والان وقد انتهينا من معرفة موقع و حدود اقليم خوزستان (الاهواز)..

نريد معرفة موقع وحدود اقليم فارس ..ونرجع مجددا للكتب التاريخية والجغرافية القديمة ..

فارس

قال البلاذری:

فتح كور فارس و كرمان‏‏:


قالوا: كان العلاء بن الحضرمي و هو عامل عمر بن الخطاب على البحرين وجه هرثمه بن عرفجه البارقي من الأزد، ففتح جزيره فى البحر مما يلي فارس، ثم كتب عمر إلى العلاء أن يمد به عتبه بن فرقد السلمى ففعل، ثم لما ولى عمر عثمان بن أبى العاصي الثقفي البحرين و عمان فدوخهما و اتسقت له طاعه أهلهما وجه أخاه الحكم بن أبى العاصي فى البحر إلى فارس فى جيش عظيم من عبد القيس و الأزد و تميم و بنى ناجيه و غيرهم، ففتح جزيره أبر كاوان، ثم صار إلى‏ توج و هي من أرض أردشير خره، و معنى أردشير خره بهاء أردشير، و فى روايه أبى مخنف: أن عثمان بن أبى العاصي نفسه قطع البحر إلى فارس فنزل توج ففتحها و بنى بها المساجد و جعلها دارا للمسلمين و أسكنها عبد القيس و غيرهم فكان يغير منها على أرجان و هي متاخمه لها، ثم أنه شخص عن فارس إلى عمان و البحرين لكتاب عمر إليه فى ذلك و استخلف أخاه الحكم، و قال غير أبى مخنف: أن الحكم فتح توج و أنزلها المسلمين من عبد القيس و غيرهم سنه تسع عشره، و قالوا: أن شهرك مرزبان فارس و واليها أعظم ما كان من قدوم العرب فارس و اشتد عليه و بلغته نكايتهم و بأسهم و ظهورهم على كل من لقوه من عدوهم فجمع جمعا عظيما و سار بنفسه حتى أتى راشهر من أرض سابور و هي بقرب توج، فخرج إليه الحكم بن أبى العاصي و على مقدمته سوار بن همام العبدى فاقتتلوا قتالا شديدا و كان هناك واد قد و كل به شهرك رجلا من نقابه فى جماعه و أمره أن لا يجتازه هارب من أصحابه إلا قتله فأقبل رجل من شجعاء الأساوره موليا من المعركه، فأراد الرجل قتله، فقال له: لا تقتلني فإنما نقاتل قوما منصورين: اللّه معهم، و وضع حجرا فرماه ففلقه، ثم قال: أ ترى هذا السهم الذي فلق الحجر و اللّه ما كان ليخدش بعضهم لو رمى به، قال: لا بد من قتلك: فبينا هو فى ذلك إذ أتاه الخبر بقتل شهرك و كان الذي قتله سوار ابن همام العبدى حمل عليه فطعنه فأرداه عن فرسه و ضربه بسيفه حتى فاضت نفسه و حمل ابن شهرك على سوار فقتله، و هزم اللّه المشركين و فتحت راشهر عنوه، و كان يومها فى صعوبته و عظيم النعمه على المسلمين فيه كيوم القادسيه و توجه بالفتح إلى عمر بن الخطاب عمرو بن الأهتم التميمي، فقال:
جئت الإمام باسراع لأخبره بالحق من خبر العبدى سوار
أخبار أروع ميمون نقيبته مستعمل فى سبيل اللّه مغوار

و قال بعض أهل توج:

أن توج مصرت بعد مقتل شهرك و اللّه أعلم، قالوا: ثم أن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه كتب إلى عثمان بن أبى العاصي فى إتيان فارس فخلف على عمله أخاه المغيره، و يقال: هو حفص بن أبى العاصي و كان جزلا و قدم توج فنزلها فكان يغزو منها ثم يعود إليها، و كتب عمر إلى أبى موسى و هو بالبصره يأمره أن يكانف عثمان بن أبى العاصي و يعاونه فكان يغزو فارس من البصره ثم يعود إليها، و بعث عثمان بن أبى العاصي هرم بن حيان العبدى إلى قلعه يقال لها شبير ففتحها عنوه بعد حصار و قتال. و قال بعضهم: فتح هرم قلعه الستوج عنوه و أتى عثمان جره من سابور ففتحها و أرضها بعد ان قاتله أهلها صلحا على أداء الجزيه و الخراج و نصح المسلمين، و فتح عثمان بن أبى العاصي كازرون من سابور و غلب على أرضها، و فتح عثمان النوبندجان من سابور أيضا و غلب عليها و اجتمع أبو موسى و عثمان بن أبى العاصي فى آخر خلافه عمر رضى اللّه عنه ففتحا أرجان صلحا على الجزيه و الخراج و فتحا شيراز و هي من أرض أردشير خره على أن يكونوا ذمه يؤدون الخراج إلا من أحب منهم الجلاء و لا يقتلوا و لا يستعبدوا، و فتحا سينيز من أرض أردشير خره و ترك أهلها عمارا للأرض، و فتح عثمان حصن جنابا بأمان، و أتى عثمان بن أبى العاصي درابجرد، و كانت شادر و أن علمهم و دينهم و عليها الهربذ فصالحه الهربذ على مال أعطاه إياه و على أن أهل درابجرد كلهم أسوه من فتحت بلاده من أهل فارس، و اجتمع له جمع بناحيه جهرم ففضهم، و فتح أرض جهرم ، و أتى عثمان فصالحه عظيمها على مثل صلح درابجرد، و يقال أن الهربذ صالح عليها أيضا، و أتى عثمان بن أبى العاصي مدينه سابور فى سنه ثلاث و عشرين و يقال فى سنه أربع و عشرين قبل أن تأنى أبا موسى ولايته البصره من قبل عثمان بن عفان فوجد أهلها هائبين للمسلمين و رأى أخو شهرك‏ فى منامه كأن رجلا من العرب دخل عليه فسلبه قميصه فنخب ذلك قلبه فامتنع قليلا ثم طلب الأمان و الصلح، فصالحه عثمان على أن لا يقتل أحدا و لا يسبيه، و على أن تكون له ذمه و يعجل مالا. ثم أن أهل سابور نقضوا و غدروا ففتحت فى سنه ست و عشرين فتحها عنوه أبو موسى و على مقدمته عثمان ابن أبى العاصي.

و قال معمر بن المثنى و غيره: كان عمر بن الخطاب أمر أن يوجه الجارود العبدى سنه اثنتين و عشرين إلى قلاع فارس فلما كان بين جره و شيراز تخلف عن أصحابه فى عقبه هناك سحرا لحاجته و معه أدوات فأحاطت به جماعه من الأكراد فقتلوه فسميت تلك العقبه عقبه الجارود.

قالوا: و لما ولى عبد اللّه بن عامر بن كريز البصره من قبل عثمان بن عفان بعد أبى موسى الأشعرى سار إلى إصطخر فى سنه ثمان و عشرين فصالحه ماهك عن أهلها، ثم خرج يريد جور، فلما فارقها نكثوا و قتلوا عامله عليهم، ثم لما فتح جور كر عليهم ففتحها، قالوا: و كان هرم بن حيان مقيما على جور و هي مدينه أردشير خره، و كان المسلمون يعانونها ثم ينصرفون عنها 2/543 فيعاونون إصطخر و يفزون نواحي كانت تنتقض عليهم، فلما نزل ابن عامر بها قاتلوه ثم تحصنوا ففتحها بالسيف عنوه، و ذلك فى سنه تسع و عشرين و فتح ابن عامر أيضا السكاريان و فشجاتن، و هي الفيشجان من درابجرد و لم تكونا دخلتا فى صلح الهربذ و انتقضتا.

و حدثني جماعه من أهل العلم:

أن جور غزيت عده سنين فلم يقدر عليها حتى فتحها ابن عامر، و كان سبب فتحها أن بعض المسلمين قام يصلى ذات ليله و إلى جانبه جراب له فيه خبز و لحم، فجاء كلب فجره وعدا به حتى دخل المدينه من مدخل لها خفى فظاهر المسلمون بذلك المدخل حتى دخلوا منه و فتحوها، قالوا: و لما فرغ عبد اللّه بن عامر من فتح جور كر على أهل إصطخر و فتحها عنوه بعد قتال شديد و رمى بالمناجيق و قتل بها من الأعاجم أربعين ألفا و أفنى أكثر أهل البيوتات و وجوه الأساوره، و كانوا قد لجأوا إليها، و بعض الرواه يقول أن ابن عامر رجع إلى إصطخر حين بلغه نكثهم ففتحها ثم صار إلى جور و على مقدمته هرم بن حيان ففتحها، و روى الحسن بن عثمان الزيادي أن أهل إصطخر غدروا فى ولايه عبد اللّه بن عباس رضى اللّه عنهما العراق لعلى رضى اللّه عنه ففتحها.

و حدثني العباس بن هشام عن أبيه عن أبى مخنف، قال: توجه ابن عامر إلى إصطخر ، و وجه على مقدمته عبيد اللّه بن معمر التيمي فاستقبله أهل إصطخر برامجرد فقاتلهم فقتلوه فدفن فى بستان برامجرد ، و بلغ ابن عامر الخبر فأقبل مسرعا حتى واقعهم و على ميمنته أبو برزه نضله بن عبد اللّه الأسلمى، و على ميسرته معقل بن يسار المزني، و على الخيل عمران بن الحصين الخزاعي و على الرجال خالد بن المعمر الذهبي فقاتلهم فهزمهم حتى أدخلهم إصطخر و فتحها اللّه عنوه، فقتل فيها نحوا من مائه ألف و أتى درابجرد ففتحها و كانت منتقضه ثم وجه إلى كرمان حدثني عمر الناقد، قال: حدثنا مروان بن معاويه الفزاري عن عاصم الأحول عن فضيل بن زيد الرقاشي، قال: حاصرنا شهرياج شهرا جرارا و كنا ظننا إنا سنفتحها فى يومنا فقاتلنا أهلها ذات يوم و رجعنا إلى معسكرنا و تخلف عبد مملوك منافرا ظنوه فكتب لهم أمانا و رمى به إليهم فى سهم، قال: فرحنا للقتال و قد خرجوا من حصنهم، فقالوا: هذا أمانكم، فكتبنا بذلك إلى عمر فكتب إلينا أن العبد المسلم من المسلمين ذمته كذمتهم فلينفذ أمانه فأنفذناه.

و حدثني القاسم بن سلام، قال: حدثنا أبو النضر عن شعبه عن عاصم‏ عن الفضيل، قال: كنا مصافى العدو بسيراف ثم ذكر نحو ذلك. و حدثنا سعدويه، قال: حدثنا عباد بن العوام عن عاصم الأحول عن الفضيل بن زيد الرقاشي، قال: حاصر المسلمون حصنا فكتب عبد أمانا و رمى به إليهم فى مشقص فقال المسلمون: ليس أمانه بشي‏ء، فقال القوم: لسنا نعرف الحر من العبد، فكتاب بذلك إلى عمر، فكتب أن عبد المسلمين منه ذمته ذمتهم.

و أخبرنى بعض أهل فارس:

أن حصن سيراف يدعى سوريانج فسمته العرب شهرياج، و بفسا قلعه تعرف بخرشه بن مسعود من بنى تميم، ثم من بنى شقره كان مع ابن الأشعث فتحصن فى هذه القلعه، ثم أو من فمات بواسط و له عقب بفسا.

