أصل الاسم: عُبَيدِليّ ...

من (ع ب د) وزن فُعَيْلِلِيّ: نسبة إلى "عُبَيْدل": وهو إسم منحوت من "عُـبَـيْـد الـلـه"، وعُبَيْد: تصغير "عَبْد" وهو الرقيق، والإنسان حراً أو رقيقاً، لأنه مربوب لله عز وجل، ويقال: فلان عبدٌ بيِّن العبودية، وأصل العبودية: الخضوع والتذلل.
من صور النطق المحلي "اعْبيدلي"


مقدمة :

العبادلة أو عبيدل أو العبيدلي قبيلة عربية سنية كانت مساكنها القديمة في خور العديد جنوب دولة قطر قبل أن تهاجر إلى ساحل فارس المقابل، وترجع بالنسب إلى بطن عبده من قبيلة شمر، كان أفرادها يعتمدون في معيشتهم بشكل رئيسي على صيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ والنقل البحري، وفي نطاق أضيق على الزراعة والرعي وتربية الماشية، سميت القبيلة بهذا الاسم نسبة إلى جدها الأول (عبيدل بن حمود)، وقد سكنت القبيلة الساحلين الغربي والشرقي للخليج العربي، وتتواجد اليوم في عدد من دول الخليج كـ قطر، والإمارات، والبحرين، والكويت، والسعودية (المنطقة الشرقية).


نسب القبيلة :

تنحدر أصول العبادلة إلى قبيلة شمر، حيث قال عنهم الانجليزي ج ج لوريمر: (تنسب قبيلة العبيدلي من مقاطعة شيبكوه في فارس إلى عبده إحدى فروع قبيلة شمر في نجد)، ونقل عن أفراد القبيلة أنفسهم في ساحل فارس قولهم: (أنهم من سلالة عبده من شمر نجد)، وأضاف أن: (عبادلة عمان المتصالحة –العبدولي- هم أقرباء لهذه القبيلة).

وفي الجزء الخاص بقبيلة شمر يقول لوريمر: (تنتمي أسرة حائل الحاكمة إلى شعبة خليل من فرع جعفر، وبعض شمر المقيمين في الزلفي من بطن عبده الذي تتفرع منه قبيلتا العبيدلي في منطقة شيبكوه في فارس والعبادلة في ساحل عمان المتصالحة).

وقد وصف لوريمر منطقة "شيبكوه" -مناطق عرب الهولة- وصفاً دقيقاً، حيث قال أنها عبارة عن: (الشريط الساحلي المحصور بين سلسلة الجبال الساحلية ومياه الخليج العربي، وتمتد حدودها من ميناء "بنك" شمالاً وصولاً إلى "مغوه" جنوباً). وأضاف لوريمر أن عدد سكانها 42500 نسمة غالبيتهم العظمى من العرب، وأن أهم القبائل التي تسكنها:

آل علي (3500نسمة)، الحمادي (2000نسمة) من قحطان العربية، آل حرم (2000نسمة) وهم مهاجرين من جوار مكة المكرمة من قبيلة تسمى راضية، المرازيق (1500نسمة) من قبيلة العجمان العربية وينتمون إلى فرع آل سليمان، آل نصور (عددهم قليل)، وأخيراً: العبيدلي (1500نسمة) من سلالة عبده من شمر نجد.

وتحدث لوريمر عن "بندر شيروه" التابع لقبيلة عبيدل، وهو أحد الموانىء العربية على الساحل الفارسي، حيث يورد في كتابه النص التالي: (وتتكون قرية جيروه "شيروه" من 200 منزل تسكنها قبيلة العبيدلي وهم سنيون، ولهم خمس سفن تجارية تسير في الخليج إلى عمان وإلى البصرة من حين لآخر، وأيضاً خمسة قوارب لصيد اللؤلؤ تزور الساحل الغربي للخليج و 12 مركب من نوع "بقارة والشوعي" للصيد وتستعمل لصيد البحر، كما تستعمل في الصيف لعمليات اللؤلؤ عند الجزيرة المجاورة "هندرابي"، ويمثل السلطة المحلية الشيخ عبدالله بن محمد العبيدلي ولكنه يسكن عادة في "بيخة العرمكي")

