذا فيما تكلّفه ورأى ما دار عليه ليس من قبل سوء سياسته فيما كان بسبيله لكن وجوه وقعت عليه ودارت كالضروره اضطرّه اليها مخالفوه والمنكروه عليه فأنفذه على يد عبدان أيضا الى البحرين وأمره بالدعوه هناك وأيّده بوجوه القوّه من المال والكتب وغيرهما فورد البحرين وصاهر آل سنبر وبثّ الدعوه فى العرب الذين بتلك الناحيه فقبلوها [وانفتحت الديار على يده] وأجابته القبائل والعشائر رغبه ورهبه بعد أن حاصر هجر و افتتحها بضروب من الحيل ووجوه الكيد ومشاقّ من الأعمال والأفعال ودخلها بالسيف فقتل رجالها واستعبد الأولاد من الصبيان والصبايا واستباح حريمهم،

وكان إذ ذاك فى دعوه المقيم بالمغرب وفى جمله المنتمين اليه حتّى قتل عبدان صاحبه فارتد عمّا كان عليه وقتل أبا زكريا الطمامىّ داعيا كان لأهل المغرب قبله بالبحرين واشتدّت شوكته وتفرّد بالأمر لنفسه وكرّ فى خطوب كثيره يطول شرحها وليس يمكن ذكرها إلّا مستقصاه وفى إعادته طول فتركتها لذلك، وذبح أبا سعيد بعض خدمه فى الحمّام مع جماعه من كبراء رجاله [بالأحساء ] ، وكانت وصيّته الى أكابر أولاده بتسليمهم لولده الأصغر منهم عند بلوغه لأمر وقف عليه فيه سائر ما خلّفه واتّباعهم إيّاه ووقوفهم عند أمره ونهيه فكان من لعنه الله منهم أبو طاهر سليمن فاتح البصره و الكوفه وصاحب قوافل الحاجّ فى طريق مكّه وقاتل آل أبى طالب وبنى هاشم والمستحلّ دماءهم وفروجهم وأموالهم ومخرب مكّه وآخذ الحجر وفاعل كلّ كبيره ومستحلّ كلّ عظيمه ومقترف كلّ آثام ومستبيح كلّ حرام الى أن أهلكه الله ودمّر عليه وأتى على أهله وولده بتشتيت الكلمه واختلاف الدعوه وغيله بعضهم لبعض بالقتل والمكائد والختل،

وما كان من فعله بالمسلمين واعتراضه على حجيجهم وعيثه فى بلادهم بقتلهم وما فعله بالحرم [فلا حاجه بنا الى ذكره لشهرته والغنى عن إعادته] من أخذ كنوز الكعبه وقتل المجاورين لها والمستذمّين بحرمتها الى أن أخذ عمّ أبى طاهر أخو أبى سعيد وقراباته وذووه فحسبوا بشيراز مدّه وكانوا مخالفين له فى المذهب والطريقه يرجعون الى صلاح وسداد وشهد لهم بالبراءه من القرامطه فخلّى عنهم، ومنهم أبو جعفر محمّد بن علىّ الشلمغانىّ فإنّه أيضا ممّن ظاهر بأمور من العلم ودعا الى الفقه والزهد وتزيّا بالورع والعفّه وألف كتبا فى الحلال والحرام بأحسن نظام وأجمل تأليف وهو مع ذلك [يسرّ] شقاق الأمّه ويعتقد إكفارهم ويرى أنّ الدار دار كفر وأهلها وأموالهم ومناكحتهم وحجّهم وغزوهم فاسد وجهادهم لازم ودعا مرّه الى أصحاب المغرب وأشار اليهم وأخرى الى نفسه واضطرب فى فنون اعتقدها فى البارئ تعالى الى أن هلك أيضا صلبا وكفى الله أمره، [والله الحافظ للإسلام وأهله والدافع عنهم بمنّه وطوله فقد عاد غريبا كبدؤه غريبا] .

ذكر الخاصّيّات بفارس وما يجلب منها،

فبناحيه اصطخر تفّاح يكون بعض التفّاحه فى غايه الحلاوه وبعضها حامض صادق الجموضه وكنت رأيت ذلك فى حكايه أنّ مرداس بن عمر حدّث بها الحسن بن رجاء فرأى فى وجهه إنكارا لقوله فأحضر التفّاح حتّى رآه، وبقرب ابرقويه تلال رماد كالجبال العظام التى صعود التلّ ونزوله نحو ميل ويزعم قوم أنّها نار نمرود وهو خطأ لأنّ نمرود كان كنعانيّا ومساكنهم ببابل، ورأيت مثل هذه الجبال وأعظم منها وأعلى وأكثر على نهر الزاب الكبير الجائى من نواحى ارمينيه وبلد الداسن بظاهر القريه المعروفه بالمحمّديّه من عمل محمّد بن حسنون الكردىّ ومررت بما هو أصغر منها وما يضاهيها فى بلد السودان، وبكوره سابور رستاق يعرف بالهندوجان [فيها] بئر بين جبلين يخرج منها دخان فيتعالى كثيرا بالنهار ولا يتهيّأ لأحد أن يقربها وإن طار عليها طائر سقط فيها ويرى فى حال هبوطه وهويّه احتراقه قبل تغيّبه فيها، وبكوره الرجان فى نواحى صاهك غير بئر لا قعر لها، وبناحيه كام فيروز بالقريه المعروفه بالمورجان بين جبال شاهقه كهف فيه جرن يقطر اليه من سقف هذا الكهف ماء ويزعم قوم أنّ له طلسما فإن دخل ذلك الكهف رجل خرج من الماء مما يكفيه وإن دخله ألف رجل خرجوا من ذلك الجرن بالقطر من الماء بما يكفيهم ويعمّهم ومقدار ذلك الجرن كالجفنه الصغيره أو الغضاره الكبيره، وعلى باب الرجان ممّا يلى خوزستان قنطره على نهر طاب تنسب الى الديلمىّ طبيب الحجّاج بن يوسف وهى طاق واحد سعه ما بين عموديه على وجه الأرض ثمنون خطوه وارتفاعها مقدار ما يجوز فيه راكب الجمل بيده علم من أطول ما يكون من الأعلام، وبكوره اردشير خرّه من نواحى شيراز عين ماء حلو عذب يشربه الناس لتنقيه الجوف فمن شرب قدحا أقامه مجلسا وإن ازداد فلكلّ قدح مجلس، وبناحيه داذين نهر ماء عذب يعرف بنهر اخشين يشرب منه ويسقى الأرضين إذا غسلت بمائه الثياب خرجت خضرا، وبناحيه كوار طين أخضر كالسلق وأشرق منه يؤكل ولا نظير له، و بشيراز نرجس ورقه كورق السوسن وفى داخله عيون صفر كعيون النرجس سواء،

فأمّا ما يجلب من فارس الى سائر الأرض وهو أفضل أجناسه فى سائر البلدان فماء الورد الذي بكوار و جور ينقل الى سائر الأرض حتّى المغرب وبلد الروم و الاندلس وروميه و أرض افرنجه والى مصر و اليمن وبلد الهند و الصين ويفضل كّل ماء ورد سواه ويرتفع الكثير من غيرهما بأعمال فارس غير أنّ الأكثر الأغزر من جور [والى جور ينسب الورد الذكىّ الرائحه] ، ويجور ماء الطلع وماء القيسوم الذي لا يكون فى غير جور وماء الزعفران وماء الخلاف [بفارس ودهن الخلاف] يعلو على جميع ما يعمل فى أقطار الأرض منه سوى دهن الخلاف المراغىّ فإنّى رأيت منه ما لا يدانيه دهن فى الأرض ويباع منه المنّ بعشره دنانير [وكان عندى خيرا من ذلك] ،

وترتفع من سابور الأدهان فتفضّل على كلّ جنس إلّا الخيرىّ والبنفسج اللذين بالكوفه،

وترتفع من سينيز الثياب السينيزىّ ومن جنّابه المناديل الجنّابيّه ومن توّج ثياب التوّزىّ ولا يشبهها شىء من ثياب الأرض فى جنسها وإن وجد أرفع منها وأكثر ثمنا فلذلك من العلّه وكان للسلطان فى كلّ بلد منها طراز،

ويرتفع من فسا أنواع من الثياب التى تحمل الى الآفاق وبها طراز الوشى المرتفع الذي ليس بسائر الآفاق كهو إذا كان مذهّبا وإذا كان ساذجا فكالذى بجهرم وغيرها، وأمّا الصوف فانّه يعمل للسلطان والتجّار ثياب للفرش ما يأخذ القيمه العظيمه من العين وكلل مرتفعه من سائر أصناف الحرير ويتّخذ من القزّ للسلطان ستور معيّنه معلمه ومن ثياب القزّ والصوف الفاخره ما يحمل الى كثير من الأمصار،

و السوسن جرد الذي يكون بها أرفع ممّا يكون بقرقوب و توّج [و تارم ] ، وبها أكسيه القزّ التى يكون بالقيم الوافيه الراجحه كالمائه دينار ونحوها،

ويرتفع من جهرم من الثياب الوشى الرفيع، فأمّا البسط والنخاخ والمصلّيات والزلالىّ المعروفه بجميع الأرض بالجهرمىّ فلا نظير لها،

ويرتفع من يزد و ابرقويه ثياب قطن فتحمل الى كثير من النواحى فتدخل فى جمل البغداذىّ إذا قصرت،

ويرتفع من الغندجان قصبه [دشت] بارين [من البسط والستور والمقاعد وأشباه ذلك ما يوازى به عمل الارمنىّ وبها طراز للسلطان] ويحمل منها الى الآفاق جهاز كثير،

و سوسن جرد فسا أفضل من سوسن جرد قرقوب لأنّ متاع فسا من صوف والقرقوبىّ من إبريسم والصوف أحكم عملا فى الصنعه وأبقى على مرّ الأيام،

و بدارابجرد حوت فى الخندق المحيط بالبلد لا شوك فيه ولا عظم ولا فقار وله فلوس وهو من ألذّ السموك ويرتفع منها ثياب كالطبرىّ للفرش تستحسن،

وبقريه من قرى دارابجرد المومياى الذي يحمل الى الآفاق وهى ملك للسلطان ولا نظير له وهو غار فى جبل قد وكّل به من يحفظه وهو مسدود الباب والمدخل مغلق مقفل مختوم معلم بعلامات كثيره لمن يحضر فتحه من ثقات السلطان ويفتح فى كلّ سنه فى وقت معروف وقد استجمع فى نقره حجر هناك ما اجتمع منه وفى غير ذلك النقره الشيء بعد الشيء منه فإذا جمع يكون الموجود فى كلّ سنه كالرمّانه فيختم بمشهد من ثقات السلطان والحكّام وأصحاب البرد والمعدّلين من أهل الأمانه بعد أن يرضخ للحاضرين بالشيء اليسير منه وهو المومياى الصحيح وما عداه فمزوّر ليس بصحيح وبقرب هذا الغار قريه تعرف بآيي فنسب هذا الموم اليها وتفسيره موم قريه آييى،

وبناحيه دارابجرد جبال من الملح الأبيض والأسود والأصفر والأحمر والأخضر وجميع الألوان المتفرّعه وهى جبال على ظاهر الأرض ينحت منها الموائد والغضار والآنيه المستطرفه وتحمل الى سائر مدن فارس وغيرها،

وبفارس عامّه المعادن من الفضّه والحديد والآنك والكبريت والنفط وما أشبه ذلك ما يغنى أهلها عن عمل ما سواها من البلدان والنواحى إلّا أنّ الفضّه قليله وبها معدن ذهب ومعدن صفرها بالسردن ويحمل منها الى البصره وغيرها والحديد بجبال اصطخر وبقريه من جوار اصطخر تعرف بدارابجرد معدن للزيبق، ويعمل بفارس مداد أسود لدوىّ الكتّاب وأصباغ التزاويق فيفضّل على كلّ مداد فى الأرض غير الصينىّ لأنّهما جميعا من تذاكى أكبر النيران المجوسيّه المتقادمه وهو فى نفسه دخانها [لا غير]، و بشيراز أبراد معروفه مشهوره فى أكثر أقطار الأرض بالشيرازيّه.