قال ابن خردادبه:

زموم الاكراد بفارس:

وهى اربعه زموم وتفسير الزموم محالّ الاكراد فمنها زمّ الحسن بن جيلويه يسمّى البازنجان من شيراز على اربعه عشر فرسخا، وزمّ اردام بن جواناه من شيراز على ستّه وعشرين فرسخا، وزمّ القاسم ابن شهربراز يسمّى الكوريان من شيراز على خمسين فرسخا، وزمّ الحسن بن صالح يسمّى السّوران من شيراز على سبعه فراسخ

وكور فارس خمس كور:

اصطخر، و سابور، و أردشير خرّه، و درابجرد، و أرّجان، و فسا، وهى مائه وخمسه وخمسون فرسخا فى مائه وخمسين فرسخا، وخراج فارس بالكفايه ثلثه وثلثون الف الف درهم وخبّرنى الفضل بن مروان انه قبّلها بخمسه وثلثين الف الف درهم بالكفايه على انه لا مؤونه على السلطان وكانت الفرس قسّطت على كور فارس اربعين الف الف درهم مثاقيل

الطريق من شيراز الى كرمان ثم الى سجستان من شيراز الى الراديان سبعه فراسخ، ثم الى خرّمه فرسخان، ثم الى البرانجان اربعه فراسخ، ثم الى كند ستّه فراسخ، ثم الى الحيره ستّه فراسخ، ثم الى بئر عقبه خمسه فراسخ، ثم الى الميسكانان ثمانيه فراسخ، ثم الى صاهك ثمانيه فراسخ، ثم الى سروشك سبعه فراسخ، ثم الى شهر بابك سبعه فراسخ، ثم الى قصر النعمان ثمانيه فراسخ، ثم الى قريه أبان اربعه فراسخ، ثم الى المرجان اربعه فراسخ، ثم الى بيمند من كرمان

قال ابن خردادبه ایضاً:


الطريق من فارس الى اصبهان:

من فارس الى كام فيروز خمسه فراسخ، ثم الى كورد خمسه فراسخ، ثم الى تجاب اربعه فراسخ، ثم الى سمارم خمسه فراسخ، ثم الى سياه خمسه فراسخ، ثم الى البورجان سبعه فراسخ، ثم الى كيبالى ستّه فراسخ، ثم الى خان الابرار، ثم الى اصبهان

قال قدامه بن جعفر:


ونتبع الأحواز بفارس، وهي خمس كور، أولها من حد الأحواز ، كورة أرجان ، كورة اردشير، كورة دار بجرد ، كورة اصطخر، كورة سابور. وسواحل فارس مهروبان، و سينيز ، و جنايا، و توج، و سيراف. وارتفاع فارس وحده من الورق أربعة وعشرون ألف ألف درهم.



قال قدامه بن جعفر ایضاً:

فارس: أربعة وعشرون ألف ألف درهم.

قال قدامه بن جعفر ایضاً:

وولي الحجاج، قطن بن قبيصة بن مخارق الهلالي، فارس و كرمان، وكان قبيصة بن مخارق من أصحاب النبي عليه السلام، وهو الذي كان انتهى الى نهر فلم يقدر أصحابه على اجازته، فقال: من أجازه فله ألف درهم فجازوه فوفى لهم فكان ذلك أول ما سميت به الجائزة جائزة. فقال الجحاف بن حكيم السلمي:
فدى للاكرمين بنى هلال على علاتهم أهلي ومالي
هم سنّوا الجوائز في معد فصارت سنة أخرى الليالي
رماحهم تزيد على ثمان وعشر حين تختلف العوالي
[۳]

قال المسعودی:

وأخوهم[طسم، جدیس و عملیق] أميم بن لاوذ نزل أرض فارس، وسنذكر في باب تنازع الناس في أنساب الفرس من هذا الكتاب من ألحق كيومرث بأميم، وقيل: إن أميما نزل ارض وَبار وهي التي غلبت عليها الجن على ما زعم الأخباريون من العرب.

قال المسعودی ایضا:

ثم إن ملوك العالم تتفاوت مراتبها ولا تتساوى، وقد قال ذو عناية بأخبار العالم وملوكهم في شعر له يصف جملا من مراتب ملوك العالم وممالكهم وأسمائهم:
الدار داران: إيوان وغمدان، والملك مُلْكان: ساسان وقحطان
والأرض فارس، والإقليم بابل، وال إسلام مكة، والدنيا خراسان
والجانبان العليان اللذا حسنا منها بخارى وبلخ الشاهداران
والبيلقان وطبرستان فارزها والري شروانها، والجيل جيلان
قد رتب الناس فيها في مراتبهم فمرزبان، وبطريق، وطرخان
للفرس كسرى، وللروم القياصر، وال حبش النجاشيُّ، والاتراك خاقان
[۴]


قال الاصطخری:

وأما فارس فالذى يحيط بها مما يلى الشرق حدود كرمان، ومما يلى الغرب كور خوزستان و أصبهان، ومما يلى الشمال المفازه التى بين فارس و خراسان وبعض حدود أصبهان، ومما يلى الجنوب بحر فارس، وصوره فارس على التربيع إلا من الزاويه التى تلى أصبهان، والزاويه التى تلى كرمان مما يلى المفازه، وفى الحد الذي يلاصق البحر تقويس قليل من أوله إلى آخره، وإنما وقع فى زاويتيها مما يلى كرمان و أصبهان زنقه، لأن من شيراز وهى وسط فارس إليهما من المسافه نحو نصف ما بين شيراز و خوزستان وبين شيراز و جروم كرمان. قد صوّرت بلاد فارس بحدودها، ولم أصوّر فيها رستاقا لانتشار ذلك وكثرته، ولا الجبال لأنه ليس بفارس بلد إلا وبه جبل، أو يكون الجبل منه بحيث تراه إلا اليسير، وما صوّرت فيها إلا مدينه لها منبر مذكور مشهور ، وقد ذكرت فى الرساله ما يعلم من قرأها موضع كل كوره برساتيقها ومواضع المدن بها إن شاء الله تعالى.

ذكر ما بفارس من الكور والمدن والزموم والأحياء والحصون وبيوت النيران والأنهار والبحار :

كور فارس خمس فأوسعها عرصه وأكثرها مدنا ونواحى كوره اصطخر، ومدينتها اصطخر، وهى أكبر مدينه بهذه الكوره، وتليها فى الكبر كوره أردشير خرّه، ومدينتها جور، ويدخل فى هذه الكوره قباذخرّه، وبكوره أردشير خرّه مدن هى أكبر من جور مثل شيراز و سيراف، وإنما صارت جور هى مدينه أردشير خرّه لأنها بناء أردشير

ودار ملكه شيراز وإن كانت قصبه فارس كلها وبها الدواوين ودار الإماره فهى مدينه محدثه فى الإسلام، وتليها فى الكبر كوره دارابجرد ومدينتها دارابجرد ، و فسا هى أكبر مدنها وأعمر، غير أن الكوره منسوبه إلى دار الملك، ومدينته التى ابتناها لهذه الكوره دارابجرد ، وتليها فى الكبر أرّجان ومدينتها العظمى أرّجان، وليس بهذه الكوره مدينه أكبر من أرّجان ، وتليها فى الكبر كوره سابور وهى أصغر كور فارس ومدينتها سابور ، وبهذه الكوره مدن هى أكبر منها مثل النّوبنجان و كازرون، ولكن هذه الكوره تنسب إلى سابور ، لأن سابور الملك هو الذي بنى مدينه سابور.

وأما زمومهافهى خمسه: وأكبرها زمّ جيلويه ويعرف بزمّ الزميجان ، ثمّ الذي يلى هذا الزّم فى الكبر زمّ أحمد بن الليث ويعرف باللّوالجان، ويلى ذلك فى الكبر زمّ الحسين بن صالح ويعرف بزمّ الديوان، ثم زمّ شهريار ويعرف بزمّ البازنجان، والبازنجان الذين فى حدود أصبهان ناقله من هذا الزمّ، وزمّ أحمد بن الحسن ويعرف بزمّ الكاريان وهو زمّ أردشير.

وأما أحياء الأكراد فإنها تكثر فى الإحصاء، غير أنهم بجميع فارس يقال إنّهم يزيدون على خمسمائه ألف بيت شعر، ينتجعون المراعى فى المشتى والمصيف على مذاهب العرب، ويخرج من بيت واحد من الأرباب والأجراء والرعاء واتباعهم ما بين رجل واحد إلى عشره من الرجال ونحو ذلك، وسأذكر من أسامى أحيائهم ما يحضرنى ذكره على أنهم لا يتقصّون فى العدد إلا من ديوان الصدقات .

وأما أنهارها الكبارالتى تحمل السفن إذا أجريت فيها فانها:

نهر طاب ونهر شيرين ونهر الشّاذ كان ونهر درخيد ونهر الخوبذان ونهر رتين ونهر سكّان ونهر جرشيق ونهر الإخشين ونهر كرّ ونهر فرواب ونهر تيرزه.

وأما بحارها فإنها بحر فارس و بحيره البختكان و بحيره دشت أرزن و بحيره التوّز و بحيره الجوبانان و بحيره جنكان.

وأما بيوت نيرانها :

فإنها لا تخلو ناحيه ولا مدينه بفارس إلا القليل من بيوت النيران، والمجوس أكثر ملل أهل الكتاب بها، ولهم من هذه البيوت بيوت يفضّلونها فى التعظيم، وسنذكر ذلك.

وأما حصونها:

فإن فى عامّه نواحى فارس حصونا، بعضها أمنع من بعض وأكثرها بناحيه سيف بنى الصّفار.

وسأفصل كل ما ذكرته مجملا، فأبتدىء بذكر ما فى كل كوره من النواحى التى تشتمل على القرى، وشهرت فى الدواوين بأعمال مفرده، ورساتيق مستقله بضياعها، فمنها ما يخلو من المنابر ومنها ما بها منابر، وربّ كوره هى أكبر وأعرض ومدنها ونواحيها فى التسميه أقل مما هى أصغر منها، ثم اتبع ذلك بتفصيل كل ما ذكرته مجملا إن شاء الله.

نواحى كوره اصطخر:

ناحيه يزد وهى أكبر ناحيه منها، وبها من المدن كثه وهى القصبه، و ميبد و نائين و الفهرج وليس فى هذه النواحى كلها ناحيه بها أربع منابر غير هذه الناحيه، وناحيه الرّوذان كانت من كرمان فحولت إلى فارس، ويكون مقدار هذه الناحيه فى الطول نحوا من ستين فرسخا، و أبرقوه ومدينتها أبرقوه ، و إقليد ومدينتها إقليد ، و السّرمق، ومدينتها السّرمق، و الجوبرقان ومدينتها مشكان، و الأرخمان ومدينتها الأرخمان ، و جارين ليس بها منبر، و قوين ليس بها منبر، و طرخنيشان ليس بها منبر، و بوّان ومدينتها المريزجان، و الرّهنان ليس بها منبر، و برم مدينتان: أباذه وهى قريه عبد الرحمن و مهرزنجان ، و خوزستان وليس بها منبر، و البودنجان ومدينتها البودنجان - وهى قريه الآس، و صاهك الكبرى ولها منبر ، و صاهك الصغرى ليس بها منبر، و مروسف ليس بها منبر، و شهر فاتك ومدينتها شهر فاتك ، و هراه ومدينتها هراه ، و الروذان ومدينتها الروذان وبها من المدن أبان و أناس و خبر، و الأذكان ومدينتها الأذكان ، و سرشك وليس بها منبر، و الراذان ليس بها منبر، و البيضاء ومدينتها البيضاء ، و هزار ومدينتها هزار ، و مائين ومدينتها مائين ، و أبرج ومدينتها أبرج ، و نوبه ليس بها منبر، و رامجرد وليس بها منبر، و الطسّوج ومدينتها خرّمه، و الحيره وبها منبر، و الكاسكان وليس بها منبر، و المهرجاسقان ليس بها منبر، و جفوز ليس بها منبر، و حمر ليس بها منبر، و الفاروق ليس بها منبر، و السرواب وبها منبر، و كمين وبها منبر، و الرون ليس بها منبر، و الأرد ومدينتها بجّه، و كرد ومدينتها كرد ، و كلّار ليس بها منبر، و سروستان ليس بها منبر، و الأوسبنجان ليس بها منبر، و السّردن ومدينتها اللّورجان، و أسلان ليس بها منبر، و البامان ليس بها منبر، و الخمايجان السفلى ليس بها منبر.

