(قصة عرب الساحل الشرقي بكل اختصار )

سوء الفهم بينما كان
وما هو واقع


لكل شيء اذا ما تم نقصانُ
فلا يغر بطيب العيش انسانُ
هي الامور كما شاهدتها دولا
من سره زمانٍ ساءته أزمانُ
هذا هو واقع الحال لان دوام الحال من المحال
القصة سهلة وبسيطة إذا استطاع الانسان تأملها ، كان الخليج العربي بشاطئيه الشرقي و الغربي هو موطن لجميع القبائل العربية و التنقل بين الضفتين وهو خيار متاح لجميع العرب الرحل و المستوطنون على شواطئه الشاسعة دون قيود ولا شروط ولا وثائق ولا تأشيرات ولا تعقيدات في وجه ساكنيه فمواطنيه يحق لهم التملك والسكن اينما يشاؤون وأينما يختارون فالأرض كلها عربية و ساكني الضفتين كلهم عربا لا يختلفون عن بعضهم البعض إلا في الرزق والمكانة الاجتماعية ، وهذا الكلام لم يكن قبل الف عام بل كان هذا الواقع حتى عهد قريب اقل من سبعين سنة و مازال كبار السن يذكرونه حتى اليوم .
و كانت خيارات الفرد الخليجي العربي مفتوحة ( في هذا الخليج الواسع و سواحله الممتدة من البصرة إلى بحر عمان ) في الحل و الترحال و التملك و التجارة حيث تحددها ظروفه المادية والمعرفية وخصوصا إذا أمعنا النظر في واقع الحال خلال القرون الماضية لوجدنا أن الساحل الشرقي هو الساحل الميسور في أحواله و كانت الهجرة قد بدأت قبل مئات السنين من غرب الخليج إلى شرقه على شكل قبائل أو افراد حيث كان الساحل الغربي هو الساحل الفقير إلى قبل ظهور النفط في المنطقة و هكذا استمر الحال حتى جاء عصر النفط في منطقة الخليج و بدأت كفة الميزان تميل شيئا فشيئا لصالح الساحل الغربي حتى اتسعت الفروق بين الساحلين و ازدادت فيه الرفاهية و رغد العيش و الحياة الكريمة وبدأت الهجرة المعاكسة من الساحل الشرقي إلى الساحل الغربي لهذه الأسباب ولأسباب اخرى اكثر وجاهة ، منها عدم الاستقرار السياسي في الساحل الشرقي والمضايقات التي تمت للعرب بعد انتهاء مشيخاتهم خلال العقود الاخيرة ،، واستمر هذا الحال في السبعين او الخمسين سنة الاخيرة تقريبا .
لكن ما نستخلصه اليوم من تجربة تبادل الأدوار بين الساحلين في حالات الغنى والفقر هو حالة الوفاء التي تغيرت ملامحها خلال الأجيال الاخيرة بين ابناء العمومة في كلا الساحلين حيث كان آبائنا وكبار السن يتحدثون كثيرا عن صادرات الساحل الشرقي للساحل الغربي بكل ما تجود به أراضيهم و مواسمهم الزراعية و ثرواتهم الحيوانية ، وكذلك التراحم الذي كانت مكانته كبيرة جداً في نفوس ساكنة الساحلين و الواجب الذي كان حاضرا في تقديم العون والمساعدة لكل محتاج أينما وجد ، لكن اليوم المساعدات السخية للجهات الرسمية لا تشمل ذوي القرباء الذين هم في امس الحاجة لهذه المساعدات الانسانية والتي نراها تذهب للبعيد و البعيد البعيد ،
ربما يكون ذلك بفعل التقصير الذي نمارسه جميعا كل يوم في عدم شرح التفاصيل التاريخية لإخواننا ولأبنائنا من الجيل الجديد الذي اختلطت عليهم الامور و اصبحت مظاهر الحياة الزائفة تطغى على حياتهم العامة مما يجعل التنكر أسلوبنا لمن كان الزمان لهم في يوم من الايام ، واصبح الآن ضدهم حتى في تاريخ اهلهم وعروبتهم حيث صار البعض يخجل من الاعتراف بوشائج القربى التي تربطه معهم خوفا من ان يتهم بانه اعجمي ، كما ان الاعراب التي ما زالت تسكن الساحل الشرقي و مازالت محافظة على هويتها ولغتها وعاداتها وتقاليدها يخاف الفرد منهم الادعاء أمام ابن عمه من سكان الساحل الغربي انه عربي مثله ، وصارت العروبة بالنسبة له هدفا صعب المنال .


بقلم : الاستاذ عبدالرحيم آل حرم - دولة قطر الشقيقة