المصدر: (كتاب دليل الخليج- 1905م- تأليف ج ج لوريمر- المجلد الجغرافي- -ترجمة الديوان الأميري القطري- المجلد الأول صفحة 1+449- المجلد السادس صفحة 309 - المجلد السابع صفحة 16+2312)



الهجرة إلى خور العديد :

هاجر عبيدل بن حمود وأتباعه من "حائل" في شمال الجزيرة العربية إلى منطقة العديد في العام 1590 ميلادي، واستقرت قبيلة العبادلة في خور العديد مايقارب الثلاثمائة عام, وكان العبادلة على امتداد هذه الفترة الطويلة قد أسسوا علاقات متينة وراسخة مع حكام وشيوخ المنطقة, وكانت لهم أدواراً سياسية وإجتماعية وإقتصادية هامة وفاعلة يشهد عليها التاريخ وتؤكدها جل الوثائق التاريخية التي يحتفظ بها شيوخ القبيلة حتى يومنا هذا.

(ملاحظة: تم عرض مجموعة من هذه الوثائق والمراسلات التاريخية في معرض -مال لول- والذي افتتحه أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بالدوحة عام 2012م)

وخور العديد هي لسان من اليابس يمتد في البحر، يقع جنوب دولة قطر بجانب الحدود السعودية الإماراتية، وقد سميت "العديد" بهذا الاسم نسبةً إلى "عد الماء"، وتتميز "العديد" بموقعها الإستراتيجي الذي يأتي في منتصف الخليج العربي على مداخل منطقة الإحساء وفي المنتصف بين إمارتي قطر وأبوظبي، كما تتميز بكثبانها الرملية الممتدة على مساحات مترامية تجاور الساحل.

ويذكر العلامة السعودي حمد الجاسر في المعجم الجغرافي الخاص بالمملكة العربية السعودية النص التالي:
(يوجد في منطقة راس ابوقميص على الحدود السعودية القطرية آثار لقرية مسوّرة محمية بقلعة وعدد من الأبراج منسوبة لقبيلة عربية تدعى عبيدل هي أول من سكن خور العديد).

المرجع: (المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية، المنطقة الشرقية (البحرين قديما) القسم الثالث (ص-ف) تأليف الشيخ حمد الجاسر، الصفحة 1143).

وعندما تم اللجوء إلى التحكيم البريطاني في 13 يوليو 1955م في محاولة لحل الخلاف الحدودي حول واحة البريمي بين أبوظبي ومسقط وبين المملكة العربية السعودية، تمت إثارة مشكلة العديد من جديد، حيث طالبت أبوظبي بضمها لها بإعتبار أن القبيسات –وهم من حلف بني ياس- قد سكنوا خور العديد، ولكن رد الحكومة السعودية كان التالي:

(ولم يكن القبيسات أول من سكن خور العديد، فقبل هذه الفترة كانت تتواجد قبيلتا عبيدل وبني حماد من نجد، ولايزال يوجد مورد الماء "عبيدل" نسبة إلى قبيلة عبيدل التي كان أفراد منها أول من سكن خور العديد).
المصدر: (التحكيم لتسوية النزاع الاقليمي بين مسقط وأبوظبي وبين المملكة العربية السعودية- عرض وثائق حكومة المملكة العربية السعودية- المجلد الثاني)

وفي رسالة موجهة من الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني حاكم قطر إلى سعود بن عبدالله بن جلوي آل سعود أمير المنطقة الشرقية والمؤرخة في 25 يوليو 1955م أشار فيها إلى سكان العديد قائلاً:

(أول من سكنها أناس يقال لهم بني حماد والعبيدل وهم حادرين من نجد واستقاموا فيه مدة طويلة وجرى بينهم نزاع وتطور إلى قتال بينهم، وبعد ذلك خافوا ورحلوا ونزلوا قطر مدة ومنها تحولوا إلى أطراف فارس، وهم لاشك حادرين من نجد وأنسابهم محفوظة، وبعد هذا نزلوا القبيسات لما صار بينهم وبين خليفة بن زايد نزاع شديد).