وأما نواحى كوره أردشير خرّه :

فإن شيراز هى مستقر العمال، ولها ثلاثه عشر طسّوجا، فى كل طسّوج قرى وعمارات متصله، ينفرد كل طسوج بعمل فى الديوان مفرد، منها طسوج كفره العليا وطسّوج كفره السفلى طسّوج كبير، وطسّوج جويم، وطسّوج الدسكان، وطسوج تنبوك، وطسوج الكارنيان، وطسّوج الأشاربانان، وطسوج ابنديان، طسوج شاهمرنك، وطسوج شهرستان، وطسوج الطيريان، وطسوج خان، وبهذه الطساسيج منبران: أحدهما شيراز- وهى محدثه فى الإسلام من هذه الطساسيج: من الشاهمرنك ومن الطيريان ومن اشاربانان ومن التنبوك ومن الكارنيان، وموضع المسجد الجامع والأسواق من الشاهمرنك ، وموضع دار الأماره من الإشاربانان ، و جويم بها منبر، وسائر نواحى أردشير خرّه:

جور ومدينتها جور ، و ميمند ومدينتها مائين، و الصّيمكان ومدينتها الصّيمكان ، و خوار ليس بها منبر، و الفرجان وليس بها منبر، و الباسجان وليس بها منبر، و الخنيفغان ليس بها منبر، و خبر وبها منبر، وهى غير خبر كوره اصطخر، و الباذوان ليس بها منبر، و خورستان ومدينتها خورستان ، و الفوسجان ومدينتها الفوسجان ، و همند ليس بها منبر، وجيبرين ليس بها منبر، و هرمز ليس بها منبر، و التشكانات ليس بها منبر، و الحسكان ليس بها منبر، و همجان ليس بها منبر، و الكوهكان ليس بها منبر، و كيزرين ليس بها منبر، و سيف بنى الصفّار ليس بها منبر، وفيها باسكوت وباورم سيف آل أبى زهير ليس بها منبر، و سيف عماره ليس بها منبر- ويعرف بالجلندى، و كران ومدينتها كران،

سيراف:

وبها ثلاثه منابر سيرافوهى القصبه و نجيرم و جمّ، و دشت بارين وقصبتها الغندكان ، وبها الفهلق مدينه، و دشت الدستقان ومدينتها صفاره، و توّج ومدينتها توّج ، و الاغرستان ومدينتها الخربق، و كير ومدينتها كير ، و كارزين ومدينتها كارزين ، و أبزر ومدينتها أبزر ، و سميران ومدينتها سميران ، و كوار ومدينتها كوار ، و الكهرجان ليس لها مدينه . ومما فى البحر من الجزائر المنسوبه إلى كوره أردشير خرّه: جزيره بنى كاوان وهى لافت وبها مدينه، و أوال وبها مدينه، و خارك وبها منبر.

وأما نواحى كوره داربجرد:

كرم وبها منبران: أحدهما اباذه والآخر كرد بجرد، و المصّ ومدينتها المصّ ، و فسا ومدينتها فسا ، و طمستان وبها منبر، و المحوّله ليس بها منبر، و الكردبان وبها منبر، و ازبراه ومدينتها ازبراه ، و سنان ومدينتها سنان ، و جويم ومدينتها جويم ، و جهرم ومدينتها جهرم ، و الفستجان وبها منبر، و الدّاركان وبها منبر، و إيج وبها منبر، و الاصطهبانان وبها منبر، و نيريز ومدينتها خيار، و المريزجان وبها منبر، و الماروان وبها منبر، و خسوا ومدينتها روبنج، و رستاق الرستاق وبها منبر، و قنطره ليس بها منبر، و سوانجان ليس بها منبر، و فرج وبها منبر، و تارم وبها منبر، و الماسكانات وبها منبر، و شق الرستاق ليس بها منبر، و شق الروذ ليس بها منبر، و تالات ليس بها منبر، و شق الماسنان ليس بها منبر، و رمّ شهريار مدينتها الرمّ.


وأما نواحى كوره سابور

ومدينتها سابور، كازرون ومدينتها الجنّجان، و الكاسكان ليس بها منبر، و جفته ليس بها منبر، و دزبز ليس بها منبر، و جروج ليس بها منبر، و خشت ليس بها منبر، و كمارج وبها منبر، و هنديجان سابور وليس بها منبر، و التيرمردان ليس بها منبر، و الزامجان ومدينتها الزامجان ، و الخوبذان ومدينتها الخوبذان ، و النّوبنجان ومدينتها النّوبنجان ، وشعب بوّان ليس بها منبر، و تنبوك المورستان بها منبر، و الجويخان ليس بها منبر، و درخيد ليس بها منبر، و أنبوران ليس بها منبر، و جنبذ الملّجان ليس بها منبر، و المامغان ليس بها منبر، و آسك ليس بها منبر، و فرطاست ليس بها منبر، و بين ليس بها منبر ، كرو ليس بها منبر، و بادست ليس بها منبر، و بهلو وليس بها منبر، و البهبسكان ليس بها منبر، و أزادجرد ليس بها منبر، و الروديجان ليس بها منبر، و كام فيروز ليس بها منبر، ولها خمسه رساتيق: ارز وبازر واشتادان وكا كان وآتشجاه، و المستجان ليس بها منبر، و الزنجان ليس بها منبر، و بندر هبان ليس بها منبر، و خمايجان العليا ليس بها منبر، و السيسكان ليس بها منبر، و مورق ليس بها منبر، و داذين ليس بها منبر، و دوّان ليس بها منبر، و خرّه ومدينتها خرّه ، و صرام ليس بها منبر.

وأما نواحى كوره أرّجان:

أرّجانومدينتها أرّجان، و بازرنج ليس بها منبر، وبلاد سابور بها منبر، و ريشهر بها منبر، و بنيان ليس بها منبر، و كهكاب ليس بها منبر، و دير أيوب ليس بها منبر، و الملّجان ليس بها منبر، و السلجان ليس بها منبر، و الجلّادجان ليس بها منبر، و دير العمر ليس بها منبر، و فرزك بها منبر، و هنديجان أرّجان ليس بها منبر، و مهروبان بها منبر، و جنّابه بها منبر، و شينيز بها منبر، و صوان النجس ليس بها منبر.

وأما زمومها

فإن لكل زمّ منها مدنا وقرى مجتمعه، قد ضمن خراج كل ناحيه منها رئيس من الأكراد، وألزموا إقامه رجال لبذرقه القوافل وحفظ الطرق ونوائب السلطان إذا عرضت، وهى كالممالك. فأما زمّ جيلويه المعروف بالزميجان فإن مكانه فى الناحيه التى تلى أصبهان، وهو يأخذ طرفا من كوره اصطخر، وطرفا من كوره سابور، وطرفا من كوره أرّجان، فحدّ منه ينتهى إلى البيضاء، وحدّ منه ينتهى إلى حدود أصبهان، وحدّ منه ينتهى إلى حدود خوزستان، وحدّ منه ينتهى إلى ناحيه سابور، وكل ما وقع فى هذا من المدن والقرى فمن هذا الزمّ؛ ويتاخمهم فى عمل أصبهان البازنجان، وهم صنف من البازنجان الذين هم بزم شهريار، وليس من هؤلاء البازنجانأحد فى عمل فارس، إلا أن لهم بها قرى وضياعا كثيره؛ وأما زمّ الديوان، المعروف للحسين ابن صالح وهو من كوره سابور، فإن حدا منه يلى أردشير خرّه، وثلاثه حدود تحيط بها كوره سابور، وكل ما كان من المدن والقرى فى أضعافها فهى منها؛

وأما زمّ اللّوالجان:

لأحمد بن الليث- وهو فى كوره أردشير خرّه، فحدّ منه يلى البحر، وتحيط بثلاثه حدود له كوره أردشير خرّه، وما وقع فى أضعافه من القرى والمدن فهو منه؛

وأما زمّ الكاريان:

فإن حدا منه إلى سيف بنى الصفّار، وحدّا منه إلى زمّ البازنجان، وحدا منه إلى حدود كرمان، وحدا منه إلى أردشير خرّه، وهى كلها فى أردشير خرّه.


قال الاصطخری ایضاً:

واما احياء الاكراد بفارس

فهم الكرمانيّه والرامانيّه ومدثر وحىّ محمد بن بشر والبقيليّه والبنداد مهريّه وحىّ محمد بن إسحاق والصباحيّه والإسحاقيه والأذركانيّه والشهركيّه والطهمادهنيّه والزباديّه والشهرويّه والبندادكيّه والخسرويّه والزنجيّه والصفريّه والشهياريّه والمهركيّه والمباركيّه والاشتامهريّه والشاهونيّه والفراتيّه والسلمونيّه والصيريّه والازاددختيّه والبرازدختيّه والمطلبيّه والمماليّه والشاهاكانيّه والكجتيّه والجليليّه، فهؤلاء الذين حضرنى أسماؤهم ولا يتهيأ تقصّيهم إلا من ديوان الصدقات، ويقال إنهم يزيدون على خمسمائه ألف بيت، ويخرج من الحى الواحد ألف فارس إلى مائه فارس، وأقل من ذلك وأكثر، وينتجعون فى المشتى والمصيف على المرعى، إلا القليل منهم على حدود الصرود و الجروم فلا ينتقلون، ولهم من العدّه والبأس والقوه بالرجال والدواب والكراع ما يستصعب على السلطان أمرهم- إذا أراد تحيّفهم ، ويزعمون أنهم من العرب، وهم أصحاب أغنام ورماك ، والإبل فيهم قليل، وليس للأكراد خيل إلا للبازنجان، الذين انتقلوا إلى حدّ أصبهان، وإنما دوابهم براذين، وهم على حسن حال ويسار، ومذاهبهم فى القنيه والنجعه مذاهب قبائل العرب وقبائل الأتراك وهم فيما يقال يزيدون على مائه حىّ، وإنما حضرنى نيّف وثلاثون حيا.

قال الاصطخری ایضاً:

وأما حصون فارس:

فإن منها مدنا محصنه بحصن، ومنها حصون داخل المدينه وحواليها أرباض، ومنها قهندزات فى مدن، ومنها حصون فى جبال منيعه، مفرده عن البنيان قائمه بأنفسها، وأما المدن المحصّنه فإنها إصطخر بها حصن حواليه ربض، ومدينه كثه بها حصن وربض؛ والبيضاء بها حصن وربض؛ والسّرمق بها حصن وربض وقهندز؛ وإقليد لها قهندز وربض، وقريه الآس لها قهندز وربض؛ و شيراز لها قهندز يسمى قلعه شهموبذ ولها ربض ؛

و جور عليها حصن وليس بها ربض، و كارزين لها قهندز وربض؛ و كير لها قهندز وربض؛ و أبزر لها قهندز وربض؛ و سميران لها قهندز وربض، و فسا لها حصن وربض؛ و دارابجرد لها حصن وربض؛ و روبنج لها حصن وربض؛ و سابور لها سور وليس لها ربض، و الجنّجان لها حصن وليس لها ربض؛ جفته لها حصن.

وأما القلاع بها فإنّه يقال فيما بلغنى أن لفارس زياده على خمس آلاف قلعه، مفرده فى الجبال وبقرب المدن وفى المدن، ولا يتهيّأ تقصّيها إلا من الدواوين، وكذلك ما ذكرناه من المدن المحصّنه فإنى لا أقدر على تقصّيها، وإنما أذكر جوامع ما أعرفه من ذلك، إلا أن فى هذه القلاع ما لم يذكر لأحد من الجبابره أنه قدر على فتحها عنوه، منها قلعه ابن عماره وتسمى قلعه الدّيكدان وتنسب إلى الجلندى، ولا يقدر أحد أن يرتقى إليها بنفسه، إلا أن يرقى به فى شىء من البجر ، وهى مرصد لآل عماره فى البحر، ويعشّرون منها المراكب؛ وقلعه الكاريان على جبل طين، قصدها محمد بن واصل فى جيشه، فتحصن بها أحمد بن الحسن الأزدىّ فلم يقدر عليها؛ و قلعه سعيد أباذ برامجرد من كوره اصطخر، وهى على جبل شاهق المرتقى إليها فرسخ، وكانت فى الشرك تعرف بقلعه اسفندباذ، فلما كان فى الإسلام تحصّن فيها زياد بن أبيه أيام أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب عليه السلام ونسبت إلى زياد، ثم تحصّن بها آخر أيام بنى أميه منصور بن جعفر وكان واليا على فارس، فنسبت القلعه إليه فعرفت بقلعه منصور، فتعطلت مده ثم بناها محمد بن واصل الحنظلى فنسبت القلعه إليه- وكان واليا على فارس؛ فلما أخذه يعقوب بن الليث لم يقدر على فتحها إلا بأمر محمد بن واصل، فخرّبها ثم احتاج إليها فأعاد بناءها، وجعلها محبسا لمن سخط عليه؛ و قلعه إشكنوان من رستاق مائين المرتقى إليها صعب، وهى منيعه جدا وفيها عين ماء جار؛ و قلعه جوذرز صاحب كيخسرو بموضع يسمى السويقه من كام فيروز وهى منيعه جدا؛ و قلعه الجصّ بناحيه أرّجان فيها مجوس، وباد كذارات الفرس وأيامهم تتدارس فيها ، وهى منيعه جدا؛ و قلعه إيرج وهى منيعه جدا؛ وأما القلاع المنيعه التى يقدر على الاحتيال لفتحها فهى أكثر من أن يبلغها حفظى.