فأمّا نقودهم ومكاييلهم للبيع والشرى فجميع بيوع فارس بالدراهم والدنانير عندهم كالعرض، وأوزانهم كأوزان جميع الأرض المعروفه العشره الدراهم سبعه مثاقيل وليست كاليمن و الاندلس فى اختلاف الأوزان، والأمناء التى توزن بها المتاع فمنوان صغير وكبير فالكبير وزن ألف وأربعين درهما كرطل اردبيل ومنّها منّ كبير[ورطل اللحم بالاندلس تسعه أرطال ونصف بالفلفلىّ والفلفلىّ خمس عشره أوقيه بالبغداذىّ ورطل القيروان فلفلىّ أيضا إلّا رطل اللحم فانّه اثنا عشر أوقيه] والمنّ الأصغر بفارس كمنّ العراق مائتان وستّون درهما وهذا المنّ المستعمل بفارس وعامّه البلدان وأمصار المسلمين وإن كان لهم أوزان غير ذلك، والمنّ بالبيضاء ثمان مائه درهم وباصطخر أربع مائه و بجرّه مائتان وثمنون و بسابور ثلثمائه وببعض نواحى اردشير خرّه مائتان وأربعون، والكيل بشيراز الجريب عشره أقفزه والقفيز ستّه عشر رطلا فى التقدير ويزيد وينقص بحسب المكيل وهو حنطه ستّه عشر رطلا ورطلهم كرطل بغداذ اثنا عشر أوقيّه والأوقيّه عشره دراهم وثلثان وللقفيز عندهم [ كيل ] يعرف بنصف قفيز وثلث وربع وكلّ واحد مجزّا منه، ومنّها معروف معلوم قائم بنفسه موجود فى سائر حوانيتهم، ولهم أيضا كيل صغير وهو جزء من أربعه وعشرين جزأ من القفيز، وجريب اصطخر وقفيزها على نصف جريب شيراز وقفيزها ومكاييل البيضاء تزيد على مكاييل اصطخر بنحو الربع وتنقص عن شيراز ، وكذلك الرجان و كازرون تزيد على العشره من كيلهم ستّه، ومكاييل فسا تنقص عن مكاييل شيراز ، فهذه جمل ما يجب علمه ويسئل الناس الناس عنه، وأمّا أبواب المال لبيت المال على الناس فمن الزموم وما تطبق عليه الدواوين وخراج الأرضين والصدقات وأعشار السفن وأخماس المعادن والمراعى والجوالى وغلّه دار الضرب والمراصد فى الضياع والمستغلّات وأثمان الماء وضرائب الملّاحات والآجام،

فأمّا خراج الأرضين فعلى ثلثه أصناف فالمساحه والمقاسمه والقوانين التى هى مقاطعات معروفه لا تزيد ولا تنقص زرعت أو لم تزرع فتؤخذ بالعبره، والمساحه دون المقاسمه فإن زرع زارع أخذ خراجه بالمساحه على الجربان وإن لم يزرع لم يطالب وعامّه فارس مساحه إلّا الزموم فإنّها مقاطعات بالعبره والشيء اليسير من المقاسمات، وتختلف الأخرجه فى البلدان على المساحه فأثقلها بشيراز على كلّ صنف من المزروع شىء مقدّر وذلك أنّ على الجريب الكبير من الأرض تزرع فيها الحنطه والشعير بالسيح مائه وتسعين درهما والشجر بالسيح مائه واثنين وتسعين درهما والرطاب والمقاثى السيح للجريب الكبير مائتان وسبعه وثلثون درهما وللجريب الكبير من القطن بالماء السيح مائتان وسبعه وخمسون درهما وثلثان وعلى الجريب الكبير من الكروم بالماء السيح ألف وأربع مائه وخمسه وعشرون درهما، والجريب الكبير ثلثه أجربه وثلثا جريب بالجريب الصغير والصغير ستّون ذراعا فى ستّين ذراعا بذراع الملك وذراع الملك سبع قبضات، وخراج كوار على الثلثين من هذا العقد لأنّ جعفر بن أبى زهير السامىّ كلّم الرشيد فردّه الى ثلثى الربع، وخراج اصطخر ينقص من خراج شيراز شيئا يسيرا لا أقف عليه، وخراج البخوس على ثلث السيح والطوىّ فى البطّيخ والقثاء والبقول على ثلثى الخراج، وإذا سقى السيح سقيه قبض السلطان ربع الخراج وطالب به أشدّ مطالبه وإذا بدىّ بالسقيه الثانيه طالب بتمام الخراج واستتمّه عند استتمام السقى،

وكوره دارابجرد و الرجان و سابور فزروعهم ومقادير الخراج على أرضهم بخلاف هذا يزيد وينقص أكّاره على قدر ملكه ودخله، والمقاسمه على وجهين فضياع فى أيدى قوم من أهل الزموم وغيرهم معهم عهد من أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب وعمر بن الخطّاب رضى الله عنهما وغيرهما من الولاه المسمّين باسم الخلافه فيقاسمون على العشر الى الثلث وغير ذلك، والوجه الآخر مقاسمات على قرى قبضت وصارت لبيت المال بإخلال أصحابها ووجوه غير ذلك يزارع الناس عليها بالخمسين وحسب المواقفه، وأمّا أبواب أموال الضياع فالضياع السلطانيّه خارجه من المساحه والذي يؤخذ منها بالمقاسمه والمقاطعه فعلى الأكره فيها ضرائب من الدراهم يؤدّونها الى السلطان، والصدقات وأعشار السفن وأخماس المعادن والجزيه ودار الضرب والمراصد وضرائب الملّاحات والآجام وأثمان الماء والمراعى فإنّها تقرب فى الرسم ممّا فى سائر الأمصار، وليس بفارس دار ضرب إلّا بشيراز،

فأمّا المستغلّات فتربتها للسلطان وقد ابتنى فيها التجّار الأسواق وغيرها فالبناء لهم ويؤدّون أجره الأرض والطواحين للسلطان وأجره الدور التى يعمل فيها ماء الورد، وكان الرسم القديم بفارس أنّ كلّ حومه بها لا خراج على الكروم فيها ولا على الأشجار الى أن ولى علىّ بن عيسى بن الجرّاح الوزاره سنه اثنتين وثلثمائه فألزمهم فيها كلّها الخراج،

وكان بفارس ضياع قد ألجأها أربابها الى الكبراء من حاشيه السلطان بالعراق فهى تجرى بأسمائهم ويحمل عنهم الربع وهى فى أيدى أهلها وأهلها يتبايعونها ويتشارونها ويتوارثونها، وكانت فارس فى قديم الأيّام وقبل الإسلام مقاسمات الى أيّام قباذ أبى انوشروان فإنّه نزل من تعب ناله فى بعض البساتين وقد لغب من الحرّ فذّا فردا بعد إياس ناله من نفسه بانقطاعه عن رجاله فى طلب طريده فألفى امرأه وبين يديها صبيّه صغيره وقد استضافها فأضافته [والصبيّه] تمدّ يدها الى شجره رمّان والعجوز تمنعها ولجّت الصبيّه الى أن قطعت رمّانه فضربتها ضربا وجيعا فقال قباذ لم ضربت هذه الصبيّه على هذا القدر الطفيف الخسيس من رمّانه فقالت يا سيّدها لنا فيها وفى جميع الباغ شريك غائب كريم ويقبح بالشريك الحاضر خيانه الشريك الغائب سيّما إذا كان عدلا أمينا فقال قباذ ومن شريكك فقالت الملك قباذ له فيها بحقّ القسمه ويقبح بالفقير ذى المروءه خيانه الغنىّ ذى العداله والأمانه فبكى قباذ وقال صدقت وأقبح منه أن يخون الملك الغنىّ العدل الأمين الذي هو أعدل وقد سلّطه وملّكه ومكّنه وأقدره فى عباده وبلاده أحضرى الىّ إذا نزل العسكر فلانا رجلا وصفه فحضر وحضر أصحابه وجيشه فلمّا جمعهم مجلسه أخبرهم خبر العجوز ولم يرم حتّى جعل جميع فارس مقاطعات وخراجات تقبض إذا حيّن ما فى الأنادر وتصرف الاكره والمزارعون فى البيادر،

فأمّا أموال فارس من الوجوه التى ذكرتها فرأيت أهل الخبره سنه خمسين يومون الى ألف ألف وخمس مائه ألف دينار وزياده وكانت أعمال الرجان خارجه عن عمل فارس فى هذا العهد لأنّها كانت بيد أبى الفضل ابن العميد يستوفى حقوقها وتبلغ خمس مائه ألف دينار ونحو عشره آلف دينار فربّما حملت الى الرىّ وصرفها الأمير ركن الدوله فى أسبابه وربّما آثر بها الملك صله منه له ينالها على يد أبى الفضل ابن العميد وكان ذلك يكرث الملك ويحرجه.

قال صاحب حدود العالم:

فارس و مدنها

بلاد يحيط بها من شرقيها حدود كرمان؛ و من جنوبيها البحر الأعظم، و من غربيها نهر طاب الذي يمر بين فارس و خوزستان، و شي‏ء من أصفهان؛ و شماليها مفازة فارس من كركس كوه.

و فيها مدن كثيرة و مزدحمة بالسكان. بلاد عامرة خصبة ذات نعم مختلفة، يجتمع فيها التجار. فيها جبال و أنهار. و كانت مقر إقامة الأكاسرة. أهلها مفوّهون و عقلاء. في جبالها المعادن. يرتفع منها الثياب المختلفة من الكتان و الصوف و القطن، و ماء الورد و ماء البنفسج و ماء الطلع، و البسط و الفرش و الزلّيّات” و الأكسية الثمينة.

و كل موضع منها ازداد قربا من البحر فهو جروم؛ و ما ازداد قربا من المفازة فهو صروم.

و في جبالها معادن الذهب.

و فيها بيوت نيران المجوس و هم يعظمون آثار القدماء و يزورونها.

و أغلب مدن فارس لها جبال قريبة منها.

قال المهلبي العزيزي:

قال المهلّبي في العزيزي: ونهاية فارس الشرقية هي ناحية يزد.

وعلى نهاية الحدّ الجنوبي سيراف والبحر. وحدّها الشمالي الريّ.

قال ومن مدن فارس كركان على شعب بوّان، وهي على خمسة فراسخ عن النوبندجان. ومن مدن فارس السرمق وهي مدينة كثيرة الخصب والأشجار. ومن منتزهات فارس شعب بوّان، وهي أحد منتزهات الدنيا الأربعة. وهي غوطة دمشق و نهر الأبلّة و صغد سمرقند وشعب بوّان وهو- أعني شعب بوان- عن النوبتدجان على نحو فرسخين. وشعب بوّانعدة قرى ومياهه متصلة وعليها الأشجار حتى غطت تلك القرى فلا يراها إنسان حتى يدخلها.

وقال المهلّبي في العزيزي: وبلاد فارس تنقسم إلى جنوبية وشمالية. فالبلاد الجنوبية سهول والشمالية بلاد جبال. ومن مدن السهول، أرجان و النوبندجان و مهروبان و سينيز و كازرون و اصطخر و البيضاء و دارابجرد.

قال المهلّبي في العزيزي: من شيراز إلى سيراف ثلاثة وستون فرسخا جنوبا، ومن شيراز إلى أصفهان اثنان وسبعون فرسخا شمالا .

