جزيرة قيس بن عميرة أم كيش؟ 1 - 3
جمال بن حويرب المهيري
التاريخ: 26 مايو 2013



الخليج العربي يحوي تاريخه كثيراً من الأحداث والأخبار التي نعرف بعضها ونجهل أكثرها، بسبب قلة التدوين أو لنقل لغفلة المؤرخين عنه، فهو بعيد عن مركز الخلافة ولا يتمتع بأهمية كبيرة لدى أهل السلطة، بسبب الفقر المدقع وقلة موارده وخَراجه الذي يُجلب إلى الخلفاء والأمراء على مر تاريخ الإسلام، وإن ذكرنا أهم مصدر للثروة في تلك الأيام فلن نجد الا مهنة الغوص لاستخراج اللؤلؤ، ومع ذلك فإنّ دار الخلافة لم تنظر إليه بنفس الأهمية التي كانت تنظر إلى العراق والشام ومصر والبلدان الزراعية الأخرى ذات الأنهر والموارد الطبيعية والصناعات.

يُقال إنّ المنتصر القويَّ هو الذي يملي أخباره وأحداث تاريخه ولو كانت كذباً، لأنّه الأقوى ولا بدّ أن يُصدّقه الناس في ما يقوله ويرويه، وهذا هو الحاصل على مرّ العصور حتى يومنا الحاضر، ولم يكن المؤرخون في الأزمان الماضية يعرفون الطرُق الحديثة لتدوين التاريخ التي أسسها المؤرخون المعاصرون، ولا يعرفون أيضا الأساليب الأكاديمية التي أصبحت في العصر الحديث هي السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة أو الدخول في شكٍّ مطلق، ولم تتوافر لهم الخرائط الجغرافية والمكتبات العالمية كما توافرت هذه الأيام، بل اعتمد الأوائل على التاريخ السردي بالأسانيد مرّات ومن غير رواية الأسانيد وذكر المصادر مرّاتٍ أخرى، وكانوا يذكرون الأحداث سنةً سنةً حتى يصلوا إلى عصرهم، ثم يأتي من بعدهم من يكمل حتى عصره وهكذا دواليك.

إذا علمنا بأننا نجهل كثيراً من تاريخ خليجنا العربي، وأنّ المؤرخين الإسلاميين لم يذكروه إلا لماما بسبب بُعده عن مركز الخلافة وعدم وجود الثروات التي تجعل الخلفاء يهتمون به، وكذلك وجدنا أن معظم ما وصلنا من هذا التاريخ تغلب عليه صفة الأساطير التي كتبها مؤرخو سلاطين فارس والغزاة من أممٍ أخرى، فإننا نحتاج اليوم إلى مراكز بحثية محكّمة لتجمع لنا تاريخنا من جميع مصادره وتحلله وتظهر صوابه من مُحاله، لتعلم الأجيال القادمة بأنّ هذا الخليج عربيٌّ عربيٌّ بساحليْه منذ العصور الأولى، وكل من يدّعي غير ذلك فإنّ هذه المراكز تسطيع تكذيبه وإظهار الحقيقة التي يعرفها جميع أهالي الخليج الكرام، ولكن لا يملكون الأدلة العلمية الواضحة بسبب بعدهم عن الدراسات التاريخية.

وجزيرة "قيس" نالها ما نالها من هذا التذبذب في تاريخها، لأنّ هناك من يسميها "كيش" ويظنّ أنّ الاسم الصحيح هو هذا، والحقيقة ليست كذلك، بل هي جزيرة "قيس" ولن نسميها إلا بهذا الاسم كما توارثها أجدادنا عن أجدادهم، وسأناقش أولاً ما كتبه الجغرافي الأديب ياقوت الحموي صاحب كتاب "معجم البلدان" (574 - 626 هـ):

"قيس جزيرة، وهي كيش في بحر عُمان دورها أربعة فراسخ، وهي مدينة مليحة المنظر ذات بساتين وعمارات جيدة، وبها مسكن ملك ذلك البحر صاحب عمان وله ثُلثا دخل البحرين".

وللمقالة بقية..



المصدر جريدة البيان

http://www.albayan.ae/opinions/diary...5-26-1.1891194