وأما بيوت نيران فارس:

فتكثر عن إحصائى وحفظى، إذ ليس من بلد ولا رستاق ولا ناحيه إلا وبها عدد كثير من بيوت النيران إلا القليل، غير أن المشاهير التى تفضل على غيرها فى التعظيم- منها بيت نار الكاريان ويعرف ببارنوا، وبيت نار بخرّه ينسب إلى دارا بن دارا، وبه يحلف المجوس فى المبالغه بأيمانهم، وبيت نار عند بركه جور ويسمى بارين، وحدّثنى من رأى به قد كتب عليه بالفهلويه أنه أنفق عليه ثلاثون ألف درهم؛ وبيت نار على باب سابور يعرف بشبر خشين؛ وبيت نار بباب سابور أيضا على باب ساسان يعرف بجنبذ كاوس؛ و بكازرون بيت نار يعرف بجفته؛ و بكازرون أيضا بيت نار يعرف بكلازن؛ و بشيراز أيضا بيت نار يعرف بالكارنيان، و بشيراز بيت نار آخر يعرف بهرمز، وعلى باب شيراز بقريه تعرف بالبركان بيت نار يعرف بالمسوبان. ومن دين المجوس أن المرأه إذا زنت فى حملها أو حيضها لم تطهر، إلا بأن تأتى هذه النار فتتعرى لبعض الهرابذه فتطهر ببول البقر.

وأما أنهار فارس فإنها:

نهر طاب يخرج من جبال اصبهان بقرب البرج، فيصب إلى نهر مسن، وهو نهر يخرج من حدود اصبهان فيظهر بناحيه السّردن، فيجتمعان عند قريه تدعى مسن، ثم يجرى إلى باب أرّجان تحت قنطره تكان، وهى قنطره بين فارس و خوزستان، فيسقى رستاق ريشهر، ثم يقع فى البحر عند حدّ تستر.

وأما نهر شيرين فمخرجه من جبل دينار الذي بناحيه بازرنج، فيسقى فرزك و الجلادكان، ثم يخترق حتى يقع فى البحر نحو جنّابه، وأما نهر الشاذكان فإنه يخرج من بازرنج و جبالها، حتى يدخل تنبوك مورستان وخان حماد، فيسقى رستاق زيزانزد و نائين و الكهركان، ثم يمتد إلى دشت الدستقان ثم يدخل فى البحر. وأما نهر درخيد فإنه يخرج من جبال الجويخان فيقع فى بحيره درخيد.

وأما نهر الخوبذان فإنه يخرج من الخوبذان فيسقى الخوبذان و انبوران، ثم ينصب إلى الجلادجان متعرجا فيقع فى البحر. وأما نهر رتين فيخرج من خمايجان العليا حتى يصير بالزّيريان فيقع فى نهر سابور، ثم ينحدر من نهر سابور فيمضى إلى توّج، فيمر ببابها ومنها إلى البحر. ونهر إخشين يخرج من خلال جبال داذين، فإذا بلغ الجنقان وقع فى نهر توّج. وأما نهر سكّان فإنه يخرج من رستاق الرّويحان من قريه تدعى شاذفرى فيسقى زروعها، ثم ينحدر إلى رستاق سياه فيسقيها، ومنها إلى كوار فيسقيها، ومنها إلى خبر فيسقيها، ثم إلى الصّيمكان فيسقيها، ثم إلى كارزين فيسقيها، ثم إلى قريه تسمى سكّ- وينسب هذا الوادى إلى سكّ، ثم يقع فى البحر، وليس فى أنهار فارس نهر أكثر عماره من هذا النهر. وأما نهر جرشيق فإنه يخرج من رستاق ماصرم ، ويخترق رستاق المشجان حتى يجرى تحت قنطره حجاره عاديه- تعرف بقنطره سبوك، حتى يدخل رستاق خرّه فيسقيها، ثم إلى رستاق داذين ويقع فى نهر اخشين؛ وأما نهر الكرّ فإنه يخرج من كروان من حدود الأرد- وينسب إلى كروان هذا النهر، فيخرج من شعب بوّان ثم يسقى رستاق كام فيروز، وينحدر فيسقى قريه رامجرد و كاسكان و الطسّوج، وينتهى إلى بحيره بجفوز وتسمى بحيره البختكان، ويقال إن له منبعا يخرج من بعض كور درابجرد فينتهى إلى البحر. وأما نهر فرواب فإنه يخرج من الجوبرقان، من قريه تعرف بفرواب، فيجرى على باب اصطخر تحت قنطره خراسان حتى يسقط إلى نهر الكر، ومنها نهر يعرف بتيرزه، يخرج من ناحيه دارجان سياه فيسقى رستاق الجنيفغان و جور، حتى يخترق رساتيق أردشير خرّه ثم يقع فى البحر؛ وأما الأنهار التى تقصر عن هذا المقدار فى العظم فإنها تكثر عن إحصائى.

وأما بحار فارس:

فإن منها بحر فارس، وهو خليج من البحر المحيط فى حد الصين وبلد الواق واق، حتى يجرى على حدود بلدان الهند و السند و كرمان إلى فارس، وينسب هذا البحر من بين سائر الممالك التى عليه إلى فارس، لأنه ليس عليه مملكه أعمر منها، ولأن ملوك الفرس كانوا على قديم الزمان أقوى سلطانا، وهم المستولون إلى يومنا هذا على ما بعد وقرب من شطوط هذا البحر.

ومن بحيراتها التى تحيط بها القرى والعمارات بحيره البختكان، التى يقع فيها نهر الكرّ، وهى من ناحيه جفوز إلى قرب كرمان، فيكون طولها نحو عشرين فرسخا، وماؤها مالح وينعقد فيها الملح، وحواليها مسبع، وتحيط بها رساتيق وقرى، وهى فى كوره اصطخر؛

وبحيره بدشت أرزن من كوره سابور، طولها نحو عشره فراسخ، وماؤها عذب، وربما تجف حتى لا يبقى فيها من الماء إلا القليل، وربما امتلأت نحو عشره فراسخ، وتحتفّ بها القرى والعمارات، وعامه سمك شيراز منها؛ و بحيره توّز من كوره سابور بقرب كازرون، وطولها نحو عشره فراسخ إلى قرب مورق، وماؤها مالح وفيها صيد كثير ومنافع،

و بحيره الجنكان مالحه، طولها نحو اثنى عشر فرسخا، ويرتفع من أطرافها الملح، وحواليها قرى الكهرجان، وهى من أردشير خرّه أولها من شيراز على فرسخين وآخرها حدّ خوزستان، و بحيره الباسفويه - التى عليها دير الباسفويه - طولها نحو ثمانيه فراسخ، وماؤها مالح وصيدها كثير، وفى أطرافها آجام كثيره، فيها قصب وبردىّ وحلفاء، وغير ذلك مما ينتفع به أهل شيراز، وهي في كوره اصطخر متاخمه للزرقان من رستاق هراه.

صفه معظم المدن فى مقاديرها وأبنيتها ونحو ذلك:

قال الاصطخری ایضاً:

وسنذكر المسافات بفارس:

فالطريق من شيراز إلى سيراف:

من شيراز إلى كفره- قريه- 5 فراسخ، ومن كفره إلى بخر- قريه- 5 فراسخ، ومن بخر إلى كوار غلوه، وهى مقسم ماء مدينه كوار ، ومن بخر إلى البنجمان- قريه- 4 فراسخ، ومن البنجمان إلى جور مدينه 6 فراسخ، ومن جور إلى دشت شوراب 5 فراسخ، ومنها إلى خان آزادمرد 6 فراسخ، وهو خان فى صحراء قدرها 3 فراسخ كلها نرجس مضعف، ومن خان آزادمرد إلى كيرند- قريه- 6 فراسخ، ومن كيرند إلى مي- قريه- 6 فراسخ، ومن مي إلى رأس العقبه بادركان خان 6 فراسخ، ومن بادركان خان إلى بركانه خان 4 فراسخ، ومن بركانه إلى سيراف- مدينه- نحو 7 فراسخ، فذلك ستون فرسخا.

والطريق من شيراز إلى كثه حومه يزد-

وهو طريق خراسان- فمن شيراز إلى الزرقان- قريه- 6 فراسخ، ومن الزرقان إلى اصطخر- مدينه- 6 فراسخ، ومن اصطخر إلى بير- قريه- 4 فراسخ، ومن بير إلى كهمند- قريه- 8 فراسخ، ومن كهمند إلى قريه بيد 8 فراسخ، ومن قريه بيد إلى أبرقوه- مدينه- 12 فرسخا، ومن أبرقوه إلى قريه الأسد 13 فرسخا، ومن قريه الأسد إلى قريه الجوز 6 فراسخ، ومن قريه الجوز إلى قلعه المجوس- قريه- 6 فراسخ، ومن قلعه المجوس إلى مدينه كثه حومه يزد 5 فراسخ، ومن يزد إلى مكان يسمى آبخيزه 6 فراسخ، و آبخيزه مكان ليس بقريه، وإنما هى صحراء فيها أصول تين، وهو آخر عمل فارس، فذلك ثمانون فرسخا.

والطريق من شيراز إلى جنّابه:

فمن شيراز إلى خان الأسد- وهو على نهر السّكّان- 6 فراسخ، ومن الخان إلى دشت أرزن- خان- 4 فراسخ، ومن دشت أرزن إلى تيره- قريه- 4 فراسخ، ومن تيره إلى كازرون- مدينه- 6 فراسخ، ومن كازرون إلى قريه دزبز 4 فراسخ، ومن قريه دزبز إلى رأس العقبه- خان- 4 فراسخ، ومن رأس العقبه إلى توّج- مدينه- 4 فراسخ، ومن توّج إلى جنّابه- مدينه- 12 فرسخا، فذلك أربعه وأربعون فرسخا.

والطريق من شيراز إلى الشيرجان:

فمن شيراز إلى اصطخر 12 فرسخا، ومن اصطخر إلى زياداباذ- قريه- وهو من رستاق جور - 8 فراسخ، ومن زياداباذ إلى كلوذر- قريه- وهو مرصد 8 فراسخ، ومن كلوذر إلى الجوبانان- قريه وبها بحيره- 6 فراسخ، ومن الجوبانان إلى قريه عبد الرحمن 6 فراسخ، وهى مدينه تسمى أباذه، ومن قريه عبد الرحمن إلى قريه الآس- مدينه وتسمى البودنجان- 6 فراسخ، ومن الآس إلى صاهك الكبرى- مدينه- 8 فراسخ، ومن صاهك إلى رباط السّرمقان- رباط- 8 فراسخ، ومن رباط السّرمقان إلى پشت خم- رباط أيضا- 9 فراسخ، ومن پشت خم إلى الشيرجان- مدينه كرمان- 9 فراسخ، ورباط السّرمقان من فارس وما بعده من كرمان، فذلك من شيراز إلى حد السّرمقان اثنان وستون فرسخا .

والطريق من شيراز إلى جروم كرمان:

فمن شيراز إلى خان ميم- قريه من رستاق الكهرجان- 7 فراسخ ومنه إلى خوزستان- مدينه- 7 فراسخ ومن خوزستان إلى منزل يعرف بالرباط 4 فراسخ ومن الرباط إلى كرم- مدينه- 4 فراسخ، ومن كرم إلى فسا- مدينه- 5 فراسخ. ومن فسا إلى طمستان- مدينه- 4 فراسخ، ومن طمستان إلى جومه الفستجان- مدينه- 6 فراسخ، ومن الفستجان إلى الداركان 4 فراسخ، ومن الداركان إلى المريزجان- مدينه- 4 فرسخ، ومن المريزجان إلى سنان- مدينه- 4 فراسخ، ومن سنان إلى دارابجرد- مدينه- 5 فرسخ. ومن دارابجرد إلى زم المهدى- مدينه- 5 فراسخ، ومن الزم إلى رستاق الرستاق- مدينه- 5 فراسخ، ومن رستاق الرستاق إلى فرج- مدينه- 8 فراسخ، ومن فرج إلى تارم- مدينه- 14 فرسخا، فذلك من شيراز إلى تارم اثنان وثمانون فرسخا.

الطريق من شيراز إلى أصبهان:

من شيراز إلى هزار- مدينه- 7 فراسخ، ومن هزار إلى مائين- مدينه- 6 فراسخ، ومن مائين إلى كنسا- مرصد- 6 فراسخ، ومن كنسا إلى كنار- قريه- 4 فراسخ، ومن كنار إلى قصر أعين- قريه- 7 فراسخ، ومن قصر أعين إلى اصطخران- قريه- 7 فراسخ، ومن اصطخران إلى خان أويس- قريه- 7 فراسخ، ومن خان أويس إلى كوژ- قريه- 7 فراسخ، ومن كوژ إلى كره 8 فراسخ، ومن كره إلى خان لنجان- قريه- 7 فراسخ، ومن خان لنجان إلى أصبهان 7 فراسخ؛ وحد فارس إلى خان أويس من شيراز إليها ثلاثه وأربعون فرسخا، فذلك من شيراز إلى أصبهان اثنان وسبعون فرسخا.