قال المقدسی:


فارس:

واما انهار فارس فإنها تفيض في خمس بحيرات في الإقليم و نهر طاب يقبل من البرج قبل سميرم ثم يمدّ على تخوم فارس ثم يفيض في بحر الصين عند سينيز ، و نهر ارّجان يتفجّره من جبال فارس ويقع فيه ماء مالح تحت العقبه ويسقى الكوره بالقسمه


قال المقدسی ایضاً:

واكيسها قوما وتجارا وأكثرها فسقا فارس،



قال المقدسی ایضاً:


إقليم فارس:

هذا إقليم ترابه معادن وجباله مشاجر شوكه العنزروت ومن اغنامه البازهر الموصوف، وعيونه المومياى المعروف،، واليه تنسب الثمانيه أقاليم به نخل واترنج وزيتون وريباس واقصاب وعكّوب، وجوز ولوز وخرنوب،، وبه تعمل الإبراد والخزوز، والبسط الصنيعه والبزوز ،، والأكسيه العجيبه والستور وثياب كتّان تشاكل القصب وديباج وأنواع من الحلل به المنازه المذكوره، والقصبات المشهوره،،

والمدن الطيّبه كفسا وشعب بوّان، و سابور و نوبندجان،، و دارابجرد الجليله الشان، ولا يخفى فضل سيراف و أرّجان،، و بإصطخر العجائب والبنيان وقد جلّت جور على البلدان،، بماورد وأسباب، وشابهت سابور سغدا باضراب، وزادت عليها بزيتون واترنج واقصاب،، فهي أشجار واثمار وانهار ففارس إقليم جليل طيّب كثير الخيرات، ومعدن التجارات،، وقال لي يوما ابو الحسن المؤمّليّ كيف وجدت فارس قلت وجدتها أشبه الأقاليم بالشام لأنها تجمع أضداد الثمار وبه جروم و سرود ومعتدلات، وجبال مشجره عامره وعسل وزيتون وبركات،، لم ارها بعد الشام الّا بفارس الّا انه معدن الجور والفساد كثير العقارب وحش اللسان ثقيل الضرائب حارّ الاطراف بارد الصرود ورسوم المجوس به ظاهره وأكثر الضياع مقتطعه عمره فارس بن طهمورث وهذا شكله ومثاله وقد جعلنا فارس ستّ كور وثلاث نواح فاوّلها من قبل خوزستان أرّجان ثمّ أردشيرخرّه ثم درابجرد ثم شيراز ثم سابور ثم إصطخر والنواحي الرّوذان نيريز خسو




قال المقدسی ایضاً:


جمل شئون هذا الإقليم

اعلم ان بفارس صرودا لا يثمر فيها الأشجار من شدّه البرد ولا ينعش فيها الزرع مثل الأرد و الرّون و الرّهنان واطراف إصطخر و جروم لا يمكن النوم فيها بالنهار من شدّه الحرّ مثل سيراف و أرّجان وما بينهما ويقع الاعتدال بين الحدّين وما فيها من البلد مثل شيراز ومدنها واطراف سابور و الثلج موجود في جميعه يحمل من القرب والبعد الغالب عليه الجبال أكثرها مشجره والزريعه قليله وفيه خفّه وبه منازه حسنه وقلاع منيعه وعجائب كثيره وخصائص غريبه ومعادن جليله وفواكه لذيذه المجوس به أكثر من اليهود وبه نصارى قليل وبه مجذّمون قليل

ولم أر بلدا أكثر عورا من كازرون و المفاليج بشيراز كثير والعمل فيه على مذهب أصحاب الحديث وأصحاب ابى حنيفه رحمه الله كثير وللداوديّه دروس ومجالس وغلبه ويتقلّدون القضاء والأعمال وكان عضد الدوله يعتقده أكثر الفقهاء من الثلاثه مذاهب معتزله والشيعه بسواحله كثير ومن رسومهم إذا صلّيت العصر كلّ يوم جلس العلماء للعوامّ الى المغرب وكذلك بعد الغداه الى ضحى وأيّام الجمع يجتمعون في غير موضع وطابت شيراز بجامعها والصوفيّه به كثير ويكبّر في جوامعهم بعد الجمعه ويلتفت على المنبر بالصلاه على النبيّ صلى الله عليه وسلم ويؤذّن بين يديه جميعا بلا تطريب ولا يشهد الّا عدل

ويلبس العوامّ ثياب السود ويكشفون الصوف ويكثرون التطلّس ويسلّطون العمائم وليس لأهل الطيالسه بشيراز مقدار انّما هو لأصحاب الدراريع وكما يرفع بالمشرق العلماء هاهنا ترفع الكتبه،

وللشوّائين دكاكين على حده وبنيانهم إذا ألّفت الحجاره حسن وإذا كانوا في عملها وحش وجلست يوما الى بعض البنّاءين اعنى بشيراز وأصحابه ينقشون بمعاول وحشه وإذا حجارتهم على ثخانه اللبن فإذا اعتدلت قدّروها ثم خطّوا خطّا وقطعوه بالمعول فربّما انكسرت البلاطه فإذا اعتدلت أقاموها على حدّها فقلت لهم لو اتّخذتم مسفنه وربّعتم الأحجار واحكيت لهم بناء فلسطين وطارحتهم مسائل في البناء فقال لي الأستاذ أنت مصرىّ قلت لا بل فلسطينيّ قال سمعت ان عندكم تخرّم الأحجار كما يخرّم الخشب قلت أجل قال أحجاركم ليّنه ولصنّاعكم لطافه، ورأيت لهم أعمالا عجيبه وخفّا وإتقانا لم ارها بسائر الأقاليم مثل راس السكر وجسر دخويذ وابى طالب عملت في هذا العصر يعجز عن مثلها كلّ بنّاء بالشام و اقور، وأكثر جوامعهم بأساطين، والبيت الداخل من الحمّام لا يمكن فيه المكث من الحرّ وسمعت بعض غلمان والدي رحمه الله يقول تبغنس ابو الفرج الشيرازىّ في الحمّام الّذي بناه بأبواب الأسباط لانه ادخل النار تحت بعض البيت الداخل وليس كما قال ولكنّه راى رسوم الشام في هذا الباب مخالف رسوم فارس فجعل بعض البيت على رسوم إقليمه وبقيّته على رسوم الشام ، وقلّ ما يلبسون الميازر وربّما حرسته النساء ولا يطرح القضّه الّا في موضع واحد ويأخذون الميّت سلّا ويمشى الرجال قدّام الجنازه والنسوان خلف

و بخوزستان يمشون من الناحيتين ويقيمون الزمر والطبل في المواتيم وفي المقابر ولا يعرف في أقاليم الأعاجم الخروج الى المقابر لختم القرآن وانّما يجلسون للتعزيه في المساجد ثلاثه أيّام ويكثرون فيه لبس الشمشكات والنعال ويلين فيه القلب ادنى شيء وفيه يبوسه ويصلّون التراويح في مرّتين ويقدّمون فيها الصبيان ويعيّدون مع المجوس في النيروز و المهرجان ودور الزنا بشيراز ظاهره بقبالات ،

وعددهم على شهور الفرس أوّلها فرودين ماه أرديبهشت خرداذ تير ماه مرداذ شهرير مهر آبان آذر دى بهمن اسفند ارمذ ولكلّ يوم من الشهر اسم عليها تاريخات الدواوين مثل أيّام الجمع بسائر الأقاليم أوّلها هرمز بهمن أرديبهشت شهرير أسفند ارمذ خرداذ مرداذ ديباذر آذر آبان خور ماه تير جوش ديبمهر مهر سروش رشن فرودين بهرام رام باد

واما التجارات فيرتفع من ارّجان الدبس الفائق والصابون الجيّد والتين والزيت والفوط وثياب الكندكيّه والبربهار، ومن مهربان الأسماك والتمور والقرب الجياد، ومن سينيز ثياب تشاكل القصب ربّما حمل اليهم الكتّان من مصر وأكثر ما يعمل اليوم من الّذي يزرع عندهم ، ومن سيراف الفوط واللؤلؤ وأزر الكتّان والموازين والبربهار ، ومن درابجرد كلّ شيء نفيس من الثياب المرتفعه والوسط والدون وما يشاكل الطبرستانىّ وحصر تشبه العبّادانىّ والبسط الجيّده وستور سوزن جرد والبزر الكثير والتمر والدوشاب والزّنبق الطيّب ، ومن فرج الثياب والبسط والستور والدبس الجيّد والبزر والكتّان ، ومن تارم الدوشاب والتمور والقرب والسطائح والدلاء الحسان والمراوح الكبيره ، ومن جهرم البسط والستور والأنماط المحكمه ومن شيراز الأكسيه البرّكانات لا موضع لها غيره والمنيّرات الّتي لا شبه لها في الكدّ مع رقّه وحسن والإبراد الجياد ويعمل به خزّ وديباج وقصب وحلل، ومن فسا ثياب القزّ تحمل الى الآفاق واكسيه حسان رقاق وأنماط وبسط وفوط ومنيّرات تشاكل الأصفهانيّه والوشي والستور المثمنه والفروش الرفيعه والستور الابريسميّه والعصفر والموائد والخركاهات ومناديل الشّرابيّه وغير ذلك، ويعمل بسابور عشره ادهان دهن بنفسج ونينوفر ونرجس وكارده وسوسن وزنبق ومرسين ومرزنجوش وبادرنك ونارنج وفواكه كثيره وجوز وزيت واترنج وقصب سكّر والصفصاف تحمل الادهان الى البعد والفواكه الى المصر ، ومن كازرون ثياب القصب وكذلك من توّز ودريز وتلك النواحي ودبيقيّ ومناديل مخمه تحمل الى الآفاق الثمانيه وبينها وبين الشّطويّه بون عظيم، ومن جور وكول الماورد الّذي لا نظير له وثياب كثير ، ومن إصطخر الارزّ والمأكولات ، ومن الرّوذان ثياب تشاكل البمّيّ واديم أجود من الاطرابلسىّ والقرب والشمشكات ولا نظير بشيراز للاجّاص العمرىّ والبرّكانات والمنيّرات ودوشاب ارّجان وبها شجر مثل الشوك العنزروت نوّاره وكذلك بنواحي سابور وبها هملختات جياد ومن درابجرد ملح الطبرزد والنفطىّ وجميع الألوان وفي نهرهم سمك لا عظم له وفي جبال نيريز عنزروت أيضا ومنها الشّنباذه وحجر المغنيسيا وبنواحي شيراز ريحان ورقه مثل ورق السوسن دخله يشبه النرجس وخيار له مثل شوك القنفذ وينبت بها زعفران وأرزن وبفساتين حسن وسرو عجيب وسفرجل نادر وبه معادن المومياى بدارابجرد و بأرّجان أيضا موضع آخر وبنيريز معادن حديد وطين ابيض يكتب به الصبيان ألواحهم وطين اسود للختم، بين شيراز و سابور حلتيث كثير [پاورقی ۲] وبه عجائب بطرف ارّجان نار تشتعل بالليالي وتدخن بالنهار، يخرج من آبار في جبال فسا ماء ينبع من جبل من مثل ضرع تحته حفره يجتمع فيها ينفع من قد يبس من الريح، وثمّ مياه إذا شرب منها الإنسان عنّاه كما يعنّى الدواء، ولهم طلسم متى ما ظهر بدابّه داء حمل الى ذلك الموضع فتطوف في الأرض طوفه ثم تنام على الأرض وتضع بطنها عليها فامّا ان تموت أو تستريح في الوقت ،

على فرسخ من إصطخر ملعب سليمان يصعد اليه في مدرجه حسنه من حجاره وثمّ أساطين سود وتماثيل ومحاريب وأعاجيب على عمل ملاعب الشام تحته عين ماء قالوا من شرب منها خرج منه بقايا الخمر منذ أربعين يوما وبين الأساطين حمّام ومسجد سليمان إذا جلس الإنسان في هذا الملعب كانت الضياع والمزارع بين يديه مدّ البصر، قد سكر عضد الدوله النهر الّذي بين شيراز و إصطخر بحائط عظيم جعل أساسه بالرصاص فتبحّر الماء خلفه وارتفع فجعل عليه من الجانبين عشره دواليب على ما ذكرنا من خوزستان وتحت كلّ دولاب رحى فهو اليوم من عجائب فارس وبنى ثمّ مدينه وجرّى الماء في قنىّ فاسقى ثلاثمائه قريه وفي هذا الرستاق تفّاح بعضه حلو وبعضه حامض،

بسابور خادم من حجر اسود متوشّح بإزار مكتوب على عضده بالفارسيّه قائم وسط الطريق وسطه تسعه أشبار وطوله قامه وذراع، على فرسخ من النوبندجان صوره سابور على باب كهف عليه تاج تحته ثلاثه أوراق خضر طول مشط رجله ثلاثه عشر شبرا ومن رأسه الى قديمه أحد عشر ذراعا خلفه ماء واقف لا مدّ له ولا منفذ وثمّ ريح تخرج شديده، وعلى نصف فرسخ من باب شهر حوض ينبع منه ماء ثم يفترق أنهارا ماء صاف كالزلال يسمّى سروشير ، بقريه عبد الرحمان شبه بئر أيّوب بإيليا ، بسابور جبل قد صوّر فيه كلّ ملك ومرزبان بعرف للعجم ،

بمورجان كهف يقطر من سقفه ماء ان دخل رجل لم يخرج الّا بما يكفى لرجل وان كانوا الفا فبما يكفيهم ،

بجور بركه على باب البلد وثمّ قدر نحلس عظيمه يخرج من فيه ) أعلى تلك القدر ماء عظيم،

بصاهك بئر لا يقف له على قعر يفور منه ما يدير رحى ويسقى تلك القريه،

بالغندجان نهر بين جبلين يخرج منه دخان لا يمكن أحدا ان يقربه وان اجتاز به طائر سقط فيه فاحترق،