المصدر: (كتاب تاريخ الدولة السعودية الثانية- تأليف د. عبدالفتاح حسن أبو عليه- ملحق رقم 5 صفحة 334)


وفي دراسة نُشرت في بداية عقد التسعينات من القرن العشرين في مجلة الأزمنة العربية تتحدث فيه بالسرد والتحليل عن إتفاقية الحدود الموقعة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في جدة في 17 أغسطس 1974م والتي تم بموجبها تسوية الخلاف الحدودي بين أبوظبي والرياض حول نقاط حدود تشمل خور العديد وواحة البريمي، نجد النص التالي:

(وتبين المراجع التاريخية القريبة إستخدام منطقة العديد كمحطة ساحلية لعبور بعض القبائل العربية إلى بر فارس والإستقرار في سواحلها مثل قبائل "العبادلة وبني حماد" وذلك في نهاية القرن الثامن عشر، تلك القبائل التي عاد بعضها ليستقر في الإمارات بعد قيام دولة الإتحاد، سيما في إمارة أبوظبي التي قامت بمنحهم الجنسية وبناء مساكن حكومية لهم على الحدود الساحلية الغربية لها مع المملكة العربية السعودية مثل قرى الحمراء والسلع والمرفأ، ويصبح تاريخ العديد مجهولاً إلى درجة كبيرة بعد هذه الفترة حيث يهمل ذكرها).

المرجع: (مجلة الأزمنة العربية الصادرة في الامارات-الشارقة- عام 1979م - ملاحظة: تم توقيف المجلة عن الصدور من قبل السلطات الإماراتية عام 1996م)


الترحيل من خور العديد :

أخذ الإنجليز على عاتقهم إضعاف مدينة العديد سياسياً وتجارياً وإرغام شيوخها العبادلة على الرحيل عنها وتشتيت سكانها، وذلك لأن قبيلة العبادلة كانت ترتبط بعلاقات قوية وفاعلة مع الدولة العثمانية, التي أرسلت مبعوثيها من الباب العالي لزيارة منطقة العديد أكثر من مرة، كما أن "العديد" كانت قبلة لتجارة القماش (اللؤلؤ) والمواد التموينية والسلاح بحكم موقعها الاستراتيجي، الأمر الذي هدد نفوذهم الاستعماري في المنطقة.

ولقد جاءت هذه الفرصة للإنجليز أكثر من مرة, حيث قامت السفن البريطانية بتدمير منطقة العديد مرتين: الأولى في سنة 1837م والثانية في سنة 1877م بواسطة 40 سفينة حيث كانت الأخيرة هي القاصمة وسبباً لهجرة الكثير من العبادلة إلى ساحل فارس المقابل على الضفة الأخرى من الخليج العربي.

المصدر: (سجلات التوثيق في الأرشيف الوطني البريطاني)


الهجرة إلى ساحل فارس المقابل :

تفرقت قبيلة العبادلة بعد هذه الأحداث، فمنهم من هاجر إلى بر فارس المقابل –وهم الأغلبية- وذلك عن طريق "راس بوعبود" شرق دولة قطر وهم من سلالة عبدالله وحمود ومنصور أبناء عبيدل بن حمود، أما البعض الآخر فقد هاجر إلى ساحل عمان المتصالح –العبدولي- وهم من سلالة سعيد ابن عبيدل بن حمود واستقروا في إمارتي الشارقة والفجيرة وبالتحديد في "وادي العبادلة" المعروف بدولة الإمارات العربية المتحدة.