الطريق من شيراز إلى خوزستان:

فمن شيراز إلى جويم 5 فراسخ، ومن جويم إلى خلان- قريه- 4 فراسخ، ومن خلان إلى الخراره- قريه كبيره قليله الماء - 5 فراسخ، ومن الخراره إلى الكركان- قريه- 5 فراسخ، ومن الكركان إلى النوبنجان- مدينه كبيره- 6 فراسخ، ومن النوبنجان إلى الخوروان- قريه- 4 فراسخ، ومن الخوروان إلى درخيد- قريه- 4 فراسخ، ومن درخيد إلى خان حمّاد- قريه- 4 فراسخ، ومن خان حمّاد إلى بندك- قريه- 8 فراسخ، ومن بندك إلى قريه العقارب- وتعرف بهير - 4 فراسخ، ومن هير إلى راسين 4 فراسخ، ومن راسين إلى أرّجان 7 فراسخ، ومن أرّجان إلى سوق سنبيل 6 فراسخ، والحد بينهما قنطره تكان تكون من أرّجان على غلوه، فذلك من شيراز إلى أرّجان ستون فرسخا.

فأما المسافات بين المدن الكبار بفارس:

فمن فسا إلى كارزين 18 فرسخا، ومنها إلى جهرم 10 فراسخ، ومن فسا إلى كارزين 8 فراسخ، وقد مرّ أن من شيراز إلى اصطخر 12 فرسخا، ومن شيراز إلى كوار 10 فراسخ، ومن شيراز إلى جور 20 فرسخا، ومن شيراز إلى فسا 27 فرسخا ومن شيراز إلى البيضاء 8 فراسخ، ومن شيراز إلى دارابجرد 50 فرسخا، وقد مرّ أن من شيراز إلى سيراف 60 فرسخا، ومن شيراز إلى النوبنجان 25 فرسخا، ومن شيراز إلى يزد 74 فرسخا، ومن شيراز إلى توّج 32 فرسخا، ومن شيراز إلى جنّابه 54 فرسخا ومنها إلى أرّجان 60 فرسخا، وقد مرّ ذلك، ومنها إلى سابور 25 فرسخا، ومن شيراز إلى كازرون 20 فرسخا ومن شيراز إلى خرّه 25 فرسخا، ومن شيراز إلى خرّمه 14 فرسخا، ومن شيراز إلى جهرم 30 فرسخا، ومن جور إلى كازرون 16 فرسخا، ومن سيراف إلى نجيرم 12 فرسخا، ومن مهروبان إلى حصن ابن عماره- وهو طول فارس على البحر- نحو 160 فرسخا؛ والذي يحيط بالمفازه من حدّ كرمان إلى حد اصبهان من الروذان إلى أبان 18 فرسخا، ومن أبان إلى فهرج 25 فرسخا، ومن فهرج إلى كثه 5 فراسخ، ومن كثه إلى ميبد 10 فراسخ، ومن ميبد إلى عقده 10 فراسخ، ومن عقده إلى نائين 15 فرسخا، ومن نائين إلى اصبهان 45 فرسخا فمن روذان إلى نائين ثلاثه وثمانون فرسخا.

ومسافه الحدّ الذي يلى كرمان:

من حد السيف من لدن حصن ابن عماره إلى أن ينتهى إلى تارم، ثم يمتد إلى الروذان حتى ينتهى إلى بريه خراسان، مثل ما من البحر على خط شيراز إلى أن ينتهى ألى مفازه خراسان وهو 120 فرسخا؛ والحد الذي يلى خوزستان و مهروبان حتى ينتهى إلى أرّجان وبلاد سابور و السّردن إلى أول حدّ اصبهان نحو 60 فرسخا.

ذكر الماء والهواء والتربه بفارس:

أرض فارس مقسومه على خط من لدن أرّجان إلى النوبنجان إلى كازرون إلى خرّه، تمر على حدود السيف إلى كارزين حتى تمتد إلى الزموم و دارابجرد إلى فرج و تارم، فما كان من ناحيه الجنوب فجروم، وما كان يلى الشمال فصرود، ويقع فى جرومها أرّجان و النوبنجان و مهروبان و شينيز و جنّابه و توّج و دشت الدستقان و خرّه و داذين و مورق و كازرون و دشت بارين و جيبرين و دشت البوسقان و زم اللّوالجان و كيرزين و أبرز و سميران و خمايجان و الخربق و كران و سيراف و نجيرم و حصن ابن عماره وما فى أضعاف ذلك.

ويقع فى الصرود اصطخر و البيضاء و مائين و ايرج و كام فيروز و كرد و كلّار و سروستان و الاوسبنجان و الارد و الرون و صرام و بازرنج و السردن و خرّمه و الحيره و النّيريز و الماسكانات و الإيج و الاصطهبانان و برم و رهنان و بوّان و طرخنيشان و الجوبرقان و اقليد و السّرمق و أبرقوه و يزد و جارين و نائين وما أضعاف ذلك. وعلى الحد مدن فيها ما فى الصرود و الجروم من النخيل و الجوز، مثل فسا و جور و شيراز و سابور و النوبنجان و كازرون.

فأما الصرود فإن فيها أما كن يبلغ من شده البرد فيها ألا ينبت عندهم شىء من الفواكه سوى الزرع، كالأرد والرون وكرد والرساتيق الاصطخريه والرهنان؛ وأما الجروم فإن بها ما يبلغ من شده الحر فى الصيف الصائف ألا يثبت عندهم شىء من الطيور من شده الحر، مثل الاغرستان وهى رستاق، ولقد خبرنى بعض الناس أنه كان فى بيت يشرف على واد فيه حجاره، فرأى نصف النهار تتفلّق فيه الحجاره كما تتفلّق فى النار؛ و الصرود كلها صحيحه الهواء، و الجروم الغالب عليها فساد الهواء وتغيير الألوان، وليس فيها أكثر وباء من مدينه دارابجرد ثم توّج، وأصح الهواء فى الجروم أرّجان و سيراف و جنّابه و شينيز، وأعدل هذه المدن ما كان فى هذين الحدّين مثل شيراز و فسا و كازرون و جور وغير ذلك، وليس بجميع فارس هواء أصح من هواء كازرون ، ولا أصلح أبدانا وبشره من أهلها. وأما المياه فإن أصح المياه بها ماء نهر كرّ، وأردأ المياه ماء دارابجرد.

ذكر صور أهل فارس وزيّهم ولسانهم وأديانهم.

أما صورهم فإن أهل الجروم الغالب على خلقتهم نحافه الخلق وخفه الشعر وسمره اللون، وأهل الصرود أعبل أجساما وأكثر شعورا وأشد بياضا؛ ولهم ثلاثه ألسنه: الفارسيه التى يتكلمون بها، وجميع أهل فارس يتكلمون بلغه واحده يفهم بعضهم عن بعض، إلا ألفاظا تختلف لا تستعجم على عامّتهم، ولسانهم الذي به كتب العجم وأيامهم ومكاتبات المجوس فيما بينهم هو الفهلويه، التى تحتاج إلى تفسير حتى يعرفها الفرس، ولسان العربيه به مكاتبات السلطان والدواوين وعامه الناس وأمراؤهم ؛ وأمّا زيّهم فإن زىّ السلطان بها الأقبيه، وربما لبسوا الدراريع التى هى أوسع فرجه، وأعرض جربّانا وجيوبا من دراريع الكتّاب، والعمائم التى تحتها قلانس مرتفعه، ويلبسون السيوف بحمائل، وفى أوساطهم المناطق، وخفافهم تصغر عن خفاف أهل خراسان.

وأما قضاتهم فإنهم يلبسون الدّنيّات، وما أشبهها من القلانس المشمّره عن الأذنين مع الطيالسه والقمص والجباب، ولا يلبسون درّاعه ولا خفا بكسر ولا قلنسوه تغطى الأذنين. وأما زى الكتّاب فإنهم يلبسون الدراريع والعمائم، فإن لبسوا تحت العمائم قلانس جعلوها خفيّه، توقى الوسخ ولا تظهر، ويلبسون الخف المكسّر ألطف من خف السلطان، ولا يلبسون قباء ولا طيالسه. وأما التنّاء والتجار والملوك فلباسهم شىء واحد، من الطيالسه والعمائم والخفاف التى لا كسر فيها والقمص والجباب والمبطّنات، وإنما يتفاضلون فى الجوده فى الملابس، فأما الزىّ فواحد، وزيّهم زىّ أهل العراق.

وأما أخلاق ملوكهم والتنّاء منهم والمخالطين للسلطان من عمال الدواوين وغيرهم فالغالب عليهم استعمال المروّه فى أحوالهم، والنزاهه عما يقبح به الحديث من الأخلاق الدنيّه، والمبالغه فى تحسين دورهم ولباسهم وأطعمتهم، والمنافسه فيما بينهم فى ذلك. والآداب الظاهره فيهم؛ وأما تجارهم فالغالب عليهم محبه جمع المال والحرص ؛ فأما أهل سيراف والسواحل فإنهم يسيرون فى البحر حتى ربما غاب أحدهم عامه عمره فى البحر، ولقد بلغنى أن رجلا من سيراف ألف البحر، حتى ذكر أنه لم يخرج من السفينه نحوا من أربعين سنه، وكان إذا قارب البر أخرج صاحبه لقضاء حوائجه، فى كل مدينه يتحوّل من سفينه إلى أخرى إذا انكسرت أو تشعثت فاحتيج إلى اصلاحها، وقد أعطوا من ذلك حظا جزيلا، حتى إن أحدهم يبلغ ملكه أربعه آلاف ألف دينار، وفى عصرنا قد بلغنى ما هو أكثر من ذلك، فتراه فى لباسه لا يتميز من أجيره وأما أهل كازرون و فسا وغيرهم ، فهم أهل تجارات فى البرّ، وقد أعطوا من ذلك حظا جزيلا، حتى أن أحدهم ليبلغ ملكه الكثير ، وهم أهل صبر على الغربه وحرص على جمع المال وفيهم اليسار الظاهر حيثما كانوا، وما علمت مدينه فى برّ ولا بحر فيها قوم من الفرس مقيمون إلا وهم عيون تلك المدينه، والغالب عليهم اليسار واستقامه الحال والعفّه.

وأما أديانهم فإن السواحل من سيراف إلى مهروبان إلى أرّجان وأكثر الجروم الغالب عليهم مذاهب أهل البصره فى القدر وأقلهم المعتزله، وأهل جهرم الغالب عليهم الاعتزال، وأهل خرّه هم شيعه ؛ وأما الصرود فإن شيراز و اصطخر و فسا الغالب عليهم مذاهب أهل الجماعه على مذاهب أهل بغداد، والغالب على أهل فارس فى الفتيا مذهب أهل الحديث. فأما أهل الملل منهم فإن فيهم اليهود و0ارى والمجوس، وليس فيهم صابئه ولا سامره ، ولا من سائر النحل أحد ظاهر، وأكثر هذه الملل المجوس، وهم الغالبون على سائر الملل فى الكثره، ثم 0ارى ثم اليهود أقلهم، فأما كتب المجوس وبيوت نيرانهم وأديانهم وما كانوا عليه فى أيام ملوكهم فإنهم يتوارثونه، وذلك فى أيديهم ويتدينون به؛ وليس المجوس ببلد أكثر منهم بفارس، لأن بها دار ملوكهم وأديانهم وكتبهم.