في بحر سيراف موضع عبرنا به فانحدر بعض الملّاحين فغاصوا في البحر ومعهم قرب ثم خرجوا وقد ملؤها ماء عذبا فسألتهم فقالوا عين تخرج في قعر البحر ،

على نصف فرسخ من كازرون قبّه قالوا هي وسط الدنيا،

بنواحي إصطخر تلال زعموا انها رماد نار إبراهيم عم، وبه قناطر عجيبه محدثه وجاهليّه ومياهه غزيره وبه انهار عدّه

فاما نهر طاب فإنه يخرج من جبال أصفهان ويمدّ على تخوم الإقليم الى ارّجان وعليه السكّه تعبر على قناطر غير مرّه ، و نهر شيرين و نهر الشاذكان و نهر درخيد و نهر خوبذان و نهر رتين و نهر إخشين و نهر سكّان و نهر جرسيق و نهر الكرّ و نهر فرواب و نهر تيرزه هذه امّهات الأنهار

واما البحيرات فخمس بحيره البختكان نحو عشرين فرسخا مالحه بكوره إصطخر و بحيره دشت أرزن بكوره سابور عشره فراسخ عذبه ربّما جفّت وعامّه سمك شيراز منها و بحيره كازرون عشره فراسخ مالحه منشعبه فيها صيد ومنافع و بحيره الجنكان نحو اثنى عشر فرسخا يعملون في اطرافها الملح بكوره أردشيرخرّه و بحيره الباشفويه ثمانيه فراسخ مالحه عليها بردىّ وآجام،

واما بحر الصين فإنه يمدّ على تخوم الإقليم الجنوبيّه كلّها وبه من احياء الأكراد ثلاثه وثلاثون الكرمانيّه الرامانيّه مدثر حىّ محمّد ابن بشر الثعلبيّه البندامهريّه حىّ محمّد بن إسحاق الصباحيّه الاسحاقيّه الادركانيّه السهركيّه الطهمادهنيّه الزباديّه الشهرويّه المهركيّه البنداقيّه الخسرويّه الزنجيّه الصفريّه المباركيّه استامهريّه الشاهونيّه الفراتيّه السلمونيّه الصيريّه الازاددختيّه المطّلبيّه المماليّه الشاكانيّه الجليليّه وهم خمس مائه بيت

واما القلاع فباصطخر قلعه عظيمه سعه رأسها فرسخ فيها حياض ماء وأمير راتب وباعه وبها خزائن عدّه من الملوك واموال جاهليّه، و بشيراز قلعه بناء عضد الدوله أنفق عليها أموالا جمّه وحفر فيها بئرا في الجبل الى أسفله، و بنسا و كثه و فسا و قريه الآس و درابجرد و جنبد و ارّجان و زيرباذ وبعض وسط البحر وذكر إبراهيم بن محمّد الفارسىّ انها تبلغ خمسه آلاف قلعه[پاورقی ۳] وزمومه خمسه أكبرها زمّ احمد بن صالح يعرف بالديوان ثم زمّ شهريار يعرف بزمّ البازنجان وهم الذين في ناحيه أصفهان من هذا القوم ناقله من هذا الزمّ ثم زمّ احمد بن الحسن ويعرف بزمّ الكاريان وهو زمّ أردشيرخرّه

ووضع فارس انها مقسومه على خطّ من لدن ارّجان الى النوبندجان الى كازرون الى خرّه ثم على حدود السّيف الى كارزين حتّى يمدّ على الزّمّ فما كان يلقى الجنوب فجروم وما كان نحو الشمال فصرود فيقع في الجروم ارّجان و نوبندجان و سينيز و توّج و خرّه و داذين و موز و كارزين و دشت البوسقان و كير و كيزرين و أبزر و سميران و خمايجان و الخرمق و كران و سيراف و نجيرم و حصن ابن عماره وما في اضعافهنّ،

ويقع في الصرود إصطخر و البيضاء و ماءين و ايرج و كام فيروز و كرد و كلّار و سروسير و الاوسبنجان و أرد و الرون و صرام و بازرنج و سردن و الخرّمه و الحيره و النّيريز و المسكانات و الايج و الاصبهانات و بورم و رهنان و بوّان و طرخنيشان و الجوبرقان و إقليد و الجرمق و برقوه وما جرى مجراهنّ،

ويقع الاعتدال ما بين ذلك وهي كوره درابجرد و شيراز و فسا وما يدخل في هذا الصقع ممتدّا الى جور و نواحيها والمضار ماء ارّجان ردىّ وكذلك ماء درابجرد و آبار شيراز ثقيله والغالب على الجروم فساد الهواء وتغيير الألوان ثم اصحّها سيراف و ارّجان و جنّابه و سينيز واعدلها ما بين الحدّين و بدشت بارين عين يستشفى بها من العلل وماء قصبه سابور ثقيل وهو بلد الجور قرأت في كتاب بخزانه عضد الدوله أهل فارس ابخع الناس بطاعه السلطان وأصبرهم على الظلم وأثقلهم خراجا واذلّهم نفوسا وفيه أهل فارس لم يعرفوا عدلا قطّ، فان قال قائل أوليس قد مدحهم النبيّ صلى الله عليه وسلم حيث يقول لو ان الايمان بالثريّا لتعلّق به رجال من أهل فارس قيل له خراسان و فارس كانتا عند العرب شيئا واحدا ومتى أخرجت عالما قطّ مذكورا في الآفاق وكم قد أخرجت خراسان مثل ابن المبارك وابن راهويه ونظائرهما في الفقه والحديث والى اليوم لا تخلو من ائمّه اجلّه وفارس خاليه من هذا الضرب ولا ترى لهم تصنيفا يعتمد عليه ولا رسما في العلم يرجع اليه أولا ترى ان ابا خالد قال فارس ثلاثه آلاف فرسخ وانّما هذا الإقليم مائه وعشرون في مثلها فعلمت انه أراد خراسان وما حولها والولايات فيه للديلم أوّل من غلب عليه عليّ بن بويه ولم يعقب فتبنّى عضد الدوله وملك من بعده وهو ابن أخيه وبنى بشيراز دارا لم أر في شرق ولا غرب مثلها ما دخلها عامّىّ الّا افتتن بها ولا عارف الّا استدلّ بها على نعمه الجنّه وطيبها خرّق فيها الأنهار ونصب عليها القباب وأحاط بالبساتين والأشجار وحفر فيها الحياض وجمع فيها المرافق والعدد وسمعت رئيس الفرّاشين يقول فيها ثلاثمائه وستّون حجره و دارا كان مجلسه كلّ يوم واحده الى الحول وهي سفل وعلو وخزانه الكتب حجره على حده عليها وكيل وخازن ومشرف من عدول البلد ولم يبق كتاب صنّف الى وقته من أنواع العلوم كلّها الّا وحصله فيها وهي أزج طويل في صفّه كبيره فيه خزائن من كلّ وجه وقد الصق الى جميع حيطان الأزج والخزائن بيوتا طولها قامه في عرض ثلاثه أذرع من الخشب المزوّق عليها أبواب تنحدر من فوق والدفاتر منضّده على الرفوف لكلّ نوع بيوت وفهرستات فيها أسامي الكتب لا يدخلها الّا وجيه وطفت في هذه الدار كلّها سفلها وعلوها وقد فرشت فيها الآلات فرأيت في كلّ مجلس ما يليق به من الفرش والستور ورأيت بيوت الخيش ينزع عليها الماء من قنىّ حولها من فوق بالدوام ورأيت الأنهار تطّرد في البيوت والاروقه واظنّه بناها على ما سمع من اخبار الجنّه وبان بونا بعيدا وضلّ ضلالا مبينا وباء بالأوزار، ولم تبق له الدار،، وسكن الأجداث، بعد الملك والآلات،، ولقد مات باشرّ موته وأراه الله نفسه خسره وصار لنا موعظه وعبره وانشدنى بعض الخدم أبياتا ذكر انه سمعها منه عند موته وقد ملك ثمانيه أقاليم وانخطب له بالسند و اليمن وطمع في المشرق وعاند صاحب المغرب وخافته الملوك وقبض على صاحب الروم، وعرف أنواعا من العلوم، وتبحّر في علم النجوم،،

شعر
تمتّع من الدّنيا فإنّك لا تبقى وخذ صفوها منها ودع عنك الرّنقا
ولا تأمننّ الدّهر إنّي أمنته فلم يبق لي حالا ولم يرع لي حقّا
وأخليت دار الملك من كلّ ناعم وشتّتّهم غربا وشرّدتهم شرق
فلمّا لمست النّجم عزّا ورفعه وصار رقاب الخلق [1] لي كلّهم رقّا
رماني الرّدى سهما فأخمد جمرتى فها أنا هنّا عاجلا حفره ألقى
فلم يغن عنّي كلّ مال ولم أجد لدى قانص الأرواح في مصرعي رفقا
فأفسدت دنياي وديني سفاهه فمن ذا الّذي منّى بمصرعه أشقى

خراج

وخراج هذا الإقليم مختلف يؤخذ بشيراز على جريب الحنطه والشعير مائه وتسعون درهما ومن الارطاب والمباطخ مائتان وسبعه وثلاثون درهما وعلى القطن مائتان وستّه وخمسون درهما واربعه دوانيق وعلى الكروم ألف واربعمائه وخمسه وعشرون درهما والجريب الكبير سبعون ذراعا بذراع الملك وهو تسع قبضات وخراج كوار على الثّلثين ممّا ذكرنا حطّه الرشيد وخراج إصطخر ينقص عن خراج شيراز في الزرع بشيء يسير وما أسقاه المطر فعلى الثلث ولا تسأل عن ثقل الضرائب و كثرتها [پاورقی ۵] وبه عدّه أرطال رطل شيراز الكبير ثمانيه أرطال بغداديّ به يوزن الخلّ واللبن ونحوهما ولهم من مكّىّ وبالرطل البغداديّ يزنون اللحوم والخبز وما يجرى مجراهما ومن الخبز بفسا ثلاثمائه والقطن والحبوب ويزنون السكّر والزعفران والعسل والحنّاء والبقم وآله الصيادله بمنّ ثلاثمائه ويزيد عليه من القديد واللحوم والحديد ونحوها بخمسه وعشرين من درابجرد المعروف منّه في جميع الأشياء غير آله الصيادله اربعمائه وأربعون درهما والغزل والخبز والعصفر والشعر والمرعزّى والصوف اربعمائه وثمانون درهما من نيريز في كلّ الأشياء غير آله الصيادله ثلاثمائه وعشرون ومن الغزل ثلاثمائه وأربعون ومكاييلهم قفيز فسا ستّه أمناء بالثلاثمائه في الحبوب وما كان من لوز وشعير فقفيزه ستّه أمناء وقفيز الارزّ والحمّص والعدس ثمانيه أمناء فقفيز نيريز ثلاثه أرطال بغداديّ في الشعير والزبيب والقشمش والذره وقفيز الحنطه يزيد عليه، من ارّجان ثلاثه أرطال غير السكّر وقفيزهم عشره أمناء بالكبير والمكّوك نصف القفيز والجريب عشره اقفزه، ويؤخذ على القوانين لكلّ نخله ربع درهم والضياع تتفاوت بسنبل من ثلاثه دراهم الى نصف درهم و بأرّجان الى درهم وارض القوانين وان انكشفت عشرون درهما

المسافات

واما المسافات فإنك تأخذ من ارّجان الى ريشهر مرحله ثم الى مهربان مرحله، وتأخذ من ارّجان الى بسابك مرحله ثم الى دهليزان مرحله ثم الى خابران بريدين ثم الى وادي الملح مرحله ثم الى رامهرمز بريدين ، وتأخذ من ارّجان الى الزّيتون بريدين ثم الى حبس مرحله ثم الى بندق مرحله ثم الى جنبد بريدين أو بريدا في العقبه ثم الى زنك بريدين ثم الى دخويذ مرحله ثم الى خواذان بريدين ثم الى النوبندجان مثلها، وتأخذ من ارّجان الى كنيسه المجوس مرحله ثم الى قريه مرحله ثم الى الزيز مرحله ثم الى العينيّه مرحله ثم الى النهر مرحله ثم الى خرنده مرحله ثم الى سميرم مرحله، وتأخذ من مهربان الى سينيز أو الى النهر مرحله ومن النهر الى ارّجان مرحله ومن سينيز الى سنجاهان مرحله ثم الى جنّابه مرحله ثم الى دشت داودي مرحله ثم الى توّز مرحله ثم الى خشت مرحله ثم الى نيماراه نصف مرحله صعبه ثم الى سابور مثلها وتأخذ من سيراف الى جمّ مرحله ثم الى برزره مرحله ثم الى كيرند مرحله ثم الى مه مرحله ثم الى رايكان مرحله ثم الى بيابشوراب مرحله ثم الى جور مرحله، ومن سيراف الى عمان في البحر أو الى البصره إقلاع خمس الى عشر ومنها الى البحرين سبعون فرسخا عرض البحر وتأخذ من درابجرد الى خسو مرحله ثم الى كرب مرحله ثم الى جويم ابى احمد مرحله ثم الى كاريان مرحله ثم الى باراب مرحله ثم الى كران مرحله ثم الى سيراف مرحله،