المرجع: (كتاب صهوة الفارس في تاريخ عرب فارس- تأليف: عبدالرزاق محمد صديق)


وعلى الرغم من قصر مدة بقاءهم في بر فارس إلا أن العبادلة استطاعوا السيطرة على جزء طويل من الساحل الشرقي المقابل ضم عدداً من المناطق: (العرمكي، شيروه، نخل خلفان، علفدان، بوطيور، الجبرية، اهميران، جزيرة الشيخ شعيب، بوجراش، ارميلة، هندرابي، نخيلوه، كوشند ) كما تمكنوا من تأسيس إمارة عربية قوية كان لها دور كبير في أحداث الخليج العربي وذلك في زمن سلطنة هرمز العربية تمثل في صد هجمات الغزو الاوروبي على المنطقة آنذاك، ولم تستطع مملكة هرمز السيطرة عليها إلا بمساعدة أسطول البرتغاليين، كما قاموا بالثورة على الفرس عدة مرات في زمن شيخهم رحمة بن شاهين العبيدلي.

ويصف الهولندي ب ج سلوت الشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي شيخ العبادلة بأنه: (قائد الثورة العربية الثانية ضد الزعيم الفارسي نادر شاه أفشار)، حيث يذكر سلوت تمكن الشيخ رحمة بن شاهين ورجاله من قبيلة العبادلة من تدمير الاسطول الفارسي الذي أراد به شاه فارس غزو سواحل الخليج العربي وذلك عند "راس الحد" بالقرب من مضيق هرمز عام 1733 م.

وفي حديثه عن قبائل عرب الهولة -والتي عدّ العبادلة واحدةً منها- نجد النص التالي:

(ومهما يكن، كان هناك وعي واضح بمدى الانتماء إلى هؤلاء الهولة من عدمه، فمثلا، لم يعتبر بنو معين "المعيني" الذين كانوا يعيشون بين الهولة فرعاً منهم، ومن المؤكد أن اسم "هولة" كان يستخدم في القرن الثامن عشر بمفهوم مختلف تماماً عما هو عليه الآن، فالهولة في القرن الثامن عشر كانوا عرباً سنيين، يرتبطون بعاداتهم ومبدأ حريتهم ارتباطاً وثيقاً، وهم الذين هاجروا من شبه الجزيرة العربية إلى ساحل بلاد فارس في منطقة جنوب الخليج، أما الوقت الحاضر، فإن الاسم "هولة" يستخدم في دول الخليج لكل الجماعات المهاجرين من ساحل إيران الجنوبي والذين لا يمتون إلا بصلة ضئيلة جداً بالهولة الأصليين، ونحن نستخدم التعبير ''الهولة'' في هذا الكتاب انطلاقا من معنى الاسم القديم).

وقد خص سلوت في كتابه لفظ "هولة" بعدد من القبائل العربية هي: (العبادلة، النصور، الحرم، القواسم، آل علي، بنو حماد، بنو بشر، المرازيق، وبنو مالك)، في حين لم يدخل من ضمن الهولة بستك أو كوهج أو أبو شهر أو الأحواز، إذ أن تلك القبائل لها تاريخها المستقل والخاص.

المصدر: (كتاب عرب الخليج في ضوء مصادر شركة الهند الشرقية الهولندية 1602- 1784 تأليف: ب.ج سلوت)


وفي الوثيقة الهولندية "لاهاي داغ" الموجهة لمدير عام شركة الهند الشرقية "فوك" المسجلة العامة والحاكم العام لشركة الهند الهولندية "جاكوب موسيل" جاء فيها النص التالي عن العبادلة:

(تملك هذه المجموعة عشرين سفينة وعدد رجالها 150 رجلاً يقيمون قريباً من "جارك" في "مغوه" وفي جزيرة "هندرابي" وشيخهم يسمى أحمد العبيدلي ولكنهم معتمدون تماماً على هولة جزيرة قيس).

كما تضيف الوثيقة نفسها:

(بعدها ننتقل إلى "نخيلوه"، التي تخضع لها جزيرة الشيخ شعيب وجزيرة "شاتفار" التي تبعد ميلاً واحداً من جزيرة شعيب، ويسكنها ألف من الرجال الأقوياء، نصفهم مسلمون، ويملكون ستين سفينة ويحكمهم شيخان هما محمد بن سند ورحمة بن شاهين العبيدلي، وهم يمارسون الغوص، لذلك قمنا بتوظيف أربعين منهم لصيد اللؤلؤ لمصلحة شركتنا).