قال الاصطخری ایضاً:

ذكر طبقات الناس بفارس:

أما طبقات الناس بفارس فإن لهم فى قديم الأيام- على ما يذكره الفرس فى كتبهم- ملوكا ملكوا الدنيا، مثل الضحّاك وجم وأفريدون فى آخرين، كانوا ملوك الأرض حتى قسم أفريدون الأرض بين بنيه، فصار ملوك الفرس سكان ايرانشهر إلى أن قتل ذو القرنين دار الملك، فصارت الممالك طوائف، حتى كان أيام أردشير فعادت المملكه إلى واحد، فما زالت فيهم يتولاها مثل سابور وبهرام وقباذ وفيروز وهرمز وسائر الأكاسره، حتى جاء الإسلام فزال الملك عنهم، وإنما سكن بابل الأكاسره فى آخر أيامهم، وانتقلوا من ديارهم عن فارس إلى قرب من الروم والعرب، كما انتقل التتابعه من اليمن لما ملكوا الآفاق، وكما انتقل ملوك الإسلام من العرب عن ديار العرب إلى بابل ، لتوسط الممالك والاشراف على كل ناحيه، ولسنا نكثر فى ذكر ملوك الفرس لانتشار أخبارهم وعلم الناس بأيامهم؛ فأما فى الإسلام فإن لهم ملوكا منهم فى تقليد الإمارات، ومنهم من قعد عنها على استقلاله بها وكفايته من الفرس، والعرب الذين توطنوا فارس فصاروا من أهلها- والذين تغرّبوا عنها فمنهم الهرمزان من الأساوره، أسر فى أيام عمر فقدم به عليه فأطلقه وآمنه فأسلم، وله إلى آل أبى طالب صهر، فاتهم بقتل عمر بن الخطاب مع أبى لؤلؤه عبد للمغيره بن شعبه، فقتله عبيد الله بن عمر بعد موت عمر، ويقال إن سلمان الفارسي من ولد الأساوره، وأنه تزهّد وخرج يطلب الدين ويتصفح الملل، حتى وقع إلى المدينه فأسلم عند ورود النبي صلى الله عليه وسلم المدينه، ومنهم آل عماره ويعرفون بآل الجلندى، ولهم مملكه عريضه وضياع كثيره وقلاع على سيف البحر بفارس متاخمه لحد كرمان، ويزعمون أن ملكهم هناك قبل موسى عليه السلام وأن الذي قال الله عز وجل وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَه غَصْباً هو الجلندى، وهم قوم من أزد اليمن، ولهم إلى يومنا هذا منعه وعده وبأس وعدد، لا يستطيع السلطان أن يقهرهم وإليهم أرصاد البحر وعشور السفن، وقد كان عمرو بن الليث ناصب حمدان بن عبد الله الحرب نحو سنتين فما قدر عليه، حتى استعان عليه بابن عمه العباس بن أحمد بن الحسن وأحمد بن الحسن الذي نسبنا إليه زم الكاريان، وهو من آل الجلندى أزدى، وابنه حجر بن أحمد هو على الزم فى منعه وقوه إلى يومنا هذا؛ وآل الصفّار الذين نسب إليهم سيف بنى الصفّار هم آل الجلندى، وهؤلاء أقدم من ملوك الإسلام بفارس، وأمنعهم جانبا؛ ومنهم آل أبى زهير المدينى ينسب إليهم سيف بنى زهير، وهم من سامه بن لؤى ملوك ذلك السيف، ولهم منعه وعدد؛ ومنهم أبو ساره الذي خرج متغلبا على فارس يدعو إلى نفسه، حتى بعث المأمون من خراسان محمد بن الأشعث فواقعه فى صحراء كس من شيراز، وفرّق جيشه وقتله، وكان الوالى بفارس حينئذ يزيد بن عقال: وجعفر بن أبى زهير الذي قال فيه الرشيد وقد وفد عليه فى ملوك فارس لولا طرش به لاستوزرته؛ والمظفّر بن جعفر الذي كان يملك عامه الدستقان، وله مملكه السيف من حدّ جنّابه إلى حد نجيرم، وسائر آل أبى زهير من حد نجيرم إلى حد بنى عماره، ومسكن آل أبى زهير كران، ومسكن المظفّر على ساحل البحر بصفاره؛ ومنهم آل حنظله بن تميم من ولد عروه بن أديّه، الذين عبروا من البحرين إلى فارس فى أيام بنى أميه، بعد قتل عروه بن أديّه فسكنوا اصطخر ونواحيها، وملكوا الأموال الكثيره والقرى النفيسه؛ وكان منهم عمرو بن عيينه، وبلغ من يساره أنه ابتاع بألف ألف درهم مصاحف فوقفها فى مدن الإسلام؛ وكان مبلغ خراج أهل هذا البيت فى ضياعهم نحو عشره آلاف ألف درهم، وكان المأمون ولّى عمر بن ابراهيم غزو البحر لقتال القطريه، وابنه مرداس بن عمر المكنى بأبى بلال بلغ من ماله أن كان خراجه نحو ثلاثه آلاف ألف درهم، وكان ابن عمه محمد بن واصل ملكه مثل ملك هذا، وخراجه مثل خراجه، لا يتفاوت بكبير شىء، وكان أجلّ أهل هذا البيت عمرو بن عيبنه، وكانت من قوه أهل هذا البيت أن الأتراك لما استولوا على الخلافه- فلم يطقهم الخلفاء- فرقوا فى اقطاعات عريضه، وولّوا فارس ليبعدوا عن الباب وكان منهم من عظماء الأتراك نحو من أربعين أميرا، ورئيسهم المولد، وكان يمنعهم الظلم فتشغبوا عليه وهمّوا به حتى استجار بمرداس بن عمر فأجاره وأخرجه إلى بغداد، وولّوا على أنفسهم ابراهيم بن سيما، وكتب عبيد الله ابن يحيى عن المعتمد إلى مرداس فى قتلهم فاستعفى، وكتب إلى محمد بن واصل فجمع حاشيته وأهل طاعته حتى قتل هؤلاء الأمراء عن آخرهم، إلا إبراهيم بن سيما وأربعه نفر، وكان رئيس الأتراك بعد المولد بفارس، واستولى محمد بن واصل على فارس، فبعث إليه من بغداد عبد الرحمن بن مفلح، وكان على جيشه طاشم فى جيش عظيم، فهزم جيش عبد الرحمن وقتل طاشم، وأسر عبد الرحمن وقتله، فصفت له فارس، حتى قصد ابن عمه مرداس بالخنق مخالفه على نفسه، فاستدعى يعقوب بن الليث، فدخل يعقوب بن الليث فارس لمعاضده مرداس، حتى حارب محمد بن واصل بمروسدان بناحيه البيضاء، راجعا من محاربه عبد الرحمن بن مفلح، فهزمه وفرّق جيشه وأسر بسيراف فى البحر، فسلم إلى يعقوب وأنفذه إلى قلعه ثمّ فحبسه بها سنتين، حتى كان يعقوب بجنديسابور فتغلب هو والمحبّسون على القلعه، فبعث يعقوب من قتلهم إلا القليل؛ ومن ملوك الفرس ممّن ملك بغير فارس آل سامان، فإنهم من ولد بهرام، وكان بهرام من أهل خبر من أردشيرخرّه فسكن الرىّ، ثم ولى محاربه الأتراك فقصد بلخ وفرق جمع الأتراك، وأثر فيهم فاستفحل أمره وقويت شوكته، حتى خافه كسرى ذلك العصر على نفسه وملكه، فهمّ بمحاربته وازاله ملكه، فاضطره بهرام إلى أن استجار بملك الروم وأخلى مملكته إلى أن يقصد ملك الروم، فرجع وكان من حديثه ما قد ذكر فى الكتب، وآل سامان من ولده فكانوا ملوك ما وراء نهر بلخ المعروف بجيحون وأمراءه يتوارثونه بينهم، إلى أن انتهت الاماره إلى اسماعيل بن أحمد بن أسد، فبلغ من سلطانه وتمكّن أمره أن أزال ما كان استصعب على المعتضد- فى شهامته وصولته وبأسه- من ملك عمرو ابن الليث، وتفريق جمعه حين ملك خراسان كلها و ما وراء النهر و جرجان و طبرستان و قومس و الرى و قزوين و أبهر و زنجان، وهذه مملكه ما علمت أن الأكاسره جمعتها لرجل واحد، وقمع مع هذه المملكه الأتراك وذلّلهم، حتى بلغت صولته وهيبته حدود الصين، وهابته ملوك الترك حتى صار مما يلى مملكه الإسلام من بلدان الأتراك من الأمن مثل دار الإسلام، ثم ملك بعده ابنه أحمد بن اسماعيل، فزاد إلى هذه المملكه فتح سجستان واذلال بقايا السّجزيّه، وبسط من حسن النظر للرعيه ما انتشر به ذكره، ثم ملك بعده نصر بن أحمد، وبلغ من بأسه وقمع من عارضه فى ملكه وقوه دولته أنه ما اعترض فى ملكه أحد إلا قمعه وكانت الغلبه له؛ وأما من ملك من فارس من غير الفرس فغلب عليه فإن منهم على بن الحسين بن بشر من الأزد المقيمين الذين كانوا ببخارى فانتقل إلى فارس، وكان من الشّحنه وقوى فى أيام المعتز والمستعين فغلب على فارس، وكان له بأس ومنعه، حتى حار به يعقوب بن الليث بقنطره سكّان بقرب شيراز فهزمه وأسره، فأقام فى حبسه مده ثم قتله؛ وأما ملوك الزموم الذين على أبوابهم الجيوش الدائمه من ألف رجل إلى ثلاثه آلاف رجل- فإن منهم فى زم الزميجان المعروف بزم جيلويه المهرجان بن روزبه، وهو أقدم من جيلويه وأعظم شوكه ومنزله، وأخوه سلمه ابن روزبه بعده، وكان جيلويه ناقله إليهم من خمايجان السفلى من كوره اصطخر، وكان يخدم سلمه فلما مات تغلب جيلويه على هذا الزم، واستفحل أمره حتى نسب الزمّ إليه إلى يومنا هذا، وبلغ من شوكته أن أوقع بآل أبى دلف، وقتل معقل بن عيسى أخا أبى دلف، ثم قصده أبو دلف فقتله وحمل رأسه فكان لآل أبى دلف إلى أن انقضت أيامهم، يقيمون برأسه فى الحروب يحمل بين أيديهم على رمح، وقد صبّب القحف بالفضه حين وقع فى يد عمرو بن الليث، لما هزم أحمد بن عبد العزيز بالزرقان فكسره، ورياسه هذا الزم فى أولاد جيلويه إلى يومنا هذا؛ وأما زمّ الديوان فكان رئيسهم آزاد مرد بن كوشهاذ من الأكراد، فملكه دهرا ثم عصى، فقصده السلطان فهرب إلى عمان وبها مات، وصار الأمر بعده إلى الحسين بن صالح من الأكراد، فصار الزمّ فى يده ويد أولاده إلى أيام عمرو بن الليث، فنقله عنهم إلى ساسان بن غزوان من الأكراد، فهو فى أهل بيته إلى يومنا هذا؛ وأما زم اللوالجان فكان فى أيدى آل الصفّار، إلى أن ولى محمد بن ابراهيم الطاهرى فارس فجعله فى يدى أحمد ابن الليث رجل من الأكراد، فهو فى يدى أهل بيته إلى يومنا هذا، ومحمد بن ابراهيم هو الذي أوقع بآزادمرد ابن كوشهاذ حتى هرب؛ وأما زم الكاريان فهو فى يدى آل الصفّار إلى يومنا هذا على قديم الأيام، ورئيسهم اليوم حجر بن أحمد بن الحسن؛ وأما زم البازنجان فإن رئيسهم كان يسمى شهريار من الأكراد، والزم منسوب إليه وكان مصاهرا لجيلويه، وصار بعده للقاسم بن شهريار ثم انتقل إلى موسى بن القاسم، و البازنجان الذين هم فى حدّ أصبهان هم من هذا الزم فانتقلوا عن فارس، إلا أن لهم فى حدود فارس ضياعا كثيره، وكان رئيسهم موسى بن عبد الرحمن ثم صارت لموسى بن مهراب، وصارت بعده لابنه أبى مسلم محمد بن موسى ومن بعده لأخيه فارس بن موسى، ومن بعده لأحمد بن موسى، والرئاسه فيهم إلى يومنا هذا.