وتأخذ من درابجرد الى جرموا مرحله ثم الى رستاق الرستاق مرحله ثم الى برك مرحله ثم الى تارم مرحله، وتأخذ من درابجرد الى جاه زندايا مرحله ثم الى تيمارستان مرحله ثم الى فسا نصف مرحله وتأخذ من شيراز الى كفره مرحله ثم الى كول مرحله ثم الى بومهان مرحله ثم الى جور مرحله، وتأخذ من شيراز الى قريه جويم مرحله ثم الى خلّار بريدين ثم الى الخراره مثلهما ثم الى جركان مرحله ثم الى النوبندجان مرحله فيها شعب بوّان الّذي هو أحد منازه الدنيا ، وتأخذ من شيراز الى قريه الرمّان مرحله ثم الى سروستان مرحله ثم الى كرم مرحله ثم الى فسا مرحله،

وتأخذ من شيراز الى داريان مرحله ثم الى خرّمه مرحله ثم الى كث مرحله ثم الى خير مرحله ثم الى نيريز مرحله ثم الى كدروا مرحله ثم الى رباط زرودوا مرحله ثم الى نهر من مرحله ثم الى هنته مرحله ثم الى بيمند مرحله ثم الى السيرجان بريدين ، وتأخذ من شيراز الى ركان مرحله ثم الى راس السكر مرحله ثم الى زياداباذ مرحله ثم الى جبّ أمير المؤمنين مرحله ثم الى راس الدنيا مرحله، وتأخذ من شيراز الى صاهه مرحله ثم الى دشت أرزن مرحله صعبه فيها عقبه بالان ، وتأخذ من فسا الى كارزين مرحله ثم الى هرمز مرحله ومن كارزين الى خارزين مرحله، ولا اعرف مصرا توسّط إقليمه الّا هذا وهمذان الا ترى ان منه الى كثه أو الى تارم أو الى نجيرم أو الى نهر طاب ستّين ستّين ومنه الى الزوايا الأربع سينيز أو الرّوذان أو سورو أو تخوم أصفهان ثمانين ثمانين وحوله مدن تتقارب مسافتها اليه حدّثنى رجل بكازرون قال هرب بعض الناس من السلطان فعدا الى سابور ثم سأل كم الى شيراز قالوا ثمانيه عشر فعدا الى كازرون ثم سأل كم الى شيراز قالوا ثمانيه عشر فعدا الى خرّه ثم سأل كم الى شيراز قالوا ستّه عشر فعدا الى جور ثم سأل فقالوا عشرون ومنه الى البيضاء مرحله وتأخذ من سابور الى كازرون مرحله ثم الى خرّه مرحله، ومن سابور الى النوبندجان مرحله ومن سابور الى كرك مرحله ثم الى دشت ارزن مرحله، ومن كازرون الى قريه الحطب بريدين ثم الى دشت ارزن مثلها، ومن كازرون الى دريز بريدين ثم الى راس العقبه مثلها ثم الى توّز مثلها ثم الى قريه مثلها ثم الى جنّابه مثلها وتأخذ من إصطخر الى راس السكر بريدين ومن إصطخر الى البيضاء أو الى قريه الحمام مرحله ومن قريه الحمام الى زيادواذ بريدا ثم الى جبّ أمير المؤمنين ثم الى راس الدنيا ثم الى خوزستان مرحله ثم الى هراه مرحله ثم الى راذان مرحله ثم الى شاباوك مرحله ثم الى روار مرحله ثم الى قريه الجمال مرحله ثم الى الرّوذان مرحله،

وتأخذ من إصطخر الى بئر بريدين ثم الى كهمنده مرحله ثم الى قريه بيذ مثلها ثم الى أبرقوه مرحله ثم الى قريه الأسد مثلها ثم الى الأرد مرحله ثم الى قلعه المجوس مرحله ثم الى كثه مرحله ثم الى أنجيره مثلها وتأخذ من اليهوديّه الى خان رش مرحله ثم الى قومسه مرحله ثم الى كرو مرحله ثم الى سميرم مرحله، وتأخذ من اليهوديّه الى الخان حان لنجانمرحله ثم الى كرو مرحله ثم الى ماس مرحله ثم الى خان روشن بريدين ثم الى إصطخران مرحله ثم الى قصر أعين مرحله ثم الى خوسكان مرحله ثم الى ماءين مرحله ثم الى أزر سابور مرحله ثم الى شيراز مرحله، وان شئت فاخذ في مفازه من قومسه الى روزكان مرحله ثم الى ازكاس مرحله ثم الى سروستان مرحله ثم الى سرمسه مرحله ثم الى لاه و كره مرحله ثم الى قريه الخلّاف مرحله ثم الى كماهنك مرحله ثم الى قريه ابن بندار مرحله ثم الى إصطخر مرحله،

وتأخذ من سميرم الى جعفرآباذ مرحله ثم الى الزاب مرحله ثم الى كورد و كلّار مرحله ثم الى مهرجاناواذ مرحله ثم الى اش و بورد مرحله ثم الى نسا بريدين ثم الى شيراز مرحله، وتأخذ من اليهوديّه الى خالنجان مرحله ثم الى باركان مرحله ثم الى أسبيذدشت مثلها ثم الى جعاد و جورد مثلها ثم الى الرباط مثلها ثم الى كورستان مرحله ثم الى جسر جهنّم مرحله

قال الادریسی:

فنقول إن أرض فارس يحيط بها من ناحية الشرق المفازة الكبيرة المتصلة بأرض السند من أعلاها وتتصل بالري من أسفلها ويحيط بها من جهة المغرب بحر فارس ومن جهة الجنوب أرض مكران ومن جهة الشمال أرض خوزستان وكور فارس خمس كور.

ارجان

فمنها كورة أرجان وهي أصغر كور فارس وقاعدتها سابور كما قلناه وبهذه الكورة مدينة منذ و النوبندجان و كازرون ولكن هذه كورة تنسب إلى سابور وهو الذي ابتنى المدينة المسماة بسابور وإليها تنسب الثياب السابورية ومنها سينيز و اسلجان و الملجان و فرزك و باش.

دارابجرد

ومنها كورة دارابجرد ومدينتها دارابجرد و فسا وهي أكبر وأعم غير أن الكورة منسوبة إلى دارا الملك و طمستان و كردبان و نيريز و الفستجان و الابجرد و الانديان و جويم و ماذوان و خسوا و فرج و تارم.

اصطخر

و إصطخر أكبر بلادها ومن كور إصطخر مدينتها البيضاء و نهران و ابرج و مايين و البرانجان و الميادوان و الكاسكان و كرم و الهزار و ناحية الروذان و الأذركان و ابرقويه.

سابور

ومن الكور أيضا بفارس كورة سابور هي كورة حسنة ومدنها كثيرة فمنها النوبندجان و بندرهمان و دشت بارين و الهنديجان و جنجان و تنبوك و الدرخويذ و ملتون و دربختجان و الخوبذان و الكيمارج و ماهان و الراميجان و الديبنجان و الشاهجان و الشادروذ و مور و خمايجان العليا و خمايجان السفلى.

اردشیرخره

ومن كور فارس أيضا كورة أردشير خرة ومن مدنها شيراز و جور و نابند و ميمند و الصيمكان و البرجان و الكربنجان و الخواروستان و كوار و سيراف و نجيرم و سينيز و جه و كير و كبرين و كران و كام فيروز و الرويجان.

شیراز

وقاعدة فارس مدينة شيراز وهي دار مملكة فارس وينزلها الولاة والعمال وبها الديوان والمجبى وهي مدينة إسلامية بناها محمد بن القاسم بن أبى عقيل ابن عم الحجاج وتفسير شيراز جوف الأسد وإنما سميت بذلك لأنها مدينة يجلب إليها المير من سائر البلاد ولا يخرج منها ميرة البتة ولما وصل عسكر الإسلام إلى فارس عرس المعسكر بمكانها وأقام به إلى أن استفتحت إصطخر وجميع كردها فتبرك المسلمون بذلك فبنوا شيراز هناك في موضع المعسكر وهي مدينة جليلة المقدار حسنة النواحي والأقطار طولها نحو من ثلاثة أميال في مثلها وهي متصلة البناء لا سور لها شبيهة بمصر وبها أسواق وعمارة وهي قرارة الجيوش وأولي الحرب والدواوين والجبايات وشرب أهلها من الآبار.

اصطخر

ومدينة إصطخر مدينة جليلة كبيرة جميلة كثيرة الأسواق والمتاجر وبناؤها بالطين والحجارة والجص ومدينة إصطخر أقدم مدن فارس وأشهرها اسما وكانت مدارا لملكها وملوكها إلى أن ولي أردشير الملك فنقل ملكه إلى جور وجعلها دارا لملكه ويروى في الأخبار أن سليمان بن داؤود كان يسير من طبرية إليها من غدوة إلى عشية وبها مسجد يعرف بمسجد سليمان و إصطخر على نهر فرواب ولها قنطرة تسمى بقنطرة خراسان وهي قنطرة حسنة وخارج القنطرة أبنية ومساكن بنيت في عهد الإسلام ومن إصطخر إلى شيراز ستة وثلاثون ميلا وهواء إصطخر هواء فاسد وخيم و بإصطخر تفاح عجيب تكون التفاحة منه نصفها حلو صادق الحلاوة ونصفها حامض صادق الحموضة ومن شيراز إلى جور ستون ميلا.

جور

مدينة جور بناها أردشير وكان مكانها فيما يحكى منفع مياه تجتمع به فاحتال لخروج ذلك الماء وبنى مدينة جور بها وهي مدينة جليلة لها سور من طين وخلفه خندق ولها أربعة أبواب ومقدارها نحو إصطخر و سابور و دارابجرد كثيرة البساتين والجنات رحيبة الأبنية والجهات غدقة الفواكه والثمرات نزيهة جدا فرجة من جميع جهاتها الأربع يسير السائر بها بين قصور عالية ومتنزهات سامية كاملة الحسن طيبة الهواء وكان في وسطها فيما سلف من الزمان بنيان يسمى الطربال بناه أردشير الملك وجعل له من العلو مقدار ما إذا صعد الإنسان إلى أعلاه أشرف على جميع المدينة ورساتيقها وكان له في أعلى هذا البناء بيت نار فهدمت الإسلامية أكثره ولم يبق منه الآن إلا رسم داثر ويعمل بمدينة جور ماء الورد الكثير الخالص البالغ في الطيب والصفاء وعبق الرائحة وقلة التغيير في المدة الكثيرة وإليها ينسب ماء الورد الجوري.

دارابجرد

ومن مدينة شيراز إلى مدينة دارابجرد مائة وخمسون ميلا ودارابجرد ابتناها دارا الملك ونسبها إلى نفسه وتفسير بجرد بالعربية عمل وهي لفظة فارسية فكأنه قال عمل دارا وهي مدينة كبيرة عامرة آهلة فرجة وبها تجار وأسواق وبيع وشراء وهي مقصد ومجمع للتجار المتصرفين في ديار فارس وعليها سور حصين كسور جور ويدور بسورها خندق تجتمع إليه فضول المياه التى يسقى بها النخل ومسالات مياه عيون جمة وفي هذا الماء حشائش وغدران تمنع من خوضه وبه سمك كثير لا شوك فيه ولا عظم ولا له فقار ولا على جسمه فلوس وهو من ألذ السمك طعما ويصرف فيما يصرف فيه اللحم ولهذه المدينة أربعة أبواب وفي وسطها جبل عال كالقبة ليس يتصل بشيء من الجبال وبنيان أهلها بالحجارة والطين والجص ومن مدينة دارابجرد إلى مدينة فسا أربعة وخمسون ميلا.