المصدر : (وثيقة لاهاي "دن هاغ" 1756م -وليم فلور-سلطنة هرمز-الجزء الأول- إبراهيم خوري)


ومن أشهر شيوخ القبيلة عبدالله بن محمد سلطان بن محمد العبيدلي، والذي يعد من أعيان القبيلة وفضلائها، وكان شاعراً وأديباً وله إطلاع واسع في التاريخ، كما كان محباً للعلم، ويعود الفضل إليه في تأسيس المدرسة العبيدلية بقرية "نخل خلفان" والتي جلب إليها آنذاك طلاب العلم من سائر أقطار الخليج العربي والجزر المجاورة، وهو صاحب القصيدة المعروفة باسم (تائية التوبة) في آخر سنوات حكمه والتي يتوسل ويتضرع فيها إلى الله تعالى وينشده التوبة والتجاوز عن الذنوب.

المرجع: (موسوعة البابطين السعودية لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين)

وقد كان الشيخ عبدالله بن محمد العبيدلي يرتبط بعلاقات قوية مع الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين، ويذكر محمد شريف الشيباني مؤرخ قطر النص التالي:

(يُذكر بأن الشيخ حمد بن عيسى زار بر فارس للقنص و نزل "بندر شيروه" أحد مراكز قبيلة عبيدل، فعندما استخبر حاكم المنطقة الشيخ عبدالله العبيدلي بالخبر أمر رجاله بدعوة حاكم البحرين وإكرامه والقيام بواجب الضيافة، فأكبر الشيخ حمد بن عيسى هذا الكرم المنقطع النظير ودعى الشيخ عبدالله لزيارة البحرين فقبل الشيخ عبدالله الدعوة وقال: خلها إلى أن يكتب الله.

ويضيف الشيباني:

(وأراد الله أن يزور الشيخ عبدالله العبيدلي أقاربه من شيوخ عبيدل في دولة قطر فزار البحرين أثناء عودته إلى بر فارس، وفرح الشيخ حمد بزيارة الشيخ عبدالله العبيدلي و أكرمه واحترم مقامه عناية الاحترام وأُقيم حفل أُلقيت فيه القصائد الشعرية التي تثني على شرف نسب قبيلة العبادلة ثم غادر الشيخ عبدالله إلى بلده في بر فارس معززاً مكرماً).

المرجع: (كتاب تاريخ القبائل العربية في السواحل الفارسية- تأليف محمد شريف الشيباني).


يقول الرحالة الألماني كارستن نيبور -والذي عمل لصالح الدنمارك- في حديثه عن إمارات القبائل العربية في ساحل فارس المقابل -ومن ضمنها إمارة العبادلة-:

(لقد أخطأ جغرافيونا عندما صوروا لنا بأن الإمبراطورية الفارسية تسيطر على أجزاء من الجزيرة العربية في حين أن الوضع على النقيض من ذلك فإن العرب يسيطرون على جميع الإمارات المطلة على حوض الخليج الفارسي، من أعلى الخليج وحتى أسفل المضيق، هذه المستعمرات القائمة على الأطراف الفارسية وحتى أطراف جزيرة العرب في حوض الخليج الفارسي لانعلم بالتحديد متى نشأت خصوصاً كونها منفصلة عن فارس وتستخدم التقاليد والعادات واللغة العربية، كونهم من سكان الجزيرة العربية، لذلك توجب علي أن ألحق مختصراً عنهم).

يضيف نيبور:

(من المستحيل تحديد الفترة التي تشكلت فيها هذه المستعمرات العربية في هذا الحوض المائي، ولكن تاريخياً نستطيع الجزم بأنهم استوطنوا هذه المناطق منذُ عقود عدة، ومن خلال سرد مختلف التسجيلات للحوادث التاريخية نستطيع أن نفترض بأن هؤلاء المهاجرين العرب هاجروا من مواطنهم الأصلية في وقت ملك فارس الأول، على كل حال هناك أوجه شبه بين عادات هؤلاء العرب، يعيشون بجانب بعضهم البعض وعاداتهم واحدة، أغلبهم بحارة ويعملون بالصيد وجمع اللؤلؤ، يأكلون القليل من الأطعمة المختلفة ولكن يعتمدون بشكل كبير على السمك والتمر ويطعمون حيواناتهم السمك أيضاً).