وأما من صلح من الفرس للدواوين من الكتّاب والعمال والأدباء فإن منهم عبد الحميد بن يحيى، وكان له فى بنى أميه ولاء ينسب إليهم، وكان من كتابته واستقلاله ما أغنى عن ذكره لاشتهاره، ومنهم عبد الله بن المقفع، كان فارسيا أقام بالبصره، وقتل فى أيام المنصور بالبصره، وكان كتب أمانا لعبد الله بن على من المنصور، فشرط فيه براءه المسلمين من بيعته لو خان فى أمانه ، فوجد المنصور عليه فأمر عامل البصرهبقتله سرا فقتله سرا، ومنهم سيبويه وكان مقيما بالبصره، ويقال إنه من أهل اصطخر فأقام بالبصره، إلا أنه مات بفارس، وقبره بشيراز بباب يعرف بباب إبرذه فى مفترشه يعرف بالمزدكان، وله (الكتاب) المنسوب إليه فى النحو؛ والفرس هم شحنه دواوين الخلافه والعمّال الذين بهم قوام السياسه، من الوزراء وسائر عمال الدواوين، منهم البرامكه وآل ذى الرئاستين وإلى يومنا هذا من المادرائيّين والفيريابيين وسائر شحنه الخلافه من أولاد الفرس، الذين انتقلوا إلى السواد فى أيام الأكاسره فأقاموا فى أرض النبط، وأما قوادها فمنها وهم أولاد الفرس وليس فى سائر دواوين الإسلام ديوان هو أصعب عملا وأكثر أنواعا من ديوان فارس، لاختلاف ربوعها وتقارب الأخرجه على أصناف زروعها واختلاف أبواب أموالها، وتشعب الأعمال بها على المتقلدين لها، حتى لا يكاد يبلغ الرجل الواحد الاستقلال بتلك الأعمال كلها إلا فى الفرد، وما علمنا أحدا منهم جمع من العلم بأبواب الدواوين إلا نفرا يسيرا، منهم المعلى بن النضر كاتب الحسن بن رجاء، وكان من أهل العراق توطن شيراز فمات بها، وكذلك الحسن بن رجاء جمع له الحرب وأعمال الدواوين، مات بشيراز وقبره عند دار الأماره يعرف بدار هدّاب بن ضرار المازنى، التى كان المأمون ابتناها لما أرجف باختياره بفارس، ويكنى المعلى بأبى على، فكان يتقلب فى أعمال الدواوين نحو خمسين سنه، وعاش بعد الحسن بن رجاء نحوا من ست سنين؛ وماهان بن بهرام من أهل سيراف كتب لعلى بن الحسين بن بشر ومحمد بن واصل وجمع له الدواوين فاستقل بها؛ وأخوه كامل بن بهرام ويكنى بأبى الليث، كان لا يوصف فى الاستقلال إلا بديوان الرسائل فقط؛ ومنهم الحسن بن عبد الله ويكنى بأبى سعيد ، واسم عبد الله بزرجمهر بن خدايداد بن المرزبان، وبلده فسا، توطن شيراز ، وهو من جانب أمه منسوب إلى بنى مروان، ومنهم محمد بن يعقوب من أهل يزد، استقل بدواوين فارس وتوطن بخارى. وبفارس قوم يقال لهم أهل البيوتات، يتوارثون فيما بينهم أعمال الدواوين ، منهم آل حبيب وكان مشايخهم مدرك وأحمد والفضل بنو حبيب، وأصلهم من كام فيروز ومنشؤهم شيراز، قطنوها وتقلدوا الأعمال الجليله الشريفه، وكان المأمون الخليفه استدعى مدرك بن حبيب إلى بغداد للحساب وغيره من وجوه الخدمه، وحظى عنده وقرأ عليه ومات ببغداد أيام المعتصم، واتهم يحيى بن أكثم به ؛ وآل أبى صفيّه من موالى باهله، منهم يحيى وعبد الرحمن وعبد الله بنو محمد بن اسماعيل، ناقله توطنوا بها فى زمان المأمون وتقلدوا أعمال الديوان بها وأما آل المرزبان بن زاديه، فإنهم كانوا من أهل شيراز، وكان الحسن بن المرزبان بندارا لمحمد بن واصل، ومن بعده ليعقوب ابن الليث؛ وكان جعفر بن سهل بن المرزبان كاتب أبى الحارث بن فريغون من أهل هذا البيت وخدم علىّ بن المرزبان عمرو بن الليث على ديوان الاستدراك، وآل المرزبان بن خدايداد الذين يقال إن أصلهم من فسا، وهم أقدم أهل هذه البيوتات وأكثرهم عددا، ومنهم أبو سعيد الحسن بن عبد الله ونصر بن منصور بن المرزبان، وعبد الرحمن بن الحسين بن المرزبان، وخدايداد بن مردشاد بن المرزبان، وأحمد بن خدايداد فى جماعه تركنا تقصى عددهم، يتولون طرفا من أعمال الديوان إلى يومنا هذا، وآل مردشاد بن نسبه، منهم على بن مردشاد وأولاده الحسن والحسين وأحمد، وإلى يومنا هذا منهم عمّال العمالات، فهؤلاء مع آخرين لم نذكرهم أهل بيوت يتوارثون هذه الأعمال.

وقد انتحل قوم من الفرس ديانات خرجوا بها عن المذاهب، فدعوا إليها وانتصبوا لها، لولا أن إهمال أمرهم ضرب من العصبيه وباب من التحامل، فنذكر المحاسن ولا نذكر غيرها، لكان من الواجب إهمال ذكرهم لشناعه أمرهم وفظاعه أخبارهم، ولكن الوقوف على ما أمكن من أخبار الناس وسيرهم- من محمود ومذموم- غير مكروه، فممّن عرف من هؤلاء واشتهر ذكر الحسين بن منصور المعروف بالحلّاج- من أهل البيضاء وكان رجلا حلاجا ينتحل النسك، فما زال يرتقى به طبقا عن طبق حتى انتهى به الحال إلى أن زعم: أن من هذّب فى الطاعه جسمه، وأشغل بالأعمال الصالحه قلبه، وصبر على مفارقه اللذات، وملك نفسه فى منع الشهوات، ارتقى به الى مقام المقربين، ثم لا يزال يتنزّل فى درج المصافاه، حتى يصفو عن البشريه طبعه، فإذا لم يبق فيه من البشريه نصيب، حلّ فيه روح الله، الذي كان منه عيسى بن مريم، فيصير مطاعا، فلا يريد شيئا إلا كان من كلّ ما ينفذ فيه أمر الله، وأن جميع فعله حينئذ فعل الله، وجميع أمره أمر الله، فكان يتعاطى هذا ويدعو إلى نفسه بتحقيق ذلك كله، حتى استمال جماعه من الوزراء وطبقات من حاشيه السلطان وأمراء الأمصار وملوك العراق و الجزيره والجبال وما والاها، وكان لا يمكنه الرجوع إلى فارس ولا يطمع فى قبولهم إياه، فخاف على نفسه منهم لو ظهر لهم، فأخذ وما زال فى دار السلطان ببغداد، إلى أن خيف من قبله أن يستغوى كثيرا من أهل دار الخلافه من الحجاب والخدم وغيرهم، فصلب حيا إلى أن مات. ومنهم الحسن الجنّابى ويكنى بأبى سعيد من أهل جنّابه، كان دقاقا أظهر مذهب القرامطه فنفى عن جنّابه، فخرج منها إلى البحرين، فأقام بها تاجرا يستميل العرب بها ويدعوهم إلى نحلته حتى استجابوا له، وملك البحرين وما والاها، فكان من كسره عساكر السلطان وعيثه وعدوانه على أهل عمان، وسائر ما يصاقبه من بلدان العرب ما قد انتشر ذكره، حتى قتل وكفى الله أمره، ثم قام ابنه سليمان بن الحسن فكان من قتله الحاج، وانقطاع طريق مكه فى أيامه والتعدى فى الحرم، وانتهاب كنوز الكعبه وقتل المعتكفين بمكه- ما قد اشتهر ذكره، ولما اعترض الحاجّ بما كان منه أخذ عمه أخو أبى سعيد وقراباته فحبسوا بشيراز مده- وكانوا مخالفين له فى الطريقه، يرجعون إلى صلاح وسداد، وشهد لهم بالنزاهه من القرمطه- فخلّى عنهم، والله الحافظ للاسلام وأهله، والشر لمن حادّ الله فى أمره.

وسنذكر الخاصيات بها: بناحيه اصطخر أبنيه حجاره عظيمه الشان، من تصاوير وأساطين وآثار أبنيه عاديه، يذكر الفرس أنه مسجد سليمان بن داود صلى الله عليهما، وأن ذلك من عمل الجن، وهى تشبه أبنيه رأيتها ببعلبك وأرض الشام ومصرفى العظم، ومما يعجز عن مثله أهل هذا العصر، وبناحيه اصطخر تفاح تكون التفاحه الواحده منه بعضها حامض وبعضها حلو، حدّث مرداس بن عمر بن الحسن بن رجاء، فرأى فى وجهه انكارا لذلك فأحضره حتى رآه؛ وبقريه عبد الرحمن بئر عمقها قامات كثيره، جافه القعر عامه السنه، حتى إذا كان الوقت المعروف من السنه ينبع منها ماء، يرتفع إلى وجه الأرض ويجرى منه ما يدير الرحى، حتى ينتفع به فى سقى الزروع وغير ذلك ثم يغور. وبناحيه سابور جبل قد صوّر فيه صور كل ملك وكل مرزبان معروف للعجم، وكل مذكور من سدنه النيران وعظيم من موبذ وغيره، وتتابع صور هؤلاء وأيامهم وقصصهم فى أدراج، وقد خصّ بحفظ ذلك قوم سكّان بموضع بناحيه أرّجان يعرف بحصن الجص، و بجور بركه على باب البلد مما يلى شيراز تعرف بنزّ، قد أكبّ على قعرها قدر نحاس عظيمه، يخرج من ثقبه فى أعلى تلك القدر ضيقه جدا ماء عظيم، ليس فى تقدير رأى العين أن مثل ذلك الماء على كثرته يخرج من ذلك الثقب على ضيقه؛ وبقرب أبرقوه تلال عظيمه من رماد يزعم قوم أنها نار نمرود بن كنعان، التى أوقدها لإحراق ابراهيم عليه السلام وهذا خطأ، لأن الصحيح فى الأخبار أن نمرود كان مقيما ببابل، وكذلك ملوك الكنعانيين قبل ملوك الفرس؛ وقد ذكرنا المومياى فى جمله ما يرتفع من ناحيه دارابجرد. وبكوره أرّجان بقريه يقال لها صاهك الغرب بئر، يذكر أهلها أنهم امتحنوا قعرها بالمثقلات والأرسان، فلم يقفوا منها على عمق، يفور منها الدهر كله ماء بقدر ما يدير رحى ويسقى تلك القريه. وبكوره سابور رستاق يعرف بالهنديجان فيها بئر بين جبلين، يخرج منها دخان فيعلو حرها ، حتى لا يتهيأ لأحد أن يقربها، وإذا طار فوقها طائر سقط فيها واحترق؛ وبدشت بارين قريه تعرف بجور هى نحيسه لا شجر فيها، فيها أهل بيت ينسبون إلى السحر ويسألون عن الأخبار ويحكى عنهم ما أستفظع حكايته فى كتابى. وبكوره أردشير خرّه على باب شيراز عين ماء يشرب منه الناس لتنقيه الجوف، فمن شرب منه قدحا أقامه مجلسا، ومن زاد فلكل قدح مجلس؛ وبناحيه كام فيروز بقريه تعرف بالمورجان بين جبال شاهقه كهف فيه جرن، وفى سقف هذا الكهف ماء ينقطر إلى الجرن، فيزعم الناس أن عليه طلّسما، فإن دخل ذلك الكهف رجل خرج ما يكفى رجلا، وإن دخله ألف رجل خرج بقدر حاجتهم. وعلى باب أرّجان مما يلى خوزستان قنطره على نهر طاب، تنسب إلى الديلمى طبيب الحجّاج، وهى طاق واحد- سعه الطاق على الأرض ما بين العمودين نحو ثمانين خطوه، وارتفاعه مقدار ما يجوز فيه راكب الجمل بيده علم من أكبر ما يكون؛ وبناحيه كران طين أخضر كالسلق يؤكل، ليس فيما علمته فى بلد مثله؛ وبناحيه جنّابه فى البحر مكان يعرف بخارك معدن اللؤلؤ، يقال إن النادر منه لا يفوقه شىء، وأن الدره اليتيمه منه إن صح ذلك، وبناحيه شيراز ريحان يعرف بسوسن نرجس، ورقه مثل ورق السوسن، وداخله مثل عين النرجس سواء، وبناحيه داذين نهر ماء عذب يعرف بنهر إخشين، يشرب منه ويسقى الأراضى، وإذا غسلت به ثياب خرجت خضرا؛ وبدشت بارين فى جبالها- بقريه تسمى بر- عين ماء قليل، يعرف بماء نوح، يتداوى به من العلل والعين، ويقال إنه ربما حمل منه إلى حدود الصين لاشتهاره واستعمال الناس إياه، فينتابه الناس من خراسان والبلدان النائيه.

فأما ما يرتفع من بلدان فارس مما ينقل إلى الأمصار، وما يفضّل فى جنسه على سائر ما يرتفع فى البلدان فمن ذلك ماء الورد الذي يرتفع من جور فانه يفضّل فى جنسه، وينقل إلى البحر فيفرّق فى الحجاز و اليمن و الشام و مصر و المغرب و خوزستان و خراسان و الجبال ؛ ويرتفع من غير جور ما هو أجود إلا أن معظم الجهاز منه، ويرتفع بجور ماء الطلع وماء القيصوم الذي لا نعرفه فى بلد غير جور، وماء الزعفران المسوسن وماء الخلاف الذي يفضّل على جنسه فى سائر البلدان. ويرتفع من سابور الأدهان من كل جنس ما يفضّل على أدهان سائر المدن إلا الخبرىّ والبنفسج، فإن الذي بالكوفه منهما خير، والإنبجات التى تحمل إلى الآفاق منها.