فسا:

ومدينة فسا مدينة مفترشة البناء واسعة الشوارع وأبنيتها أفسح وأشمخ من أبنية شيراز وبنيانهم بالطين وخشبها كثير والغالب عليه خشب الصنوبر والسرو وهي عامرة بالناس والجلة والتجار المياسير وهي تقارب شيراز في كبر مقدارها وكثرة عمارتها وهواؤها أصح من هواء شيراز وعليها حصن حصين وأبواب خشب محددة وحولها في الدائر خندق واسع عميق ولها ربض كبير وأكثر أسواقها في ربضها ذلك وبها من غلات الرطب والبلح والجوز والأترج والسفرجل والقصب الحلو ما يقوت ويكفي ويشف على الحاجة إليه ومن مدينة فسا إلى مدينة شيراز ستون ميلا

و لدارابجرد من الرساتيق رستاق كرم و رستاق جهرم و رستاق نيريز و رستاق الفستجان و رستاق الابجرد و رستاق الانديان و رستاق جويم و رستاق فرج و رستاق تارم و رستاق طمستان وهذه الرساتيق بها مدن وقرى كالمدن عامرة آهلة وبها أسواق وتجارات وبقرية من قرى دارابجرد الموميا الذي يحمل إلى الآفاق وهي ملك للسلطان ولا نظير لها وهي في غار في جبل وقد وكل بها حفظة والغار مسدود الباب مطبوع على غلقه بعلامات كثيرة ويفتح في كل سنة مرة فيوجد قد اجتمع في قعره حجر على قدر الرمانة فيطبع عليه بمحضر من ثقات السلطان ويحمل إلى شيراز ويباع هناك وهو الصحيح وما سواه من الموميا فليس بشيء.

ومن فسا إلى كازرون ستة وخمسون ميلا وهي مدينة حسنة لها سور وحصن وأبواب خشب وحديد ولها قلعة داخلها حصينة ولها ربض عامر فيه أسواق ومتاجر وصناعات وبها فواكه عامة وخير كثير ومن كازرون إلى جور ثمانية وأربعون ميلا.

و الجنجان تتاخم كازرون وهي مدينة عامرة آهلة من كورة سابور وعليها سور منيع وبها تجارات وبيع وشراء.

و الراميجان ميدينة حسنة من كور سابور ولها سور تراب حصين ولها رستاق خصيب ويسمى بها وينسب إليها.

الخوبذان أيضا مدينة صغيرة عامرة بالناس كثيرة الخلق ولها سوق وتجار وصناعات وبيوع وأشرية ولها رستاق كبير وجانب متسع وينضاف إليها عمل المورستان وبها منبر وبشر كثير وفواكه ونعم دارة.

ومن كورة سابور مدينة جرة وهي عامرة عليها سور من طين حصين ولها رستاق آهل كثير العمارة وأفضيتها واسعة و الدرخويذ و تنبوك رستاقان متقاربان في الكبر عامران ولهما مزارع ومنافع وغلات وكذلك رستاق الكيمارج حسن الموضع واسع الجهات ممتد مستغل لكل فائدة وأما الرامجان و الشاهجان و ابنوران و الشادروذ و خمايجان العليا والسفلى و تيرمردان فهذه كلها رساتيق وحصون وقرى كالمدن متقاربة الأقدار واسعة الأقطار خيراتها عامة وأموالها وافرة وخلقها كثير وجملتها من كورة سابور المتقدم ذكرها.

ويتصل بما ذكرناه من جهة الجنوب مع الغرب من هذا الجزء المرسوم مدن وقلاع ورساتيق من كورة أردشير مثل جور وقد تقدم ذكرها ولها رستاق جليل عامر و نابند ورستاقها ممتد متسع الأرجاء وكذلك الصيمكان وهو حصن منيع وله عمارات ورستاقه منسوب إليه و خورستان مدينة حسنة عامرة بسوق وحصن منيع ولها رستاق كبير عامر له غلات مفيدة وكذلك الفوشجان مدينة صغيرة وأهلها بشر كثير وبها صناعات وتجارات ولها رستاق يسمى باسمها ومن كورة أردشير مدينة كران وهي مدينة صغيرة حصينة ولها رستاق معروف باسمها وبها طين أخضر كالسلق يؤكل لا نظير له.

ومن مدنها مدينة سيراف وهي على ساحل البحر الفارسي . هي مدينة كبيرة وبها تجار مياسير وأهلها مولعون بكسب المال واستجلابه على أي وجه أمكن وهم أكثر عباد الله تغربا وتجولا في الآفاق حتى إن الرجل منهم يتجول العام والعشرين ولا يرجع إلى أهله ولا يكترث بمن خلفه و سيراف فرضة فارس ومبانيها بالساج وأبنيتهم طبقات مشتبكة البناء كثيرة الأهل ولأهلها همم في نفقات الأبنية وضروب التحسين والتحصين وفواكههم ومياههم تصل إليهم من جبل مشرف عليهم يسمى جم وهذا الجبل مطل على البحر وليس به زرع ولا ضرع وهي شديدة الحر جدا ولها منبران أحدهما نجيرم وهي مدينة على البحر وكذلك مدينة الغندجان ورستاقها يسمى دشت بارين وفيه حصن به منبر وسوق.


ومدينة صفارة صغيرة على البحر وبها سكان وهم مياسير ولهم رستاق معمور يسمى الرستقان. ومن كورة أردشير توج وهو حصن عامر بأهله منيع وكذلك الجرمق أيضا قصبة حسنة حصينة عامرة آهلة وكذلك كير قصبة معمورة كبيرة ولها رستاق حسن جليل مفيد ومنها أبزر وهو قصبة جامعة وملجأ وبها أسواق وكذلك سميران مدينة صغيرة لها رستاق جليل متسع العمارات كثير العامر وأيضا مدينة كوار متوسطة عليها سور تراب وفيها أسواق وتجار مياسير وهي مقصد لأنواع تجارات ولها رستاق كبير فيه عمارات وخير وافر ومستغلات جمة والرستاق بلسان الفرس معناه الإقليم أي عمل بجهة.

جزيرة ابن كاوان

وفي البحر جزيرة ابن كاوان وفيها مدينة وجامع آهل وهي من كورة أردشير و بقربها جزيرة أوال وبها أيضا مدينة ولها جامع وفيها أسواق صالحة وكلا هاتين الجزيرتين على مقربة من البر ويتصل بهذه الأكوار كورة أرجان المتقدم ذكرها وفيها مدن كثيرة كبار وصغار يجب ذكرها هاهنا وسنأتي بمسافاتها في الطرقات المتصلة بالبلاد.

ارجان

فأما أرجان فإنها حد بين فارس و خوزستان .

هي مدينة حسنة في غاية الطيب ولها رساتيق وخصب ونخيل وكروم وفواكه عامة مثل الجوز والأترج والخوخ والزيتون الكثير والزيت وماؤها غير طيب ولا شروب وعلى باب أرجان مما يلي خوزستان على نهر طاب قنطرة تنسب إلى الديلمي طبيب الحجاج بن يوسف وهي طاق واحد سعة ما بين عموديها على وجه الأرض ثمانون خطوة وارتفاعها ما يحمل ذلك.

سابور

ومدينة سابور مدينة بناها سابور الملك وهي تباهي إصطخر في هيآتها وأبنيتها لكن مدينة سابور أكثر بشرا وعمارة وأهلا وأوفر حالا وبها جامع ومنبر.

ريشهر:

وأما مدينة ريشهر فإنها صغيرة لكنها عامرة ولها جامع ورستاق كبير منسوب إليها وبه عمارات وقرى ومزارع وكذلك.

و ايج حصن جامع ومعقل مانع وبه منبر وله عمالة وقرى.

جنابه:

و جنابه مدينة كبيرة عامرة آهلة ذات أسواق عامرة وطرز يصنع بها ثياب الكتان الفاخرة على ضروب وبها أنواع من التجارات ولها رستاق وعمالة.

ومنها مدينة سينيز وهي بقرب البحر وبها منبر وينسب إليها الكتان السينيزي المجمع عليه بالقول العام أنه ليس بجميع أقطار الأرض كتان يعدله ولا يقاومه قوة ولينا ومن شأنه أنه لا يتعلق بالثياب كفعل الكتان في ذاته وحاله في التعليق بالثياب الملامسة له ومن رساتيقها العامرة اسلجان وبها منبر ومنها الملجان و فرزك و باش كلها حصون ومواطن معمورة تتقارب في أقدارها وتتشابه في عماراتها وفي كل واحدة منها منبر وجماعات ومن أرض فارس بلاد كثيرة بقي علينا ذكرها وسنأتي بها في الجزء الآتي إثر هذا الجزء بحول الله.


شيراز إلى سيراف:

فمن ذلك صفة الطريق من شيراز إلى سيراف ومن شيراز إلى قرية كفرة خمسة عشر ميلا ومن كفرة إلى قرية نخذ خمسة عشر ميلا ومن نخذ إلى مدينة كوار ستة أميال ومدينة كوار تقسم ما بين نخذ و البيمجان لأن من نخذ إلى قرية البيمجان اثني عشر ميلا ومن البيمجان إلى مدينة جور السابق ذكرها ثمانية عشر ميلا ومن جور إلى رستاق دشت شوراب خمسة عشر ميلا ومنها إلى خان (آزاذمرد) وهي قرية في صحراء (قدر) تسعة أميال وهذه الصحراء كلها تنبت نرجسا مضاعفا [[ومن حار إلى خان آزاذمرد وهي قرية]] ثمانية عشر ميلا ومن خان آزاذمرد إلى قرية كيرند ثمانية عشر ميلا ومن كيرند إلى قرية مي ثمانية عشر ميلا ومن مي إلى رأس العقبة وهناك منزل يسمى اذركان ثمانية عشر ميلا ومن اذركان إلى خان بركانة اثنا عشر ميلا ومن بركانة إلى مدينة سيراف نحو أحد وعشرين ميلا يكون الجميع مائة وثمانين ميلا.


والطريق من شيراز إلى جنابة على البحر

من شيراز إلى خان الأسد وهو على نهر السكان ثمانية عشر ميلا ومن خان الأسد إلى خان دشت أرزن اثنا عشر ميلا ومن دشت أرزن إلى قرية تيرة اثنا عشر ميلا ومن تيرة إلى مدينة كازرون السابق ذكرها ثمانية عشر ميلا ومن كازرون إلى قرية دريز اثنا عشر ميلا ومنها إلى مدينة توج أربعة وعشرون ميلا ومن توج إلى جنابة ستة وثلاثون ميلا فذلك مائة واثنان وثلاثون ميلا.


والطريق من شيراز إلى إصبهان

من شيراز إلى مدينة الهزار اثنا عشر ميلا ومنها إلى مايين مدينة أحد وعشرون ميلا ومن مايين إلى مدينة كسنا ثمانية عشر ميلا ومنها إلى كنار . هي قرية اثنا عشر ميلا ومن كنار إلى قرية قصر (ابن) أعين أحد وعشرون ميلا ومنها إلى قرية إصطخران أحد وعشرون ميلا ومنها إلى خان روشن وهي قرية عامرة أحد وعشرون ميلا ومنها إلى قرية كرد أحد وعشرون ميلا ومنها إلى قرية كزة أربعة وعشرون ميلا ومن كزة إلى خان لنجان أحد وعشرون ميلا ومنه إلى إصبهان أحد وعشرون ميلا فذلك من شيراز إلى خان روشن اثنان وسبعون ميلا ومن خان روشن إلى إصبهان ثلاثة وتسعون ميلا الجملة من ذلك مائتان وخمسة وعشرون ميلا.


والطريق من شيراز إلى خوزستان

من شيراز إلى جويم وهي مدينة حسنة نبيلة متقنة خمسة عشر ميلا ومن جويم إلى خلار اثنا عشر ميلا و خلار قرية كبيرة ومنها إلى قرية الخرارة خمسة عشر ميلا وهي قرية عامرة قليلة الماء ومن الخرارة إلى قرية الكركان خمسة عشر ميلا ومن الكركان إلى النوبندجان وهي مدينة كبيرة عامرة ذات أسواق وتجارات وقد ذكرناها فيما سلف ثمانية عشر ميلا ومنها إلى قرية الخوبذان اثنا عشر ميلا ومنها إلى قرية زايدة اثنا عشر ميلا ومنها إلى خان حماد وهي قرية عامرة اثنا عشر ميلا ومنها إلى راسين اثنان وعشرون ميلا ومنها إلى أرجان أحد وعشرون ميلا ومنها إلى بيذك وهي قرية تسعة أميال ومنها إلى قرية العقارب وتعرف ب[][هبر|هبر]] اثنا عشر ميلا ومن أرجان أيضا إلى سوق سنبيل ثمانية عشر ميلا والحد قنطرة ثكان من أرجان على غلوة سهم فالجملة من ذلك من شيراز إلى أرجان مائة وثلاثون ميلا.