ويؤكد نيبور بأنهم :

(نالوا باستحقاق مطلق الحرية أسوةً بإخوانهم أبناء الصحراء فكل قرية لها شيخ مختلف ومستقل، والذي يحصل بالقوة على دخل المناطق التابعة له، مدعماً مكانته بواسطة عمل أمرين إما عن طريق نقل البضائع أو الصيد، وإذا حدث خلاف بين أهل المنطقة الرئيسيين وشيخ منطقتهم يقومون بعزله واختيار شيخ آخر من العائلة نفسها).

المصدر: (كتاب السفر عبر البلاد العربية-1762م- تأليف: كارستن نيبور)


الهجرة العكسية :

أعاد التاريخ نفسه مرة أخرى فبدأ العبادلة بالهجرة المعاكسة إلى موطنهم الأصلي في الجزيرة ودول الخليج بعد أن ضعُفت إمارتهم بسبب الغزو الفارسي وتسلط حكومة الشاه "محمد رضا شاه بهلوي"، حيث قامت الحكومة الفارسية بممارسة الضغوطات عليهم من أجل إجبارهم على العودة، وذلك من خلال عدد من السياسات منها:

وضع رجال الشرطة والجمارك في الموانىء العربية، وحبس عدد من شيوخ العرب في شيراز، وفرض اللغة الفارسية وكذلك الخدمة العسكرية على العرب، وإصدار قوانين بمنع الحجاب ونزع (البراقع)، الأمر الذي عارضته القبيلة ورفضته جملةً وتفصيلاً فقررت العودة إلى ديارها الأصلية حفاظاً على الدين والذات والكبرياء.
يقول المؤرخ العراقي د. فالح حنظل الباحث في تاريخ الإمارات والخليج:

(وكان من أشهر من ترك إمارته على الساحل الفارسي وعاد إلى أرض الوطن قبل عصر النهضة هم قبيلتا بني حماد والعبادلة العربيتان الكريمتان, وذلك في السنة المعروفة عند أهل الإمارات باسم سنة كشف الحجاب)

وقد عرض د. فالح وثيقة مؤرخة في عام 1930م فيها خبر اعتقال عدد من شيوخ قبيلتي العبادلة وبني حماد بسبب رفضهم الانصياع لأوامر الحكومة الفارسية.

المرجع: (مجلة الشرطة في إمارة أبوظبي- العدد 439 يونيو 2007م)


وفيما يتعلق بلبس نساء القبيلة للبرقع، أشارت الكاتبة والمؤرخة البحرينية الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إلى كتاب فارسي عنوانه (جزيرة هندرابي الواقعة في بحر فارس) لمؤلفه "أبرح أفشار رسيستاي" يتحدث فيه عن أصل البرقع الخليجي، ويورد فيه النص التالي عن جزيرة "هندرابي" التي تسكنها قبيلة العبيدلي وفقاً لما جاء في كتاب دليل الخليج لمؤلفه ج ج لوريمر:

(هذه الجزيرة يسكنها أعراب من ساحل جنوب إيران من لنجه وجيروه والقابنديه وجارك وقد هاجروا إليها من الجزيرة العربية فهم أبناء عرب من أصول عربية، في تلك الجزيرة تلبس النسوة البرقع كما هو حال الخليج ويقال أن تلك العادة جاءت من اليونان واسبانيا عن طريق البرتغاليين الذين كانوا يستخدمونها لتغطية وجوههم وحماية لبشرتهم من شمس الخليج، والبرقع الموجود في تلك الجزيرة من نوع برقع البحرين وقطر والكويت وبرقع الامارات العربية ومسقط وبرقع بندر عباس والقابندية، أما لبس الرجال فالغترة أو العمامة والكوفية كما هو حال الخليج).

وتنتشر قبيلة العبادلة اليوم في عدد من دول الخليج العربي.