ويرتفع من سينيز و جنّابه و كازرون و توّج ثياب كتان، وللسلطان فى كل بلد منها طراز غير كازرون، وتحمل هذه الثياب إلى الآفاق من بلدان الإسلام كلها، ويرتفع من فسا أنواع من الثياب التى تجلب إلى الآفاق، وبها طراز الوشى والشعر والسوسنجرد للسلطان، فأما الوشى فإن المذهب المرتفع منه أجود مما يكون بغيره من الأمصار، وأما غير المذهب فإن الذي بجهرم أجود وأكثر منه، وأما الشعر فإنه يعمل للسلطان ثياب مثقاليه تأخذ قيمه كبيره، وكلل مرتفعه وسائر أصناف الشعر، ويتخذ من القز للسلطان ستور معلمه معينه ويرتفع من ثياب القز والشعر ما يحمل إلى كثير من أمصار الإسلام، و السوسنجرد الذي يكون بها أرفع مما يكون بقرقوب و توّج و تارم، وبها أكسيه القز التى تبلغ قيمه كبيره، ويرتفع من جهرم ثياب الوشى المرتفع والبسط والنخاخ والمصليات والزلالىّ المعروفه بالجهرمىّ، ويرتفع من يزد و أبرقوه ثياب قطن تحمل إلى الآفاق، ويرتفع من الغندجان- قصبه دشت بارين- من البسط والستور والمقاعد وأشباه ذلك ما يوازى به عمل الأرمينى، وبها طراز للسلطان، وتحمل منها إلى الآفاق، وإنما فضّل سوسنجرد فسا على سوسنجرد قرقوب لأن القرقوبى إبريسم وهذا صوف، والصوف أجود من الابريسم فى الصنعه، ويحمل من سيراف ما يقع إليها من أمتعه البحر، من العود والعنبر والكافور والجواهر والخيزران والعاج والأبنوس والفلفل والصندل وسائر الطيب والأدويه والتوابل- التى يكثر تقصيها- إلى جميع فارس والدنيا كلها، وهى فرضه لهذه المواضع، وأهلها أيسر أهل فارس، ومنهم من يجوز ما له ستين ألف ألف درهم، ما اكتسبه إلا من تجاره البحر، وهم الغالبون على مدن تلك السواحل وعلى البحر كله؛ ويرتفع من أرّجان دوشاب يكون بآسك، وآسك هذه التى كان بها وقعه الأزارقه، وكانوا أربعين رجلا، فقصدهم نحو ألفى رجل من أصحاب البصره، فقتلوا الألفين عن آخرهم، ويفضّل هذا الدوشاب على ما يكون بالعراق وسائر المدن، إلا السيلان الذي يكون بالاحساء و هجر فانه يفوقه ؛ و بأرّجان زيت يحمل إلى الآفاق منه فيفضّل على غيره، و بكازرون تمر يفال له الجيلاندار، يتفرد به ذلك الموضع، ولا يكون بالعراق و الحجاز و كرمان وسائر مواضع النمور، ويحمل منها إلى العراق على كثره تمورها.

و بدارابجرد سمك بالخندق الذي يحيط بالبلد، لا شوك فيه ولا عظم ولا فقار، وهو من ألذ السموك، ويرتفع من دارابجرد مثل العمل الطبرىّ الذي يكون بطبرستان. ويرتفع من كازرون ثياب كتان تنقل إلى الآفاق؛ ويرتفع من قريه من دارابجرد المومياى الذي يحمل إلى السلطان، وهو غار فى جبل قد وكّل به من يحفظه، فيفتح فى كل سنه فى وقت معروف، وقد استجمع فى نقر حجر هناك ماء قد اجتمع المومياى فى أسفله، فإذا جمع يكون مثل الرمّانه، فيختم ويشهده ثقات السلطان من الحكام وأصحاب البرد والمعدّلين، ويرضخ للذى يحضره بالشيء اليسير، وهو المومياى الصحيح، وما عدا هذا المومياى الذي يحمل إلى السلطان فشىء مزوّر، يشبه المومياى وليس بالصحيح، وبقرب هذا الغار قريه تسمى آبين، فينسب هذا إليها ويسمى موم قريه آبين؛ وبناحيه دارابجرد جبال من الملح الأبيض والأصفر والأخضر والأسود والأحمر، تنحت من هذه الجبال موائد وغير ذلك مما ينحتونه ويحمل إلى سائر المدن، والملح الذي فى سائر المدن إنما هو من باطن الأرض أو ماء يجمد، وهذا هو جبل ملح ظاهر و بدارابجرد دهن رازقى يقال إنه ليس فى مكان مثله يحمل إلى الآفاق ؛ ويكون بأرض فارس عامه المعادن من الفضه والحديد والآنك والكبريت والنفط، وأشباه ذلك مما يستقل به أهلها مما يكون فى سائر الأقطار، إلا أن الفضه بها قليله بناحيه يزد بموضع يعرف بنائين، ولا أعرف بها معدن الذهب ومعدن الصفر بالسّردن يحمل منها إلى البصره وإلى سائر النواحى، والحديد يرتفع من جبال اصطخر، وبقريه من كوره اصطخر تعرف بدارابجرد معدن الزئبق ويعمل بفارس مداد أسود للدواه والصبغ يفضّل على غيره و بشيراز أبراد تحمل إلى الآفاق، وبجانات من كوره اصطخر ثياب قطن مستحسنه تعرف بالجاناتى رقيقه.

فأما نقودهم وأوزانهم ومكاييلهم، فالبيع والشراء بجميع فارس بالدراهم، وإنما الدنانير عندهم كالعرض ، وليس على سكه الدراهم والدنانير التى تعرف بفارس إلا اسم أمير المؤمنين، من أيام السجزيه إلى يومنا هذا؛ فأما أوزانهم فإن وزن الدراهم كل عشره دراهم سبعه مثاقيل، وليس مثل اليمن وغيرها من المواضع التى تختلف مقادير أوزان الدرهم بها؛ وأما ما توزن به الأمتعه فإن المنا بشيراز اثنان صغير وكبير، فالكبير ألف درهم وأربعون درهما، وما رأيت ولا بلغنى أن فى موضع من المواضع المنا على هذا الوزن إلا بأردبيل، والآخر هو منا بغداد وزن مائتين وستين درهما، وهذا المن مستعمل بجميع فارس وعامه ما دخلته من أمصار المسلمين، وإن كان لهم أوزان غير هذا، والمنا بالبيضاء وزن ثمانمائه درهم، و باصطخر وزن أربعمائه درهم، و بخرّه المنا مائتان وثمانون درهما، و بسابور المنا ثلاثمائه درهم، وببعض نواحى أردشير خرّه المنا بها مائتان وأربعون درهما. وأما الكيل فإن بشيراز الجريب عشره أقفزه، والقفيز سته عشر رطلا فى التقدير، يزيد وينقص القليل إذا كان المكيل حنطه، والرطل وزن مائه وثلاثين درهما، ولهذا القفيز كيل على حده ولهذا القفيز نصف وربع، كل واحد منهما كيل قائم بنفسه، وكيل صغير هو جزء من أربعه وعشرين من هذا القفيز، وجريب اصطخر وقفيزها على 0ف من جريب شيراز، ومكاييل البيضاء تزيد على مكاييل اصطخر بنحو العشر ونصف العشر، ومكاييل كام فيروز وما يتصل بها على الخمسين من مكاييل البيضاء ، ومكاييل أرّجان تزيد على مكاييل شيراز الربع، ومكاييل سابور و كازرون تزيد على مكاييل شيراز العشره سته، ومكاييل فسا تنقص عن مكاييل شيراز العشر.

أبواب المال:

لبيت المال على الناس والزموم أبواب المال، التى تطبق عليها الدواوين، من خراج الأرضين والصدقات وأعشار السفن وأخماس المعادن والمراعى والجزيه وغلّه دار الضرب والمراصد والضياع والمستغلات وأثمان الماء وضرائب الملاحات والآجام؛ فأما خراج الأرضين فعلى ثلاثه أصناف : على المساحه والمقاسمه والقوانين التى هى مقاطعات معروفه لا تزيد ولا تنقص زرع أم لم يزرع؛ وأما المساحه والمقاسمه فإن زرع أخذ خراجه، وإن لم يزرع لم يؤخذ، وعامه فارس مساحه إلا الزموم فإنها مقاطعات إلا شيئا يسيرا من المقاسمات، وتختلف الأخرجه فى البلدان على المساحه، فأثقلها بشيراز ، وعلى كل صنف من الزرع شىء مقدّر، فعلى الجريب الكبير من الأرض يزرع فيه الحنطه والشعير السيح مائه وتسعون درهما ، والشجر بالسيح مائه واثنان وتسعون درهما، والرطاب والمقاثى السيح للجريب الكبير مائتان وسبعه وثلاثون درهما ونصف ، وعلى الجريب الكبير من القطن السيح مائتان وسته وخمسون درهما وأربعه دوانيق، وعلى الجريب الكبير من الكروم ألف وأربعمائه وخمسه وعشرون درهما، والجريب الكبير ثلاثه أجربه وثلثان بالجريب الصغير، والجريب الصغير ستون ذراعا فى ستين ذراعا بذراع الملك، وذراع الملك تسع قبضات، هذا خراج شيراز للسيح. وخراج كوار على الثلثين من هذا، لأن جعفر بن أبى زهير السامى كلّم الرشيد فردّه إلى ثلثى الربع؛ وخراج اصطخر ينقص من خراج شيراز فى الزرع بشىء يسير، هذا خراج السيح. والبخوس خراجه على ثلث السيح، والطّويّ والمنضح والمندّى على ثلثى الخراج، والسقى ما ندّى وسقى سقيه فينقص الربع من الخراج، وإذا ندى وسقى سقيتين فهو السيح، وقد استتم الخراج؛ وكور دارابجرد و أرّجان و سابور زراعتهم ومقادير الخراج على أراضيهم بخلاف هذا يزيد أو ينقص. وأما المقاسمه فإنها على وجهين، ضياع فى أيدى قوم من أهل الزموم وغيرهم، ومعهم عهود من علىّ بن أبى طالب عليه السلام ومن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وغيرهما من الخلفاء، فيقاسمون على العشر والثلث والربع وغير ذلك، والوجه الآخر مقاسمات على قرى صارت لبيت المال، فيزراع الناس عليها. وأما أبواب أموال الضياع فإن الضياع السلطانيه خارجه عن المساحه، وإنما تؤخذ من السلطان بالمقاسمه أو المقاطعه، وعلى الأكره فيها ضرائب من الدراهم يؤدونها. وأما الصدقات وأعشار السفن وأخماس المعادن والجزيه ودار الضرب والمراصد وضرائب الملّاحات والآجام وأثمان الماء والمراعى فإنها تقرب فى الرسم مما فى سائر الأمصار.

وليس بفارس دار ضرب إلا بشيراز، وأما المستغلات فإنها تربه أسواق بشيراز وغير شيراز، أبنيتها للناس ويؤدون أجره الأرض والطواحين للسلطان وأجره الدور التى يعمل فيها ماء الورد، وكان الرسم القديم بفارس أن كل حومه بفارس لا خراج على الكروم فيها، ولا على الأشجار بجميع فارس، إلى أن ولى على بن عيسى الوزاره، سنه اثنتين وثلاثمائه فألزمهم فيها كلها الخراج، وبفارس ضياع قد ألجأها أربابها إلى الكبراء من حاشيه السلطان بالعراق، فهى تجرى بأسمائهم وخفّف عنهم الربع، فهى فى أيدى أهلها بأسماء هؤلاء يتبايعونها ويتوارثونها.

قال الاصطخری ایضاً:

فى صوره فارس:

والاختلاف بين صور المخطوطات الخاصه بفارس يتبيّن فى رسم الأنهار، فنهر شيرين مرسوم إلى أعلى متعرجا فى 199 ومقوس إلى أعلى فى 256، 257، أما نهر الشاذكان فهو مائل من منبعه إلى مصبّه فى البحر فى 199، وقوس مقعر فى 256، وقوس إلى أعلى فى 257، وكذلك نهر الخوبذان فهو مرسوم بميل من منبعه إلى مصبه فى البحر فى 199، وهو قوس إلى أعلى فى 256، 257.