والطريق من شيراز إلى يزد

و يزد في جهة الشرق وهي على جانب المفازة في طريق خراسان ونحن نذكر هذا الطريق مجردا على حاله وسنذكر البلاد التي تأتي هناك على استقصاء في موضعها إن شاء الله فمن ذلك تخرج من شيراز إلى الزرقان ثمانية عشر ميلا و الزرقان منازل على واد عذب إلى مدينة إصطخر ثمانية عشر ميلا ومن إصطخر إلى قرية تير اثنا عشر ميلا ومن تير إلى قرية كمهنك أربعة وعشرون ميلا ومن كمهنك إلى قرية بيذ أربعة وعشرون ميلا ومن بيذ إلى مدينة ابرقويه ستة وثلاثون ميلا ومن ابرقويه إلى قرية الأسد تسعة وثلاثون ميلا ومن قرية الأسد وهي قرية ذات حصن منيع (إلى قرية الجوز ستة فراسخ ومن قرية الجوز) إلى قلعة المجوس ثمانية عشر ميلا ومن قلعة المجوس إلى مدينة كثه من حومة يزد خمسة عشر ميلا ومن كثه إلى يزد ثلاثون ميلا وسنذكر هذه البلاد بعد هذا في الجزء الآتي بعون الله.

والطريق من شيراز إلى السيرجان

السيرجان مدينة كرمان من شيراز إلى إصطخر ستة وثلاثون ميلا ومن إصطخر إلى زياداباذ وهي قرية من رستاق خفرز أربعة وعشرون ميلا ومن زياداباذ إلى كلودر أربعة عشر ميلا ومن كلودر إلى جوبانان وهي قرية عامرة على بحيرة ثمانية عشر ميلا (ومن الجوبانان إلى قرية عبد الرحمن ستة فراسخ) وهي مدينة تسمى اباذة وسنذكرها ومنها إلى مدينة البوذنجان ثمانية عشر ميلا ومنها إلى صاهك وهي مدينة عامرة أربعة وعشرون ميلا ومن صاهك إلى رباط السرمقان مفازة أربعة وعشرون ميلا ومنه إلى رباط بشت خم سبعة وعشرون ميلا ومنها إلى السيرجان سبعة وعشرون ميلا ورباط السرمقان المتقدم ذكره من حد فارس وما بعده من حد كرمان فجميع ذلك من حد السرمقان إلى شيراز مائة وثمانون ميلا ومنه إلى مدينة السيرجان أربعة وعشرون ميلا.

والطريق من شيراز إلى تارم من جروم كرمان

من شيراز إلى خان ميم أحد وعشرون ميلا و خان ميم قرية من رستاق الكهركان ومنه إلى مدينة خورستان أحد وعشرون ميلا ومن خورستان إلى منزل يعرف بالرباط اثنا عشر ميلا ومنه إلى قرية كرم اثنا عشر ميلا ومن كرم إلى مدينة فسا المتقدم ذكرها خمسة عشر ميلا ومن فسا إلى طمستان . هي مدينة اثنا عشر ميلا ومن طمستان إلى ناحية الفستجان وهي مدينة ثمانية عشر ميلا ومنها إلى الدراكان اثنا عشر ميلا ومنها إلى مدينة مريزجان اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة كثيرة التجارات عامرة الأسواق حسنة المباني ومنها إلى سنان اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة ومنها إلى دارابجرد ثلاثة أميال ومنها إلى رم المهدي .هي مدينة حسنة بهية المنظر ذات حصن حصين خمسة عشر ميلا ومنها إلى رستاق الرستاق خمسة عشر ميلا ومنها إلى فرج وهي مدينة جليلة كاملة أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى تارم وهي مدينة اثنان وأربعون ميلا فالجميع من شيراز إلى تارم مائتان وستة وأربعون ميلا.

وبقي أن نذكر شيئا من مسافات بلاد فارس

ومن شيراز إلى كوار ثلاثون ميلا وهي قرية حسنة عامرة وبها معدن طين أخضر كالسلق بل هو أشد خضرة منه وهو شهي للأكل ولا يعدله شيء في ذلك ومن شيراز إلى البيضاء أربعة وعشرون ميلا ومن شيراز إلى توج ستة وتسعون ميلا ومن شيراز إلى خرمة اثنان وأربعون ميلا ومن سيراف إلى نجيرم ستة وثلاثون ميلا ومن روذان إلى أنار أربعة وخمسون ميلا ومن أنار إلى الفهرج خمسة وسبعون ميلا ومن الفهرج إلى مدينة كثة ستة وثلاثون ميلا ومن كثة إلى ميبذ (عشرة فراسخ ومن ميبذ) إلى عقدة ثلاثون ميلا ومن عقدة إلى نايين خمسة وسبعون ميلا.

ولأرض فارس أربعة رموم وتفسير الرموم محال الأكراد ولكل رم منها قرى ومدن مجتمعة وفيها رئيس من الأكراد التزم درك النوائب الكائنة في ناحيته وحفظ الطرق حتى لا يصيب أحدا في أرضه مكروه. فمنها رم الحسن بن جيلويه ويسمى الرميجان وهو مما يلي إصبهان ويأخذ طرقا من كورة سابور وطرقا من كورة أرجان فحد منه ينتهي إلى البيضاء وحد منه ينتهي إلى إصبهان وكل ما وقع فيه من المدن والقرى فكأنه من عمل إصبهان ويتاخمهم من عمل إصبهان المازنجان الذين هم من بر شهريار وبعده عن شيراز على اثنين وسبعين ميلا.

والرم الثاني منها هو رم الديوان المعروف برم الحسين بن صالح ويسمى السوران وهو من كور سابور وحد منه يلي أردشير خرة والثلاثة حدود الباقية منه تنعطف بها كورة سابور وكل ما كان من المدن والقرى في أصقابه فهو منها وأقرب حده إلى شيراز على أحد وعشرين ميلا.

والرم الثالث منها هو رم اللوالجان لأحمد بن الليث وهو من كورة أردشير خرة فحد منه يلي البحر ويلي ثلاثة حدوده أردشير وما وقع في أصقابه من المدن والقرى فهو منها وهو من شيراز على ثمانية وأربعين ميلا (وأما رم الكاريان فإن حدا منه إلى سيف بني الصفار) وحد منه إلى المازنجان وحد منه إلى حدود كرمان وحد منه إلى حدود أردشير فحدودها كلها مجتمعة في أردشير خرة.

ويزيد هؤلاء الأكراد الذين هم في هذه الرموم على خمسمائة بيت ويخرج من الحي الواحد ألف فارس وأقل من ذلك وأكثرهم ينتجعون في الشتاء والصيف إلى المراعي وكل واحد من أهل هذه الرموم لا يتحول عنها ولا ينتقل منها بل ينتقل جميعهم فيما لهم من النواحي المختصة بهم لا يدخلون أرض غيرهم وحكى ابن دريد أنهم من العرب من ولد كرد بن مرد بن عمرو بن عامر وللأكراد في بلاد فارس أغنام ورماك وإبل وليس لهم خيل عتاق بل أكثرها هجن وفيها بحومة المازنجان خيل عتاق ولها عندهم أثمان غالية لحسن خلقها وكريم خلقها.

وبأرض فارس قلاع منيعة وحصون حصينة في جبال شاهقة الذرى لا يقدر أحد من الملوك على فتح شيء منها عنوة البتة فمنها قلعة داكباياه وهي جبال ثلاثة كالأثافي القائمة على رأس كل شعبة منها حصن لا يقدر أحد أن يرقى إليه بنفسه إلا أن يرقى به في شيء من البحر وهي مراصد لآل عمارة على البحر تقصد إليها المراكب لأنها ترى من بعد في البحر يستدل بها على فرضات فارس ويذكر أنها من بنيان الجلندى بن كنعان. ومنها قلعة الكاريان وهي على جبل طين وليس لأحد ارتقاء إليها إلا على طريق مثل مدرج النمل حرج.

ومنها قلعة اسفندياذ من كورة إصطخر في أعلى جبل شاهق والارتقاء إليها في طريق صعب ثلاثة أميال ولا يقدر أحد على من تحصن فيها وامتنع بنفسه ومياهها من الأمطار وإنما تؤخذ بالقعود عليها ومنع الميرة عنها.

ومنها قلعة اشكنوان وهي من رستاق مايين في نهاية من العلو وامتناع من الصعود إليها وفيها عين ماء جارية.

ومنها قلعة جوذرز ومكانها بموضع يعرف بالسويقة من كام فيروز وهي قلعة لا يبصرها الناظر إليها إلا عن جهد وطريقها صعب وقلعة الجص بناحية أرجان وسكانها قوم مجوس وتسمى قلعة بندارس وهي قلعة منيعة جدا لا يستطاع التغلب عليها لامتناع الارتقاء إليها وفيها عين ماء جارية و قلعة ابرج مثلها في المنعة وصعوبة الارتقاء وبها عين ماء جارية.

وفي بلاد فارس أنهار كثيرة كبار وأودية صغار تمد الأنهار ونريد الآن أن نذكر أكثرها حسب ما تبلغه الطاقة وتمكنه القوة والحمد والقوة لله وجميع أنهار فارس تخرج من الجبال المتاخمة لأرض إصبهان وتصب في البحر الفارسي ومياهها كلها عذبة طيبة.

فمنها نهر مسن وهذا النهر الخارج من نواحي إصبهان إلى نواحي السردن يجتمع بنهر طاب عند قرية تسمى مسن ولا يزال فاضلها عن حاجتهم جاريا إلى باب أرجان تحت قنطرة ثكان وهي قنطرة بين فارس و خوزستان قليلة النظير وهي تضاهي قنطرة قرطبة الأندلس وهي من عجائب البناء وغريبة ويمر هذا النهر حتى يأتي رستاق ريشهر ثم يقع في البحر عند سينيز.

ومن أنهار فارس نهر شيرين ومخرجه من جبل دينان الذي من ناحية بازرنج فيسقي رستاق فرزك و الجلادجان ثم يمر فيخترق رستاق () ثم يمر فيصب في البحر نحو جنابه.

وأما نهر الشاذكان فإنه يخرج من بازرنج وجبالها حتى يدخل تنبوك وهو رستاق ثم يمر بخان حماد ويسقي رستاق زيداباذ و نابند و الكهركان ثم يمتد إلى دشت الرستقان ثم يدخل البحر.

وأما نهر درخيذ فإنه يخرج من الجويخان (فيقع في بحيرة درخيذ ونهر الخوبذان فيخرج بالخوبذان) فيسقي نواحيها ثم يمر بأبنوران ثم يصب إلى الجلادجان متفرقا ويتساقط في البحر.

ونهر رس يخرج من الخمايجان العليا حتى يصير بالزيزيان فيسقط في نهر سابور فيمضي إلى توج فيمضي مارا ببابها ومنها إلى البحر.

ومنها نهر اخشين يخرج من خلاق داذين فإذا بلغ الجنقان وقع في نهر توج.

ونهر سكان يخرج من رستاق الرويجان من قرية تدعى شاذفزى فيسقي زرعها ثم ينحدر إلى رستاق سياه فيسقيه ومنها إلى كوار فيسقيها ثم يمر إلى قرية سك وهذا النهر منسوب إلى سك ثم يقع في البحر وليس في أنهار فارس نهر أكثر عمارة وانتفاعا من هذا النهر لأن ماءه يخرج عنه فيسقي الرساتيق والعمارات.

وأما نهر جرشيق فإنه يخرج من رستاق ماصرم و نجيرم فيمر برستاق المشجان حتى يخرج تحت قنطرة عادية تعرف بقنطرة سيول حتى يدخل رستاق جرة فيسقيه ثم إلى رستاق داذين ويقع في نهر اخشين.

فأما نهر كر فإنه يخرج من كروان من حد الارد وينسب إلى الكروان وهو من شعب بوان المذكور المشهور ويسقي كام فيروز وينحدر فيسقي قرية رامجرد و كاسكان و الطسوج فينتهي إلى بحيرة البختكان.

وأما نهر فرواب فإنه يخرج من الجوبرقان ويعرف بفرواب فيخرج على باب إصطخر تحت قنطرة خراسان حتى يسقط في ناحية السكر.

ونهر برزة يخرج من ناحية دارجان سياه فيسقي رستاق الخنيفغان و جور حتى يخترق رستاق أردشير خره ثم يقع في البحر.

وبأرض فارس من الأودية الصغار كثير أضربنا الآن عن ذكرها خوفا من السآمة والملل وبالله التوفيق.

وبأرض فارس بحيرات كثيرة عليها عمارات وقرى مسكونة ومزارع ومستغلات فنذكر منها أكبرها قطرا وأكثرها عمارة وخيرا فمنها بحيرة البختكان التي يقع فيها نهر كر وهي بناحية خفرز وتتصل إلى قرب صاهك كرمان وطولها يكون نحو ستين ميلا وعرضها في أماكن ستة أميال وأكثر من ذلك وهي ملحة الماء وتعقد أطرافها في سمائم الصيف ملحا كثيرا يتصرف به وحواليها رساتيق وقرى وعمارات متصلة ويتصل طرفها بكورة إصطخر.

ومن البحيرات الفارسية بحيرة بدشت أرزن من كورة سابور وطولها نحو ثلاثين ميلا وماؤها عذب ويجف أكثرها في سمائم الصيف وحميم القيظ حتى لا يبقى منها إلا الشيء اليسير وربما امتلأت فكان عمقها نحو ست قيم وأقل وأكثر وفيها زوارق كثيرة يصاد فيها السمك العجيب الكثير العدد الكبير القدر وعامة سموكها تحمل إلى شيراز وتشف كثرتها على ما يحتاج إليه.

و بحيرة مور من كورة سابور بموضع يعرف بكازرون وطولها نحو من ثلاثين ميلا وتتصل إلى قرب مورق وماؤها ملح وفيها زوارق وعامة الساكنين بها يتصيدون السمك ويسيرون به إلى تلك الأقطار المدانية المجاورة لها.

وأما بحيرة الجنكان فماؤها ملح وطولها ستة وثلاثون ميلا ويرتفع منها ملح كثير وبها مصايد للسمك ومعايش وحولها قرى الكهرجان وهي من أردشير خرة وأولها من شيراز على ستة أميال وآخرها حد الخوزستان.

و بحيرة الباسفرية التي عليها دير الباسفرية طولها نحو من أربعة وعشرين ميلا وماؤها ملح وسمكها كثير ومع أطرافها آجام كثيرة فيها قصب وبردي وحلفاء وغير ذلك مما ينتفع به أهل تلك النواحي وهي من إصطخر متاخمة للمزرقان من رستاق هزار وبها من البرك والمناقع كثير ولا حاجة بنا إلى ذكرها.

وبجميع أرض فارس وفي كل مكان منها بيوت نيران وهي كثيرة يفضلون بعضها على بعض فمنها بيت الكاريان وهو بيت معظم لناره موقده مذ ألف سنة ونيف ومنها بيت نار بجرة وهي منسوبة إلى دارا بن دارا وهو بيت معظم عند الفرس وبه يقسمون وهي أعظم أيمانهم التي يحلفون بها وبحقها ومنها بيت بارين وموضعها عند بركة جور ومنها بيت نار عند باب سابور وتعرف بسيوخشين ومنها بيت نار آخر على باب سابور أيضا ومحاذيا لباب ساسان ويسمى بجنبذ كاوسن ومنها بيت نار بكازرون أيضا وهو معظم عندهم ومنها بيت شيراز وهو كبير عند أهله معظم يقسمون به ومنها بيت نار يسمى بهرمزد وعلى مقربة من شيراز بالقرية المعروفة بالسوكان وهو على شرف عال وأهل شيراز يرونه من قطرهم وقرية السوكان في شمال شيراز وعن يسار طريق يزد الآخذ إلى خراسان وبينها وبين شيراز نحو ميل وكان بأرض فارس بيوت نيران كثيرة تعطلت برجوع أكثر الفرس إلى دين الإسلام وبقي أكثر أماكنها إلى الآن بلاقع.


وأرض فارس مربعة الطول والعرض وطولها أربعمائة وخمسون ميلا في أربعمائة وخمسين ميلا وأرض فارس مستوية على خط من لدن أرجان إلى النوبنجان إلى كازرون إلى جرة ثم تمتد على الرموم و دار ابجرد إلى فرج و تارم فما كان مما يلى الجنوب فجروم وما كان مما يلى الشمال فصرود.

ويقع في جرومها أرجان و النوبنجان و مهروبان و سينيز و جنابة و توج و دشت الرستقان و جرة و داذين و مور و كازرون و دشت بارين و جينزير و دشت البوشقان و رم اللوالجان و كير و كبرين و ابزر و سميران و خمايجان و كران و سيراف و نجيرم و حصن (ابن) عمارة وما في أضعاف ذلك.

ويقع في الصرود إصطخر و البيضاء و مايين و ابرج و كام فيروز و كرد و خلار و سروستان و الاوسبنجان و الارد و الرون و صرام و بازرنج و السردن و الخرمة و النيريز و الماشكانات و الايج و الاصطهبانات و برم و رهنان و بوان و طرخيشان و الجوبرقان و اقليد و السرمق و ابرقويه و يزد و جارين و نايين وما في أضعاف ذلك من البلاد وهواء بلاد الصرود صحيح معتدل وهواء الجروم وخيم فاسد وفيما ذكرناه من أخبار فارس كفاية لذوي التفهم والدراية.


إصطخر:

فنقول إن كورة إصطخرمن أرض فارس أعظم كورها وأكثرها بلادا وأوسعها عمارة وأكثرها جهات وأزكاها غلات ومدينة إصطخر هي كما قدمنا ذكرها أكبر هذه البلاد قطرا وأكثرها عمارة وخلقا ومنها إلى ابرقويه ستة وتسعون ميلا ومدينة ابرقويه مدينة حصينة خصيبة كثيرة العامر مقصودة بالتجارات عليها سور تراب والغالب على أبنيتها لبن الطين وليس بها ماء جار ولا حولها شيء من الشجر ولا عمارة بما استدار بها لكن بها مزارع الحنطة والحبوب وأسعارها رخيصة وبقرب ابرقويه تلال رمال وجبال عظام طولها أكثر من ميلين وبين إصطخر و ابرقويه مدينة بجة .

بجة:

هي متوسطة بين إصطخر و ابرقويه وهي مدينة صغيرة عامرة ولها رستاق يسمى الأرد كثير العمارة والقرى.

ومن ابرقويه إلى كثة مائة وثلاثة وعشرون ميلا و كثة هي مدينة جليلة عامرة آهلة كثيرة التجارات متصلة العمارات على طرف المفازة لها طيب هواء البرية وصحته وهي من أخصب البلاد وأكثرها أرزاقا ولها رستاق يشتمل على ربض والغالب على أبنيتها لبن الطين ولها مدينة محصنة بحصن وللحصن بابان من حديد يسمى أحدهما باب اندور والباب الثاني باب المسجد وإنما سمي بباب المسجد لقربه من المسجد الجامع وجامعها في الربض ومياهها من القنوات لا نهر لها وماء قنواتها يأتي من ناحية القلعة غربا وبينهما ثمانية عشر ميلا وعلى قرب من هذا الحصن قرية تعرف بدنج وفيها معدن الآنك ومنها يتجهز به إلى سائر الأقطار وهذه القرية نزيهة جدا ولهذه المدينة المقدم ذكرها رساتيق ممتدة عريضة خصيبة وهي ورساتيقها كثيرة الشجر طيبة الثمر وربما كثرت فيجفف أكثرها ويحمل إلى سائر الأقطار والأكثر إلى أرض إصبهان وما جاورها وجبالها كثيرة الشجر والنبات وخارج المدينة ربض يشتمل على أبنية وأسواق قائمة العمارة وأهلها متأدبون طالبون للعلوم.

ومن كثة إلى يزد شرقا ثلاثون ميلا .

يزد:

مدينة يزد مدينة متوسطة المقدار رخيصة الأسعار عامرة وانجيرة بينها وبين يزد أربعة وعشرون ميلا وانجيرة موضع فيه قباب وعين ماء عليها أصول شجرتين ومنها تأخذ الطريق إلى خراسان وهي على رأس المفازة.

ومن مدينة كثة إلى عقدة ثلاثون ميلا و عقدة مدينة صغيرة عامرة قائمة الأسواق وأهلها مياسير وكرد تتاخم ابرقويه وهي أكبر من ابرقويه وبنيانها كبناء ابرقويه بلبن الطين وفيها خصب ورخص أسعار.

ومن عقدة إلى نايين خمسة وسبعون ميلا .

نايين:

نايين مدينة حسنة ذات سور من طين ولها أسواق ومتاجر وأموال متصرفة ومن نايين إلى إصبهان ثمانية وسبعون ميلا.

ومن كثة إلى الفهرج في جهة الجنوب خمسة عشر ميلا .

فهرج:

الفهرج مدينة صغيرة متحضرة لها سوق عامرة وأهلها أكياس ومن الفهرج إلى أنار وهي مدينة صغيرة لا سور لها خمسة وسبعون ميلا ومن أنار إلى الروذان أربعة وخمسون ميلا وكذلك من قرية أنار إلى المريزجان مرحلة خفيفة وهي متاخمة للمفازة وهي حصينة كثيرة الأهل وبها أجناد وأعمال وجبايات.

و الروذان مدينة كبيرة كثيرة الخيرات متصلة العمارات لها أسواق ومكاسب وأهلها مياسير ولها رستاق عامر ممتد فيه من المنابر كثير و الروذان في ذاتها قريبة من ابرقويه في الشبه وقدر الكبر وحسن المباني.

وأما مدينة خرمة فقريبة الشبه من ابرقويه كبرا وعمارة وتصرف تجارات ومنها إلى مدينة شيراز ستة وثلاثون ميلا ولمدينة خرمة رستاق يعرف بالطسوج وكذلك مدينة ميبذ واحدة من كورة كثة وكذلك مدينة نايين و الفهرج اللتين قدمنا ذكرهما فهذه البلاد الأربعة كورة واحدة وليس في جميع النواحي ناحية بها أربعة منابر غير هذه الناحية.

ومما يجاور ابرقويه مدينة اقليد و السرمق

اقليد و السرمق:

مدينة حصيبة جليلة رخيصة الأسعار كثيرة الأشجار عامرة القطر كثيرة التجارات قائمة الأسواق ولها رستاق واسع كثير الزراعات خصيب و الجوبرقان رستاق كبير ومدينة مشكان وهي مدينة متوسطة المقدار خصيبة أسواقها عامرة وأحوالها حسنة.

ومن مدن كورة إصطخر مدينة صاهك .

صاهك:

هي مدينة لها سور تراب وهي عامرة وأهلها يتجولون ويسافرون وأموالهم كثيرة وأحوالهم صالحة ومنها إلى شيراز مائة وثمانية وثلاثون ميلا و صاهك على الطريق بين شيراز و كرمان ومن صاهكأيضا إلى السيرجان من كرمان تسعون ميلا وكذلك من شيراز إلى السيرجان على صاهك مائتان وثمانية وعشرون ميلا.

بيضا:

مدينة البيضاء فهي مدينة كبيرة لها حصن وربض عامر وهي أكبر مدن كورة إصطخر وإنما سميت البيضاء لأن قلعتها بيضاء يرى بياضها من بعد واسمها بالفارسية نسايك وهي في الكبر تضاهي إصطخر وبناؤها من طين ولها حروث متشعبة وخصب زايد وأكثر ميرة شيراز منها وأهلها مياسير وزيهم زي العراقيين في اللباس والعمائم ومن البيضاء إلى شيراز أربعة وعشرون ميلا.

و الأرجمان مدينة ولها رستاق متسع الطنب يسمى المريزجان.

وأما إقليم السرداب وحومتها وكمين فلهما منبران وجماعات وعمارات.

ومدينة بجة لها رستاق يسمى الأرد .

بجه:

هي مدينة صغيرة ومثلها في القدر مدينة كرد وهي متحضرة ولها منبر ولها رستاق صغير وأما مدينة اللورجان فهي صغيرة حسنة ورستاقها السردن فهذه جملة ما في كورة إصطخر من أرض فارس ويتصل بها بأرض كرمان.